أسعار النفط تسجل 82.79 دولار لبرنت.. و78.26 دولار للخام الأمريكى    وزير النقل: تشغيل التاكسى الكهربائى الأربعاء المقبل بالعاصمة الإدارية    وفد من وزارة البيئة والبنك الدولي يزور محطات الرصد اللحظي لجودة الهواء    وزير التموين: إطلاق 7 قوافل مساعدات لغزة تحمل 615 طناً    الأمير وليام يعلق على صحة كيت ميدلتون بعد خضوعها للعلاج من السرطان (فيديو)    رحيمي يقود هجوم العين أمام يوكوهاما فى نهائي دوري أبطال آسيا    توتنهام يعود للانتصارات بثنائية ضد بيرنلى ... رسميًا- الهلال يتوج بلقب دوري روشن السعودي بعد الفوز على الحزم برباعية    وزير الشباب يطلق ماراثون شباب جامعة سوهاج.. فيديو    هدوء العواصف الترابية بالإسكندرية.. شوف البحر وجماله "فيديو"    فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 22.4 مليون جنيه خلال 10 أيام عرض    الرئيس السيسى يستقبل سلطان "البهرة" وشقيقه بحضور رئيس المخابرات العامة.. ويشيد بدور الطائفة فى ترميم المساجد الأثرية وأضرحة آل البيت بالقاهرة.. "مفضل" يشيد بحرص القيادة المصرية على تعزيز مبادئ وقيم المواطنة    جنوب أفريقيا: طلبنا من محكمة العدل إصدار أمر عاجل بعد الهجوم على رفح الفلسطينية    سلمى أبو ضيف تكشف أسرار طفولتها ومهنة والدها لأول مرة (فيديو)    «الصحفيين» ترفض قرار «الأوقاف» بمنع تصوير الجنازات.. وتؤكد: مخالف للدستور والقانون    حياة كريمة فى الإسكندرية.. قافلة طبية مجانية ببرج العرب غدا    تيسيرًا على الوافدين.. «الإسكندرية الأزهرية» تستحدث نظام الاستمارة الإلكترونية للطلاب    السكة الحديد: عودة مسير القطارات في الاتجاهين بين محطتي «الحمام و الرويسات» غدًا    وزير الشباب: إنشاء حمام سباحة وملعب كرة قدم بمدينة الألعاب الرياضية بجامعة سوهاج    تكريم الصاوي وسلوى محمد علي.. تفاصيل الدورة الثالثة ل«الفيمتو آرت» للأفلام القصيرة    سر الأهلي.. هل ينهي الزمالك خطيئة جوميز مع جروس؟    رمضان عبد المعز: لن يهلك مع الدعاء أحد والله لا يتخلى عن عباده    أوكرانيا تحبط هجمات روسية جديدة على الحدود في منطقة خاركيف    الرقابة الإدارية تستقبل وفد مفتشية الحكومة الفيتنامية    وكيل صحة الشرقية يتفقد مستشفى العزازي للصحة النفسية    وكيل صحة الشرقية يتفقد مستشفى العزازي للصحة النفسية وعلاج الإدمان    وزير الرياضة يطمئن على لاعبة المشروع القومي بعد إجرائها عملية جراحية    خنقها برباط حذائه.. الإعدام لعامل بناء قتل ابنة شقيقه بسوهاج    سلوفينيا: ممتنون لمصر لمساعدة مواطنينا في غزة على العودة    شراكة بين بنك القاهرة وشركة متلايف لتقديم خدمات التأمين البنكي عبر 150 فرعا    بكلمات مؤثرة.. إيمي سمير غانم تواسي يسرا اللوزي في وفاة والدتها    كنيسة يسوع الملك الأسقفية بالرأس السوداء تحتفل بتخرج متدربين حرفيين جدد    عمرو الورداني للأزواج: "قول كلام حلو لزوجتك زى اللى بتقوله برة"    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة محملة بطيخ بقنا    إحالة أوراق طالب هتك عرض طفلة للمفتي    وزير الأوقاف يحظر تصوير الجنائز بالمساجد مراعاة لحرمة الموتى    رئيس"المهندسين" بالإسكندرية يشارك في افتتاح الملتقى الهندسي للأعمال والوظائف لعام 2024    سانت كاترين تستقبل 1300 سائح من مختلف جنسيات العالم    أخبار الأهلي : طلبات مفاجئه للشيبي للتنازل عن قضية الشحات    نقيب الأطباء يشكر السيسي لرعايته حفل يوم الطبيب: وجه بتحسين أحوال الأطباء عدة مرات    آخرها هجوم على الاونروا بالقدس.. حرب الاحتلال على منظمات الإغاثة بفلسطين    إلغاء جميع قرارات تعيين مساعدين لرئيس حزب الوفد    «الأرصاد» تكشف حقيقة وصول عاصفة بورسعيد الرملية إلى سماء القاهرة    نتائج منافسات الرجال في اليوم الثاني من بطولة العالم للإسكواش 2024    السعودية تطور نظام التبريد بالحرم المكي والنبوي لتصل ل6 آلاف طن تبريد    بعد ثبوت هلال ذي القعدة.. موعد بداية أطول إجازة للموظفين بمناسبة عيد الأضحى    البابا تواضروس يدشن كنيسة "العذراء" بالرحاب    قروض للشباب والموظفين وأصحاب المعاشات بدون فوائد.. اعرف التفاصيل    للتوفير في الميزانية، أرخص وجبتين يمكنك تحضيرهم للغداء    إحالة العاملين بمركز طب الأسرة بقرية الروافع بسوهاج إلى التحقيق    المفتي يحسم الجدل بشأن حكم إيداع الأموال في البنوك    المشاركة ضرورية.. النني يحلم بتجنب سيناريو صلاح مع تشيلسي للتتويج بالبريميرليج    مباشر مباراة المنصورة وسبورتنج لحسم الترقي إلى الدوري الممتاز    منها المهددة بالانقراض.. تفاصيل اليوم العالمي للطيور المهاجرة للبيئة    هدم 10.8 ألف مبنى.. انتهاء الموجة 22 لإزالة التعديات على أملاك الدولة والأراضي الزراعية    ما حكمُ من مات غنيًّا ولم يؤدِّ فريضةَ الحج؟ الإفتاء تُجيب    حادثة عصام صاصا على الدائري: تفاصيل الحادث والتطورات القانونية وظهوره الأخير في حفل بدبي    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معنى التعدى .. وقوانين مواجهة الانتهاكات
نشر في صباح الخير يوم 01 - 09 - 2015

قبل أن أتحدث إليكم عن محتوى ما أقدم لكم هذا الأسبوع من كتاب الدكتور المستشار عمرو شكرى المتخصص فى حقوق الملكية الفكرية والحاصل على ماجيستير فى الملكية الفكرية الرقمية وأمن المعلومات، وأيضاً دكتوراه فى مسئولية مقدم خدمة الإنترنت، أتقدم بالشكر والامتنان لصاحب هذا المحتوى البديع الذى يرفع الستار عن كثير من الأسئلة والاستفسارات التى تدور بذهن الكثير منا، وكتابه الذى نناقشه هنا ونقدمه لكم يطرح العديد من الاسئلة والإجابات عن دور التكنولوجيا الحديثة فى إيقاف الانتهاكات التى تقع على الأفلام والأغانى باستخدام شبكة الإنترنت، وهو السؤال الأهم الذى يدور فى أذهان المبدعين بشكل عام والذى كان لمجلة «صباح الخير» السبق فى نشره على هيئة حلقات نبدأ هذا الأسبوع معكم بالحلقة الأولى.
دعونا فى البداية نتعرف على معنى التعدى على حق المؤلف أو الكاتب.
التعدى بأبسط صورة، هو انتهاك حقوق الآخرين، والتعدى على حقوق المؤلف معناه استغلال المصنف المتمتع بالحماية استغلالا تجاريا بأية وسيلة كانت دون الحصول على ترخيص من صاحب حق المؤلف أو استثناء قانونى، وقد يرد التعدى على نسخ كامل للمصنف أو جزء منه، وقد يكون التعدى بتحوير المصنف بأى طريقة من طرق التحوير.
كما أن التعدى يرد على جميع المصنفات الأدبية والعلمية والفنية بما فيها برامج الحاسبات الآلية ومصنفات الفلكلور.
وطرق التعدى على حق المؤلف كثيرة ومنتشرة مثل: النسخ بوسائله المختلفة والتوزيع والتسجيل على شرائط الكاسيت أو الأقراص المدمجةCD أو ما شابه ذلك، ويتم التوزيع للنسخ المزيفة أو المقلدة أو المنسوخة بطريقة غير قانونية بيعها على أنها نسخ أصلية وإيهام الجمهور بذلك، أو بيعها إلى جوار سلعة أخرى بطريقة لا تجعل المشترى يعرف أنها مقلدة. كما يمكن القيام بتوزيع النسخ غير القانونية والمقلدة أو المزيفة عبر شبكة الإنترنت التى أصبحت وسيلة سهلة وآمنة لتوزيع وتداول المصنفات المقلدة والمنسوخة التى تم السطو بموجبها على الحقوق المالية الاستئثارية لمؤلفيها الأصليين بطريقة غير مشروعة.
وبقدر ما ساعدت وسهلت التقنيات ووسائل الاتصال الحديثة على نشر المعرفة الشاملة؛ فقد حملت معها الكثير من الإشكالات التى من أبرزها أنها أتاحت الفرصة للانتهاك والتعدى على حقوق الملكية الفكرية عبر تداول المصنفات والأعمال الفكرية عبر شبكة الإنترنت وعلى نطاق واسع، ليس للمصنفات والأعمال التى يتم إبداعها خارج نطاق هذه الشبكة؛ بل وحتى شمل الانتهاك أيضا المصنفات والأعمال الإبداعية التى تتم فى إطار هذه الشبكة، كحالات الاعتداء على البرمجيات عموما، فنجد الكثير من المواقع الإلكترونية تتداول أعمالا فكرية أدبية وفنية دون الرجوع إلى مؤلفيها ودون أن يستطيع أولئك المؤلفون اتخاذ أى إجراءات قانونية لمنع تلك الانتهاكات وحماية حقوقهم. ورغم سعى القانونيين والمختصين إلى الحد من هذه الظاهرة؛ فإنه لا يوجد إلى اليوم آلية محددة لمنع مثل هذه الانتهاكات. مما جعل حرية المبدع فى التعاقد على نشر أو توزيع مصنفه والتمتع بالحقوق المالية والأدبية المقررة له عليه تتلاشى يوما بعد يوم فى ظل السطو والاعتداء المتكرر على تلك المصنفات والأعمال الفكرية، ذلك السطو والتعدى الذى يتم كل لحظة على شبكة الإنترنت دون رقيب، مما يلحق الأضرار المادية والمعنوية بالمؤلفين والمبدعين والأشخاص الآخرين الذين تترتب لهم حقوق على تلك المصنفات والأعمال الإبداعية.
كما قد يتم التعدى على الحقوق المالية أو الحقوق المعنوية للمؤلف أو على كليهما معا بانتحال شخصية المؤلف، مما يؤدى إلى استيلاء المنتحل على كل أو بعض الحقوق التى ينطوى عليها المصنف.
فى حالة تداول مصنف من المصنفات عبر الإنترنت بطريقة غير مشروعة فإن عبء الإثبات يقع على صاحب حق المؤلف الذى عليه أن يثبت بشتى الوسائل أن اعتداءً حصل على مصنفه، وعليه أن يثبت نسبة المصنف إليه، كما أن على المدعى أن يثبت واقعة الانتهاك أو التعدى وإن لم يكن هو صاحب المصنف الأصلى؛ بل يكفى أن يثبت أنه ذو صفة لإقامة الدعوى ويثبت واقعة التعدى كما هو الحال فى انتقال حق المؤلف إلى الورثة، أو فى حالة المصنفات التى لا تحمل اسما؛ حيث يكون الناشر ممثلا عن المؤلف، أو فى غير ذلك من الحالات.
رغم أن اتفاقية (بيرن) هى الإطار القانونى الدولى الذى ينظم ويحمى حقوق المؤلف، فإنها لم تتضمن إجراءات قضائية كافية كتلك التى تقررها التشريعات الوطنية لحقوق المؤلف أو التى تقررها حتى اتفاقية (التريبس)؛ فاتفاقية (بيرن) لم تحتو على أى إجراءات عقابية أو تدابير وإجراءات حدودية؛ بل اكتفت بالنص فقط على إجراء قضائى مدنى وحيد هو: حجز ومصادرة النسخ غير المشروعة.
• الحجز والمصادرة
أما اتفاقية التريبس والعديد من قوانين حماية حقوق الملكية الفكرية ومنها قانون الحق الفكرى فقد نصت على وسائل حماية قانونية أوسع من تلك التى تناولتها اتفاقية بيرن، وتتمثل تلك الوسائل فى:
الإجراءات الجزائية المدنية والإدارية: هى عبارة عن أوامر الإنذار القضائى والتعويضات التى يلتزم بدفعها المتعدى على الحق الفكرى لصاحب الحق، وكذا التصرف فى السلع التى تشكل تعديا على حق محمى أو إتلافها إضافة إلى التخلص من الأدوات والمعدات التى استخدمت فى التعدى.
التدابير المؤقتة: هى التدابير التى تتخذها السلطات القضائية للحيلولة دون حدوث التعدى على الحق الفكرى المحمى، أو للحفاظ على الأدلة التى تثبت التعدى.
• الإجراءات والجزاءات الجنائية
تعد مسألة فرض العقوبات الجنائية فى اتفاقية التريبس مسألة جديدة لم تنص عليها من قبل أى اتفاقية أو معاهدة بشأن حقوق الملكية الفكرية حيث نصت الاتفاقية على أنه فى حالة وجود تعد واضح على حق فكرى محمى فيمكن للجهات المختصة أن تأمر بتوقيع العقوبات الجنائية مثل الغرامة المالية.
تعالوا معنا نرى ما ذكره المؤلف بالنص فى كتابه، حيث يقول: «منذ ظهور التكنولوجيا الحديثة منذ القرن الثامن عشر المتمثلة فى «آلة» الطباعة الحديثة فى عهد الملكة «آن» ملكة إنجلترا، والتى ساعدت كثيرا فى إحداث ثورة فى نشر العلم والمعرفة. هى كانت فى ذات الوقت الأداة التى ساعدت بطريقة مباشرة فى أحداث الاعتداء على حقوق المبدعين. بأن كان المنتهكون يقومون بطباعة الكتب من داخل المملكة البريطانية وإعادة نشرها مرة أخرى إلى معظم الدول الأوروبية بدون إذن منهم. ومنذ ذلك التاريخ، أصبحت التكنولوجيا الحديثة من أحد أهم الأسباب فى وزيادة أعمال القرصنة على حقوق الملكية الفكرية. وبعد ظهور الإنترنت، ظهرت آليات تكنولوجية حديثة ساعدت فى تسهيل عمليات القرصنة على الأعمال المحمية، ابتداء من ظهور الجيل الأول المتمثلة فى المواقع التى تنشر الأعمال غير المشروعة بطريقة مباشرة؛ مثال: موقع «جروكستر»، حتى ظهور الجيل منها، مثال «اليوتيوب»، والتى من خلالها يستطيع المستخدمون النهائيون الدخول على هذه المواقع عن طريق الإنترنت، ثم يقومون بتنزيل هذه الأعمال ووضعها على الكمبيوتر الخاص بهم، فيقومون بمشاهدتها والتعامل معها ونسخها وبيعها إلى جمهور الناس بدون أخذ إذن مسبق منهم، مما أصاب المبدعين بأضرار مادية فادحة. هذا ما جعل الكثير من الكتاب والباحثين يتوقفون عن نشر أعمالهم، وعدم رغبتهم فى نشر أفكارهم الجديدة خشية من قيام آخرين بالاستيلاء على أعمالهم. وجدير بالذكر، أن هذا التوقف له أثر سلبى من ناحيتين: أولا؛ عدم نشر الأفكار والإبداعيات الحديثة سوف يقلص فرص أى مجتمع من الازدهار والتنمية، ثانيا؛ أن هذا التوقف من شأنه أيضا أن يؤثر على جذب الاستثمارات التى عادة ترتبط بمدى قوة أو ضعف جهاز إنفاذ حقوق الملكية الفكرية فى البلد المعنى وخاصة فى مجال صناعة الأفلام والأغانى.
لهذه الأسباب، شرعت كثير من الدول القوانين المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية بطريقة تمنح المبدعين حقوقا استئثارية على شبكة الإنترنت من خلالها يستطيعون اتخاذ أى من الإجراءات القضائية والوقتية أمام المحاكم لوقف أى من التعديات التى تقع على حقوقهم. ولكن تجدر الإشارة أنه لكى يستطيع أى مبدع اتخاذ إجراءات قانونية ضد أى منتهك، فإنه يجب أن يثبت أمرين: أولهما؛ أن حقه مسجل لدى مكتب تسجيل حقوق الملكية الفكرية المصرى باسمه، ثانيا؛ بإثبات أن المنتهك قد توصل إلى عمله من خلال الإنترنت، وأنه تعامل مع المحتوى المحمى بدون إذن منه. إذن لكى يقوم المبدع بحماية حقة، لابد أن نحدد من هو المقصود «بالمبدع»، ثانيا؛ ما هو نطاق حقه الاستئثارى. وهذا يعنى أن المناقشة التالية لابد أن نحدد ما المقصود بالحقوق الاستئثارية دوليا أولا، ويليها تحديد المقصود بكلمة المبدعين، ونطاق حقهم أسفل القانون 82 لسنة 2002.
الحقوق الاستئثارية أسفل اتفاقيتى «بيرن» و«روما»
فى هذا الجزء من البحث سوف نتطرق إلى الحقوق الاستئثارية التى تمثل مشاكل فى التطبيق على شبكة الإنترنت وخاصة حق النسخ وحق الإتاحة للجمهور أسفل اتفاقية «بيرن» و«روما». الهدف من هذا الجزء من البحث هو عمل دراسة مقارنة بين نطاق هذين الحقين وفقا للاتفاقيات الدولية مقارنة بذات الحقوق أسفل القانون المصرى الجديد.
المطلب الأول: اتقافية بيرن 1886- 1967
مصر منضمة إلى اتفاقية «بيرن» بعد تعديلها سنة 1967، ودخلت فى حيز التنفيد داخل القانون المصرى سنة 1977. فى هذا الجزء سنتطرق أولا إلى حق المبدع فى حماية حقه من الاستنساخ، ثم سوف نتطرق إلى الحديث عن حق المبدع فى حماية حقه من عدم إتاحة عمله على الجمهور إلا بعد أخذ إذن منه مسبقا.
أما بخصوص حق النسخ، فنظمته المادة 9/ 1 من الاتفاقية وجاء نصها على النحو التالى:authors of literary and artistic works protected by this Convention shall have the exclusive right of authorizing the reproduction of these works، in any manner or form.، فسر الكثير من الكتاب أن الهدف من استخدام نص عبارة «in any manner or form» أو «بأى طريقة أو شكل ممكن أن تأخذه النسخة» فى المادة سالفة الذكر هو توسيع نطاق حق النسخ بحيث يشمل كلا من: النسخ الدائم والنسخ المؤقت. ويقصد بالنسخ الدائم: هو نسخ نسخة من العمل على أى دعامة ثابتة مثل طباعتها وإعادة توزيعها. أما النسخ المؤقت: فهو نسخة يمكن أن تأخذ من العمل بحيث لا يكون لها أثر بعد ذلك. فى مؤتمر اليونيسكو، فسر الحاضرون هذه العبارة وانتهوا إلى أن الهدف من استخدامها يهدف إلى توسيع نطاق حق النسخ بحيث يمتد ليشمل النسخ المؤقتة بخلاف النسخ الدائمة.
هذا التوسع فى مفهوم حق النسخ على هذا النحو، أثار حفيظة دول العالم الثالث وعلى رأسها مصر، لما قد يترتب عليه من آثار سلبية تتعلق باعتبار أغلب المتعاملين مع أى محتوى يعتبر منتهكا حتى ولو أن فعله لا يرتقى إلى أكثر من مجرد قراءة أو مشاهدة أى محتوى وحتى ولو تعلق هذا العمل بأبحاث تعليمية. هذا ما حدا بالاتفاقية إلى إقرار حق الدول الأعضاء فى تضمين تشريعاتهم الحق فى عمل أى استثناءات على هذا الحق بشرط توافرت الشروط المنصوص عليها فى المادة 9/ 2 من اتفاقية «بيرن». ويقصد بذلك، أن لأى دولة من الدول الأعضاء الحق فى إدخال استثناءات فى تشريعاتها الداخلية على حق النسخ بشرط توافرت ثلاثة شروط: أولا؛ أن يكون فى أضيق الحدود؛ على سبيل المثال أن يكون لغرض تعليمى، ثانيا؛ ألا يؤثر هذا الاستثناء على حق المبدع فى استغلال حقوقه؛ وهو يعنى وجوب على الدولة المعنية، أن تقوم بتعويض المبدع فى حالة استخدام أعماله، ثالثا: وألا يكون الاستثناء من شأنه أن يؤثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على حق المبدع فى حماية حقه.
أما بخصوص حق الإتاحة للجمهور أسفل اتفاقية «بيرن»: فإن الاتفاقية تحتوى على كثير من الأحكام التى تؤكد بشكل واضح على حقوق الأداء العلنى واتصال الأعمال للجمهور من خلال الإرسال. هذا الحق يغطى مجموعة واسعة من الأنشطة المتعلقة بالأعمال فى شكل غير مادى. فى هذا السياق، نصت المادة (1) 11bis على تطبيق حقوق الاتصالات لجميع فئات العمل المحمية بموجب «بيرن». مع ملاحظة الآتى؛ هذه المادة حددت ثلاثة أنواع من الاتصالات الرئيسية التى من خلالها يتم التعامل مع الأعمال المحمية:( i) أعمال البث أو الاتصال منه إلى الجمهور بأى وسيلة: (ii) أى اتصال إلى الجمهور سلكيا أو البث من خلال منظمة أخرى من نسخة أصلية واحدة: (iii) الاتصال العام من خلال مكبر الصوت أو أى وسيلة مماثلة أخرى. بالإضافة إلى ذلك، تنص المادة 14(i) من «اتفاقية بيرن» على أنه يمنح الحق الحصرى للمبدع فى نقل أى عمل محمى إلى الجمهور عن طريق لاسلكى فيما يتعلق بالأعمال السينمائية. أيضا ما نصت عليه المادة 14 (ii)التى منحت لمؤلفى المصنفات الأدبية والفنية الحق فى إتاحة عملهم السينمائى على الجمهور عن طريق لاسلكى.
1-2-3 المطلب الثانى: اتفاقية روما 1967
رغم أن مصر غير منضمة إلى هذه الاتفاقية فإن القانون المصرى قد تأثر كثيرا من المبادئ التى أرستها هذه الاتفاقية وبالذات فيما يتعلق «بالحقوق المجاورة». والمقصود بالحقوق المجاورة، تلك الحقوق التى تهدف بصفة عامة إلى توفير الحماية الكافية لفنانى الأداء ولمنتجى التسجيلات الصوتية والتى هى مستمدة من حقوق المؤلف. فى المناقشة القادمة سوف نحدد نطاق حق النسخ وحق الإتاحة للجمهور أسفل هذه الاتفاقية التى حددت الحد الأدنى للحقوق الاقتصادية لفنانى الأداء ومنتجى التسجيلات الصوتية وهيئات الإذاعة.
أما بخصوص حق الاستنساخ، فعرفت المادة 3 (e) من اتفاقية «روما» حق الاستنساخ على أنه العمل الذى ينتج عنه صنع نسخة أو نسخ من نسخة مثبتة أصلا. ولكن مصطلح التثبيت لم تعرفه الاتفاقية ومع ذلك، اعتبر المؤتمر الدبلوماسى أن المقصود «بالتثبيت» أى شىء يمكن أن يكون ملموسا. أيضا نظمت المادة 13 من الاتفاقية حق «النسخ» فيما يتعلق بالعروض والبث الإذاعى والمرئى. هذا بخلاف ما نظمته المادة 7 من الاتفاقية حق المؤدى فى إيقاف أى انتهاكات تقع على حقه. فى هذا السياق، منحت المادة 10 من الاتفاقية للمنتجين التسجيلات الصوتية الحق فى منع أى نسخ لحقوقهم سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، مع الاحتفاظ بحقهم فى إجازة أو منع الاستنساخ المباشر أو غير المباشر لتسجيلاتهم الصوتية.
أما فيما يتعلق بالحق فى إتاحة العمل المحمى على الجمهور؛ فإن اتفاقية «روما» لم تنظم رسميا هذا الحق، ومع ذلك فإن نص المادة 3 منها عرفت المقصود «بالبث المباشر» والذى يقصد به وفقا للاتفاقية؛ هو الحق الذى يحمى «نقل العمل.. ليتم استقباله من قبل الجمهور...». وفى هذا السياق نصت المادتان 7 و12 من الاتفاقية على أن حق الإتاحة للجمهور يعنى؛ الحق فى الأداء العلنى وحق المنتجين فى تسجيلاتهم الصوتية وحقهم فى عرضها على الجمهور. وهذا يعنى بموجب اتفاقية «روما» الحق فى الإتاحة الذى يتم عن طريق الربط، وهو يعنى أن هذا الحق يغطى الحقين معا؛ الحق فى بث والحق فى التواصل مع الجمهور وتسمى أيضا حقوق الأداء العلنى بموجب اتفاقية «بيرن».
يتضح مما سبق الآتى؛، أن الاتفاقيتين «بيرن» و«روما» تنظمات حقوق المبدعين الاستئثارية بطريقة من الصعب تطبيقها على الإنترنت، بسبب اختلاف نطاق الحقوق التى تنظمها هاتان الاتفاقيتان عن فعل الانتهاكات الذى يقوم به المستخدم على الإنترنت. فضلا عن اختلاف مفهوم الربط المباشر أو بمعنى آخر الربط عن طريق النسخ الملموس، وهو لفظ صعب تطبيقه فى نقل المعلومات من خلال شبكة الإنترنت التى تقوم بنقل المحتوى بطريقة غير ملموسة من مستخدم إلى آخر.
وهذا ما حذا بالمجتمع الدولى إلى عقد مؤتمر دولى لحماية حقوق الملكية الفكرية لوضع نموذج قانونى يوجب على الأعضاء الأخذ به، وهنا نقصد اتفاقيتى «التربس 1994»، واتفاقية «الويبو 1996».
المبحث الثانى: الحقوق الاستئثارية أسفل اتفاقيتى «التربس» و«الويبو»
لقد تلاحظ للدول المتقدمة -وعلى رأسها أمريكا والاتحاد الأوروبى- أن منتجاتهم التى يتم تصديرها إلى الدول الأخرى -وبالأخص إلى دول العالم الثالث - يتم تقليدها على نحو يهدد حقوق مبدعيهم الفكرية. فقاموا بإنشاء «منظمة الجات» الدولية، والتى عقدت الكثير من الاجتماعات الدبلوماسية بين أعضائها، إلى أن أقروا فى المؤتمر الختامى الذى عقد فى مدينة «مراكش» 1994 نصوص اتفاقية يطلق عليها اتفاقية «التربس». وكان الغرض الرئيسى من إقرار هذه الاتفاقية، هو أن تتضمن فى نصوصها الحد الأدنى من الحماية لحقوق الملكية الفكرية مع إلزام الدول الأعضاء بإصدار تشريعات متناسقة مع هذه المعايير، حتى تضمن الدول المتقدمة حماية منتجاتها المصدرة إلى الخارج وفقا للحد الأدنى من الحماية التى تلاقيها بضائعها فى إقليم دولتها. ولكن المشكلة التى واجهت الدول المتقدمة، أنه بمجرد الانتهاء من كتابة الصياغة النهائية لنصوص «التربس» وإقرارها فى المؤتمر النهائى. بدأ الإنترنت فى الانتشار، وأصبحت الأعمال المحمية، يتم الاعتداء عليها بمعرفة المستخدمين على شبكة التواصل الاجتماعى، وهو أمر لم يتم بحثه أثناء مناقشات نصوص اتفاقية «التربس»، الأمر الذى هدد المؤتمر الختامى لإقرار اتفاقية «التربس» بالفشل، إلا أن أمريكا والاتحاد الأوروبى على الفور اتفقوا على سرعة الانتهاء من إقرار اتفاقية «التربس»، مع السعى إلى عقد اجتماعات دبلوماسية أخرى جديدة بين الدول الأعضاء بهدف عمل اتفاقية أخرى جديدة تتعلق بحماية حقوق الملكية الفكرية على شبكة الإنترنت. وبالفعل اجتمع الأعضاء فى «جنيف» وانتهوا إلى إقرار اتفاقية ال WIPO 1996 والتى تنظم اتفاقيتين: الأولى؛ خاصة بحماية حق المؤلف رقميا وأطلق عليها اتفاقية WCT والأخرى؛ اتفاقية حماية حق المؤدى والمنتج، وأطلق عليها اتفاقية WPPT ومن استقراء نصوص هاتين الاتفاقيتين يتضح الآتى؛ أن نصوصهما قد منحت المؤلف والمؤدى والمنتج - أصحاب الحقوق أو ما يطلق عليهم المبدعون - حقوقا استئثارية من خلالها يستطيعون اتخاذ الإجراءات القانونية ضد أى شخص يتعامل مع أعمالهم المحمية سواء بطريق النسخ الرقمى التكنولوجى أو إتاحته على جمهور الناس على شبكة الإنترنت بدون إذن مسبق منهم.
• المطلب الأول: اتفاقية «التربس» 1994
تضع هذه الاتفاقية المعايير الأساسية لحماية حقوق الملكية، والتى تتطلب من جميع أعضاء منظمة التجارة العالمية أن تأتى تشريعاتهم متفقة مع المعايير سالفة البيان. وهذه المعايير تمثل الحدود الدنيا للحقوق المنصوص عليها فى المواد من 1 إلى 21 من اتفاقية «برن»، بما فى ذلك المادة 9 من اتفاقية «بيرن» المتعلقة بحق النسخ. وهذا يعنى، بصرف النظر عما إذا كان الأعضاء الأطراف منضمين إلى اتفاقية برن أم لا، فإن اتفاق «التربس» نجح بشكل فعال فى تحقيق الامتثال فيما يتعلق بحق النسخ المنصوص عليه فى المادة 9 من اتفاقية «بيرن» بين جميع الدول. ومع ذلك، فإن اتفاقية «التربس» خلافا لاتفاقية «بيرن»، تفرض التزامات مختلفة فى مجالات محددة، مثل الأعمال السينمائية والتسجيلات الصوتية. وأيضا، فيما يتعلق بأشكال مختلفة من العروض التى تحتوى على حق الأداء العلنى المباشر.
وجدير بالذكر، أن اتفاقية «التربس» لم تنظم حق الإتاحة للجمهور، ولا أيضا حق التوزيع العام أو النشر العلنى مثل اتفاقية «بيرن»، ولكنها نظمت قواعد الإنفاذ والتدابير الاحترازية وهى القواعد التى لم تنظمها اتفاقية «بيرن». وفى هذا السياق، وضعت الاتفاقية فى نصوصها من المواد من 41 إلى 61 - من الجزء الثالث والرابع منها - الإجراءات المدنية ومن ضمنها الحق فى التعويض والشروط اللازم توافرها لإصدار الأوامر الاحترازية التى من خلالها يحق للمبدعين إنفاذ حقوقهم الاستئثارية أمام محاكم الدول الأعضاء.
كما هو ملاحظ من استعراض ما سبق، أن اتفاقية «التربس» على الرغم من توسيع نطاق ومدى حماية الملكية الفكرية الدولية إلا أنها لا تعالج على وجه التحديد التحديات والصعوبات الناشئة عن ظهور شبكة الإنترنت، ولا التطورات الهائلة فى مجال التكنولوجيات الحديثة. الأمر الذى حدا بالأعضاء إلى إصدار اتفاقية «الويبو» 1996 والتى نظمت حقوق المبدعين على شبكة الإنترنت.
• المطلب الثانى: الحقوق الاستئثارية أسفل اتفاقية «الويبو» 1996
انعقد المؤتمر الدولى للويبو فى جنيف - ديسمبر 1996- وقد اعتمد المؤتمر اتفاقيتين: الأولى: اتفاقية حماية حق المؤلف WCT والأخرى؛ اتفاقية حماية حقوق المؤدين والمنتجين WPPT. وجدير بالذكر أن هاتين الاتفاقيتين قد وضعتا المبادئ الأساسية لحماية حق المؤلف وحقوق المؤدين والمنتجين أو الحقوق المجاورة على شبكة الإنترنت. وجدير بالذكر أن مصر ليست عضوا فى هذه الاتفاقية، وبالتالى فإنها ليست لها محل إنفاذ داخل النظام القانونى والقضائى المصرى فيهما، وهذا يعنى أنه لا يحق لأحد التمسك بوجوب تطبيقها أمام المحاكم المصرية. وعلى الرغم من ذلك، فقد جاء قانون الملكية الفكرية المصرى رقم 82 لسنة 2002 متطابقا فى نصوصه مع هذه الاتفاقية. ففى هذا السياق، قد منح القانون المصرى لكل من المؤلف والمؤدى والمنتج ذات الحقوق الاستئثارية التى منحتها الاتفاقية لهم جميعا. وهذا يعنى أن حق النسخ والإتاحة للجمهور المنصوص فى اتفاقية «الويبو» 1996 من الممكن أن نجدهما داخل نصوص القانون المصرى وبالخصوص 138 -157 من القانون رقم 82/ 2002 . •


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.