16 إبريل عام 1948.. فى ذلك اليوم ولد الموسيقار الكبير الراحل عمار الشريعى، سيمفونية الحب والحنين والشجن التى ظلت تروى عطش الجميع لأعوام وأعوام، واليوم وعقب رحيلها بثلاثة أعوام تظل هى الغائبة الحاضرة التى ننصت إليها بين الحين والآخر لتعود بنا إلى زمن الفن الجميل. عمار الشريعى.. الموسيقار الكبير، الفنان القدير، الصديق الوفى، الزوج الذى لا يعوض، الأب الحنون، الراحل الحاضر، الذى نحتفل خلال هذه الأيام بذكرى ميلاده ولكونه شديد التعلق باللمة وسط أحبائه لا سيما يوم ميلاده الذى كان شديد الحرص على الاحتفال به سنويا كأنه الحجة الشرعية التى تسمح له بالقيام بما يحب، وجدنا أن من دواعى سرورنا أن تجمعنا هذه الجلسة مع من كان يحب عمار الجلوس بجوارهم وبينهم.. على سبيل المثال زوجته وشريكته الإعلامية ميرفت القفاص، التى كان لنا معها الحوار التالى. • فى البداية حدثينا عن طقوس الموسيقار الراحل عمار الشريعى خلال يوم ميلاده؟ - لم يكن عمار مضطرا للقيام بدعوة الآخرين لحضور حفل ميلاده، ففى هذا التاريخ من كل عام كنا نستيقظ مبكرا لنقوم بإعداد الطعام وجميع لوازم الاحتفال، فما من عام كان علينا توقع العدد الحاضر، فالدعوة عامة لكل من يتذكر تاريخ ميلاد عمار، سواء من الأهل، الأصدقاء، وأيضا زملاء العمل، ولكن تظل هناك اسماء ثابتة فى كل حفل «لا تفوت حفلاً إلا وكانت من أوائل الحاضرين» على سبيل المثال دكتور قاسم وهبى، عمرو الصيفى، إبراهيم محمد، هؤلاء أصدقاء عمار المقربون حيث العشرة الطويلة التى جمعت بينه وبينهم على مدار أعوام. • 16 إبريل عام 2012 وتاريخ آخر عيد ميلاد للموسيقار عمار الشريعى، ماذا عن كواليس هذا اليوم خاصة أنه صادف تواجده بأحد مستشفيات لندن للعلاج؟ - «أثناء تواجدنا فى لندن لإجرائه إحدى العمليات لم أجد أمامى حلا سوى الاحتفال بعيد ميلاده أنا وهو بمفردنا.. ولكن المفاجأة التى أسعدت عمار كثيرا هى قيام أصدقائه بالاحتفال به فور عودتنا إلى مصر رغم ظروفه الصحية.. لأنهم كانوا على دراية تامة بقيمة هذا الاحتفال بالنسبة لعمار، فقد كان شديد التعلق بفكرة الاحتفال ويعشق اللمة والاجتماع بجميع أحبائه». • رسالة تبعثين بها إليه فى عيد ميلاده؟ - «أنت إنسان لن يعوض، عادة ما ندرك قيمة الأشخاص عقب رحيلهم ولكننى أود أن أؤكد لك أننى كنت وما زلت أدرك جيدا قيمتك، فأنت الحبيب والصديق، أنت آخر الرجال المحترمين فى نظرى». • بمناسبة عمار الحبيب.. هل تحدثيننى عنه؟ - «كنت مذيعة عام 1988 وكان هو فناناً كبيراً ومشهوراً لدى الجميع، شاءت الأقدار أن أقوم بإجراء حوار معه فى ذلك الوقت، ومن وقتها ونحن أصدقاء إلى أن فوجئنا بهذه الصداقة تتحول تدريجيا إلى قصة حب كللت فى النهاية بزواجنا وإنجابنا لابننا مراد، كان عمار ولايزال وسيظل حتى آخر عمرى هو الرجل بكل معانى هذه الكلمة فى نظرى». • وماذا عن عمار الأب؟ - «كأنه مدرك للواقع وبكونه لن يعيش مع مراد كثيرا، لهذا السبب كان حريصاً على منحه أكبر جرعة من الحنان تكفيه العمر كله، فمنذ أن أتى مراد إلى هذه الدنيا وسعادة عمار من سعادة مراد، ما من مرة تخيلت فيها مدى حب وتعلق عمار بالأطفال، فنحن أنجبنا مراد فى سن متأخرة وعلى الرغم من عدم تصريحه برغبته القوية فى أن يصبح أباً، فإننى لمست هذا بمجرد قدوم مراد إلى دنيانا فعلى مدار خمسة عشر عاما كان عمار بحراً من الحنان بالنسبة له». • والصديق؟ - «كان عمار صاحب صاحبه، تستطيعين الاتكال عليه وأنتى مغلقة الأعين، بالمناسبة بغض النظر عن أى مشكلة كانت لديه «الإعاقة» كما يطلق عليها البعض، فقد كان من الصعب أن تشعرى بها خاصة أننى كنت من المقربين من عمار، فعلى مدار سنوات حياتى مع عمار لم أتجرأ فى الحديث معه دون النظر فى عيونه أو النظر إليه». • والآن حدثينى عن عمار الثائر الذى رغم تدهور حالته الصحية كان حريصاً على التواجد فى الميدان قبل أيام من رحيله؟ - «قبل يناير 2011 كان عمار يجرى عمليته الجراحية وبعدها بأيام يواصل عمله وحياته دون أن يزعج المحيطين به، ولكن منذ ذلك التاريخ ونحن فى رحلة حول المستشفيات فى مصر وخارجها، لسبب بسيط ألا وهو تأثر عمار الشديد بالثورة وأخذه لها على قلبه مما تسبب فى تدهور صحته وبالتالى أصبح أقل تماسكا، فعلى الرغم من تدهور صحته وقلقنا الشديد عليه فإنه حرص على التواجد فى الميدان، فقد كان حب عمار لمصر أكبر بكثير من حبه لنفسه». • هذا الحب نفسه هو ما دفع شعب مصر للخروج لوداع عمار الشريعى؟ - «أنا متاكدة أنه لولا الثورة لكانت الأعداد التى خرجت لوداع عمار أكبر بكثير بل أضعاف أضعاف العدد الذى خرج، صحيح أننى كنت فى حالة مزرية يوم الجنازة ولكن عقب ذلك أدركت الوضع سواء وفقا لروايات الحاضرين أو ما أذاعته وسائل الإعلام». • تعجبت كثيرا عندما علمت بكره عمار الشريعى الشديد لصوته؟ - «كان جميع المحيطين بنا سواء من العائلة أو الأصدقاء يحب كثيرا الجلوس والاستماع إلى ألحان عمار بصوته ولكنه كان يرفض وبشدة القيام بذلك، لعدم اقتناعه بصوته، وإن كنت أرى شخصيا أن صوت عمار فى أداء ألحانه كان أحلى بكثير من الكثير من الأصوات التى أدت ألحانه». • أخيرا دعينا نختتم حوارنا بكلمات عمار الشريعى الأخيرة لنجله مراد بمعنى آخر وصيته له؟ - «كان يوم الخميس أى قبل رحيله بيوم فوجئت به يطلب الحديث إلى مراد وإذا به يوصيه ويطلب منه الاهتمام بى لكونه رجلى عقب رحيل عمار، كنت معتادة البيات مع مراد والرجوع إلى عمار فى الصباح ولكن هذه المرة لم أستطع تركه فقد مكثت بجانبه طوال الليل، وفى الصباح حاولت إفطاره إلا أنه رفض وكانت كلماته قليلة وعليه استطعت أن أدرك ما ينتظرنا من مصير.. بعدها رحل عمار».•