خيم الحزن والأسى على محافظة الشرقية، لفقدها اثنين من أعز أبنائها وهما، العقيد سامح أحمد السعودى 48 عاما، مدير الرقابة الجنائية بمديرية أمن الدقهلية، والمجند محمد صلاح عزالدين. واللذان استشهدا فى الحادث الإرهابى الغاشم الذى شهدته مدينة المنصورة فجر يوم الثلاثاء الماضى، وراح ضحيته 16 شهيدا عسكريا ومدنيا وأصيب 134 آخرون..فقد اتشحت قرية الجواشنة مركز ديرب نجم وقرية الحوامدة مركز كفر صقر، بالسواد فور علمهما بالخبر المشئوم وتعالت صرخات النسوة حزنا على فراق الشهيدين الشابين ورددن الكلمات التى تدمى القلوب وتهز المشاعر المتحجرة. وقد توافد الآلاف من المواطنين من أبناء القريتين والقرى المجاورة، لتقديم واجب العزاء للأسرتين فى مصابهما الأليم، وللمشاركة فى توديع جثمانى الشهيدين لمثواهما الأخير بمقابر العائلة بكل قرية. وقد رفضت أسرتا الشهيدين مشاركة المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين فى تشييع الجنازة أو تقديم العزاء. عقب وداع جثمانى الشهيدين ورفاقهما فى جنازة عسكرية مهيبة بالمنصورة، استقبلهما الأهالى عند وصولهما للقريتين بترديد هتافات كان منها «لا إله الا الله الشهيد حبيب الله والإخوان أعداء الله»، «الشعب يريد إسقاط الإخوان»، «الشعب والجيش والشرطة إيد واحدة»، «يا سيسى خد قرار والشعب يريد إعدام الإخوان». كما رددوا الهتافات المنددة بالجماعات الإرهابية التى ليس لها دين ولا ملة ولا وطن.. أصيبت والدة العقيد الشهيد سامح، جمالات البسطاويسى 70 عاما، بانهيار عصبى فور علمها بالخبر المشئوم وفقدت الوعى غير مصدقة ما حدث لفلذة كبدها، وتعالت صرخاتها قتلوك ياسامح وذهبت لأبيك وأخيك وأختك، ثم انخرطت فى البكاء.
وقال محمود عمر ابن عمة الشهيد مدير عام الإدارة التموينية بديرب نجم والذى بدا متماسكا فى بادئ الأمر ثم انخرط فى البكاء قائلا: منهم لله القتلة لقد اغتالوا خيرة الضباط الذى كان يحفظ القرآن كاملا ويؤم الناس فى الصلاة.
والتقط أنفاسه وأضاف أن والد الشهيد متوفى وكان من أشهر قراء القرآن الكريم، والشهيد كان أصغر أشقائه، سمير الذى توفى منذ 7 سنوات وسامى مهندس بالإدارة الزراعية بديرب نجم وسناء توفيت منذ 4 أشهر وصفاء 49 عاما مدرسة ومتزوجة. وزوجة الشهيد حاصلة على ليسانس الآداب ولم تعمل للتفرغ لتربية أولادهما محمد 18 عاما طالب بالفرقة الأولى بكلية الهندسة بالمنصورة وندى 12 عاما بالصف الأول الإعدادى و سما 6 سنوات.
وأضاف أن الشهيد تخرج فى كلية الشرطة عام1987 وتدرج فى الوظائف حتى وصل لمنصب مدير الرقابة الجنائية بمديرية أمن الدقهلية، ثم انهمر فى البكاء وقال: لقد كان رجلا طيبا ومحترما ورغم إقامته بالمنصورة إلا أنه كان حريصا على التردد على القرية ليصل رحمه، وهو حفيد عمدة القرية السابق وتولى خاله منصب العمدية بعد وفاة جده. وقال إن من ارتكبوا الحادث الإرهابى ناس لايعرفون الله و لا الإسلام ولا بد أن نتكاتف جميعا لإحباط المخططات الإرهابية التى تريد النيل من مصر وشعبها.
وقال عبدالمنعم بسطويسى، خال الشهيد، استيقظنا على خبر استشهاد العميد سامح، والذى نزل علينا كالصاعقة وظللنا نبكى كل لحظة كلما تذكرنا أفعاله الطيبة وخلقه الكريم وحبه لكل صغير وكبير من أبناء القرية ومشاركته فى المجالس العرفية للصلح بين الناس.. وأضاف بسطويسى أن آخر زيارة للشهيد كانت قبل الحادث بعشرة أيام عندما حضر للقرية وكأنه يودع الأهالى، حيث قام بزيارة الأسرة كلها كعادته، مشيرا إلى أن شقيقته توفيت منذ حوالى ثلاثة أشهر وقمنا بإخفاء الخبر عن والدته جمالات البسطويسى، كما حاولنا اخفاء خبر استشهاد ابنها بسبب حالتها الصحية والله يصبرها ولقد احتسبناه عند الله من الشهداء.. كما أن الشهيد كان حافظا للقرآن على يد والده حيث كان قارئا للقرآن ومتدينا جدا، وأذكر اننى اتصلت به منذ أيام للاطمئنان عليه حيث كنت أشعر بالقلق عليه وفوجئت به يقول لى «أنا بأدى رسالة والعمر لا يتجزأ ولست أنا أول أو آخر من يموت لأجل الوطن» واختتم المكالمة معربا عن فرحته بانتظار ترقيته لعميد فى يوليو المقبل.
وقال عايدى البسطويسى، خال الشهيد، نطالب بإعدام المتطرفين بمحاكم عسكرية والقصاص لكل الشهداء، متهما الحكومة بالتراخى هى والأجهزة الأمنية ويحملهم المسئولية، لافتا إلى أن هناك اختراقا من الجماعات لأجهزة الأمن ويجب تطهيرها من هذه العناصر الخائنة فهم يعملون فى دولة داخل الدولة، مشيرا إلى أن الشهيد كان متزوجا وله ثلاثة أبناء، و قال متسائلا ما ذنب هؤلاء الأطفال الذين يتموا على يد الإرهاب؟!
أما الحاج عبدالخالق عمر قريب الشهيد، فقال: عندما علمنا باستشهاد العقيد سامح، فاضت عيناى بالبكاء حزنا على زهرة العائلة، والدنيا أصبحت بدون طعم برحيل هذه الشخصية المحبوبة من جميع أبناء القرية. مضيفا أن هذا الحادث إجرامى وأن مرتكبيه ليس لهم دين ولا وطن وأن مصر بالنسبة لهم سكن وليست وطنا، وانخرط فى البكاء وقال: منهم لله القتلة الذين اغتالوا خير أجناد الأرض وطالب بسرعة القصاص منهم.
وأكد أن أسرة الشهيد لم تسمح للإخوان أن يشاركوا فى جنازته أو تلقى العزاء.
وفى سياق متصل، ودع الآلاف من أهالى قرية الحوامدة بمركز كفر صقر، جثمان الشهيد المجند محمد صلاح عزالدين، الذى استشهد بالهجوم الإرهابى على مديرية أمن الدقهلية أيضا لمثواه الأخير بمقابر الأسرة.
وظل والد الشهيد طوال الجنازة يبكى ويقول «خلاص يا محمد مش هاشوفك تانى يا نور عينى حسبنا الله ونعم الوكيل فى كل من خطط وشارك فى قتلك وخراب بيتك.
وقال صلاح عزالدين «بالمعاش» والد الشهيد إنه فقد أطيب وأحن أبنائه، وأن الشهيد هو ابنى وأخويا وصاحبى وكان كل شىء بالنسبة لى وكان حلمى ومستقبلى وكنت أرى فيه كل شىء، مضيفًا أنه لابد من التصدى لهذا الإرهاب الغاشم، وتساءل: ما ذنب هؤلاء الشباب الذين ذهبوا لأداء الخدمة العسكرية لتبدأ بعدها حياتهم المدنية والعملية وبدلاً من كل ذلك يأتى الإرهاب الأسود ليقضى على آمالهم ويعودوا إلى أهلهم فى صناديق خشبية لتشييعهم إلى مثواهم الأخير.
وأضاف: تحادثنا تليفونيا قبل الحادث بساعات قليلة وقال لى أخبارك إيه يا حج قلت له: أنا بخير خلى بالك من نفسك يا محمد قال: ربنا يسترها يا بابا سلمها لله يا حاج وأجهش فى البكاء وقال لو أعلم أنه يودعنى ما أغلقت الخط وعاود البكاء بصوت عال ومتقطع، كما أرسل والد الشهيد رسالة لوزير الداخلية أن يحكم السيطرة الأمنية على أبنائه لأن المديرية تم تفجير قنبلة بها قبل ذلك. وقال أنا أخرجت مكبرات الصوت تعلن عدم قبول العزاء من الإخوان مطلقا لأنهم يسلبون من بيننا أعز وأفضل الناس.
وقالت نرجس السيد عبد الحميد، والدة الشهيد إن نجلى وحبيبى استشهد برصاص غادر من الإخوان وحسبى الله ونعم الوكيل فيهم. وتساءلت هل هذا هو الدين الذى يتحدثون عنه فى حين أن الإسلام برىء من الإخوان وقالت محمد تزوج منذ شهرين وهو لسه عريس وفى شهور الفرح وأحمد الله أن زوجته حامل ليبقى له شىء معى من ريحة ابنى.. وقالت إن آخر مرة شاهدت نجلها كانت قبل الحادث بيومين حيث انتهت إجازته، وأضافت: وكان على اتصال دائم معنا للاطمئنان علينا وقبل وفاته اتصل كعادته وطلب منى الدعاء له وأوصانى على زوجته فشعرت بانقباض فى قلبى وشعرت بأن هناك شيئا ما سيحدث.
وقال السيد محيسن، جار الشهيد، إن «محمد» إنسان طيب وجميع أبناء القرية فى حالة حزن عليه، لأنه لسه عريس جديد فلم يمض على زواجه ثلاثه أشهر وزوجته دعاء عيد محمد، لم تتحمل الصدمة، ونقلت فى حالة إعياء للمستشفى، مضيفا أن الشهيد له شقيقان أحمد 15 عاما ورشا متزوجة وأن والدته نرجس السيد عبدالحميد فى حالة نفسية سيئة بعد أن فقدت ابنها، مضيفا أن الشهيد كان مع أسرته وقضى معهم إجازته وسافر قبل الحادث بيومين، وكان على اتصال دائم معهم للاطمئنان عليهم وأن آخر مكالمة معهم طالبهم فيه بالدعاء له.
أشار محيسن أنه لم ولن يتم السماح لأى إخوانى بالتواجد فى سرادق العزاء فعزاؤهم مرفوض لأنهم أشخاص يقتلون القتيل ويمشون فى جنازته، مطالبا بإعدام منفذى هذه العملية الإرهابية فى ميدان عام وعلى الملأ لكى يطفئ نار قلوبنا حزنا على ابن بلدتنا الذى لم يفرح بزواجه وأيضا زوجته الحامل لم تفرح به.