وزير التعليم يكشف تعديل منهج اللغة العربية والدراسات والدين والرياضيات من ابتدائي وحتى ثانية إعدادي    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    برواتب تصل ل350 دينارا أردنيا.. فرص عمل جديدة بالأردن للشباب    محافظ البحيرة: توريد 297 ألف طن قمح للشون والصوامع حتى الآن    لو معاك 200 ألف جنيه.. طريقة حساب العائد من شهادة ادخار البنك الأهلي 2025    السيسي يؤكد ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    زيلينسكي يعرب عن تطلعه إلى "تعاون مثمر" مع الرئيس البولندي المنتخب    بعد التتويج بأبطال أفريقيا.. أحمد الشناوي يعلن تجديد عقده مع بيراميدز لمدة 4 سنوات    سبورت: اتفاق نهائي بين برشلونة وخوان جارسيا.. وموعد الإعلان الرسمي    عاجل.. تعرف على أسباب استقالة محمد مصليحي رئيس نادي الاتحاد السكندري من منصبه    رئيس بعثة الحج: اكتمال الاستعدادات لتصعيد ضيوف الرحمن إلى صعيد عرفات    5 ملايين مشاهدة، شيرين عبدالوهاب تتصدر تريند اليوتيوب ب "بتمنى أنساك"    مصمم بوستر "في عز الضهر" يكشف كواليس تصميمه    وزير الصحة يتسلم شهادة الصحة العالمية بالسيطرة على فيروس B    مصر تتسلم شهادة منظمة الصحة العالمية لتحقيق هدف السيطرة على التهاب الكبد B    الاتصالات: تعاون بين البريد وصندوق دعم الصناعات الريفية لتعزيز الشمول المالى    محافظ المنيا يشارك في حفل تخرج مدارس المزارعين الحقلية التابعة ل«الفاو»    شاهد شكل تذكرة الأتوبيس الترددى وأسعارها بعد تشغيلها    ماركا: روديجر يركز على اللحاق بكأس العالم للأندية.. ويحدد مستقبله لاحقا    بى بى سى توقف بث مقابلة مع محمد صلاح خوفا من دعم غزة    مصدر من الزمالك ل في الجول: عرض رسمي من الوداد لضم صلاح مصدق    التضامن الاجتماعي تطلق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة    بعد 15 سنة محاولة.. حاج مصري يصل إلى مكة المكرمة مع زوجته لأداء مناسك الحج    مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة وضبط 333 كيلو مخدرات| صور    مراجعة الصيانة.. جهاز المنيا الجديدة يصدر بيانا بشأن منظومة مياه الشرب والصرف    «تعليم الجيزة» : حرمان 4 طلاب من استكمال امتحانات الشهادة الاعدادية    الشيوخ يبدأ جلسته لمناقشة بعض الملفات المتعلقة بقطاع البيئة    إيران تدرس الرد على المقترح الأمريكي بشأن برنامجها النووي    مدير المساحة: افتتاح مشروع حدائق تلال الفسطاط قريبا    وزير الثقافة: افتتاح قصر ثقافة الطفل بسوهاج يوليو المقبل    "الأونروا": لا أحد أمنا أو بمنأى عن الخطر في قطاع غزة    «صعبت عليا نفسي».. سيحا يكشف موقفًا مؤثرًا مع والده بعد الانتقال إلى الأهلي    المخابرات التركية تبحث مع حماس تطورات مفاوضات الهدنة بغزة    رئيس وزراء بريطانيا يحذر من تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة    تحكي تاريخ المحافظة.. «القليوبية والجامعة» تبحثان إنشاء أول حديقة متحفية وجدارية على نهر النيل ببنها    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    إنتر ميلان يضع مدرب فولهام ضمن قائمة المرشحين لخلافة إنزاجي    ميراث الدم.. تفاصيل صراع أحفاد نوال الدجوى في المحاكم بعد وفاة حفيدها أحمد بطلق ناري    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    دعاء للأم المتوفية في العشر الأوائل من ذي الحجة «ردده الآن» ل تضىيء قبرها    أزمة المعادن النادرة تفجّر الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    لطيفة توجه رسالة مؤثرة لعلي معلول بعد رحيله عن الأهلي    محافظ القاهرة يتفقد مجزر 15 مايو لمتابعة الاستعدادات لاستقبال الأضاحي    حكم الأخذ من الشعر والأظفار لمن أراد أن يضحي؟.. الإفتاء تجيب    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    موعد عودة الموظفين للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    4 أبراج تتسم بالحدس العالي وقوة الملاحظة.. هل أنت منهم؟    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا سيدى العتريس.. ابعتلى العريس
نشر في صباح الخير يوم 28 - 06 - 2016

الحب.. دبلة الخطوبة.. الزواج.. أحلام إنسانية بسيطة لكن أحيانا ما يتعطل قطارها ويصيبه الخلل، فتنطلق صافرة إنذاره للبحث فى سبب العطل، وهنا تبدأ الرحلة، رحلة إلى أولياء الله الصالحين لطرق أبوابهم وإطلاق النذور فى كل مقام وتقبيل قفل كل ضريح ودستة شمع لأم هاشم.
تبدأ الرحلة بأن يشد المريدون الرحال من ضريح إلى آخر ومن مقام إلى ثانٍ يلجأون فيه إلى «أهل الخطوة» ليرفعوا أكفهم لعل الفرج يأتى بالعريس، وعندما نتحدث عن الزواج يكون الحل عند ضريح سيدى العتريس وهو الضريح الأشهر فى تاريخ الأضرحة والمقامات فى جلب العريس والزواج، هذا الضريح الذى يتردد عليه عشرات البسطاء لاسيما من الفتيات الباحثات عن زواج عاجل خاصة بعد ارتفاع نسبة العنوسة وخوفا من أن يمضى بهن قطار العمر دون «أنيس» أو رفيق فيذهبن إلى «سيدى عتريس»، يلقين على عتبته من أمنيات لا تلقى صدى إلا فى قلوب أصحابها. ممن يشترين الأحلام فى حضرة المقام، ومقام سيدى العتريس هو عبارة عن قبّة زجاجية أمام مدخل السيّدات، لضريح السيدة زينب، وقد غطت أرضية المقام صور لفتيات بعضها أصابه القدم- ربما لمرور بعض الوقت - ومجموعة من العملات الفضية وأخرى ورقية ولفافات من الأوراق البيضاء التى طوى بعضها كحجاب يبحث عن إجابة.
• «جبر الخواطر»
فى مشهد عجيب رحت أطوف حول المقام المبروك فى محاولة لاستراق السمع لفك طلاسم تلك التمتمات التى تقولها الفتيات والسيدات أثناء الدوران فى 7 مرات حول المقام، وهنا وجدت فتاة تبدو فى الثلاثين من عمرها تقوم بإلقاء صورتها الشخصية وصورة أخرى لشاب - رجحت أنه من تريد الزواج منه - ثم مررت بعض الجنيهات عبر فتحة فى الزجاج الذى يحيط بالمقام وبعدها قامت بالطواف حول المقام وهى تردد «ياسيدى عتريس.. هاتلى العريس».
اقتربت منها لأسالها فى براءة عن ما أقوله حول المقام باعتبارى زائرة جديدة للمقام المبروك، نظرت لى قائلة دى أول مرة ليكى هنا؟ قلتلها أيوه، قالت فى محاولة للتباهى بما لديها من خبرة فى زيارة الأضرحة وأولياء الله الصالحين لازم تواصلى على زيارة سيدى العتريس حتى ينفك العكس وتتخطبى، ثم سكتت ، وهى تنظر لى متعجبة، ولو انى مش عارفة الناس عميت ولا إيه؟ لما انتى متتخطبيش أمال أنا أروح فين؟ بادلتها الضحك حتى ينكسر حاجز الرهبة بيننا، وبالفعل استكملت حديثها قائلة: كل يوم جمعة بتيجى البنات اللى عايزة تتجوز عشان تتبارك بسيدى عتريس لأنه هو اللى بيجوزنا ويجيب العريس وطبعا ناخد البركة من ستنا زينب، وطبعا بتيجى بنية الزواج وبتكونى كاتبة ورقة باللى تتمنيه وممكن تحددى الشخص اللى بتحبيه أو عايزة تتجوزيه وطبعا بتحطى صورتك مع الجواب وبترميه جنب المقام وبعدها بتحطى فلوس عشان البركة وتلفى حول المقام 7 مرات وانتى بتقولى ياسيدى ياعتريس هاتلى العريس ، وهو بيكون سمعك وعارف أمنيتك وطلبك وإن شاء الله بيتحقق .
وعندما سألتها عن مداومتها للحضور إلى المقام قالت: تأخر زواجى لحد ما وصلت سن الثلاثين، ومفيش جواز وكل لما ربنا يفرجها وحد يتقدم لخطبتى ييجى يتقدم وبعدين ميرجعش تانى. ولما اتكرر الموضوع ده ييجى ست مرات نصحتنى جارتى أنى أزور سيدى العتريس لأنه بيجبر خواطر البنات اللى متجوزتش وبقالى شهرين باجى كل جمعة عشان أطلب الفرج، لأنى عايشة لوحدى مع أخويا ومراته، بعد أمى ما ماتت من سنتين وأبويا مات وأنا عندى سنة، ومينفعش أعيش لوحدى فى الدنيا، ونفسى يبقى عندى بيت وعيال.
• «قبل ما يفوتك القطر»
انهيت طقوسى أنا الأخرى بالطواف حول المقام حتى لا يلفت وجودى اختلافا عن رواد المقام، فرميت انا الأخرى قطع النقود وجلست بعدها لأستريح فى أحد الأركان لمزيد من الاستكشاف والمراقبة عن بعد، وعلى بعد خطوات قليلة جاء صوت بجانبى يتحدث لى فالتفت نحوها فإذا بسيدة عجوز يكسوها اللون الأخضر وعمامة بيضاء مطرزة، تمسك بمصحفها وبمسبحة طويلة تتدلى بيدها وأخرى من رقبتها وعلى وجهها ابتسامة تعطيك كثيرًا من الهدوء والطمأنينة. ويبدو أنها قد اعتادت على تلك الجلسة أسبوعيًا حتى ألفها حراس المسجد والعاملون به.
نظرت إليها بمزيد من الاهتمام وحبات المسبحة تتدحرج من بين أصابعها وهى تقول «أنتى مش مخطوبة»؟ فقلت لها «لأ» فردت سريعا وهى تشيح بوجهها عنى عشان «مبتزوريش سيدى العتريس» سألتها فى فضول عن سيدى العتريس وما تعرفه عن حكايات البنات الباحثات عن عريس، فقالت فى نبرة حاسمة «أنا ياما شفت بنات فاتها قطر الجواز، وبتيجى هنا عشان تلاقى ابن الحلال، لأن الجواز ده رزق ولازم نسعاله عشان يتم»، والبنات بتيجى هنا كل يوم جمعة وتطوف حول المقام سبع مرّات، مرددات: «يا سيدى العتريس، هاتلى عريس» وبتكتب فى ورقة اسم اللى بتحبه أو عايزة تتجوزه ومعاه صورتها واللى تجود بيه من فلوس وتحطه فى الصندوق.
• «أشوفك عروسة ياقلب أمك»
سيدة فى مقتبل الخمسين تبدو من هيئتها أنها ليست من سكان القاهرة وأخذت منذ أن دخلت المقام، تقبل الأرض وتقبل حديد المقام ثم وقفت ملتصقة بزجاج المقام وتبكى، اقتربت منها فى محاولة لمواساتها بعد أن ازدادت فى البكاء والتف حولها سيدات أخريات كن يجلسن جانب الضريح والجميع يحاول تهدئتها ويسألونها عن سبب بكائها فلم تجب، وازداد نحيبها وهى تقول: «ياعين أمك أشوفك عروسة قبل ما أموت» ثم بدأت وحدها فى الحديث «بنتى بقى عندها 35 سنة ومحدش اتجوزها ولا طلب إيديها مع أنها طيبة والله ومتعلمة، وكل ما أبص فى عنيها ألاقيها بتعيط على حظها بعد ما اتجوز كل صحابتها وولادهم بقوا فى المدارس وكبروا. وتيجى تقولى.. هو أنا وحشة يااما؟! وأنا خايفة أموت قبل ما أفرح بيها وأطمن عليها، هى البنت الوحيدة وإخواتها الرجالة كلهم متجوزين ومراتتهم بيضايقوها لما بتروح عند حد فيهم. ثم قامت وهى تلملم نفسها من الأرض وتمسح دموعها بطرف كمها، ربنا يرضيكى ويسترك ياعين أمك».
• سيدى العتريس «متجوزش»
وفى محاولة للبحث عن أصل سيدى العتريس وجدنا - ينتهى نسبه الشريف إلى الإمام أبى عبدالله الحسين بن على، رضى الله عنهما، وتفقّه الإمام العتريس على مذهب الإمام الشافعى، وسلك مسلك السادة الصوفية، واقتفى آثارهم، وجلس فى المقام الزينبى الطاهر ليخدمه ويخدم زواره، وظل ملازمًا للمقام الطاهر إلى أن مات فى أواخر القرن السابع الهجرى، دون أن يتزوج وكان قد أوصى أن يدفن بجوارها فدفن بالجهة البحرية من مقام السيّدة زينب وقد جدد ضريحه الخديو سعيد باشا وأقام عليه قبة كتب عليها: «بسر ابن أبى المجد الدسوقى وصنوه محمد العتريس كن متوسلاً»، والحقيقة لا نعرف مدى صحة سيرة هذا الرجل ولكن ما عرفته جيدا أن الآمال المعلقة عليه ليست أقل من أن يكون جالبًا فعلا للعريس.. ويكون القشة التى تجلب ابن الحلال.
إلا أن أحد خدام المسجد اعترف مازحا عندما سألته عن إمكانية زواج الفتيات عن طريق سيدى العتريس نظر لى مؤكدا «والله معرفش بس إحنا بنفتح ناخد الفلوس ونلم الصور والورق ونحرقها»..ودعت سيدى العتريس وأنا فى طريقى للخروج تاركة خلفى دموع وتوسلات ونذور، بينما لمحت حول المقام بعض الشموع كاملة الانصهار والورود الذابلة فتساءلت فى نفسى: هل تزوجن صاحباتها أم لم يحالفهن النصيب وأصابهن الذبول كورداتهن.•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.