عيار 21 يسجل رقمًا جديدًا.. انخفاض أسعار الذهب والسبائك اليوم السبت بالصاغة    الري تعلن رقمنة 1900 مسقى بطول 2300 كم لدعم المزارعين وتحقيق حوكمة شاملة للمنظومة المائية    بعد تهديدات ترامب للصين.. انخفاض الأسهم الأوروبية    قيادات الدولة وسيدات الدبلوماسية والجاليات الأجنبية يشيدون بشباب "تراثنا".. وباسل رحمي: تعاون الوزارات والهيئات سرّ نجاح الدورة السابعة للمعرض برعاية الرئيس السيسي    «فيتش» تثبت تصنيف مصر الائتماني عند «B» مع نظرة مستقبلية مستقرة    ترامب: سأتحدث في الكنيست وأزور مصر.. ويوم الاثنين سيكون عظيما    بعد فوزها بنوبل للسلام.. ماريا كورينا تهدي جائزتها لترامب    بعد رحيله عن الأهلي.. رسميًا الزوراء العراقي يعين عماد النحاس مدربًا للفريق    حريق يثير الذعر فى المتراس بالإسكندرية والحماية المدنية تتمكن من إخماده    قفزة كبيرة للأخضر عالميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 11- 10-2025    أولياء أمور يطالبون بدرجات حافز فنى للرسم والنحت    بالأسماء.. إعلان انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء في القليوبية    رسوم إضافية 100%.. ترامب يرد على تقييد الصين تصدير المعادن النادرة    عمرو أديب: شيء ضخم جدا هيحصل عندنا.. قيادات ورؤساء مش بس ترامب    «الوزراء» يوافق على إنشاء جامعتين ب«العاصمة الإدارية» ومجمع مدارس أزهرية بالقاهرة    منتخب مصر يخوض تدريبه باستاد القاهرة استعدادا لمواجهة غينيا بيساو    تصفيات كأس العالم 2026| مبابي يقود فرنسا للفوز بثلاثية على أذربيجان    استعداداً لمواجهة البحرين.. منتخب مصر الثاني يواصل تدريباته    أسعار التفاح البلدي والموز والفاكهة في الأسواق اليوم السبت 11 أكتوبر 2025    «جهزوا الشتوى».. بيان مهم بشأن تقلبات الطقس: درجة الحرارة 11 ليلا    محمد سامي ل مي عمر: «بعت ساعة عشان أكمل ثمن العربية» (صور)    مصطفى كامل يطلب الدعاء لوالدته بعد وعكة صحية ويحذر من صلاحية الأدوية    الموسيقار حسن دنيا يهاجم محمد رمضان وأغاني المهرجانات: «الفن فقد رسالته وتحول إلى ضجيج»    مع برودة الطقس.. هل فيتامين سي يحميك من البرد أم الأمر مجرد خرافة؟    برد ولا كورونا؟.. كيف تفرق بين الأمراض المتشابهة؟    وصفة من قلب لندن.. طريقة تحضير «الإنجلش كيك» الكلاسيكية في المنزل    فلسطين.. 155 شهيدًا خلال 24 ساعة رغم بدء سريان وقف إطلاق النار    بمشاركة جراديشار.. سلوفينيا تتعادل ضد كوسوفو سلبيا في تصفيات كأس العالم    15 أكتوبر.. محاكمة أوتاكا طليق هدير عبدالرازق بتهمة نشر فيديوهات خادشة    التصريح بدفن طالب دهسه قطار بالبدرشين    مقتل كهربائى بالمنصورة على يد شقيق طليقته بسبب خلافات    غادة عبد الرحيم تهنئ أسرة الشهيد محمد مبروك بزفاف كريمته    حروق من الدرجة الثانية ل "سيدة وطفلها " إثر انفجار أسطوانة غاز داخل منزلها ببلقاس في الدقهلية    العراق: سنوقع قريبا فى بغداد مسودة الإتفاق الإطارى مع تركيا لإدارة المياه    وزارة الشباب والرياضة| برنامج «المبادرات الشبابية» يرسخ تكافؤ الفرص بالمحافظات    13 ميدالية حصاد الناشئين ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالعاصمة الإدارية    من المسرح إلى اليوتيوب.. رحلة "دارك شوكليت" بين فصول السنة ومشاعر الصداقة    الهضبة عمرو دياب يحتفل بعيد ميلاده.. أيقونة لا تعرف الزمن    في يوم ما    د. أشرف صبحي يوقع مذكرة تفاهم بين «الأنوكا» و«الأوكسا» والاتحاد الإفريقي السياسي    وزارة الشباب والرياضة.. لقاءات حوارية حول «تعزيز الحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد»    متطوعون جدد في قطاع الشباب والرياضة    صحة الدقهلية: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية    ماكرون يعيد تعيين سيباستيان لوكورنو رئيسًا للوزراء بعد ثلاثة أيام من استقالته    انطلاق بطولة السفير الكوري للتايكوندو في استاد القاهرة    جنوب سيناء.. صيانة دورية تقطع الكهرباء عن رأس سدر اليوم    تفاصيل طعن مضيفة الطيران التونسية على حكم حبسها بتهمة قتل نجلتها    هالة صدقي تهنئ الإعلامية إيناس الدغيدي بعقد قرانها: "تستاهلي كل خير"    فوز أربعة مرشحين في انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء القليوبية وسط إشراف قضائي كامل    جلسة تصوير عائلية لنجل هانى رمزى وعروسه قبل الزفاف بصحبة الأسرة (صور)    سامح الصريطي: مصر استعادت مكانتها بدبلوماسيتها وحكمتها في تحقيق اتفاق شرم الشيخ    عماد كدواني: المنيا تستحوذ على أكثر من نصف المستهدفين بالتأمين الصحي الشامل في المرحلة الثانية    رفعت فياض يكتب: تزوير فاضح فى درجات القبول بجامعة بى سويف الأهلية قبول طلاب بالطب وطب الأسنان والآداب بالمخالفة حتى وصلوا للسنة الثالثة    أحمد عمر هاشم يستحضر مأساة غزة باحتفال الإسراء والمعراج الأخير    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة الأقصر    الحسابات الفلكية تكشف أول أيام شهر رمضان المبارك لعام 1447 هجريًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شجرة الأحلام
نشر في صباح الخير يوم 13 - 01 - 2015


كان محمود درويش يقول: أحن إلى خبز أمي.. وقهوة أمى.
وأنا.. مازلت - رغم عربات الزمن الثقيلة، التى مرت على أجسادنا وأرواحنا- أحن إلى خبز صباح الخير، حتى لو كان بلحم الحمير، الذى كنا نأكله أنا ورشاد كامل- بناء على نصيحته منه لله - دون أن ندري، حتى فوجئنا بالقبض على صاحب المطعم، وأظن- وبعض الظن ليس إثما- أننى ورشاد أكلنا حماراً ونصف الحمار، أو حمارين إلا ربعاً.
أحن إلى قهوة صباح الخير، حتى لو كانت قهوة محمد أبوحسين رحمه الله، والتى لها طعم تراب المقابر، وكان يحملها مختالا، كأنه يحمل قهوة ملكية، بينما يجلس عم حسين أشبه بآلهة الأساطير القديمة، يردد وهو يدخن سيجارته: «إذا أدبرت.. بال الحمار على الأسد».
مازلت بعد كل هذا العمر، أحن إلى تلك الغرف، التى كنت أظن أنها بلا أبواب ، فالاحلام لا تحتاج أجنحة لتطير، والبهجة تكره الأماكن المغلقة.. غرف تحب تلك الوجوه التى لا تتوقف عن اصطياد طائر الدهشة، ثم تطلقه فى فضاء يكتب أبجديته لايزال..
ومازال الفنان ناجى يجلس على حافة النافذة، يعزف على الناي، وعندما يدخل مصطفى محمود بالشورت، يتوقف قليلا، ويهتف بفرح: ازيك يا درش.
ثم يعاود عزفه دون أن يستقبل الجملة الخافتة المبتسمة هاتقع يا ناجى وعفريت هايطلّع عنينا.
مازلت أحن إلى غرفة لويس جريس، الذى منحنا قلبه وأيامه، وعلمنا الحياة، كنا نطلق عليه شيخ حارة مصر، لكثرة الحكايات والوقائع التى يعرفها، وكان آخر الليل.. يأخذنا فى سيارته، ليوصلنا إلى منازلنا.. أحن إلى غرفة رءوف توفيق، الذى أدخلنى هذا العالم الخرافي، وحواراته حول السينما والفن.
مازلت أحن إلى تلك الطرقة التى تأخذ شكل مربع ناقص ضلع، حيث تركض الضحكات كأفراس برية، وتنبت فيها شجرة الأحلام، التى تمتد من أول العمر، حتى آخر الحلم، تزهر فوق جدرانها أزهار لا تعرف المواسم والفصول، مازلت أشم رائحة العابرين، من أيام تراوغهم، إلى أيام يحلون ضفائرها.. مازلت.. أرى عصافير خضراء تغنى.
أسمع الآن ضحكة ناهد فريد المجلجلة، رائدة الحركة النسائية والرجالية، تلك الضحكة التى لا يقطعها، غير صراخها على عبدالعزيز حامل أختام الدنيا، وصوت إلهة الشر الصغيرة، رغم براءة ملامحها، ناهد الشافعى، وهى تشاكس الدكتورة نجلاء بدير، عندما تطل امرأة غريبة تكاد تتعثر من خطواتها، وخلفها طفل صغير لا يمتلك غير دهشته وخوفه وغلبه.. «الحقى العيانين بتوعك يا نجلاء».
مازلت أحن إلى خناقات سلوى الخطيب السياسية، وهى تنتفض وتشب فوق المكاتب، ولا عبدالناصر فى زمانه، ومناكفات كريمة كمال وماجدة الجندى من ناحية، ودرية الملطاوى من ناحية أخرى.
أحن إلى حوارات وترانيم الأبجدية، مع صبرى موسى وعبد الله الطوخى وعلاء الديب وزينب صادق، أحن حتى إلى قفشاتهم..
عندما تدخل الغرفة فتاة صغيرة جميلة، يضحك صبرى موسي، ويقول لها: سلمى على جدك عبدالله.. فيردها له عبدالله فى أقرب فرصة.
مازلت أحن إلى خبز صباح الخير.. وقهوة صباح الخير..
وأفتقد فوزى الهواري، وكبير آلهة الشر رءوف عياد، ورمسيس وصوته يأتى من أول شارع قصر العيني.. إزيكم يا كومبارس صباح الخير، ومحسن جابر الذى يرسم النكتة ويضحك عليها، وإبراهيم عبدالملاك.
والآن.. وأنا أعبر تلك الطرقة ليلا.. أرى تلك الغرف المغلقة المعتمة.. وبقايا شجرة الأحلام، أتساءل: أين ذهبت الضحكات والأحلام؟! هل هاجرت بعيدًا، أم أنها تنمو مرة أخرى خلف تلك العتمة؟ لا شيء غير غرفة جمال بخيت، وهو يجلس محملقًا فى كومة الماكيتات، التى تسقط ما بين الوهم والحقيقة، وأعتقد أنه سيطلع من هدومه قريبًا، فبين إله الشعر وصاحبة الجلالة، غرام ضائع، ومحكمة زنانيري، وقضايا ونفقة، فى الغرفة المجاورة، تجلس ليلى مستكينة، ربما تدعو على جمال بخيت الذى يعمل إلى هذا الوقت المتأخر، وربما فكرت فى يوم من الأيام أن تخرم له كاوتش العربية، حتى تستريح من طابور الذنب اليومي.
وعندما أقترب من تلك الغرفة- التى ربما تعيد رحلة الأحلام- أبتسم، عفاريت صباح الخير، أو ما تبقى منهم بعد أن خطفت الحداية البنت الجميلة لميس إلى السعودية، أرى الشعنونة يارا التى ينطبق عليها موال أدهم الشرقاوي.. عربى فرنساوى بكل لسان كلمهم، وأمانى زيان، التى تعاملنا- رغم صغر سنها- كأنها أمنا، التى تولع صوابعها العشرة شمعاً لتضيء ظلمة أيامنا، والاختراع العجيب المدهش البنت زئردة، أو ياسمين خلف، والفنانة الشابة هبة المعداوى، مازلت أسمع ضحكاتهن.. وصراخهن، مثلما كنا نفعل زمان، رغم اعتراض البعض.
آخر الليل.. أغلق غرفتي، التى كانت غرفة حجازى العظيم، ثم نهاد جاد وأمضى إلى غرفة أحد الساهرين، تلك الغرفة التى شهدت سهراتنا مع حسن فؤاد ولويس جريس وصلاح المنهراوي، ألقى تحية المساء على سيف ورامى وعبدالله ومحمود، ويهبط الأسانسير كأننى أغادر روحى، وصوت فؤاد حداد يتردد شجيًا:
بكيت.. مسحت دموعي
بامسح دموعى.. بكيت
لكن شجرة الأحلام، ستظل تورف دائمًا فى تلك الطرقة الغريبة.. حتى.. رغم العتمة. •


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.