بايدن: نبذل كل ما في وسعنا لإنهاء الحرب على غزة    الحوثيون: تنفيذ 3 عمليات عسكرية ضد مدمرة أمريكية وسفينتين فى البحرين الأحمر والعربى    إريكسن أفضل لاعب في مباراة سلوفينيا ضد الدنمارك ب"يورو 2024"    تعادل منتخب الدنمارك مع نظيره السلوفيني بنتيجة 1 – 1 ضمن المجموعة الثالثة في يورو    بوفون: إسبانيا منتخب صلب.. وسيصل القمة بعد عامين    موعد مباراة البرتغال والتشيك في يورو 2024.. والقنوات الناقلة والمعلق    إقبال كبير لرحلات اليوم الواحد على شواطئ رأس البر    الحج السعودية: وصول ما يقارب 800 ألف حاج وحاجة إلى مشعر منى قبل الفجر    توفير 10 سيارات مياه ب 4 مناطق في الهرم بأول أيام عيد الأضحى (صور)    أول أيام عيد الأضحى المبارك.. سينمات وسط البلد كاملة العدد | فيديو    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج جورجيا بتجارة القاهرة    الرياضة: حملة بشبابها تشارك في احتفالات عيد الأضحى وزيارات للمحافظين للتهنئة    "Inside Out 2" يزيح "Bad Boys 4" من صدارة شباك التذاكر الأمريكي    ماذا يحدث في أيام التشريق ثاني أيام العيد وما هو التكبير المقيّد؟    وكيل «صحة كفر الشيخ» يتابع انتظام العمل بالمستشفيات في أول أيام عيد الأضحى    «أتوبيس الفرحة».. أمانة شبرا بمستقبل وطن توزع 3000 هدية بمناسبة عيد الأضحى| صور    سويسرا تعتزم إجراء محادثات مع روسيا بعد قمة السلام بشأن أوكرانيا    الغندور ينتقد صناع "أولاد رزق" بسبب "القاضية ممكن"    الدراما النسائية تسيطر على موسم الصيف    ريهام سعيد تبكي على الهواء (تعرف على السبب)    «العيدية بقت أونلاين».. 3 طرق لإرسالها بسهولة وأمان إلكترونيا في العيد    محد لطفي: "ولاد رزق 3" سينما جديدة.. وبتطمئن بالعمل مع طارق العريان| خاص    مرور مكثف على مكاتب الصحة ومراكز عقر الحيوان بالإسماعيلية    في أقل من 24 ساعة.. "مفيش كدة" لمحمد رمضان تتصدر التريند (فيديو)    وزير الداخلية الباكستاني يؤكد ضمان أمن المواطنين الصينيين في بلاده    فلسطينيون يحتفلون بعيد الأضحى في شمال سيناء    التصعيد مستمر بين إسرائيل وحزب الله    لتحسين جودتها.. طبيبة توضح نصائح لحفظ اللحوم بعد نحر الأضحية    قصور الثقافة بالإسكندرية تحتفل بعيد الأضحى مع أطفال بشاير الخير    موراي يمثل بريطانيا في أولمبياد باريس.. ورادوكانو ترفض    عيد الأضحى 2024.. اعرف آخر موعد للذبح والتضحية    وصية مؤثرة للحاجة ليلى قبل وفاتها على عرفات.. ماذا قالت في آخر اتصال مع ابنها؟    قرار عاجل في الأهلي يحسم صفقة زين الدين بلعيد.. «التوقيع بعد العيد»    وفاة ثانى سيدة من كفر الشيخ أثناء أداء مناسك الحج    يقام ثاني أيام العيد.. حفل أنغام بالكويت يرفع شعار "كامل العدد"    تقارير: اهتمام أهلاوي بمدافع الرجاء    هالة السعيد: 3,6 مليار جنيه لتنفيذ 361 مشروعًا تنمويًا بالغربية    «سقط من مركب صيد».. انتشال جثة مهندس غرق في النيل بكفر الزيات    ضبط 70 مخالفة تموينية متنوعة فى حملات على المخابز والأسواق بالدقهلية    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    روسيا: مقتل محتجزي الرهائن في أحد السجون بمقاطعة روستوف    القوات الروسية تحرر بلدة «زاجورنويه» في مقاطعة زابوروجيه    3 فئات ممنوعة من تناول الكبدة في عيد الأضحى.. تحذير خطير لمرضى القلب    رئيس دمياط الجديدة: 1500 رجل أعمال طلبوا الحصول على فرص استثمارية متنوعة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 16 يونيو 2024    عيد الأضحى 2024.. "شعيب" يتفقد شاطئ مطروح العام ويهنئ رواده    قائمة شاشات التليفزيون المحرومة من نتفليكس اعتبارا من 24 يوليو    النمر: ذبح 35 رأس ماشية خلال أيام عيد الأضحى بأشمون    ما أفضل وقت لذبح الأضحية؟.. معلومات مهمة من دار الإفتاء    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد بدر    بالصور.. محافظ الغربية يوزع هدايا على المواطنين احتفالا بعيد الأضحى    حاج مبتور القدمين من قطاع غزة يوجه الشكر للملك سلمان: لولا جهوده لما أتيت إلى مكة    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد ناصر الكبير    المالية: 17 مليار دولار إجمالي قيمة البضائع المفرج عنها منذ شهر أبريل الماضى وحتى الآن    محافظ كفرالشيخ يزور الأطفال في مركز الأورام الجديد    ما هي السنن التي يستحب فعلها قبل صلاة العيد؟.. الإفتاء تُجيب    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    ارتفاع نسبة الرطوبة في الجو.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللواء أركان حرب زكى يوسف..مدمر أسطورة خط بارليف
نشر في الوفد يوم 05 - 10 - 2013

قد لا يعرفه الكثيرون من أبناء هذا الجيل، بل المخضرمين ممن عاصروا حرب أكتوبر المجيدة ومازالوا على قيد الحياة، ذلك بالرغم من أنه أحد أهم أبطال أول حرب إلكترونية فى التاريخ، لقد وضعت عقليته الهندسية بصمتها على مجرى الحرب بأكملها، وفتحت أبواب النصر أمام الجنود فى العبور إلى حلم الكرامة والتحرير.
اللواء أركان حرب المهندس باقى زكى يوسف قوت صاحب فكرة استخدام خراطيم المياه لضخ مياه قناة السويس تجاه الساتر الترابى الإسرائيلى لفتح ثغرات بخط بارليف ليستطيع الجنود العبور إلى الضفة الشرقية من قناة السويس بأقل خسائر ممكنة و فى أسرع وقت، قال له قائده "أنت قدمت الطفاشة التى فتحت أبواب مصر"، و عندما عرض الفكرة كاملة على رؤسائه فى القوات المسلحة لم يناقشه أحد حتى ظن بنفسه قائلا "أنا خرفت ولا إيه؟!"، حولت فكرته التى تكمن صعوبتها فى مدى بساطتها حجم الخسائر من 20 ألف شهيد إلى 87 شهيدا فقط، نعم .. إنها العقلية المصرية الجبارة، والروح القتالية للمصريين.
حصل اللواء باقى زكى على نوط الجمهورية من الطبقة الأولى على أعمال قتال استثنائية فى حرب 1973 وخرج على المعاش فى عام 1984 برتبة لواء.
تتبلور فكرة هدم الساتر الترابى ببساطة فى استخدام قوة اندفاع مياه القناة من خلال "طرومبات" المياه التى تعمل على سحب المياه من القناة وضخها باتجاه الساتر الترابى فتنهار الجبال الرملية و تنزل بثقلها إلى قناة السويس الأمر الذى كان معتادا فى مرحلة التجريف الأولى للرمال الناتجة عن حفر السد العالى، أى أن استخدام قوة المياه فى هدم الساتر الترابى الإسرائيلى أسهل من عملية تجريف المرحلة الأولى من السد العالى! .
عندما عرض اللواء مهندس زكى باقى فكرته على قائده اللواء أركان حرب سعد عبد الكريم راقت له الفكرة وعرضها على الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والذى رحب بها وأمر بالبحث فى هذا الأمر، فطلب اللواء سعد عبد الكريم من المهندس زكى أن يحضر مسودة فكرته كامله، وحين أحضرها له أحرقها حتى يضمن عدم اطلاع أى فرد عليها، مما يبرز مدى حرص القوات المسلحة على الحفاظ على أسرارها وتحسبها لأدق التفاصيل، وبعد أن تمت تجربة الفكرة وثبت نجاحها الفعلى، وقعت عليها اللجنة الفنية لوزارة الدفاع، وتم تسجيل الفكرة.
كانت البداية فى انتداب اللواء مهندس باقى زكى من قبل القوات المسلحة للعمل بالسد العالى فى إبريل 1964، وبعد نكسة يونيو 1967 أصدرت القوات المسلحة قرارا بإنهاء عمل كل الضباط المنتدبين إلى الخارج فى كافة المؤسسات الحكومية، و عاد إلى عمله بالقوات المسلحة و كان آنذاك يحمل رتبة عميد وتم تعيينه كرئيس مركبات أحد التشكيلات المتواجدة على الضفة الغربية لقناة السويس، وحينها كان الساتر الترابى لايزال فى مراحل بنائه الأولى، يطالعه يعلو يوما تلو الآخر، إلى أن وصل ارتفاعه إلى ما يقرب من عشرين مترا، وعرضه يصل إلى اثنى عشر مترا من السويس لبورسعيد، و حينها سطعت الفكرة فى رأس زكى و لكن لم تكن متبلورة فى صورتها النهائية، فكان كل ما يجول بخاطره هو أنه إذا كان هذا الساتر الترابى يبنى فى أسوان لتم استغلال "خراطيم" مياه النيل لهدم الرمال!
إذ يتم التعامل مع جبال الرمال الناتجة من أعمال حفر السد العالى بنفس الطريقة، حيث تستخدم طلمبات المياه لإنزال الرمال إلى قاع النيل بقوة اندفاعها مع الفصل بين الرمال و المياه قدر الإمكان حتى تعاود المياه للسير فى مسارها الطبيعى فى نهر النيل و تترسب الرمال فى القاع، و نظرا لأن جبال الرمل كانت ثقيلة و كبيرة كان يتم اللجوء إلى استخدام طلمبات لتقوية المساعدة على تدفق المياه باستخدام مواسير 60 سم، وكانت نسبة الخلط بين المياه والرمل تتراوح بين 5 إلى 10% فقط، ولكن الأمر فى الساتر الترابى كان أهون بكثير، لأنه ليس هناك حاجة إلا ضخ المياه وإنزال الرمال بوزنها فى المياه دون محاولة الفصل بين المياه و الرمال، أى أن هدمه يساوى فقط العملية الأولى من تجريف مياه السد العالى بل أبسط!
وكان الساتر الترابى مكونا من كثبان رملية طبيعية وكثبان رميلة ناتجة عن عمليات الحفر بشرق قناة السويس، إلى جانب تزويده بالألغام والمفرقعات، مما جعل اختراقه أمرا بالغ الصعوبة، و لكن صدرت الأوامر فى مايو عام 1969 بعبور القناة، على إثر اجتماع لبعض قادة القوات المسلحة، و جاءت حلول عبور القناة حينها وفقا للآراء العسكرية العالمية التقليدية متمثلة فى استخدام الصواريخ و المدفعية و الطيران، و كان الوقت الذى سيستغرق لهدمه وفقا لهذه الآراء يتراوح ما بين 13 إلى 15 ساعة مما قد يؤدى لخسارة فادحة فى أرواح الجنود تصل إلى 20 ألف جندى على الأقل، الأمر الذى استفزعقلية اللواء زكى وجعله يطرح فكرته الجديدة والمختلفة، و بعد أن طرحها كاملة لم يجد من يناقشه حتى شكك فى قدراته و ظن بأنه "خرف"!.
ولكى يتم تسجيل الفكرة كان لابد من تجربتها لإثبات فاعليتها فأجريت حوالى 300 تجربة على هذه الفكرة للتأكد من صحة نتائجها و قدرتها على تحقيق الهدف المنشود، و كانت أولى هذه التجارب فى حلوان، واستخدم فيها طلمبات مياه ميكانيكية ثم طلبمات مياه توربينية فأعطت نتيجة فى خلال ساعتين و نصف فقط، و أجريت التجربة النهائية للتصديق على هذه الفكرة فى 7 يناير 1972 فى جزيرة البلاح داخل القناة، على ساتر ترابى طبيعى ناتج عن الحفر و التطهير، و تم فتح الثغرة فى خلال ثلاث ساعات إلا ربع، و على إثر هذه التجربة تقرر العمل بهذه الفكرة رسميا، لترسم مياه القناة خطة انهيار الساتر الترابى و تحطم أكبر خط مانع شهده تاريخ.
و على إثر هذه الفكرة العبقرية النابعة من عقلية هندسية فذه تم فتح أولى ثغرات الساتر الترابى يوم 6 أكتوبر فى تمام الساعة السادسة مساء أى بعد بدء الحرب التاريخية بأربع ساعات فقط، و تم فتح 60 ثغرة من الثغرات المقرر فتحها فى الساتر الترابى، أى ما يعادل 75% من الفتحات المقرر عملها، و عبر أول لواء مدرع كامل من داخل معبر القرش شمال الإسماعيلية إلى الضفة الشرقية للقناة فى تمام الساعة الثامنة و النصف مساء بواقع 87 شهيد فقط.
أبدعت العقلية الهندسية المصرية لتغتال الزهو الإسرائيلى بعملية لم يشهد التاريخ مثيلا لها، و إن توفى صاحب الفكرة فإن الفكرة لا تموت، أثبت اللواء مهندس زكى باقى أن الإبتكار ليس بالضرورة أن يكون نابعا من تعقيد الأشياء، و إنما تكمن صعوبة الأشياء فى مدى سهولتها، فهذا الساتر الترابى العملاق هزمته قوة ملاحظة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.