من بورسعيد ومن أرضها الباسلة وتاريخها المشرف، والحافل بالتضحيات، ومن أجمل مدينة بالقناة حيث كل ذرة تراب بها تحمل معنى وذكرى وصورة غارقة بالدماء والشجاعة والوفاء والحب. فى أرض الشعر والكلمات والإبداع ولد وترعرع الشاعر محمد البنا، حيث حوارنا اليوم.. عنوان بيتنا زى ما كان ولا أنت نسيت العنوان ابعت واسأل وبلاش تتقل أحسن ناخد ع النسيان عندما انطلق صوت على الحجار من المذياع بهذه الكلمات ثم عقبه صوت المذيع حيث قال : تغنى على الحجار بألحان خليل مصطفى وكلمات محمد البنا، أغلقت المذياع وذهبت على الفور أبحث فى اسم محمد البنا إنه شاعر بأرق وأجمل ما فى الحب من تعبيرات وكلمات وما فى الإنسانية والحياة أيضا، ولأن مجلتنا (صباح الخير) دائما كانت وتظل للأبد نافذتكم لكل ما هو جديد وشيق ومبدع كان لابد من عمل حوار مع الشاعر محمد البنا .. إليكم نص الحوار : • كيف كان الميلاد والنشأة للشاعر محمد البنا ؟ - ولدت فى بورسعيد، ولذلك علاقتى بالبحر علاقة وطيدة للغاية، حيث إننى أشعر معه وكأنى سمكة أتنفس فقط عندما أكون بجواره وما عدا ذلك لا أشعر بالراحة أو الطمأنينة، وعندما كنت طفلا لا أتعدى 10 سنوات أصبت فى رجلى واضطررت لدخول المستشفى الميرى وحُجزت به فترة طويلة وكانت وقتها البلاد تمر بحرب الاستنزاف، فأتى على السرير الذى يجاورنى ضابط مصاب، ولم يأخذ سوى يومين حتى وافته المنية واستشهد ولكنه ترك لى الكثير من كتب الشعر التى أصبحت سلوتى وعزائى الوحيد طوال فترة وجودى بالمستشفي، شعرت خلال قراءتى للشعر للمرة الأولى أننى أحبه جدا، وأريد أن أقرأ وأعرف المزيد عنه، وأنا فى هذه السن الصغيرة، وبالفعل بعد خروجى بدأت أبحث وأفتش هنا وهناك، ومنذ تلك اللحظة حتى الآن لم تتركنى جنية الشعر، ولن أستطيع تركها، بالإضافة إلى أن بورسعيد بلد غنَّاء بطبعه ومشهور بحب السمسمية والرقص والغناء، وأنا كنت أغنى وأنا طفل صغير، وعندما دخلت المرحلة الثانوية تتلمذت على يد الشاعر حمدى البرديسى الذى كان يكتب الشعر كما يتنفس الهواء وكان على علاقة وطيدة ببليغ حمدى وعدد كبير من الوسط الفنى والغنائي، ولكنه انشغل أكثر بالتجارة وجمع النقود، ثم بعد ذلك تعرفت على الشاعر الكبير أحمد البيه، وكان وقتها شاعرا معروفا وكتب لليلى مراد وعبد المطلب وعبدالغنى السيد وغيرهم الكثير من عظماء الزمن الجميل، وقدمنى فى إذاعة الإسكندرية، وكان أول عمل لى فى الإذاعة للمطربة فريال عبدالحى زوجة الموسيقار محمد نوح . ولكنها لم تكن أولى محطاتى أو العمل الذى شهرنى وعرف جمهورى بى بالشكل الذى كنت أتمناه أو أحلم به، ولكنى كنت أفوز وقتها كل عام بلقب شاعر الجامعة وفى إحدى حفلاتى بالجامعة حضر المطرب على الحجار وكان مشهورا وقتها وبدأت أولى محطاتى وأول أعمالى المسموعة التى عرفنى جمهورى بها بشكل جيد. • كيف ارتبط حضور على الحجار حفل الجامعة بنقطة انطلاقك الأولى ؟ - حضر على الحجار حفلاً لى فى الجامعة وكنت وقتها طالبا بكلية التجارة جامعة الإسكندرية وبدأ صيتى فى الانتشار كشاعر جيد وبعد الحفل طلب أن يجلس معي، وعبر لى عن إعجابه بكلماتى وصورى واختار أغنية يغنيها، ثم سألنى عن عنوان منزلى ورقم تليفونى حتى يتمكن من مراسلتى أو مهاتفتى. فقلت له عنوان بيتنا زى ما كان ولا أنت نسيت العنوان ابعت واسأل وبلاش تتقل أحسن ناخد ع النسيان فقال لى : (الله.. إيه دا أغنية جميلة.. أنا عايز الأغنية دي)، فقلت له: (ماشى.. خدها)، وما هى إلا أيام إلا ووجدته يتصل بى ليسمعنى اللحن وكان للموسيقار خليل مصطفى وتوزيع عمار الشاروني، وكانت نقطة الانطلاقة ووش السعد وبداية مشوارى الفنى والغنائى وفازت الأغنية بأفضل أغنية فى استفتاء الإذاعة والتليفزيون لعامى 84- 85 على التوالى ثم توالت أعمالى بعدها فكتبت ألحانًا لمسلسلات إذاعية مع المخرج يوسف حجازى ومسلسلات سباعية فى التليفزيون وكتبت لعمرو دياب (ليلة على ضى القمر) ألحان الموسيقار خليل مصطفى وتوزيع طارق مدكور، وكتبت (قلبى اللى حبك) لمحمد الحلو، و(ع الطبلة والعود والناي) وأغانى فيلم (الجوع فى مدرسة البنات) وكانت ألحان الموسيقار (حسن أبو السعود) و(يا حنينة) ألحان الموسيقار أحمد الحجار، والسكة مش طويلة لعمرو دياب وألحان فتحى سلامة، وكتبت بأمارة إيه غناء (سهام إبراهيم) وألحان (خليل مصطفي)، وزى القمر لمدحت صالح وألحان خليل مصطفي، وسميرة سعيد كتبت لها (كل دى إشاعات) ألحان صلاح الشرنوبى وطارق مدكور وأخذت المركز الأول فى مهرجان قرطاج للموسيقى العربية، وكتبت (بحلم بك) غناء وألحان محمد نوح، كتبت لراغب علامة (صبيحة حر) ألحان راغب علامة وتوزيع طارق مدكور، و(الليلة حلوة الليلة عيد) غناء مادونا وألحان خليل مصطفى وتوزيع طارق مدكور وكتبت (لعفاف راضي) (آه وأنا مالي)، ثم تعرفت على الشاعر الكبير (جمال بخيت) و(إبراهيم عبدالفتاح) ولفتا انتباهى واهتمامى للأمسيات والندوات الشعرية فبدأت أتجه إلى الأمسيات! وأوشكت على إصدار ديوانى الأول، ولكن محمد نوح قال لى (الغنوة زى البنت البكر مينفعش حد يشوفها غير الملحن)، وبعدها تراجعت تماما عن فكرة إصدار الديوان. • من الملحن الذى تعشق ألحانه وتحب أن تكتب على جملته الموسيقية ؟ - كل كلمة ولها ملحنها الخاص بها، فالكلمات كالأشخاص بالضبط، كل كلمة ولها شخصيتها وطابعها وشكلها الخاص بها والملحن الذى يحبها. • من من المطربين تحب صوته ؟ - أحب عمرو دياب وأعشق صوته وهو ليس مجرد مطرب بالنسبة لى فقط إنما على المستوى الإنسانى فهو صديق مقرب جدا إلي، ووقف بجوارى كثيرًا جدا وأتمنى أن نعود ونتعاون سويا مرة أخرى وإن كان هناك بالفعل تعاون قريب بيننا، ولكن لا أريد أن أفصح عنه الآن. • وماذا عن أولادك وأسرتك؟ - أولادى مى ومحمد وأحمد وهاني، محمد يعشق الغناء وهانى أيضا، وأحمد رسام بورتريه أما زوجتى المهندسة زينات الفضالى فهى أكثر من يؤمن بى. • كلنا فضول لنعرف من مثلك الأعلى فى الشعر من الشعراء القدامى ؟ - مثلى الأعلى من الشعراء القدامى قد استفدت وتعلمت من (بيرم التونسي) وأكثر من استفدت منه كشاعر (فؤاد حداد) ويليه عم (صلاح جاهين) هؤلاء الثلاثة هم المثلث الذى أثر فى كتاباتى فى البداية. • ومَنْ مِن جيلك تحب تقرأ له من الشعراء؟ - على مستوى مصر كان (سيد حجاب) هو أكثر من أحب أن أقرأ شعره وفى الجيل الحالى (جمال بخيت)، وبالنسبة للشعراء البورسعيدية أكيد طبعا بورسعيد كان فيها شعراء محترمون ومهمون مثل عم (كامل عيد) و(إبراهيم ألباني) وهؤلاء من الناس إللى كان لهم دور مهم جدا وليس هناك شك أنى استفدت من احتكاكى بهم ومن التقرب إليهم وكما يقولون بالبلدى (أنا زاملتهم فترة طويلة من الزمن وكنت بسعد بأشعارهم) . • وما رأيك فى الجيل الجديد من الشعراء خاصة فى بورسعيد ؟ واذكر لنا أبرزهم لديك ؟ - بالطبع الشعراء الجدد منهم أولادنا وتربوا على أيدينا ويتميزون عن غيرهم فى محافظات كثيرة، وأبرزهم الجيل الوسط كما نطلق عليه (إبراهيم سكرانه)، وأبرز الشباب الصغير (محمد عبدالرؤوف) و(محمد فاروق). • ماذا تريد أن تقول لبورسعيد وأهلها؟ - أولا بورسعيد طبعا هى بلدى ومدينتى وطول عمرها حلمى والمكان المفضل بالنسبة لى وأغلب الشعراء من جيلى ومن مثلى تركوا مدنهم واستقروا بالقاهرة، لأنها هى بؤرة الشهرة ولكنى لا أستطيع العيش خارج بورسعيد ولا أستقر فى أى مكان غيرها فهى حياتى.. ثانيا : دائما وأبدا كل كتاباتى أتمنى فيها أن بورسعيد التى أراها دائما أجمل بلاد الله فى الأرض أن تصبح هكذا حقا. • وفى النهاية ما هى نصيحتك للناشئة من الشعراء ؟ - أنصحهم أن يتعاملوا مع كلماتهم وقصائدهم على أساس أنها كلمة طيبة تبقى كصدقة جارية لهم وعلى كل واحد منهم أن يقدم كل ما يمكن لتنمية موهبته وصقلها ليكون شارة ورمزا للكلمة فى مواجهة الجهلاء ممن انحرفوا بالشعر عن شكله وطبعه. كما أنصحهم بالقراءة الكثيفة وحفظ القصائد الجيدة التى تطبع فى مخيلتهم جمال اللفظ والصورة وأنصحهم أيضا أن يسمعوا بقلوبهم ويشعروا بالكلمات بآذانهم حتى يتحسسوا معانى الكلام. •