بالأسماء.. إعلان انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء في القليوبية    إدراج 36 جامعة مصرية فى تصنيف التايمز 2026    وزير العمل: 25 شركة مصرية تعمل بأوغندا و140 مليون دولار حجم التجارة    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 11 أكتوبر 2025    أسعار التفاح البلدي والموز والفاكهة في الأسواق اليوم السبت 11 أكتوبر 2025    قفزة كبيرة للأخضر عالميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 11- 10-2025    ترامب: سأتحدث في الكنيست وأزور مصر.. ويوم الإثنين سيكون عظيما    رسوم إضافية 100%.. ترامب يرد على تقييد الصين تصدير المعادن النادرة    قيادي ب فتح: السيسي أوقف أخطر مشروع تهجيري في تاريخ غزة    منتخب مصر يخوض تدريبه باستاد القاهرة استعدادا لمواجهة غينيا بيساو    «خطوة جديدة».. عماد النحاس يعلن توليه تدريب الزوراء العراقي    تصفيات كأس العالم 2026| مبابي يقود فرنسا للفوز بثلاثية على أذربيجان    «Sora».. تقنية ذكاء اصطناعى تلغى «مصداقية» الفيديو    محافظ الجيزة يوجه بترقيم «التوك توك» لضبط المنظومة    محمد سامي ل مي عمر: «بعت ساعة عشان أكمل ثمن العربية» (صور)    مصطفى كامل يطلب الدعاء لوالدته بعد وعكة صحية ويحذر من صلاحية الأدوية    حسن دنيا يهاجم محمد رمضان: الفن ليس «تريند».. بل رسالة ومسؤولية    مع برودة الطقس.. هل فيتامين سي يحميك من البرد أم الأمر مجرد خرافة؟    برد ولا كورونا؟.. كيف تفرق بين الأمراض المتشابهة؟    وصفة من قلب لندن.. طريقة تحضير «الإنجلش كيك» الكلاسيكية في المنزل    فلسطين.. 155 شهيدًا خلال 24 ساعة رغم بدء سريان وقف إطلاق النار    بمشاركة جراديشار.. سلوفينيا تتعادل ضد كوسوفو سلبيا في تصفيات كأس العالم    متطوعون جدد في قطاع الشباب والرياضة    انتداب المعمل الجنائي لفحص حريق شقة سكنية بالخانكة    15 أكتوبر.. محاكمة أوتاكا طليق هدير عبدالرازق بتهمة نشر فيديوهات خادشة    مقتل كهربائى بالمنصورة على يد شقيق طليقته بسبب خلافات    غادة عبد الرحيم تهنئ أسرة الشهيد محمد مبروك بزفاف كريمته    حروق من الدرجة الثانية ل "سيدة وطفلها " إثر انفجار أسطوانة غاز داخل منزلها ببلقاس في الدقهلية    وزارة الشباب والرياضة| برنامج «المبادرات الشبابية» يرسخ تكافؤ الفرص بالمحافظات    العراق: سنوقع قريبا فى بغداد مسودة الإتفاق الإطارى مع تركيا لإدارة المياه    13 ميدالية حصاد الناشئين ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالعاصمة الإدارية    من المسرح إلى اليوتيوب.. رحلة "دارك شوكليت" بين فصول السنة ومشاعر الصداقة    الهضبة عمرو دياب يحتفل بعيد ميلاده.. أيقونة لا تعرف الزمن    في يوم ما    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة البحرين وديًا    د. أشرف صبحي يوقع مذكرة تفاهم بين «الأنوكا» و«الأوكسا» والاتحاد الإفريقي السياسي    وزارة الشباب والرياضة.. لقاءات حوارية حول «تعزيز الحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد»    صحة الدقهلية: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية    ترامب: سنفرض رسومًا 100% على الصين إلى جانب القائمة حاليًا    ماكرون يعيد تعيين سيباستيان لوكورنو رئيسًا للوزراء بعد ثلاثة أيام من استقالته    انطلاق بطولة السفير الكوري للتايكوندو في استاد القاهرة    هالة صدقي تهنئ الإعلامية إيناس الدغيدي بعقد قرانها: "تستاهلي كل خير"    اسعار الفاكهة فى أسيوط اليوم السبت 11102025    تليجراف عن مصدر: فلسطينيون من غزة والشتات سيتولون إدارة الخدمات العامة بغزة    جنوب سيناء.. صيانة دورية تقطع الكهرباء عن رأس سدر اليوم    تفاصيل طعن مضيفة الطيران التونسية على حكم حبسها بتهمة قتل نجلتها    وزير المالية بالجامعة الأمريكية: إتمام المراجعتين الخامسة والسادسة مع صندوق النقد الدولي قريبًا    رابطة تجار السيارات تكشف أسباب تراجع سوق المستعمل ومفاجأة بشأن الفترة المقبلة    فوز أربعة مرشحين في انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء القليوبية وسط إشراف قضائي كامل    جلسة تصوير عائلية لنجل هانى رمزى وعروسه قبل الزفاف بصحبة الأسرة (صور)    شرب سوهاج تصدر فيلما قصيرا لتعريف ذوى الاحتياجات الخاصة بقضايا المياه    عماد كدواني: المنيا تستحوذ على أكثر من نصف المستهدفين بالتأمين الصحي الشامل في المرحلة الثانية    رفعت فياض يكتب: تزوير فاضح فى درجات القبول بجامعة بى سويف الأهلية قبول طلاب بالطب وطب الأسنان والآداب بالمخالفة حتى وصلوا للسنة الثالثة    أحمد عمر هاشم يستحضر مأساة غزة باحتفال الإسراء والمعراج الأخير    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة الأقصر    الحسابات الفلكية تكشف أول أيام شهر رمضان المبارك لعام 1447 هجريًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حالة مؤقتة أم هوة سقط فيها المجتمع

ماذا حدث للشعب الذى لم يكن تخرج العيبة من فمه أين هو؟ بحثت عنه على أسوار الجامعات والمدارس المؤسسات الحكومية فى الشوارع والحوارى والأزقة وفى الأحياء الراقية فى الريف والمحافظات وفى المدن الساحلية والصعيدية فلم أجد سوى ألفاظ وبذاءات تجرح مسامعى كلما اصطحبت ابن شقيقتى الصغير ذا الثمانية أعوام إما نسمعها سويا أو يقرأها فيسألنى أو يتهجى ما يكتب على الحوائط، فأموت خجلا وأتمنى أن يتلعثم فلا يكملها أو اضطر لركوب تاكسى فيبادرنى السائق بعدة ألفاظ وهو يتحدث فى الموبايل أو مع سائق آخر فى تكدس مرورى فينزل أحد الشباب من سياراته الفارهة كى يفك التشابك ويتسلى بالبذاءات والكلام الجنسى أو عندما تستقدم عاملا لبيتك فيتحدث دون خجل فتجد نفسك مضطرا لنهره وتنبيهه عشرات المرات أو تستخدم الانترنت مساء بعد عناء يوم طويل طامحا فى أن تجد معلومة أو نكتة فتجد أن أصدقاءك أيضا يثرثرون بهذه السخافات دون خجل أو تردد..

مما يطرح السؤال: هل أصبح الشعب المصرى منحطا أخلاقيا؟ هل نكتفى فقط بارتداء الزى الإسلامى و(حشر) كلمة الله بين كل جملة وأخرى، نكتفى فقط بالأفعال بالسلوك القويم من على القشرة فقط.

وفى حوار المشير عبدالفتاح السيسى مرشح رئيس الجمهورية سئل عن البذاءات المكتوبة على الجدران وهو من الشخصيات التى تسب بطريقة علنية على جدران الشوارع فأكد أن ما تمر به مصر حالة وأن الكتابة على الجدران والبذاءات ما هى إلا حالة مؤقتة وعلى الرئيس القادم ومؤسسات الدولة تقويم وضبط الأخلاقيات وأن الاعتراض لا يعنى التطاول ولا التجاوز، مؤكدا أنه يهتم اهتماما كبيرا بعودة الأخلاقيات التى تربينا عليها جميعا وأنه وهو وزير للدفاع لم يفعل شيئا إزاء ما يكتب على الجدران وأن وسيلته ستكون الصمت حتى يتم التغيير وأنه لابد أن تكون علاقة الرئيس بالشعب علاقة ثقة واحترام لأن غياب الثقة يعنى وجود مشكلة حقيقية فى التواصل.

وبالعودة للكتابة على الجدران نجد أنها كانت عملا فرعونيا قديما، فقد ملأ أجدادنا القدامى المعابد بالرسم والنقوش والحكايات تسجل عظمة وتاريخ الحضارة القديمة.

والجدار قيمة عظيمة قد يتحول لتاريخ كما هو الحال فى المعابد المصرية القديمة وكما هو حادث فى سور برلين الذى كان جدارا طويلا يفصل شطرى برلين الشرقى والغربى والمناطق المحيطة فى ألمانيا الشرقية، كان الغرض منه تحجيم المرور بين ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية، بدأ بناؤه فى 13 أغسطس 1961، وجرى تحصينه على مدار السنين، ولكن تم فتحه فى 9 نوفمبر 1989 وهدم بعد ذلك بشكل شبه كامل، وتم بناء جدار رمزى مزين بعشرات الرسومات لأشهر الفنانين العالميين.

أيضا لدينا جداريات محمد محمود هى جداريات «جرافيتى» ظهرت عقب اندلاع أحداث محمد محمود «التى اندلعت فى الفترة من 19 إلى 24 نوفمبر 2011» فى أماكن متنوعة فى المنطقة التى شهدت تلك الاحتجاجات ومنها أسوار الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وجدران بعض العمارات وأسوار المدارس الملاصقة لها، كما ظهرت جداريات على الحاجز الخرسانى الذى وضعته السلطات الأمنية المصرية فى شارع محمد محمود لمنع تقدم الثوار إلى وزارة الداخلية.

تضمنت تلك الجداريات العديد من شعارات الثورة المصرية وأهم رموزها سواء كانوا من أبطالها مثل سامبو ومينا دانيال وأحمد حرارة والشيخ عماد عفت، أو ممن اعتبرهم الفنان من أعدائها مثل المشير طنطاوى والملازم محمود الشناوى الشهير بقناص العيون، وقد أضيفت لاحقا إلى صور شهداء الثورة ومصابيها وضحاياها فى أحداثها المتوالية، صور لوجوه جديدة من شباب ألتراس النادى الأهلى الذين شكلوا معظم ضحايا أحداث استاد بورسعيد، كما ضمت الجدران شعارات تطالب بتسليم السلطة للمدنيين وإسقاط حكم العسكر.

صورت بعض الجداريات المصادمات مع الأقباط أمام مبنى التليفزيون فى ماسبيرو فى أكتوبر 1102، ومصادمات شارع محمد محمود فى نوفمبر 2011، والمواجهات التى دارت بالقرب من مجلس الوزراء فى ديسمبر 2011.

من تلك الجداريات أيضا جدارية سجلها فنانو الجرافيتى على سور الجامعة الأمريكية، وتمثل صعود الشهداء إلى الجنة مستلهمين فيها أساليب الرسم المصرى القديم والأوضاع التى تتخدها الشخوص فى اللوحات المسجلة على جدران المعابد الجنائزية.

وشتان بين ما رسم على جدار برلين وعلى معابدنا القديمة وعلى جداريات مصر بعد ثورة 25 يناير وبين ما هو حادث حاليا، فإما أن يتحول لكتاب تاريخى أو مزبلة من السخافات والشتائم وقلة الأدب، كما هو الحال حاليا فى مصر، فلا يوجد جدار أو كوبرى أو واجهة محل أو مؤسسة حكومية أو جامعة أو مدرسة بدون كلام بذىء، فمنذ سنوات كان الكلام بذىء دون طابع سياسى، أما الآن فقد أصبحت الكلمات البذيئة تصطبغ صبغة سياسية رخيصة.

وقد لفت نظرى حملة الهاشتاج التى دشنها الإخوان والمفروض أن ألسنتهم لا تعرف إلا ذكر الله انتخبو «....» كلمة بذيئا رخيصة لا معنى لها وكان الرد بكلمة مثلها انتخبوا اللى شال «.....» مستوى ردىء من الهجوم والدفاع يدل على تفاهة وانحطاط المجتمع فى الرؤى والمبادئ والاختلاف والاتفاق.

وأنا أتحدث عن الجداريات وبذاءتها لا يمكن فصلها بأى شكل عن حال المجتمع وحال مواقع التواصل الاجتماعى فيس بوك وتويتر.


ولا يخفى على أحد المستوى الردىء الذى وصل له، حتى إن هذا الإسفاف لا يقتصر على طبقة معينة ولا على جنس معين بل يتساوى الأولاد والبناد من كل الأعمار، فبوست بسيط على الإنترنت قد يثير شتائم وهجوما غير مبرر وحماقات وسخافات وردود فعل منفلتة لأقصى حد يمكن تخيله دون حياء أو تردد، حتى إن الألفاظ التى كنا نصنفها على أنها ألفاظ خارجة أصبحت تقال بطريقة عادية على الملأ.

الدكتورة هدى زكريا أستاذ علم الاجتماع السياسى أكدت أن الشتائم هى علامة على الانفلات اللفظى وليس الانفلات الأخلاقى، مشيرة إلى أن فقدان القدرة على التغيير اللفظى ليس له علاقة بالثورة ولكن له علاقة ب 43 عاما مضت بدأت بمعاناة الطبقة المتوسطة بقوانين الانفتاح والتى جعلت الثروة فى أيدى ناس محدودة فحصلوا على الأموال بطرق مختلفة كالتهريب وتجارة المخدرات، فبدأ الانحطاط الأخلاقى فى الظهور وبدأت أنواع الجرائم الجديدة تظهر فى المجتمع وواكبها سينما المقاولات بعد أن تخلت الطبقة الوسطى عن دورها فى الاهتمام بالفنون والثقافة.

وهنا قاطعت الدكتور هدى قائلة: تقصدين تلاشت، فأجبت: أرفض بشدة كلمة تلاشت، فالطبقة المتوسطة لم تتلاش ولكنها لم تعد تقوم بدورها المنوط به، فقديما كانت هى التى تردع من يكتب على الحائط كلمة بذيئة، وكانت تحدث نوعا من الاتزان داخل المجتمع، فهى حاملة النسق الأخلاقى وهى التى تمثل الغالبية فى المجتمعات السليمة الصحية، فأمريكا تعتبر نفسها هى مجتمع الطبقة المتوسطة، فأول ما تهتز الطبقة المتوسطة يهتز المجتمع وكانت من علاماته مقتل السادات والطبقة المتوسطة أصبحت مشغولة بعقود العمل والضغوط المالية أكثر من اهتمامها بدورها الأخلاقى.

والموجود بالشارع حاليا هو نتاج 43 عاما والثورات قامت من أجل عودة الطبقة الوسطى لدورها من جديد، وترى زكريا أن الخطاب الدينى يحرض على التحرش والعنف، فأبناء كثيرون بعد خطبة الشيخ فى المسجد ينتقدون آبائهم لأنهم لا يطلقون لحيتهم، فالخلل التربوى نتيجة للخطاب الدينى الذى استحقر المرأة، فجعل الرجل يتحرش بها من أجل عقابها على هيئتها ونحر الخطاب الدينى أمثالنا الشعبية ومواريثنا وتقاليدنا، غير أن المجتمع أصبح لا ينتبه لأدنى درجات الاحترام، فلم يعد أحد يقول شكرا الكل يقول ماشى، فالفقراء زمان كانوا يقولون ميرسى للتشبه بالأغنياء ولرقى الذوق.

وتشير الدكتورة هدى إلى بأنها كانت تناقش رسالة دكتوراه فى جامعة القاهرة، قائلة: كنت أريد أن أخلع حذائى وأنا داخلة الجامعة كنوع من القدسية، فهذا الصرح الكبير كان يضم قامات كبيرة كحكمت أبوزيد وسهير القلماوى وتفاجأت عندما وجدت جدران الجامعة مكتوب عليها ألفاظ نابية وبذاءات.

وترى زكريا أنه من الظلم أن نتهم الثورة بأحداث هذا الانفلات ولا الحرية لأن الشعب المصرى لم يكن مقهورا لهذه الدرجة التى تجعله يتخبط بهذا الإسفاف، فهو طيلة الوقت شعب جرىء لا يخشى أحدا ولا يمكن تجريم الحرية وإلا افتقدنا إنسانيتنا وأعطينا مبررا للذل والهوان.

والشعب المصرى «مؤدب ومتربى» ولكنه يعيش فى فترة دقيقة ويحاول لملمة نفسه وسوف ينجو والمتابع للتاريخ سيعى جيدا ما أقوله، فمصر مرت بفترات سيئة أيام المماليك والفاطميين ومرت أوقات أكل الناس فيها بعضهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.