«الشيوخ» يناقش مشكلات التنمر والعنف داخل المدارس    «البحوث الإسلامية» في اليوم الدولي للأرامل: إنصافهنَّ واجب دِيني ومجتمعي    محمد فريد يلتقي السفير الإيطالي ويستعرض جهود تطوير القطاع المالي    في 10 شهور.. 29.4 مليار دولار تحويلات المصريين العاملين بالخارج    وزيرة البيئة تبحث مع محافظ الوادي الجديد فرص الاستثمار في المخلفات    مصر تدين التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس في دمشق    وزير الخارجية الإيطالي يجري محادثات هاتفية مع نظيريه الإيراني والإسرائيلي    قمة الصدارة والتأهل.. بالميراس يواجه إنتر ميامي في صراع البقاء والعبور    طريقة مشاهدة مباراة الأهلي وبورتو بمونديال الأندية.. قناة مجانية    بحضور وزير الرياضة ورئيس اللجنة الأولمبية.. احتفاء كبير باليوم الأوليمبي    بعد قليل.. إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية بالإسماعيلية    الفحص الأولي لعقار شبرا المنهار: «مسنود بعروق خشب»    انهيار عقار بشبرا مصر    دار الإفتاء توضح بيان سبب اختيار محرم كبدابة للتقويم الهجري    استشهاد وإصابة 50 فلسطينيا فى مجزرة صهيونية جديدة غرب مدينة خان يونس    عاجل- السيسي في اتصال مع رئيس وزراء اليونان: التصعيد بين إيران وإسرائيل خطر على أمن الشرق الأوسط    استدعاء كبير الأطباء الشرعيين يؤجل استئناف محاكمة المتهم بهتك عرض طفل دمنهور إلى 21 يوليو المقبل    عباءة سيناوية للوزير والمحافظ.. أبناء القبائل يكرمون وزير الثقافة ومحافظ شمال سيناء في نخل    مي فاروق تحيي حفلا بدار الأوبرا مطلع يوليو المقبل    في ذكرى رحيله.. عاطف الطيب مخرج الواقعية الذي وثق هموم البسطاء وصراع الإنسان مع السلطة    وزيرة التنمية المحلية توجه برصد مخالفات البناء أو التعديات علي الأراضي الزراعية    وزير الصحة يفتتح اجتماع اللجنة التوجيهية الإقليمية ReSCO    برلماني: مواجهة ظواهر التنمّر والعنف في المدارس مسؤولية مجتمعية    دعاء الحفظ وعدم النسيان لطلاب الثانوية العامة قبل الامتحان    الليلة.. عرض "الوهم" و"اليد السوداء" ضمن مهرجان فرق الأقاليم المسرحية    ألمانيا تحث إيران على «التفاوض المباشر» مع الولايات المتحدة    غدا.. قطع المياه عن قرية بني عقبة وتوابعها ببني سويف لتطهير وتعقيم المحطة    النقض تحدد أولى جلسات طعن المتهم بإنهاء حياة ثلاثة مصريين في قطر    وزير العمل يبحث مع "اتحاد المقاولين" تدريب العمالة وحمايتها    محافظ أسيوط يؤكد أهمية متابعة المحاصيل الزراعية وتقديم الدعم الفني للمزارعين    بيلينجهام يؤكد خضوعه لجراحة بكتفه بعد مونديال الأندية    صباح الكورة.. ديانج يعلق على مواجهة الأهلي وبورتو و4 أندية تبحث عن مدربين جدد لموسم 2025    تامر حسني يحافظ على المركز الثاني بفيلم "ريستارت" في شباك تذاكر السينمات    د.حماد عبدالله يكتب: عصر "الكتاتيب"،"والتكايا!!"    مدرب إنتر ميامي: مواجهة بالميراس لحظة تاريخية    مدبولي يشهد توقيع عقد تطوير مدينة "جريان" بمحور الشيخ زايد بتحالف بين الدولة وبالم هيلز وماونتن فيو ونيشنز أوف سكاي    البحوث الإسلامية: إنصاف الأرامل واجب ديني ومجتمعي لا يحتمل التأجيل    وزير الإسكان يتابع سير العمل بمشروعات تطوير البنية الأساسية بقرى مارينا السياحية    وزير التعليم العالي يضع حجر الأساس لمركز أورام الفيوم    طرق إضافة الكركم إلى الطعام.. نكهة مميزة وفوائد صحية مذهلة    الزمالك: الإعلان عن المدير الفني الجديد خلال الأسبوع الجارى    الطائفة الإنجيلية بمصر تنعى شهداء «مار إلياس» بدمشق    المجموعة الخليجية بالأمم المتحدة تحذر من تداعيات استمرار التصعيد بالشرق الأوسط    ضبط أحد الأشخاص بالقليوبية لقيامه بإدارة كيان تعليمى "بدون ترخيص"    ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر: مرض السرطان تحديًا صحيًا عالميًا جسيمًا    رئيس جامعة قناة السويس يتابع امتحانات كلية الألسن    «التضامن» تقر عقد التأسيس والنظام الداخلى لجمعية العلا التعاونية للخدمات الاجتماعية    شركات الطيران العالمية تراجع خططها في الشرق الأوسط بعد الضربات الأمريكية على إيران    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-6-2025 في محافظة قنا    كوريا الشمالية تندد بقوة بالهجوم الأمريكي على إيران    حظك اليوم الإثنين 23 يونيو 2025 وتوقعات الأبراج    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    ثورة «الأزهرى».. كواليس غضب الوزير من مشاهير الأئمة.. وضغوط من "جميع الاتجاهات" لإلغاء قرارات النقل.. الأوقاف تنهى عصر التوازنات وتستعيد سلطاتها فى ضبط الدعوة    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 35.. حالة الطقس اليوم    الكشف عن سر إشارة حكم مباراة ريال مدريد وباتشوكا    نيللي كريم تكشف عن مواصفات فتى أحلامها المستقبلي (فيديو)    سى إن إن: منشأة أصفهان النووية الإيرانية يرجح أنها لا تزال سليمة    مندوب إيران بمجلس الأمن: أمريكا الوحيدة تاريخيا من استخدمت أسلحة نووية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموسيقار الكبير كمال الطويل.. ليه خلتنى أحبك!

لا تلُمنى ..إن أتيت الروض يوما لا تلُمنى..فمن العطر انتشيت ..إن جنيت الورد عفوا لا تلُمنى فعلى الشوك مشيت
لا تلُمنى .. فأنا من عشاق ذلك الزمان .. ومازال حنينى يجرفنى إليه .. بآماله وأحلامه .. بطموحه وصدقه .. بأناقته وشياكته .. بثقافته وفنه .. وبعملاقه وكماله .. كمال الطويل .
كنت أعتقد أن أغنية «على قد الشوق» التى تغنى بها عبدالحليم حافظ ومن كلمات الشاعر محمد على أحمد هى أول لقاء فنى بين حليم والطويل .. ولكن وأثناء حوارى مع الملحن زياد الطويل ابن الموسيقار الكبير كمال الطويل صحح لى وقال : والدى وحليم ربطت بينهما صداقة امتدت لعقود طويلة، منذ كانا زميلين فى معهد الموسيقى .. وعندما عمل والدى فى الإذاعة المصرية كمفتش للموسيقى والغناء لحن لحليم قصيدة «لقاء» للشاعر صلاح عبدالصبور التى تقدم بها حليم إلى لجنة الاختبار بالإذاعة، وتم اعتماده مطربا بهذه الأغنية .. ثم موشح» يا ضنين الأمس «للشاعر مرسى جميل عزيز .. ثم أغنية «لا تلُمنى» للشاعر محمد على أحمد .. وبعدها جاءت أغنية» على قد الشوق».
على قد الشوق اللى فى عيونى يا جميل سلم
أنا ياما عيونى عليك سألونى وياما بتألم
وبخاف لتصدق يوم للناس واحتار
أوصف للناس الجنة وأنا فى النار
غالى عليّ وضى عينيه ارحم عذابى معاك .
ولد كمال الطويل فى 11 أكتوبر 1922 بمدينة طنطا لأسرة أرستقراطية عريقة .. تعلق بالموسيقى منذ صغره، وكان يهوى الغناء والتلحين، بدأ رحلته مع اللحن المميز وهو مازال فى سنوات الدراسة فى المعهد العالى للموسيقى العربية عندما وضع لحن قصيدة» إلهى ليس لى إياك عون» التى عثر على كلماتها ضمن أوراق والده والموقعة باسم المهندس زكى الطويل، والد كمال الطويل، وتغنت بها المطربة الكبيرة فايدة كامل، التى لم يعرف الوالد أن ابنه لحن قصيدته إلا من خلال جهاز الراديو عندما أذيعت مصحوبة باسم «زكى الطويل «مؤلفًا .. وكمال الطويل ملحنا .
عندما انتقل كمال الطويل من طنطا إلى الإسكندرية ثم القاهرة، عاش فى حى منيل الروضة، وعندما تزوج انتقل إلى حى الزمالك .
لم ألتق الموسيقار الكبير كمال الطويل فى حياته، ولكن عند لقائى بالملحن زياد الطويل، ابنه، طلبت منه زيارة منزل الموسيقار الكبير .
عندما تدخل منزل كمال الطويل لا يمكن أن تفوتك ملاحظة الطابع الأرستقراطى والأناقة التى تنطبق تماما مع الأناقة الفنية والشخصية لابن عائلة الباشوات، بدءا من البيانو الفخم المستقر على الجانب الأيمن من البهو، إلى الأثاث المنمق، للحوائط المزينة بلوحات فنية عتيقة .
عندما شاهدت البيانو فى بهو المنزل سألت زياد: هل هذا هو البيانو الذى خرجت منه نغمات وإبداعات الموسيقار الكبير؟ أجاب : لا .. واصطحبنى إلى حجرة تتصدر البهو أسدلت ستائرها .. وقال : هذه هى الحجرة التى كان يعمل بها والدى .
كان بها بيانو آخر فى ركن بعيد من الغرفة، وأمامه وضعت كنبتين بلون الزهر والبحر .. ووقفت فى المكان الذى شهد لقاء وإبداعات عمالقة الفن من شعراء وملحنين ومطربين وبما ينطق كل جزء فيه بالرقى والشياكة وتنسمت فيه عبق الماضى ورأيت وسمعت ألحانه وإبداعاته وهمساته .. وتلمست نعومته .
البيانو هو الآلة الموسيقية الوحيدة فى منزل كمال الطويل .. وتساءلت : لماذا لا يوجد عود مثل باقى الملحنين؟ وجاءتنى الإجابة من حوار خاص للموسيقار الكبير كمال الطويل يقول فيه ويضحك: المقامات العربية غير موجودة فى آلة البيانو، ولكنها موجودة فى تلافيف دماغى وفى أعماق أحاسيسى .
كون كمال الطويل وصلاح جاهين وعبدالحليم حافظ«ثلاثى معبر» عن ثورة 23 يوليو.
فى حوار تليفزيونى يقول الموسيقار كمال الطويل: كنا مؤمنين بالثورة وفكرها ومبادئها وكنا نعتبر ذكري الثورة ليست مجرد أغنية نقدمها ولكن تعبير صادق عن مشاعرنا.. ربما لم يعش الجيل الجديد هذه الفترة من الأمجاد .. كان هناك تنافس قوى جداً أم كلثوم وعبدالوهاب ، فريد الأطرش وعبدالحليم كان مازال «برعم جديد».
وبعد حديث الطويل أذاع التليفزيون جزءاً من أغنية «بالأحضان» كلمات الشاعر الموهوب صلاح جاهين من الحفل الذى قدم فى 23 يوليو 1961 والذى يقول فيه حليم :
يا رب العزة والقدرة
بناجيك يا رب
فى صلاة العيد
عيد انتصاراتنا وأناجيك يا رب
اللهم انصر بلدى وأيدها
سدد خطوتها وخد إيدها
يا رب اجعلنا نحقق كل آمال آمين
واجعل يومنا الواحد بكفاح أجيال آمين
فجر ينابيع الخير تحت أقدامنا آمين
والمستقبل خليه قدامنا آمين
اللهم انظر لعملنا .. بارك فى جهادنا ونضالنا
واحفظ ريسنا وبطلنا يا رب
ويردد حليم «يا رب» مع اللحن المتدرج الارتفاع أربع مرات يغمرك فيه ويفجر بداخلك إحساسا لا نظير له بالوطنية لا تستطيع السيطرة عليه .
ومؤكدا لهذا الإحساس يقول الموسيقار الطويل فى حوار مسجل مع عبدالحليم حافظ : عبدالحليم لم يكن ابن جيله فقط، بل سابق عصره .. ورغم جمال صوته وإحساسه ودفئه .. فإنه لم يكن يراهن على هذا الصوت، ولكن يراهن على اللحن والكلمة .. كنا نعيش مطلع الخمسينيات ثورة سياسية وتحررا وطنيا .. وجئنا حليم وأنا والموجى وصلاح جاهين وانضم إلينا من الجيل السابق الشعراء مأمون الشناوى ومرسى جميل عزيز، وحسين السيد .. فجمعنا بين الثورة الوطنية والثورة العاطفية .
التقى كمال الطويل مع كوكب الشرق فى عدد قليل من الأغانى منها «لغيرك ما مدت يدى» و «غريب على باب الرجا» والاثنتان من كلمات الشاعر طاهر أبوفاشا .. ولكن أشهر لقاء لهما كان فى نشيد «والله زمان يا سلاحى» كلمات الشاعر صلاح جاهين الذى تغنت به أم كلثوم فى عام 1956 الذى اعتمد نشيدا وطنيا لمصر وسلامها الجمهورى حتى نهاية السبعينيات .. يقول مطلعه:
والله زمان يا سلاحى
اشتقت لك فى كفاحى
والله زمان على الجنود
زحفه بترعد رعود
حالفة تروح لن تعود
إلا بنصر الزمان
قامة فنية رفيعة
فى موسيقى الطويل شيء ما يأخذك إليها ينقلك إلى عالم ساحر ناعم دافئ، فى حديث لعبدالحليم حافظ عن رفيق عمره كمال الطويل قال : كمال كان دائم التلحين، حتى عندما لا يجد شيئا يلحنه كان يلحن اسمه أو أى كلام حد يقوله، وكان اللحن يخرج من بين شفتيه وفمه، وأحيانا بنقر على أى سطح خشبي، ثم إن وجد نصا كان يدون أفكاره مباشرة على النوتة الموسيقية .
بدأت رحلة الطويل وحليم منذ بداية الخمسينيات وحتى رحل العندليب فى عام 1977 قدما معا ستا وخمسين أغنية ما بين عاطفية ووطنية، ويعد حليم هو الفائز الأعظم بألحان الموسيقار الكبير كمال الطويل، ورغم أنه استحوذ على معظم ألحانه، فإن الطويل كانت له ألحان كثيرة للعديد من المطربين منهم الفنان صاحب الصوت الحنون محمد قنديل الذى قدم له أغنيتين «بين شطين وميه» و«يا رايحين الغورية».
وقتها كان قنديل نجما شهيرا .. والطويل فى بداية مشواره، وعندما طلب منه تلحين الأغنيتين، اعترض رئيس لجنة النصوص آنذاك الشاعر صالح جودت متعللا بأن الطويل بلا خبرة، ولكن قنديل كان إصراره شديدا .. ولحنهما الطويل وأصبحتا من أشهر وأجمل ما غنى قنديل .. تقول كلمات أغنية يا أهل إسكندرية :
بين شطين وميه عشقتكم عينيه
يا غاليين عليّه يا أهل إسكندرية
يا ما الناس قالوا لى ووصفوا
حلو بسنة لولى والتيه واخده غية
محقوق لى وظالمنى وف قلبى مقاسمنى
من مدة مخاصمنى مش دارى اللى بيه
لاسأل عن دياره وأروح له وأزوره
واتملى بنوره واجيب له هدية
فارس اللحن وقيثارته
فى حديث للمؤرخ كمال الملاخ عن الموسيقار الكبير كمال الطويل قال : إذا كنا نعتبر سيد درويش هو مفجر الثورة الأولى فى تحديث الغناء، فإننا نعتبر كمال الطويل هو مفجر الثورة الثانية فى تحديث الغناء العربى .
ولم يكتف كمال الطويل بتفجير الثورة الثانية للغناء العربي، أيضا فجر ثورة الفنانة ليلى مراد .
فى أواخر الخمسينيات تصدر عناوين الصحف والمجلات مانشيت يقول : «ألحان كمال الطويل تثير مشاكل بين مطربات القاهرة» ، و«ثورة ليلى مراد على نجاة الصغير بسبب أغنية «ليه خلتنى أحبك».. ولأول مرة تنظر المحاكم المصرية فى قضية أغنية .. والمتنازعتان هما النجمة المطربة ليلى مراد والفنانة الشابة نجاة الصغيرة .
والحكاية بدأت عندما ذهبت ليلى مراد إلى موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب ليلحن لها إحدى أغنيات فيلم» الحياة الحب «، ولكن عبدالوهاب اعتذر وكان عنده كمال الطويل، فأشار إليه وقال : أنا مستعد أخلى الأستاذ كمال الطويل يلحن لك الغنوة دى .
وسألته ليلى : كمال مين؟
فعاد يشير إلى الشاب الجالس أمامه ويقول : أنت ما تعرفيش الأستاذ كمال الطويل؟ ده ملحن كبير قوى .
ولم يظهر على ليلى مراد ما يدل على اقتناعها .. وانتهت المقابلة .
بعد مرور عشرة شهور كانت ليلى مراد تستمع إلى الراديو وبالتحديد أغنية «على قد الشوق» وأعجبت بالأغنية ونعومة لحنها، فاتصلت بالإذاعة وسألت عن اسم الملحن، وكان الجواب : كمال الطويل .. أخذت النجمة تبحث عن كمال الطويل إلى أن جمعتها به الصدفة فى إحدى السهرات وتذكر الموقف الذى بدر منها عند الموسيقار محمد عبدالوهاب وظلت تعتذر للطويل طوال السهرة .. ولأن الطويل كان مولعا بصوت ليلى مراد فقد قبل الاعتذار وظل ساهرا لمدة ثلاث ليال يلحن لها أغنية «ليه خلتنى أحبك» ، من كلمات الشاعر مأمون الشناوى .
كادت ليلى مراد أن تقفز فرحا عندما سمعت منه الأغنية وقررت على الفور تسجيلها، إلا أن حادثا مفاجئا منعها من ممارسة نشاطها الفنى فقد أصبحت حاملا .. فى هذه الفترة سافر الطويل إلى بيروت لتسجيل بعض البرامج الغنائية لمحطة الشرق الأدنى التى طلبت منه إعداد لحن للمطربة نجاة الصغيرة .. وعلى الفور تذكر الطويل «ليه خلتنى أحبك» فأعطاها لنجاة على أن يقوم بألحان أجمل منها لليلى مراد .
طرب الشرق ل» ليه خلتنى أحبك «وأصبحت من أشهر الأغنيات وأكثرها ترديدا على محطات الإذاعات العربية وبرامج ما يطلبه المستمعون .
وبدأت المشكلة عندما وضعت ليلى مراد وعادت لاستئناف نشاطها الفنى .. وطالبت الطويل بانتزاع الأغنية من حنجرة نجاة وإعادتها إلى حنجرتها .
ولما امتنع الطويل .. أقامت ليلى مراد الدعوى عليه وعلى نجاة الصغيرة، وحكمت المحكمة بإعادة اللحن والأغنية إلى حنجرة ليلى مراد، وتغنت بها فى فيلم «الحبيب المجهول» ، قول مطلعها :
ليله خلتنى أحبك
لا تلومنى ولا أعاتبك
فين أهرب من حبك
روح منك لله .
لم تكن هذه بداية كمال الطويل للتلحين للسينما، وإنما كانت مع صوت الفنانة الكبيرة شادية، وعبدالحليم حافظ، وفى السينما أيضا فايزة أحمد والمطربة ماجدة الرومى فى فيلم» عودة الابن الضال» ، وفى أواخر الستينيات فاجأ كمال الطويل الجمهور بلحن لسندريلا الشاشة سعاد حسنى وكانت أغنية «يا واد يا تقيل» من كلمات الشاعر صلاح جاهين .. لم يتوقف نشاط كمال الطويل وإبداعاته على الأغانى والموسيقى التصويرية للأفلام والمسلسلات، بل وضع أيضا ألحان الأوبريت الإذاعى الشهير «عواد باع أرضه» ، من تأليف الشاعر مرسى جميل عزيز وغناء سعاد محمد وسيد إسماعيل .
البحث فى سيرة الموسيقار كمال الطويل لا ينتهى ولم يوجد مطرب أو مطربة فى جيله لم يتغن بألحانه، وهو أيضا بالإضافة إلى أعماله اللحنية وإبداعاته وما احتله من مناصب .. حصل كذلك على العديد من الجوائز والأوسمة .. أهمها وسام الجمهورية للعلوم والفنون من الدرجة الأولى من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر .. شهادة تقدير من دولة الكويت .. ووسام الدرجة الأولى من جمهورية موريتانيا .
• الفنان بلا موقف لا قيمة له
كان الموسيقار كمال الطويل قيمة وقامة فنية وشخصية رفيعة.
يقول الأستاذ لويس جريس : ميزة كمال الطويل أنه كان فنانا ذكيا مخلصا لفنه ومؤمنا به، فأبدع واستطاع أن يحقق جماهيرية غير مسبوقة وصداقات عديدة ومتعددة مع الوسط الثقافى والأدبى والفنى والسياسى أيضا .. فقد كان يأتى إلينا فى مجلة صباح الخير وبصحبته عبدالحليم حافظ، نتحدث ونتناقش فى جميع المجالات .. فقد كان مثقفا وسياسيا من الدرجة الأولى .. ويتذكر الأستاذ لويس ويضحك : هل تتصورين أن كمال الطويل كان يخاف ركوب الأسانسير .. ومهما كان الطابق الذى سوف يصعد إليه يستقل السلالم؟ !.. رحمه الله كان فنانا كبيرا وإنسانا عظيما وسياسيا بارعا .. بعد ر حيل الزعيم عبدالناصر وبعد تجربة الطويل العظيمة مع ثورة يوليو، شعر الموسيقار الكبير بالكثير من الألم والغربة، بعدها انضم إلى حزب العمل عندما تعرض رئيس الحزب إبراهيم شكرى لهجوم شديد من الرئيس السادات .. ثم انضم إلى حزب الوفد، وفى عام 1987 تم انتخابه عضوا بمجلس الشعب .. وتشهد مضابط الجلسات بمدى الحيوية التى كان يتمتع بها النائب كمال الطويل الذى فجر العديد من القضايا الجماهيرية المهمة .
كان الطويل فى سنوات حياته الأخيرة يؤكد دائما أنه لم يعد هناك فنان صاحب قضية، وكان يرى أن الأغانى الوطنية التى تم تقديمها فى الخمسينيات والستينيات نجحت لأن دوافع وانفعالات الفنانين الذين قدموها كانت صادقة، وكانت الدولة كلمة واحدة، وكان الفن ملتصقا بالشارع، أما الآن فالحسابات والتوازنات كثيرة .
وكان يؤكد أيضا : إن شركات الكاسيت لعبت دورا كبيرا فى إفساد الغناء فى مصر من خلال الملايين التى تدفعها للمطربين، تلك الملايين تؤكد وجود عمليات غسيل أموال .. وجريمة شركات الكاسيت جعلت كل الأغنيات نغمة واحدة وإيقاعا واحدا، ولذلك يملها الناس بسرعة .. كما يرى كمال الطويل أن حليم استطاع أن يوظف ذكاءه لصالح فنه، أما مطربو هذه الأيام فيبحثون عن المال فقط .. وكان يؤمن بأن الفن كله سياسة .. وأن الفنان بلا موقف لا قيمة له .. ولا يمكن للفن أن يواجه الأزمات إلا إذا أعطيته ميكروفونا .. بينما نجد الآن الجماهير فى وادٍ والإعلام فى وادٍ آخر، حتى لو قدم الإعلام أغنيات لإسقاط الفريضة، فلن تكون اتجاها عاما لأنه قد انفصل تماما عن قضايا وطموحات الجماهير .
انتهى كلام الموسيقار كمال الطويل، وكأنه يحلل واقعنا، يعيش بيننا .. يسمع ويشاهد إعلامنا .. وحال جماهيرنا .. رحم الله كمال الطويل وزمن الفن الجميل . •


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.