- قبل أن نقرأ: .«.. وفى «الكويت» يبقى ل«الفالنتاين» واحتفالاته طابع آخر مختلف. - كثير من المحال الكبرى والفنادق الشهيرة تتحول إلى كرنڤال من الورود الحمراء، وبالونات الهالوين الغازية التى تصنع على شكل قلوب بألوان نارية.. ألوان الحب.. من الأحمر بدرجاته إلى البينك بدرجاته. كرنفال من الحب، وكوكتيل من المظاهر المعبرة عنه، تراها فى بطاقة معايدة مميزة، يتم تبادلها على الإيميل، أو عبر رسالة «واتس آب» ، وأيضا مع صورة على «انستجرام».. وحتى «على تويتر».. فكل هذه الوسائل الإلكترونية شائع استخدامها بقوة فى أحد اغلى بلدان العالم وأكثرها رفاهية ل«مواطنيها»! تجد هذه المظاهر طاغية على محال تشتهر ببيع الهدايا فى الكويت، لعل أكثرها شهرة «سلطان سنتر».. هذه المحال تقدم لزبائنها مبتكراتها من الهدايا التى تجتذب أذواق الكويتيين، فيتبادلونها بهذه المناسبة. أما الأخرى فتسعى لجذب رواد كثر إليها ليحتفلوا فيها بالمناسبة، وبتناول العشاء الفاخر على ضوء الشموع والأضواء الخافتة، وعلى إيقاع الموسيقى الهادئة.. الحالمة.. المثيرة للأشجان والذكريات، لكن فى النهاية كل هذه المظاهر محكومة بتقاليد الكويتيين المحافظة. المجتمع الكويتى، بنظرة سريعة من داخله، يعيش تنوعا دينيًا، فتجد فيه السنى والشيعى، تجد أيضا الإخوانى - وهم كثر !- والسلفى، وأعدادهم لا بأس بها أيضا.. وعلى وقع الرفض الأصولى الذى يمارسه هؤلاء، من المتدينين بقوة من سُنة وشيعة، إلى منتمين بكثرة للإخوان والسلفيين-يحتفل الكويتيون بعيد العشاق.. الذى يمكن القول إجمالا بإنه احتفال على «استحياء».. نقول على استحياء لأن الاحتفال لايخرج أبدًا عن مساره المعد له، فلاتوجد فى الكويت مراقص، وإنما توجد مساجد كثيرة جدًا، ولاتوجد كحوليات من أى نوع، وان كانت عمليات التهريب تتيح «المشروب» - بنوعيه المحلى والمستورد- للراغبين، ومع أنها تجارة رهيبة ومحظورة، لكن «كواليسها» فيها الكثير من الإثارة.. وعلى هذا فلا تجد «سكرانا» فى مكان عام «أصاب الناس بالضيق - أو دفعهم للسخرية والاستهزاء ومتعة المشاهدة المجانية. لاتجد خروجا عن النص، وإن غنت إحدى مقلدات أم كلثوم فى الكروان بلازا كل أربعاء.. وعلى «تقليدها» تسلطنت رءوس وتراقصت خصور وأجياد.. أو حتى إن تناهت إلى الأسماع الموسيقى الراقصة! • الكويت.. التنوع .. والمحدودية! - كل هذا التنوع (والمحدودية أيضا!) فى المجتمع الكويتى، تجعل من الحديث عن «عيد العشاق» أو عيد الحب فى الكويت مسألة صعبة على الفهم ، من دون إطلالة على هذا المجتمع نفسه، قبل أن نطل على المجتمع الكويتى نفسه، فدعونا نطل أولا على الكويت بنظرة طائر، تلمح المشهد من أعلى، وتنزل به إلى أسفل، فتتحقق شمولية المنظر عند السفح. الكويتيون عموما يعشقون الأشياء المتميزة والغريبة.. ويتفاعل كثير منهم معها على نحو يثير الدهشة.. وكل منهم يضفى لمسته الشخصية! الكويت بلد صغير المساحة، لكنه فريد الطابع .. عصرى إلى حد أنك ترى بعضه قطعة من أمريكا أو أوروبا، طابعا وطبيعة (جغرافية).. تجد فيه الفيللات والشاليهات والقصور، تسمع فيه عن مناطق الأثرياء: ضاحية عبد الله السالم، الشويخ السكنية، العديلية، النزهة، اليرموك. وتجده أيضًا بلدًا عاديًا، بناياته عادية، تأخذ طابع الشقق والعمارات العادية فى مصر. تجد أغلب محال «البقالة» وكأنها مثل أى سوبر ماركت صغير فى حى شعبى، وتجد «المولات» الضخمة، بأسماء توكيلاتها التجارية العالمية، من دابنهامز إلى أرمانى، ومن مارك آند سبنسر إلى شانيل وجوتشى، وتجد أيضا الأسماء التجارية العادية، من بى اتش اس إلى «مستورة» و«الجوهرة» و«أولادنا»! تجد فى الكويت نوعين من التصنيفات .. تجد «الحضر» و«البدو».. «الأصيل» و«البيسرى».. ثنائية كثنائياتنا المصرية: قاهرى وريفى .. عرباوى و بربرى.. سليل العائلات وسليل الهجين (أو الخليط) وحتى «البدون» أو الذين بلا جنسية، (وهى قضية تنكأ جراحا غائرة فى المجتمع الكويتى لم تندمل حتى الآن). هذه التقسيمات تجد من الكويتيين من يمقتها ويرفض استخدامها، ومن يؤيدها ويحرص على استخدامها، لكن يعوزنا هنا النسبة الدقيقة ، عن أعداد هؤلاء جميعا، فمن آسف شديد أن الكويت بلد - رغم رفاهيته وثرائه - لا يأخذ بأسلوب استطلاعات الرأى بشكل علمى، ربما تجرى جهات «ما» استطلاعات معينة لكنها بشكل عشوائى!! لكن استقراء الأحداث، والتحاور مع بعض المواطنين والمواطنات.. يكشف لك عن كثير من اهتمامات المجتمع الكويتى فى المناسبات المختلفة.. فتجده تواقًا بشدة للإجازات، وتائقا بأكثر مما يتخيل أحد الى السفر والتمتع بالعطلات، من باب الاكتشاف حينا ومن باب الاستمتاع حينا ومن باب «الكشخة» (أى الفشخرة) حينا آخر. أيضا كثيرون يهتمون بالمظهر العصرى، ولكنه يتجلى أكثر فى الملابس «الأسبور» والتخلى عن «الدشداشة» إلا فى مناسبات رسمية، أو لدى الذهاب إلى جهة حكومية لإنجاز «معاملة» (نسميها نحن شغلانة!).. وفى اقتناء الساعات الفاخرة، والعطور الباريسية والأوروبية، فضلا عن «دهن العود» وهى أغلاها ثمنا.. هذا إلى جانب «الولع الشديد بالسيارات الرياضية وتزيينها بطريقة لافتة للانتباه». • الاحتفالات و التجاذبات هذا المناخ بكل ما فيه من تفاصيل وثراء وتنوع وتناقضات، ينعكس على الاحتفال بعيد الحب ال«Valentine day» قد تجد «يوم الفالنتاين» حاضرا بقوة عند موظفة كويتية «عادية».. وقد تجده أمرا سخيفا عند «شيخة» من شيوخ الأسرة الحاكمة! وتجده عند كاتبة كويتية معروفة، مرتبطا بالوطنية بأكثر مما هو معنى ورمز للعشاق، يتوهج عشقهم وتتدفق عواطفهم على ضفافه. لكن أهم ما يميز عيد الحب فى الكويت هو أن الاحتفال به أمر شخصى جدا، ويتميز بعدم المغالاة والشطط.. أى احتفال وسطى لامبالغة فيه.. لكن الأخطر أنه يتم أيضا على وقع التشدد الدينى. • على وقع التشدد الدينى وهذا ما تحدثنا عنه الكاتبة الصحفية والإعلامية الكويتية (عاشقة مصر) عائشة الرشيد فتقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تهادوا تحابوا .. الحب إحساس جميل ولحن جميل «للى عايش فيه».. الحب يجعل الإنسان يعيش بسعادة كبيرة، ونحن نحتاج بشدة للشعور به فى كل لحظة، فمن روعته أنه يتجلى فى مظاهر كثيرة، فالكلمة الطيبة حب، الابتسامة النابعة من القلب حب، احترامك للناس حب، مساعدتك للناس حب، اهتمامك ببلدك والعمل من أجل رفعته حب، الدفاع عن الوطن والموت من أجله حب، والناس عندما فقدوا هذا الشعور عانوا من الجفاف العاطفى، فقست القلوب، أو تحجرت. وتضيف: لأننا نحتاج إلى هذا الشعور فى كل لحظة، فكر الناس فى تخصيص يوم للحب، ومن هنا فلا مانع من أن نحتفل به، ولو بصورة رمزية غير رسمية، كما نحتفل بيوم عيد العلم وعيد الأم وعيد العمال وعيد الشرطة .فليكن يوما لإبراز محبتنا وتقديرنا.. • «الكويت» مُحْمرّة فيما يتعلق بالكويت - والكلام للكاتبة عائشة الرشيد- فإنه مع اقتراب يوم: 14 فبراير، تتحول واجهات المحال التجارية، ومحال بيع الورود والهدايا إلى «اللون الأحمر» وتعلق المحال الزينات بأشكالها المختلفة، فتبدو لنا أشبه بلوحة جميلة رائعة.. ما يتيح لنا أن نتفنن فى التعبير عن حبنا لبعضنا البعض، سواء عن طريق إرسال بطاقات عيد الحب، أو إهداء زهور، أو الحلويات، أو التجمع مع العائلة والأصدقاء، ويعايد بعضنا بعضا بعبارة كل عام وأنتم الحب كله بجميع أشكاله. كما أن الحب الطاهر العفيف الرومانسى يكون له مجاله ونصيبه من الاحتفال، وقد يكون التعبير عنه بقلوب حمراء وزهور حمراء.. وعما إذا كانت هذه المظاهر مقبولة فى المجتمع الكويتى قالت عائشة: قطعا هذا يثير جنون البعض ممن يتنمرون لحظة فرح وبهجة يعيشها المسلمون، وأعنى بهؤلاء طيور وخفافيش الظلام، والمتسترين تحت شعار الدين، والدين منهم براء الذين تقوم قيامتهم، وترتفع عقيرتهم فى وجوهنا، فيصرخون بأن الاحتفال بعيد الحب حرام!!. مازال الكلام لعائشة : ديننا الإسلامى دين المحبة والسلام ويدعو إلى إشاعة الحب بين الناس لأن إذا سادت المحبة بين الناس عاش الناس جميعا فى مودة ورحمة ووئام وسلام وابتعدوا عن الشر والجريمة والتدمير والتخريب .. وأرى أننا بعد أن بكينا مرارًا وتكرارًا على مدى 4 سنوات متتالية، رأينا خلالها الدماء تسيل أنهارا، والقتل لمن لا ذنب لهم من الصغار والكبار، ورأينا هذه المناظر البشعة، والتى جرت تحت ستار ما يعرف بالربيع العربى.. أرى أننا نحتاج بشدة إلى استعادة الشعور بالحب، لذلك فإننى استغرب وأستهجن تحريم الاحتفال بعيد الحب، بزعم أنه ليس من الشريعة الإسلامية. • لا لون يعلو فوق لون «الحب»! المواطن الكويتى أحمد الصراف رئيس قسم الصحافة بالصندوق الكويتى يقول ردا على سؤالى هل هناك احتفالات خاصة بعيد الحب «الفالنتاين» فى الكويت: عيد الحب هو عيد رمزى غير رسمى، يعتبره الناس حول العالم فرصة للتعبير عن حبهم لأى شخص عزيز. - الاحتفال بهذا العيد ليس جريمة ولا خطيئة، طالما أنه لم يتجاوز الحدود، وهذه المناسبة هى فرصة للتعبير عن الحب وتصفية القلوب، فما المانع من الاحتفال بيوم كهذا لنعيد البهجة والحب إلى قلوبنا وإلى قلوب من نحب. • كيف تستعد إذن لهذه المناسبة؟ - دعوة للعشاء فى أحد الفنادق الفاخرة بالإضافة إلى تقديم هدية. • لمن؟ - لزوجتى طبعا... • هل لديك ذكريات عن احتفالك بالفالنتاين؟ - لا توجد لدى ذكرى معينة حول هذه الاحتفالية. • اختيار الهدية .. بات أسهل • هل هناك محال مميزة تختار منها هدايا، أو فنادق معينة تفضل الذهاب إليها فى الفالنتاين؟ - اليوم أصبح اختيار الهدية المناسبة أمرا سهلا جدًا، وخصوصا للذين لا يملكون الوقت الكافى للذهاب إلى محلات الزهور والهدايا بسبب الارتباطات المهنية. والفضل فى ذلك يعود الى المواقع الإلكترونية التى تعرض لك جميع أنواع الهدايا لتختار منها ما يحلو لك. والهدايا المعروضة عبارة عن باقات من الورود وعلب شوكولا وبالونات وغيرها. ويشمل العرض السعر والحجم وشرحا بسيطا عن المنتج. وبعد الاختيار، تحدد أنت تاريخ التوصيل وعنوان المرسل إليه. أما الدفع فيكون عبر الموقع نفسه، وغالبا ما تكون الهدية من الورود والمجوهرات . • هل تعتقد أنه احتفال فئوى طبقى (للميسورين) فقط ؟ - لا. لا أعتقد ذلك أبدًا. فعيد الحب هو مناسبة مهمة لتعزيز مشاعر الحب لدى الناس، وليس الحب والمشاعر والأحاسيس بين الحبيب وحبيبته فحسب، وإنما هو أشمل وأعم، من الأب لأبنائه والأم لأبنائها، وكذلك من الأبناء للأم وجميع الأسرة، بل جميع الناس فى المجتمع. ولا يقتصر على فئة معينة. • «شيخة»: الفكرة «سخيفة»! سألت «شيخة الصباح» وهى تعمل بإحدى الإدارات بجهة حكومية تابعة لوزارة الخارجية: هل تحتفلين بعيد العشاق؟ أجابت: لا.. • من ناحية دينية؟ بل لأننى أحس أنها «فكرة سخيفة»! وأنه مجرد «شىء تجارى» فمناسبات كالكريسماس والفالنتاين داى كلها فرص للتجار للبيع والشراء لما يعتبر مظاهر للاحتفال. • هل لديك زميلات يحتفلن بالفالنتين؟ - لا.. ولا أعرف واحدة منهن لديها ذكريات عن الاحتفال. .. والكويت الا تحتفل بعيد الحب؟ - «ما أتوقع»! • لكن ألا تعتقدين أن بعض الناس قد يحتفلون من باب إسعاد أنفسهم أو أن لديهم إمكانيات للاحتفال؟ نعم.. «ده ممكن.. ناس كتير بتحب الاحتفال وتجد المناسبة فرصة لذلك، فيتبادلون البطاقات والورود والرسايل والهدايا.. ممكن ياخدوه من زاوية أنها فرصة لتغيير الروتين والمشاركة فى احتفال رمزى عصرى ليوم واحد. • لا.. ليس حكرًا على الأثرياء أما علا الخشتى المسئولة عن قسم المطبوعات. • سألتها: هل لديك ذكريات عن الاحتفال بعيد الحب؟ هل تستعدين لهذه المناسبة؟ - لا أتذكر الآن سوى أننى دوما أهدى زوجى هدية فى هذه المناسبة.. خاصة إذا كانت شيئا أعرف احتياجه له. • هل هو احتفال مناطقى؟ يعنى تهتم به منطقة دون أخرى؟ - نعم .. هو كذلك.. الاحتفال يأخذ طابعا مرتبطا بالعادات والتقاليد، فمثلا فى «المنطقة العاشرة» تضاء المنازل بالأضواء الحمراء.. وتتزين بالزينات الملونة.. وتضاء الشموع فى البيوت، وتبدو «الدببة» المصنوعة من خامات متنوعة وبأشكال عديدة موجودة بكثرة. أما فى مناطق العاصمة وضواحيها فيكتفى بتقديم هدية رمزية. • طفلى يذكرنى بعيد الحب أميرة الكندرى تتفق مع علا الخشتى فى وجود مظاهر لهذه الاحتفالات الكرنفالية فى الكويت، وتبرز بقوة فى أرجاء وواجهات محال بيع الزهور والشيكولا والحلوى والعطور. • سألتها: هل تهتمين بهذه المناسبة؟ هل تستعدين لها؟ - فى الحقيقة لايوجد لدى استعداد خاص لها، ونحن لسنا بحاجة للاستعداد للحب أو التعبير الدائم عنه، فهو موجود يوميا، موجود فى العلاقات الإنسانية، موجود بين الإنسان ومحيطه، أولاده، أهله، أصدقائه، زملائه، عمله وهكذا. • هل لديك ذكرى خاصة مرتبطة ب«الفالنتاين داى».؟ - طبعا.. أسعد وأجمل ذكرى.. ففى مثل يوم كهذا ولدت ابنى وحبيبى سليمان، وعمره الآن أحد عشر عاما.. ولذلك كلما حل الرابع عشر من فبراير تذكرت ابنى وتذكرت عيد الحب، فحبيبى الصغير ولد يوم عيد الحب. تواصل أميرة حديثها موضحة أن المحال المتخصصة فى تلبية احتياجات المحتفلين بالمناسبة كثيرة ومتنوعة، مما يتيح فرص اختيار أكثر، رافضة أن يكون غير القادرين ماديا ممن يتجاهلون عيد الحب، لأنه يكفى رمزية الاحتفال، مشيرة إلى أن مظاهر الاحتفال فى رأيها واحدة، فالكويت صغيرة المساحة والسكان معا. • جدل بين «حل» الحب و«حرامه»! رحاب الجمل السكرتيرة بجامعة الكويت قالت: كل بلد فى العالم يحتفل بعيد الحب على طريقته، ومن هذه الدول الكويت، وأعرف أناسا منهم أصدقاء وأزواجاً وأقارب يتبادلون الورود والبطاقات والكاكاو، وذلك رغم الجدل الشديد حول الحل والحرمة فى الاحتفال بمناسبة عيد الحب، فمن الناس من يرونها ضلالة وكل ضلالة بدعة كما تعرف، ومنهم من يؤيدها ويرى فيها تعبيرا راقيا عن سمو المشاعر الإنسانية، وفرصة مواتية لهذا التعبير، ورغم أن الجدل مستعر بين هؤلاء وأولئك على وقع الرفض الأصولى لهذا بسبب التشدد الدينى، الناجم عن تغلغل الأصولية فى المجتمع الكويتى، إلا أن الاحتفال فى تزايد. • تفسير جاسم ويفسر الصحفى جاسم التنيب هذا بقوله: هذا الأمر يعود إلى تزايد المد الأصولى بأجنحته العديدة .. كان المد الإخوانى متزايدًا فى السابق، وخاصة فى ذروة أنشطة الجمعيات الخيرية، والتى كان لها نواب يدافعون عنها فى البرلمان، وأيضا استوزرت الحكومة منها عناصر عديدة، فى إطار أسلوب المحاصصة، وقد كانت هذه الشخصيات التى لها نفوذ هائل تستفيد من وجودها فى الضغط لتولى كوادرها مناصب مؤثرة فى الجهات الحكومية، وكانت تقود التيار الاخوانى ولاتزال جمعية الإصلاح، ومن أقطاب الإخوان المؤثرين حتى اليوم القطب والنائب السابق مبارك الدويلة، أما خطاب الرفض السلفى، فقد تزعمته جمعية إحياء التراث. • حبى الأكبر.. وطنى الأكبر - أما ختام القول فى هذه السطور فللكاتبة الكويتية المعروفة وهى منى العياف ، ونقتطف من مقال لها نشرته فى مناسبة سابقة لعيد الحب، نحت بها منحى آخر تمامًا، حيث ركزت فيه على معنى الوطنية ففى مقال لها بعنوان حبى الأكبر مازال ينبض قالت: ما أريد أن أتحدث عنه الآن.. فهو تلك المفردة الجميلة التى تحيط بنا.. ونرفل فى ثيابها هذه اللحظات وهى مفردة «الحب».. وعيده السنوى الذى تحيط بنا مظاهره الجميلة هذه الأيام.. وأتوقف عند هذه المناسبة، رغم أن كثيرين ينظرون لكل شىء نظرة رمادية أو سوداوية ويرون أن فى الاحتفال بمثل هذه المناسبة بدعة، ولا أدرى لماذا لم ينظروا إلى المحبة هبة الخالق وأن الله - كما يقول الشاعر - محبة.. والخير محبة! أكتب اليوم عن الحب، تلك الطاقة الهائلة التى يحتاجها كل منا.. لكن ما أقصده ليس الحب بمفهومه الذى يتبادر إلى أذهان الناس فوراً، وإنما الحب الذى أقصده هو حب له علاقة بمجريات الأحداث والظروف المحيطة بنا. إنه حب الأوطان.. (ويقول الشاعر:حب الوطن فرض عليا.. أفديه بروحى وعنيا)، إنه حب يفوق الحب الذى نراه بين المحبين، وحتى بين الأم وطفلها، فالوطن هو الأمان، وهو الذى يجعلك محباً لكل البشر، ومقبلاً على الحياة ومتجدداً وشاعراً بإنسانيتك وطامحاً إلى مستقبل واعد، هو الذى يجعلك تشعر بالطعم الحقيقى للحياة. ولكى تدرك قيمة الوطن يكفى أن تطل عليه من خلال شعور بعضنا بالغربة فى أوطانهم لبعض الوقت.. والغربة عن الوطن شعور قاس جداً، شعر بها العرب قديماً وهم مستعمرون، وقبل أن ينالوا استقلالهم وبعضهم يعيش الإحساس بالاغتراب حتى داخل الوطن، ببساطة لأنهم مضطهدون أو مقموعون ذاتياً أو انسانياً ، ومع هذا فإن هؤلاء فى أعماقهم يحبون وطنهم حباً جماً، ولا يكرهون سوى من اضطهدهم وأشعرهم بالغربة داخل وطنهم، ومن أدخل بلدهم فى عاصفة الحروب الهوجاء التى جعلتهم يدفعون ثمن هذه المغامرات.. فادحاً. قرائح الشعراء جادت بالكثير فى معنى الحب، قال الشعراء الكثير فى الحب العذرى وقالوا اكثر فى حب الوطن..•