تسبح فى سماوات العالم روح جديدة. روح مصطنعة. أعدت بعناية داخل أروقة أجهزة الاستخبارات الأمريكية المتعددة. اجتمع فيها كل العقول المفكرة والمبتكرة لتحقيق المصالح الأمريكية العليا. روح الانفصال هى موضة تلك الأيام. بدأت فى كردستان. دولة جديدة تقع ما بين تركيا - العراق - إيران - سوريا - إسرائيل جديدة - بعد مائة عام من وعد بلفور اللعين. وتم الاستفتاء. وقضى الأمر. وبدأ تقسيم الوطن العربى ودخلت دولة جديدة المنطقة بهوية جديدة وعرق جديد وأيديولوجية جديدة. وما هى إلا أيام وستعلن دولة كردستان استقلالها. على الناحية الأخرى غربا فى إسبانيا شعب كتالونيا هو الآخر يسعى إلى الانفصال عن الدولة الأم. وهو انفصال عقابا لإسبانيا التى وقع اقتصادها فى حضن الإمبراطورية الصينية القادمة. والخوف كل الخوف أن تتنقل العدوى بنفس المخططات عندنا هنا فى مصر. وتحديدا فى النوبة. وهى المنطقة الحساسة فى جسد الدولة المصرية والتى تتمتع بكل عوامل الانفصال. لغة وعرقًا وموقعًا جغرافيًا. وهو مخطط امريكى جاهز. مخطط تقسيم مصر وتكرار النموذج السودانى. دور الولاياتالمتحدة فى هذه الأحداث من خلال منظمة المرأة الزنجية التى تعمل فى أسوان منذ عام 1997 وهى منظمة يهودية - أمريكية استطاعت العمل فى جنوب السودان قبل انفصاله عن الشمال، وليس لها ترخيص من الدولة أو محل إقامة، وتدار من السفارة الأمريكية تحت إشراف المخابرات الأمريكية. يمثل المنظمة فى مصر إحدى الناشطات النوبيات التى تدعو دون مواربة لانفصال النوبة عن مصر ومنحها الحكم الذاتى. واستطاعت تسفير أكثر من 1300 سيدة وفتاة نوبية إلى أمريكا للتدريب على أعمال التظاهر والحشد والمواجهات الدامية. يدير المجلس القومى للمرأة الزنجية فى واشنطن مجموعة تضم وزراء وبرلمانيين أمريكان، ودكتور مصرى هو الوكيل القانونى عن المنظمة فى مصر ومعه تسعة محامين بموجب توكيل رقم 11423 صادر من الدكتور دورثى هايت ومصدق عليه من القنصلية المصرية بواشنطن. الأمريكان يجيدون التعامل مع هذا الملف بخبرتهم الطويلة مع الزنوج بل المسئول عن ملف النوبة فى الإدارة الأمريكية رجل زنجى. ولولا أن النوبيين فى مصر يتمتعون بوطنية شديدة وأخلاق عالية وولاؤهم لبلادهم لا يمكن ان يشكك فيها أحد لولا هذا لكان سهلاً عليهم جدا أن يطلبوا الانفصال ويعلنوا دولة للنوبيين وهناك من يساند ومن يدعم ومن يصرف ومن يؤيد من دول عربية وأوروبية وآسيوية لتكون شوكة فى ظهر الدولة المصرية. وفى حلق حاكمها. فعددهم فى البلدان الغربية كبير وتأثيرهم قوى ونفوذهم نافذ للإدارات المؤثرة فى الحكم. وتلك الروح الانفصالية التى تجتاح العالم يجعلنا نتخذ الحذر. من يدرى ماذا يدور فى الخفاء داخل أروقة أجهزة الاستخبارات الأمريكية. وهم يملكون القوة والنفوذ والمال والمعلومات الدقيقة والكافية والقدرة على التحريك والقدرة على التنفيذ من خلال خونة ومرتزقة وبائعى الوطن. قد يكون ملف النوبة مؤجلا. للخلاص أولا من ترتيب الهلال الخصيب ومن ترتيب الشرق الأوسط الجديد. لكن يظل ملف النوبة تحت اهتمام الأجندات الغربية تحت مظلة القوة الأمريكية. فى أى وقت يحددونه تنطلق الشرارة. وتنفجر الأحداث وتشتعل الفتن. وترفع القضايا فى المحاكم الدولية ويتبرع المحامون ويشتعل الإعلام الغربى وتدخل مصر فى نفق مظلم. لكن هناك حصن دائم لدى الدولة المصرية. حصن اسمه الوطنية وحكمة الحكم من النظام. وهو النظام الذى نجح نجاحات عظيمة على المستوى الخارجى وتلك قصة أخرى طويلة سنسردها قريبا. نجاحات فى ملفات معقدة. أفريقيا وفلسطين وليبيا وسوريا والخليج وأوروبا والصين وروسيا وهى سياسة خارجية أطلقنا عليها من قبل سياسة رقصة التانجو. ملف أبدعت فيه مدرسة الرئاسة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى ومدرسة الجيش ومدرسة الخارجية ومدرسة المخابرات. كل هؤلاء فتحوا ملفات ملغمة معقدة أنظمة حاكمة لمصر سابقة كانت تكتب عليها - ملفات مؤجلة - حتى تراكمت المشاكل وفتحت ثغرات لدخول الأعداء التاريخيين لمصر. وكانت العودة لتلك الملفات ضربًا من المغامرة. لكن بإرادة النجاح وبسياسة التمهل والصبر نجحت الدولة المصرية للوصول لنجاحات مبهرة فى تلك الملفات وهو ما ضايق كثيرًا من الأصدقاء قبل الأعداء وكان سر النجاح هو نظافة دولة مصر. فلم تكن مصر من قبل دولة غازية أو مستعمرة ولم يكن جيشها أبدا جيشا مستعمرا أو غازيا. وهو ما ساعد مصر كثيرا فى تحقيق هذا النجاح المبهر فى السياسة الخارجية.. وملف النوبة من أخطر الملفات الكامنة التى ينتظرها هؤلاء الخونة لتشتعل. لذا علينا الحذر. فروح الانفصال عدوى. تنتقل من دولة لأخرى حسب إشارة أصبع الإمبراطور الأمريكى. لكن وطنية النوبيين وروح مصر أكبر من كل هؤلاء.