فرض ضرائب جديدة على المصريين.. وسيلة تلجأ إليها الحكومة كل عام لمواجهة ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة، وأخيرا تمت الموافقة على قانون القيمة المضافة ليلقى بظلاله على المواطن المطحون الذى لا يملك قوت يومه بسبب الغلاء الفاحش فى الأسعار، ومن هنا بيقى السؤال: هل الوقت مناسب لطرح هذا القانون؟!! أسئلة كثيرة فى عقل وجيوب المصريين نحاول الإجابة عنها فى السطور المقبلة. أشارت وزارة المالية فى بيان لها إلى أن قائمة الإعفاءات تتكون من مجموعة من السلع والخدمات، وتشمل أغلب قائمة الاستهلاك الأساسية للأسر، مضيفا أن الإعفاءات الضريبية أداة رئيسية فى إصلاح منظومة ضريبة القيمة المضافة التى تم استخدامها لحماية محدودى الدخل.. وتشمل قائمة الإعفاءات بعض السلع التى كانت تخضع من قبل لضريبة المبيعات «حاليًا»، ومنها الشاى والسكر والسلع المستوردة من الخضر والفاكهة والبقوليات ومحضرات أغذية الأطفال والدقيق الفاخر والأدوية والمواد الخام اللازمة لها. كما تشمل قائمة الإعفاءات السلع الغذائية، الخدمات المرتبطة بالزراعة، والتعليم، والصحة، ونقل الأفراد «النقل الجماعى، عدا النقل المكيف بين المحافظات»، والأنشطة الأدبية والثقافية، والخدمات المالية المصرفية وغير المصرفية، والتأمين، والخدمات غير التجارية للمؤسسات غير الهادفة للربح، ومنتجات الألبان، وألبان الأطفال، والزيوت النباتية المدعومة، والخبز العادى، والمكرونة المصنعة، والمنتجات من الأسماك واللحوم، والكراسات والكشاكيل والكتب وأوراق الصحف وخدمات النقل والمواصلات، مع الإبقاء على ذات العبء الضريبى على من يخضع حاليا منها للضريبة. فى المقابل سيتم الاستمرار فى إخضاع الآلات والمعدات المستخدمة فى إنتاج سلع وخدمات خاضعة للضريبة لفئة 5%، والسماح بالرد الفورى لكل الضريبة المحصلة مع أول إقرار ضريبى يقدمه المسجل، بالإضافة إلى السماح بالخصم الكامل للضرائب السابق سدادها على مدخلات الإنتاج من السلع والخدمات من الضريبة المحصلة عند بيع المنتج، للقضاء على تراكمية الضريبة.. واضافت الوزارة فى بيانها إلى تكامل الإعفاءات الضريبية مع جهود الحكومة فى ضمان توفير السلع والخدمات الأساسية للمواطنين بأسعار مناسبة وبأقل تكلفة، بالإضافة إلى تطبيق برامج الحماية الاجتماعية، كما تشمل العمل على تقليل التكلفة أمام المنتجين لزيادة تنافسيتهم وبما ينعكس إيجابيا على المستهلكين، أسوة بإجراء تعديلات على قانون الضريبة على الدخل بتوحيد الحد الأقصى للضريبة عند 22.5% بدلا من 30% كحد أقصى و10% بالنسبة للشركات العاملة فى المناطق الاقتصادية الخاصة. • المصلحة!! وفى هذا الإطار أكدت الخبيرة الاقتصادية - امنية حلمى - أن قانون ضريبة القيمة المضافة موضوع لخدمة المستثمرين ورجال الأعمال والمنتجين، لتخفيض الأعباء الضريبية عنهم فى مواجهة الطبقات الأقل دخلا، وأن القانون يطبق لأول مرة فى مصر ، وبالتالى يأخذ بمفهوم الخصم على مدخلات الإنتاج بعد أن كانت تحسب مرتين، مما يعنى أن سعر الضريبة سيتم تحمله فى مرحلة إنتاجية معينة مما يعنى أن السعر النهائى للسلعة أو الخدمة سيرتفع على المستهلك النهائى. وأضافت أن كل القوانين التى تصدرها الحكومة سواء القيمة المضافة، أو قانونى الاستثمار الموحد وحوافز الاستثمار تصب فى مصلحة المستثمرين، رغم أن الحوافز التى تمنحها لهم الحكومة ليست مناسبة ولا تشجع على الاستثمار أو تجذبه، موضحا أن ذلك لن يجذب الاستثمار مادامت الحكومة لا تسعى لتسهيل إجراءات تراخيص الشركات وعدم تعقيد الإجراءات ومكافحة الفساد، مؤكدة أن المستثمر يمكنه تحمل ارتفاع سعر الضريبة نظير تسهيل الإجراءات، بدليل أن أسعار الضريبة فى العالم مرتفعة خصوصا فى الصين وماليزيا التى تصل ل45%، والولايات المتحدة التى تتراوح بين 27 و 35% فى ظل إجراءات ميسرة. وأوضحت أن تفعيل ضريبة القيمة المضافة يعنى خصم الضرائب من المنبع خلال عملية الإنتاج، بعد أن كانت هناك ضريبة مبيعات تضاف لمراحل الإنتاج، معتبرة أن تلك الضريبة يتم ترحيلها فى النهاية ليتحملها المستهلك النهائى، لذا فمن المتوقع زيادة معدلات التضخم والأسعار، خصوصا أن التاجر أو المنتج لن يسمح بتطبيق تلك الضريبة عليه، وبالتالى فالمواطن البسيط سيدفعها فى النهاية من إجمالى السلعة المشتراة. وأشارت إلى أن الحكومة بحاجة لوضع خرائط توضح مراحل تطبيق تلك الضريبة خلال مراحل تداول السلع ومعرفة كيفية حسابها وجداول للسلع المعينة الخاضعة للضريبة، بدون فرضها على المواطنين بشكل إجبارى، ووصفت تصريحات الوزارة بشأن الاستعانة بخبرات البنك وصندوق النقد الدوليين فنياً فى تطبيق تلك الضريبة، بأنها نوع من التسويق لها فى المجتمع حتى تكون مقبولة، بغض النظر عن تأثيرها. • الأزمة ! من جانبه قال الخبير الاقتصادى - فخرى الفقى : إن الحكومة تواجه أزمة حقيقية فى تدبير الموارد والسيطرة على عجز الموازنة وهو ما جعلها تلجأ لتلك الخطوة، بغض النظر عن تأثيرها على الفقراء ممن يشكلون الغالبية العظمى للمجتمع المصرى، مشيرة إلى أن عدد السكان يعد ميزة لدى الحكومة لتطبيق تلك الضريبة، فلو تم فرض ضريبة بقيمة 2 جنيه على سلعة معينة من إجمالى السكان ال90 مليون نسمة، فهذا يعنى توفير 180 مليون جنيه للخزانة العامة فقط. فأشار إلى أن السوق المصرية ليست مستعدة لتطبيق الضريبة فى الفترة الحالية، خاصة أن هناك العديد من المشكلات الاقتصادية التى نعانى منها، وقال: إن الحل يكمن فى التخلص من عيوب القانون القديم لضريبة المبيعات، مضيفًا أن المواطن هو من سيتحمل العبء فى النهاية، إن المواطن المصرى لا يعرف الآن كيف يعيش، ومن أين يعيش، فكل يوم تتخذ الدولة قرارًا يؤدى لمزيد من الضغوط على الفقراء ومحدودى الدخل. • الفشل! وقالت الخبيرة الاقتصادية عالية المهدي: إن المجتمع الضريبى غير مهيأ حتى الآن لتطبيق ضريبة القيمة المضافة، التى تسعى الحكومة لإقرارها من خلال البرلمان، موضحة ان تهيئة المجتمع الضريبة تعنى وجود معلومات واضحة حول النشاط الاقتصادى فى مصر، وهو ما يتطلب إلزام جميع مقدمى السلع والخدمات بتقديم فواتير، وهو ما فشلت الإدارة الضريبية فى تطبيقه حتى الآن. وتابعت أن عدد المسجلين بضرائب المبيعات ولهم ملفات ضريبية حاليًا 280 ألف مسجل فقط، فى حين يصل عدد ملفات ضريبة الدخل إلى 6 ملايين ممول، وهو ما يوضح حجم الفجوة فى المعلومات حول النشاط الاقتصادى، الناتجة عن عدم استخدام الفواتير فى المعاملات اليومية. وأشارت إلى أنه إذا تم تطبيق ضريبة القيمة المضافة فى ظل هذه الحالة العشوائية، فلن ينجح تطبيقه، خاصة أنه سيؤثر على أسعار جميع السلع والخدمات. إن الأخطر، تعهد القانون بعدم ربط أى معلومات ترد فى إقرارات ضريبة القيمة المضافة، بأى شيء يتعلق بضريبة الدخل، وتتضح الخطورة إذا تذكرنا أن الحكومة المصرية عملت لفترة طويلة منذ أيام يوسف بطرس غالى، وزير المالية فى عهد المخلوع مبارك، من أجل ربط فحص ضريبة المبيعات «القيمة المضافة حاليا»، بفحص ضريبة الدخل، بل توحيد مأمورية الضرائب التى تتولى الأمرين معا، ما يعنى استمرار فتح أحد أهم أبواب التهرب الضريبى، الذى تقوم به الشركات المسجلة بضريبة المبيعات، عندما تقدم إقرارات متعارضة فى الضريبتين بهدف التهرب، حيث ان ضريبة القيمة المضافة تتضمن معدلًا ثابتًا، بعكس الضريبة الحالية على المبيعات، التى تتضمن عددًا أكبر من الشرائح، مؤكدا أن مسودة القانون التى أحالتها وزارة المالية لرئيس الجمهورية مطلع العام الماضى، تضمنت سعرًا للضريبة يبلغ 15%، ونظرًا لعدم صدور القانون بعد تبقى المسودة خاضعة للتعديل.•