وليد عبدالعزيز يكتب: المناطق الصناعية والمستقبل    أكبر جسر للمساعدات ومؤتمر دعم غير مسبوق.. القاهرة تُعمِّر غزة    مدفعية الاحتلال تقصف بلدة بني سهيلا وحي الشجاعية    حريق ضخم يلتهم مخزن أخشاب بجوار المعهد العالي للعلوم الإدارية في الشرقية    جمهور الموسيقى العربية 33 فى دنيا الحجار وأصوات نجوم الأوبرا تتوهج بالحب والطرب    انخفاض كبير في عيار 21 الآن بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الخميس بالصاغة    "مياه الفيوم" زيارات ميدانية لطلاب المدارس لمحطات تنقية مياه الشرب.. صور    رئيس الوزراء: رفع أسعار البنزين لا يبرر زيادة أسعار السلع    ختام فعاليات الدورة التثقيفية للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي بمكتبة مصر العامة بالمنصورة.. صور    رسميًا إعارات المعلمين 2025.. خطوات التقديم والمستندات المطلوبة من وزارة التعليم    رئيس الوزراء البريطاني: يسعدني انضمام أمريكا إلينا بفرض عقوبات كبيرة على شركتى النفط الروسيتين    سان دييجو أو اتحاد جدة أو الهلال.. من الأقرب لضم محمد صلاح حال رحيله عن ليفربول؟    ترامب يدعو مربي الماشية إلى خفض الأسعار ويؤكد استفادتهم من الرسوم الجمركية    مسئول كبير بالأمم المتحدة: سوء التغذية فى غزة ستمتد آثاره لأجيال قادمة    كوريا الشمالية تعلن نجاح اختبار منظومة أسلحة فرط صوتية جديدة لتعزيز قدراتها الدفاعية    كاد يشعلها، إعلامي إنجليزي شهير يحذف منشورا مثيرا عن محمد صلاح، ماذا قال؟    محمد صلاح يثير الجدل بعد حذف صورته بقميص ليفربول    ليفربول يفك عقدته بخماسية في شباك آينتراخت فرانكفورت بدوري الأبطال    على أبو جريشة: إدارات الإسماعيلى تعمل لمصالحها.. والنادى يدفع الثمن    العاصي يكشف رد فعل جنش بعد هدف الاتحاد فى الأهلى وسر تنبؤ ياس توروب بطرد كوكا.. فيديو    البابا تواضروس: مؤتمر مجلس الكنائس العالمي لا يستهدف وحدة الكنائس بل تعزيز المحبة بينها    شبورة كثيفة وتحذير شديد من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم.. وحقيقة تعرض مصر ل شتاء «قارس» 2025-2026    «التعليم» تكشف مواصفات امتحان اللغة العربية الشهري للمرحلة الابتدائية.. نظام تقييم متكامل    نفذها لوحده.. كاميرات المراقبة تكشف تفاصيل جديدة في "جريمة المنشار" بالإسماعيلية    نشوب حريق مخزن أخشاب بطريق بلبيس – أبوحماد بالشرقية    الرئيس السيسى: إنشاء ممر استثمارى أوروبى فى مصر كبوابة للأسواق الإفريقية والعربية    بعد تداول فيديو مفبرك.. حنان مطاوع تنتقد استخدام الذكاء الاصطناعي في تشويه الحقيقة    زوج رانيا يوسف: بناتها صحابي.. وكل حاجة فيها حلوة    ليلة طربية خالدة على مسرح النافورة.. علي الحجار يُبدع في مهرجان الموسيقى العربية    الفلسطيني كامل الباشا ل"البوابة نيوز": كلمة حب واحدة قادرة على إنهاء صراع الأجيال.. لو قلت كلمة ثانية بعد "فلسطين".. ستكون "مصر".. أستعد لتصوير فيلم فلسطيني جديد عن القدس وأهلها ومعاناتهم    الصحف المصرية.. حراك دولى لإلزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار فى غزة    إلهام شاهين: لبلبة عشرة عمرى والكاميرات تتلصص علينا ويتخيلوا حوارات غير حقيقية    خالد الجندي: الغنى والشهرة والوسامة ابتلاء من الله لاختبار الإنسان    حياة كريمة.. الكشف على 1088 مواطنا خلال قافلة طبية بقرية البعالوة فى الإسماعيلية    رفض الطعن المقدم ضد حامد الصويني المرشح لانتخابات مجلس النواب بالشرقية    رئيس هيئة النيابة الإدارية في زيارة لمحافظ الإسكندرية    طفل دمنهور يلحق بشقيقه.. مصرع طفلين سقطا من الطابق التاسع في البحيرة    10 رحلات عمرة مجانية لمعلمي الإسماعيلية    رئيس محكمة النقض يستقبل الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي    4474 وظيفة بالأزهر.. موعد امتحانات معلمي مساعد رياض الأطفال 2025 (رابط التقديم)    رياضة ½ الليل| خلل في الأهلي.. الزمالك يشكو الجماهير.. عودة ليفربول.. والملكي يهزم السيدة    اليوم.. «6 مباريات» في افتتاح الجولة العاشرة بدوري المحترفين    اليوم، الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن القائمة النهائية لمرشحي مجلس النواب    هيلث إنسايتس تساهم في تنفيذ مشروع ڤودافون بيزنس ومصر للطيران عبر حلول رقمية متكاملة للرعاية الصحية    سيصلك مال لم تكن تتوقعه.. برج الدلو اليوم 23 أكتوبر    أسعار التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025    بعد ارتفاع الأخضر بالبنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23-10-2025    قرمشة من برة وطراوة من جوة.. طريقة تحضير الفراخ الأوكراني المحشية زبدة    هترم عضمك.. وصفة شوربة الدجاج المشوي التي تقاوم نزلات البرد    مش هتنشف منك تاني.. أفضل طريقة لعمل كفتة الحاتي (چوسي ولونها جميل)    ألونسو: سعيد من أجل بيلينجهام.. وصليت ألا يتعرض ميليتاو للطرد    د.حماد عبدالله يكتب: " للخصام " فوائد !!    ضياء رشوان: الاتحاد الأوروبي يدرك دور مصر المهم في حفظ السلام بمنطقة القرن الإفريقي    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    داعية إسلامي: زيارة مقامات آل البيت عبادة تذكّر بالآخرة وتحتاج إلى أدب ووقار    بمشاركة 158 استشاريا.. بورسعيد تحتضن أكبر تجمع علمي لخبراء طب الأطفال وحديثي الولادة    هل القرآن الكريم شرع ضرب الزوجة؟.. خالد الجندي يجيب    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة الشهر الكريم وأحكام الرؤية الشرعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر عبقرية المكان والإنسان
نشر في صباح الخير يوم 08 - 07 - 2014

باقى زكى يوسف مواطن مصرى، فى عينيه لمعة برق خاطف أضاءت نفسها بنفسها من شموع مقام مار جرجس بحماس لاينتهى وإيمان بالإنسان المصرى وعبقريته، إيمان بالبسطاء الذين يوقدون شموعا ويتمنون ويتوسلون بالدعاء للقديسين، والبسطاء الذين يرسلون الرسائل للسيدة زينب وسيدنا الحسين ويهتفون «هتاف الصامتين»، يتمنون عبور هزائمهم الصغيرة أمام مال لايجئ أو دواء لايشفى.. وهم أنفسهم الذين بمقدورهم أن يحققوا المعجزات فى الحروب وفى الثورات وفى معارك البناء والتنمية.


باقى زكى يوسف مواطن مصرى.. فى قلبه دقات مرهفة لأجراس كنائس، وأذان مساجد، وذكريات لشهداء مصريين لاقوا ربهم ولسانهم رطب بذكر الوطن هم الآن عند ربهم أحياء يرزقون، يحقق المصريون انتصاراتهم ويثبتون أن مصر ليست فقط عبقرية المكان كما قال جمال حمدان ولكنها أيضا عبقرية الإنسان التى تجلت فى نصر العاشر من رمضان - السادس من أكتوبر عام 1973 أهم حدث فى تاريخ مصر فى النصف الثانى من القرن العشرين والذى لفت أنظار العالم إلى الجندى المصرى الذى حقق معجزته فى تحطيم خط بارليف، وأسطورة «أن الجيش الإسرائيلى لايقهر» كما كان قادتهم العسكريون يقولون.


.. اللواء أركان حرب رئيس فرع المركبات بالجيش الثالث الميدانى باقى زكى يوسف صاحب فكرة فتح الثغرات فى الساتر الترابى من خلال تدفق المياه باندفاعات أدت إلى انهيار الساتر المنيع فعبر الجنود فى زمن قياسى، وأحدث بفكرته نقلة فى الزمان والمكان.


باقى زكى يوسف مواطن مصرى يؤمن بأننا يمكن أن نغير العالم بالفكر، والابتكار وإعمال العقل فالأفكار تحقق المستحيل.


∎ نحن والعالم


قلت له: حدثنى عن الفكرة التى ولدت من قطرة الماء التى فتت الحجر، الماء الذى حول الساتر الترابى المنيع إلى رمال؟.


قال: «الأفكار هى التى تحرك البشر، وتغير الأجيال، نحن نستطيع أن نغير العالم بالفكر، وبما لنا من ميراث تاريخى، وقدرات موروثة ومكتسبة، الإنسان المصرى طاقة كامنة، وتتفجر هذه الطاقة عندما يجد نفسه فى تجربة أو لحظة أو خطة فائقة الصعوبة، وقد مررت بهذه اللحظة عندما كنا ندرس مشاكل العبور وعلى قائمتها مشكلة فتح الثغرات فى الساتر الترابى، وهو حائط ارتفاعه عشرون مترا، وميله من ناحية القناة ثمانون مترا، وفى أحد الاجتماعات خطرت لى فكرة استخدام المياه فى فتح الثغرات، واستخدام التجريف فى فتحها، كان الساتر كله رملة طبيعية فاقترحت وجود طلمبات ماصة كابسة توضع على زوارق خفيفة وتسحب المياه من القناة وتضخها باندفاع كبير من خلال مدافع مياه يتم توجيهها إلى الساتر الترابى فتقوم بتحريك الرمال وتنزل بثقلها فى القناة ومع استمرار تدفق المياه بهذا الاندفاع الكبير سيتم فتح الثغرات بعمق الساتر الترابى، تراءت لى الفكرة من خبرتى فى العمل كمهندس فى عمليات بناء السد العالى فقد عملت فى أسوان فى الفترة من عام 1964 إلى أوائل عام 1967، أزلنا وقتها عشرة ملايين مكعب من الجبال المحيطة بالسد لنبنى بها السد العالى نفسه، كنا نأخذ المياه من النيل ونضخها على جبال الرمال من النوع المناسب لجسم السد، المياه تقوم بإنزال الرمال فى حوض خليط حول الجبل، وتقوم الطلبمات بسحب الخليط من هذه الأحواض إلى جسم السد العالى.


قلت: ولدت الفكرة إذن فى مناخ يعتمد التفكير العلمى والإفادة من خبرات سابقة فنجحت.


قال باسما: «نعم.. ولدت فى لحظة شعرت فيها بقلق السؤال الذى تحول فى لحظات إلى حل، صور بصرية كانت تتوالى على ذاكرتى رأيتها أثناء بناء السد العالى اعتمدنا فيها على فكرة التجريف، كنا نعمل فى اليوم أربعا وعشرين ساعة إلا قليلا، كان الكل يعمل فى تواضع وصبر لدرجة أن أحد العاملين خاطب صدقى سليمان وزير السد العالى فقال له: معالى الوزير فرد عليه صدقى: «لست بمعالى الوزير أنا مقاول أعمل فى خدمة السد».


كانت هناك إعلانات ولافتات فى الشوارع تقول: «باقى من الزمن تسعة وعشرون يوما»، «باقى من الزمن سبعة وعشرون يوما على اكتمال بناء السد» كنا نعمل بكل طاقتنا، السد العالى كان معركة تنمية.


∎ معجزة المصرى


قلت: التف الجميع حول فكرة، حول مشروع قومى فتحقق بناء السد العالى
قال: وحتى فكرتى فى فتح الثغرات فى الساتر الترابى كانت فكرة تعهدها الجميع بالرعاية فكان هناك عندئذ من استمع إلىّ كمهندس شاب يفكر، كنت قد عرضت الفكرة على قائد الفرقة - رحمه الله - اللواء أركان حرب سعد زغلول عبدالكريم فاهتم بها وبعد اثنتى عشرة ساعة تم نقل فكرتى إلى أعلى مستوى فى القوات المسلحة، وذهبت مع قائد الفرقة إلى قائد الجيش والتقيت مع رئيس هيئة العمليات وأعطيته صورا خاصة بالتجريف فى السد العالى وبعدها تم عرض الفكرة على الرئيس عبدالناصر فأمر بتجربتها وتنفيذها فى حالة نجاحها، تم إجراء أكثر من ثلاثمائة تجربة على ساتر فى حلوان فى سبتمبر 1969 بطلمبة من السد العالى استغرقت ثلاث ساعات، ونصف، وفى يناير 1972 تمت التجربة على ساتر طبيعى مشابه للساتر الترابى شرق القناة فى جزيرة «البلاح» وفتحت الثغرة فى ثلاث ساعات ووقتها تقرر استخدمها التجريف كأسلوب فى فتح الثغرات، لقد نجحت الفكرة لأن الجميع تحمس لها وظلت الفكرة تتطور حتى تم تنفيذها فى حرب أكتوبر 1973 عندما اتخذ الرئيس السادات قرار العبور، لقد تجلت عظمة الإنسان المصرى فى حفظ سرية الفكرة والالتزام الجاد بتنفيذها وتمت تجربتها على مراحل زمنية مختلفة حتى تم تنفيذها، الفكرة حقنت دماء الكثيرين فأى حلول أخرى للعبور كان سيكون من نتيجتها خسائر كبيرة فى الأرواح، الأفكار تحقق المعجزات.


.. تأملت المواطن المصرى لواء أركان حرب باقى زكى يوسف، والذى عمل كرئيس فرع مركبات الفرقة 19، وعمل كمهندس فى عمليات بناء السد العالى «خضنا معارك كثيرة.


السد العالى معركة تنمية حرب أكتوبر: معركة تحرير الأرض.


تأملته.. فى وجهه سمرة حنان النيل، بين ضلعيه مقامات المحبة للوطن وللأرض فقد كان أول تقرير يرسله من جبهة القتال هو ظرف به خفنة من رمال سيناء، هذا الرجل العاشق لوطنه يقول للأجيال القادمة.


علمتنى الحرب أن «لا حياة مع اليأس، ولايأس مع الحياة».


وأجمل لحظة فى حياتى هى اللحظة التى رأيت فيها فكرتى رأى العين وهى تنفذ فينهار الساتر الترابى تحت ضغط واندفاع الماء من خراطيم المياه، كنت مع قوات الجيش الثالث الميدانى فقد كنت رئيسا لفرع مركبات الجيش، فى السادس من أكتوبر كنت على شط غرب القناة، وعبرت يوم 7 أكتوبر فى السابعة والنصف صباحا مع القوات إلى شرق القناة.. تاريخ لاينسى، كل لحظة مفعمة بالمعانى والتضحيات، الإنسان المصرى عاشق لبلاده بالفطرة «بالچينات الوراثية، دقات قلبه تقول: «لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا».. سألته عن أحب القصائد الشعرية أو الأغنيات التى عبرت عن نصر أكتوبر من وجهة نظره فوجدته محبا لكلمات الشاعر عبدالرحيم منصور والتى تغنت بها وردة:



«حلوة بلادى السمرة


بلادى الحرة بلادى


وأنا على الربابة بغنى


وأبارك كل خطوة تعدى ع الطريق الصعب


تحيا مصر..


وأنا على الربابة بغنى غنوة الحرية


قول معايا يا شعب


تحيا مصر


.. تحيا مصر عبقرية المكان


والإنسان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.