تحتفل كثير من الدول فى الحادى والعشرين من شهر يونيو كل عام بعيد الموسيقى العالمى، من خلال احتفالية كبرى تعمل على نشر الموسيقى بأنواعها المختلفة للعامة فى الميادين الكبرى والشوارع الرئيسية، حيث تصبح الموسيقى هى محور اهتمام جموع الشعب فى هذه الدول.. ولم يقتصر تقديم الموسيقى على المحترفين والمتخصصين، بل يقوم الهواة بتقديم فنونهم حيث تتحول هذه الأماكن إلى ساحات موسيقية متوغلة فى وجدان كل محبى الموسيقى، ويصبح هذا العيد أهم حدث موسيقى يشارك فيه الملايين فى أربعمائة وستين مدينة تخضع لتبعية ما يزيد على مائة وعشرين دولة.
رغم أن هذا المهرجان هو اختراع فرنسى إلا أنهم نجحوا فى تصديره لخارج بلادهم وشهد نجاحاً مدوياً عبر خمس قارات بدولها المختلفة.. وترجع فكرة إنشاء هذا العيد للموسيقى الأمريكى جويل كوهين عام 1976 والتى قامت فكرتها على تقديم الموسيقى طوال الليل للاحتفال ببداية انقلاب المدار الصيفى، ولكن لم يتم تنفيذ الفكرة فى هذا الوقت، وفيما بعد اهتم الموسيقى ومخرج الرقصات الفرنسى موريس فلوريه بالتعاون مع وزير الثقافة جاك لانج على احتضان الفكرة وأخذها بعين الاعتبار عام 1981 ، وبالفعل تم تفعيل هذه الاحتفالية لأول مرة فى ذات اليوم من العام التالى 1982 فى فرنسا، وكان الغرض من إقامتها تشجيع وتنشيط مهارات الموسيقيين الهواة بجانب المحترفين لتقديم فنونهم فى الشوارع والميادين حتى تتاح للعامة بالمجان، حيث تضفى مجانية المشاركة والمشاهدة مذاقاً خاصاً على هذه الاحتفالية التى يستمتع بها الجميع دون تفرقة بين غنى وفقير، كما كان الشعار لهذا العيد هو make music «اصنع موسيقى»، وذلك لتعزيز الهدف أو الغرض من هذا المهرجان.. وشارك فى هذا اليوم العديد من الدول التى اهتمت بتفعيل هذه الفكرة منها ألمانيا وإيطاليا وأستراليا واليابان والكاميرون وأستراليا، كما نذكر أن بعض الدول العربية بادرت بالانضمام والمشاركة فى هذا الاحتفال منذ قرابة عقدين من الزمان منها مصر وسوريا ولبنان والمغرب وغيرها.
والموسيقى التى تقدم خلال هذا اليوم لم تقتصر على نوع معين بعينه، بل جميع أنواع الموسيقى مثل الكلاسيك والروك والتانجو والفلامنكو والراب والروك والجاز والبلوز والموسيقى الإلكترونية والأوبرا وغيرها لإرضاء جميع الأذواق.. والكل يشارك فى هذا العيد إما بالعزف أو الغناء لأن الموسيقى هى فن سهل المنال محبب لدى الجماهير العريضة، فضلاً عن أنه لغة عالمية يمكن تقبلها وتذوقها بالإحساس الغريزى والفطرة البشرية لدى الإنسان، ومن خلال هذا العيد العالمى يمكن دعم جميع المؤسسات الثقافية العالمية بأنواع الموسيقى المتباينة عن طريق التبادل الثقافى والفنى بين الفرق حتى تنتشر المواهب الفنية الشابة التى تتسم بالجدية والتميز عبر هذه الاحتفالية والتى تعتبر عيدا دوليا تسوده أجواء فنية وثقافية بمشاعر ود ومحبة بين كل المشاركين، وبالإضافة إلى ذلك يعتبر البعض عيد الموسيقى عيدا قوميا لابد من تقديم الفنون التى تعبر عن الحالة القومية لكل دولة مشاركة خلاله، فمثلاً نحن فى مصر ينبغى أن نقدم الموسيقى الشعبية والراقصة والسمسمية المعبرة عن مدن القنال والموسيقى البدوية والصعيدية حتى تتناسب مع الأهواء المتباينة للحضور وأيضاً لكى نعمل على إثراء وتدعيم هذه الفنون ونشرها وتوعية الأطفال والأجيال الصاعدة بهذا التراث المعبر عن الهوية المصرية التى تميزنا عن باقى البلدان حتى المجاورة، مع الأخذ فى الاعتبار استمرار هذه الأنواع للحفاظ على هذا الفولكلور من الضياع.
وعلى الهيئات الثقافية المعنية تقديم فنونها من خلال احتفالية كبرى فى جميع ميادين المحافظات ويسلط عليها الضوء إعلامياً وتنقل عبر شاشات الفضائيات للعالم لنقل هذا الموروث الحضارى المشرف محتفين بهذا العيد العالمى.