تراجع أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 10 مايو    ارتفاع معدل التضخم السنوي ل13.5% خلال أبريل الماضي.. والشهري يصعد بنسبة 1.3%    الولايات المتحدة تعرض على باكستان المساعدة في تسوية النزاع مع الهند    الاحتلال يواصل قصف مختلف مناطق قطاع غزة.. والمجاعة تفتك بالفلسطينيين    تعرف على مواجهات ربع نهائي أمم أفريقيا للشباب    مواعيد مباريات اليوم السبت 10 مايو 2025 والقنوات الناقلة    بالصور محافظ الغربية يتفقد أثار حرائق الكتان ويُعلن نجاح جهود اخمادها    موعد باريس سان جيرمان ضد مونبلييه في الدوري الفرنسي والقنوات الناقلة    منة وهنا وأسماء وتارا.. نجمات يسيطرن على شاشة السينما المصرية    ريشة «الفلافلي» حائرة بين الراهب وآدم وحواء    الداخلية تنقذ سيدة من الموت.. طليقها استعان بعائلته للتعدي على طليقته    علامات لو ظهرت على طفلك، مؤشر للإصابة بمقاومة الأنسولين    إطلاق 5 قوافل طبية ضمن مبادرة رئيس الجمهورية "حياة كريمة"    اليوم.. محاكمة 9 متهمين بخلية "ولاية داعش الدلتا"    الرئيس السيسي: أشكر بوتين على كرم الضيافة وأهنئ الشعب الروسي بعيد النصر    مشجع أهلاوي يمنح ثنائي البنك مكافأة خاصة بعد الفوز على بيراميدز    جداول امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة سوهاج لجميع المراحل الدراسية    تكريم مجدي يعقوب ورواد الطب بنقابة الأطباء اليوم    "جميعها حالات اختناق".. إصابة 11 جراء حريق قويسنا بالمنوفية (صور)    حبس لص المساكن بالخليفة    45 دقيقة تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. السبت 10 مايو 2025    مسيرات باكستانية تحلق في سماء نيودلهي وسط تصاعد التوترات    «المضارين من قانون الإيجار القديم» توضح مطالبها من القانون الجديد (تفاصيل)    اليوم.. بدء الموجة ال 26 لإزالة التعديات على أراضي الدولة    أسعار الخضروات والأسماك اليوم السبت 10 مايو بسوق العبور للجملة    بعد 8 ساعات.. السيطرة على حريق شونة الكتان بشبرا ملس    نشرة التوك شو| البترول تعلق على أزمة البنزين المغشوش.. وتفاصيل جديدة في أزمة بوسي شلبي    الشعب الجمهوري بالمنيا ينظم احتفالية كبرى لتكريم الأمهات المثاليات.. صور    مدير مدرسة السلام في واقعة الاعتداء: «الخناقة حصلت بين الناس اللي شغالين عندي وأولياء الأمور»    شعبة الأجهزة الكهربائية: المعلومات أحد التحديات التي تواجه صغار المصنعين    برلمانية: 100 ألف ريال غرامة الذهاب للحج بدون تأشيرة    زعيم كوريا الشمالية: مشاركتنا في الحرب الروسية الأوكرانية مبررة    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    الهند تستهدف 3 قواعد جوية باكستانية بصواريخ دقيقة    استشهاد قائد كتيبة جنين في نابلس واقتحامات تطال رام الله    «زي النهارده».. وفاة الأديب والمفكر مصطفى صادق الرافعي 10 مايو 1937    «ليه منكبرش النحاس».. تعليق مثير من سيد عبدالحفيظ على أنباء اتفاق الأهلي مع جوميز    «زي النهارده».. وفاة الفنانة هالة فؤاد 10 مايو 1993    ملك أحمد زاهر تشارك الجمهور صورًا مع عائلتها.. وتوجه رسالة لشقيقتها ليلى    «صحة القاهرة» تكثف الاستعدادات لاعتماد وحداتها الطبية من «GAHAR»    ستاندرد آند بورز تُبقي على التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    عباسى يقود "فتاة الآرل" على أنغام السيمفونى بالأوبرا    رايو فاليكانو يحقق فوزا ثمينا أمام لاس بالماس بالدوري الإسباني    الأعراض المبكرة للاكتئاب وكيف يمكن أن يتطور إلى حاد؟    النائب العام يلتقي أعضاء النيابة العامة وموظفيها بدائرة نيابة استئناف المنصورة    متابعة للأداء وتوجيهات تطويرية جديدة.. النائب العام يلتقي أعضاء وموظفي نيابة استئناف المنصورة    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر (فيديو)    «بُص في ورقتك».. سيد عبدالحفيظ يعلق على هزيمة بيراميدز بالدوري    عمرو أديب بعد هزيمة بيراميدز: البنك الأهلي أحسن بنك في مصر.. والزمالك ظالم وليس مظلومًا    البترول: تلقينا 681 شكوى ليست جميعها مرتبطة بالبنزين.. وسنعلن النتائج بشفافية    بسبب عقب سيجارة.. نفوق 110 رأس أغنام في حريق حظيرة ومزرعة بالمنيا    «لماذا الجبن مع البطيخ؟».. «العلم» يكشف سر هذا الثنائي المدهش لعشاقه    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    ضبط تشكيل عصابي انتحلوا صفة لسرقة المواطنين بعين شمس    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللواء أركان حرب زكى يوسف..مدمر أسطورة خط بارليف
نشر في الوفد يوم 05 - 10 - 2013

قد لا يعرفه الكثيرون من أبناء هذا الجيل، بل المخضرمين ممن عاصروا حرب أكتوبر المجيدة ومازالوا على قيد الحياة، ذلك بالرغم من أنه أحد أهم أبطال أول حرب إلكترونية فى التاريخ، لقد وضعت عقليته الهندسية بصمتها على مجرى الحرب بأكملها، وفتحت أبواب النصر أمام الجنود فى العبور إلى حلم الكرامة والتحرير.
اللواء أركان حرب المهندس باقى زكى يوسف قوت صاحب فكرة استخدام خراطيم المياه لضخ مياه قناة السويس تجاه الساتر الترابى الإسرائيلى لفتح ثغرات بخط بارليف ليستطيع الجنود العبور إلى الضفة الشرقية من قناة السويس بأقل خسائر ممكنة و فى أسرع وقت، قال له قائده "أنت قدمت الطفاشة التى فتحت أبواب مصر"، و عندما عرض الفكرة كاملة على رؤسائه فى القوات المسلحة لم يناقشه أحد حتى ظن بنفسه قائلا "أنا خرفت ولا إيه؟!"، حولت فكرته التى تكمن صعوبتها فى مدى بساطتها حجم الخسائر من 20 ألف شهيد إلى 87 شهيدا فقط، نعم .. إنها العقلية المصرية الجبارة، والروح القتالية للمصريين.
حصل اللواء باقى زكى على نوط الجمهورية من الطبقة الأولى على أعمال قتال استثنائية فى حرب 1973 وخرج على المعاش فى عام 1984 برتبة لواء.
تتبلور فكرة هدم الساتر الترابى ببساطة فى استخدام قوة اندفاع مياه القناة من خلال "طرومبات" المياه التى تعمل على سحب المياه من القناة وضخها باتجاه الساتر الترابى فتنهار الجبال الرملية و تنزل بثقلها إلى قناة السويس الأمر الذى كان معتادا فى مرحلة التجريف الأولى للرمال الناتجة عن حفر السد العالى، أى أن استخدام قوة المياه فى هدم الساتر الترابى الإسرائيلى أسهل من عملية تجريف المرحلة الأولى من السد العالى! .
عندما عرض اللواء مهندس زكى باقى فكرته على قائده اللواء أركان حرب سعد عبد الكريم راقت له الفكرة وعرضها على الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والذى رحب بها وأمر بالبحث فى هذا الأمر، فطلب اللواء سعد عبد الكريم من المهندس زكى أن يحضر مسودة فكرته كامله، وحين أحضرها له أحرقها حتى يضمن عدم اطلاع أى فرد عليها، مما يبرز مدى حرص القوات المسلحة على الحفاظ على أسرارها وتحسبها لأدق التفاصيل، وبعد أن تمت تجربة الفكرة وثبت نجاحها الفعلى، وقعت عليها اللجنة الفنية لوزارة الدفاع، وتم تسجيل الفكرة.
كانت البداية فى انتداب اللواء مهندس باقى زكى من قبل القوات المسلحة للعمل بالسد العالى فى إبريل 1964، وبعد نكسة يونيو 1967 أصدرت القوات المسلحة قرارا بإنهاء عمل كل الضباط المنتدبين إلى الخارج فى كافة المؤسسات الحكومية، و عاد إلى عمله بالقوات المسلحة و كان آنذاك يحمل رتبة عميد وتم تعيينه كرئيس مركبات أحد التشكيلات المتواجدة على الضفة الغربية لقناة السويس، وحينها كان الساتر الترابى لايزال فى مراحل بنائه الأولى، يطالعه يعلو يوما تلو الآخر، إلى أن وصل ارتفاعه إلى ما يقرب من عشرين مترا، وعرضه يصل إلى اثنى عشر مترا من السويس لبورسعيد، و حينها سطعت الفكرة فى رأس زكى و لكن لم تكن متبلورة فى صورتها النهائية، فكان كل ما يجول بخاطره هو أنه إذا كان هذا الساتر الترابى يبنى فى أسوان لتم استغلال "خراطيم" مياه النيل لهدم الرمال!
إذ يتم التعامل مع جبال الرمال الناتجة من أعمال حفر السد العالى بنفس الطريقة، حيث تستخدم طلمبات المياه لإنزال الرمال إلى قاع النيل بقوة اندفاعها مع الفصل بين الرمال و المياه قدر الإمكان حتى تعاود المياه للسير فى مسارها الطبيعى فى نهر النيل و تترسب الرمال فى القاع، و نظرا لأن جبال الرمل كانت ثقيلة و كبيرة كان يتم اللجوء إلى استخدام طلمبات لتقوية المساعدة على تدفق المياه باستخدام مواسير 60 سم، وكانت نسبة الخلط بين المياه والرمل تتراوح بين 5 إلى 10% فقط، ولكن الأمر فى الساتر الترابى كان أهون بكثير، لأنه ليس هناك حاجة إلا ضخ المياه وإنزال الرمال بوزنها فى المياه دون محاولة الفصل بين المياه و الرمال، أى أن هدمه يساوى فقط العملية الأولى من تجريف مياه السد العالى بل أبسط!
وكان الساتر الترابى مكونا من كثبان رملية طبيعية وكثبان رميلة ناتجة عن عمليات الحفر بشرق قناة السويس، إلى جانب تزويده بالألغام والمفرقعات، مما جعل اختراقه أمرا بالغ الصعوبة، و لكن صدرت الأوامر فى مايو عام 1969 بعبور القناة، على إثر اجتماع لبعض قادة القوات المسلحة، و جاءت حلول عبور القناة حينها وفقا للآراء العسكرية العالمية التقليدية متمثلة فى استخدام الصواريخ و المدفعية و الطيران، و كان الوقت الذى سيستغرق لهدمه وفقا لهذه الآراء يتراوح ما بين 13 إلى 15 ساعة مما قد يؤدى لخسارة فادحة فى أرواح الجنود تصل إلى 20 ألف جندى على الأقل، الأمر الذى استفزعقلية اللواء زكى وجعله يطرح فكرته الجديدة والمختلفة، و بعد أن طرحها كاملة لم يجد من يناقشه حتى شكك فى قدراته و ظن بأنه "خرف"!.
ولكى يتم تسجيل الفكرة كان لابد من تجربتها لإثبات فاعليتها فأجريت حوالى 300 تجربة على هذه الفكرة للتأكد من صحة نتائجها و قدرتها على تحقيق الهدف المنشود، و كانت أولى هذه التجارب فى حلوان، واستخدم فيها طلمبات مياه ميكانيكية ثم طلبمات مياه توربينية فأعطت نتيجة فى خلال ساعتين و نصف فقط، و أجريت التجربة النهائية للتصديق على هذه الفكرة فى 7 يناير 1972 فى جزيرة البلاح داخل القناة، على ساتر ترابى طبيعى ناتج عن الحفر و التطهير، و تم فتح الثغرة فى خلال ثلاث ساعات إلا ربع، و على إثر هذه التجربة تقرر العمل بهذه الفكرة رسميا، لترسم مياه القناة خطة انهيار الساتر الترابى و تحطم أكبر خط مانع شهده تاريخ.
و على إثر هذه الفكرة العبقرية النابعة من عقلية هندسية فذه تم فتح أولى ثغرات الساتر الترابى يوم 6 أكتوبر فى تمام الساعة السادسة مساء أى بعد بدء الحرب التاريخية بأربع ساعات فقط، و تم فتح 60 ثغرة من الثغرات المقرر فتحها فى الساتر الترابى، أى ما يعادل 75% من الفتحات المقرر عملها، و عبر أول لواء مدرع كامل من داخل معبر القرش شمال الإسماعيلية إلى الضفة الشرقية للقناة فى تمام الساعة الثامنة و النصف مساء بواقع 87 شهيد فقط.
أبدعت العقلية الهندسية المصرية لتغتال الزهو الإسرائيلى بعملية لم يشهد التاريخ مثيلا لها، و إن توفى صاحب الفكرة فإن الفكرة لا تموت، أثبت اللواء مهندس زكى باقى أن الإبتكار ليس بالضرورة أن يكون نابعا من تعقيد الأشياء، و إنما تكمن صعوبة الأشياء فى مدى سهولتها، فهذا الساتر الترابى العملاق هزمته قوة ملاحظة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.