أرقام فلكية.. ومليارات حائرة تحت مسمى الحزم الاقتصادية ولكن لا نعلم أين تذهب؟! والاقتصاد يترنح بين حكومات مرتعشة الأيادى.. وخسائر متلاحقة.. ومواطن لا يشعر بأى تحسن، فالمشاكل كما هى والطوابير تحاصره من جميع الجوانب وأسعار تشعل نيران الأسواق، وكل هذا والحكومة غائبة لا تملك سوى الشعارات الرنانة، ففى الوقت الذى تتزايد فيه المشاكل تعلن الحكومة عن إطلاق الحزمة الثانية للإنعاش الاقتصادى قبل نهاية العام الحالى ومن هنا يبقى السؤال أين ذهبت الحزمة التحفيزية الأولى للاقتصاد المصرى؟! هل تم تنفيذ مشروعات بها؟! وغيرها من الأسئلة التى نحاول الإجابة عليها فى السطور القادمة.
أعلنت حكومة الببلاوى عن الحزمة الاقتصادية الثانية لتنشيط وإنعاش الاقتصاد المصرى بقيمة 24 مليار جنيه على الرغم من أن الحزمة الأولى كانت 29 مليار جنيه كل هذه المليارات ولم نجد تقدما فى قطاع اقتصادى واحد، فقدئكانت خطة أعلنت فى أغسطس الماضى تتضمن انفاق نحو 22.3 مليار جنيه على مشروعات مختلفة، وتمت زيادتها لاحقا بمقدار الثلث، وكانت الحكومة أعلنت فى أكتوبر عن حزمة تحفيز جديدة ستبلغ حوالى 24 مليار جنيه مصرى (3.84 مليار دولار) لكنها أشارت إلى أنها قد لا تطلقها قبل أوائل العام القادم. ويبلغ إجمالى الاستثمارات الحكومية المستهدفة فى السنة المالية الحالية 85 مليار جنيه. وتستهدف مصر زيادة الاستثمارات الحكومية فى السنة المالية الحالية نحو 53 بالمئة لتصل إلى 58 مليار جنيه سعيا لتنشيط الاقتصاد وجذب المزيد من الاستثمارات العربية والمحلية. ∎ تقرير! وبمطالعة تقارير متابعة الأداء الاقتصادى للحزمة التحفيزية الأولى التى قدرتها حكومة الدكتور حازم الببلاوى بنحو 29.3 مليار جنيه نجد أن ما تم ضخه بالفعل فى مشروعات يتخطى بالكاد مستوى ال 2 مليار جنيه بعد مرور أكثر من 3 اشهر منذ الإعلان عن الحزمة فى يوليو الماضى، والتى تم إصدارها رسميا بمرسوم بقانون مصدق عليه من رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلى منصور الشهر الماضى- وقد تم ضخ جميع المبالغ فى مشروعات رفع كفاءة محطات صرف صحى ومياه شرب عدا «اليسير»، فضلا عن سداد الجزء المستحق للمقاولين عن العام المالى 2013/2102. وبلغ إجمالى ما تم صرفه فعليا- وفقا لتقارير متابعة الأداء الاقتصادى الصادرة عن وزارة التخطيط - نحو 2 مليار و57 مليون جنيه منها 978 مليون جنيه ل 4 مشروعات مياه شرب بمحافظات الشرقية والغربية وكفر الشيخ والمنوفية، فضلا عن 816 مليون جنيه خصما من مستحقات جهات حكومية منها الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى ومعهد التخطيط القومى والهيئة العامة للثروة السمكية، وكذلك 001 مليون جنيه مقسمة بين الهيئة القومية لسكك حديد مصر والشركات العامة التابعة لوزارة الإنتاج الحربى و075 مليون جنيه مستحقات المقاولين عن 2013/2102 منها نحو 282 مليون جنيه لشركة المقاولون العرب. ويذكر أن الحزمة التحفيزية الأولى تتضمن اعتمادات إضافية لتحفيز عدة برامج أبرزها برنامج للأعمال الصناعية «كبارى وأنفاق» على مزلقانات السكك الحديدية، بتكلفة 2 مليار جنيه وبرنامج للإسكان الاجتماعى بتكلفة 2.5 مليار جنيه وبرنامج للطرق والكبارى بتكلفة 1,1 مليار جنيه وبرنامج لترفيق المناطق الصناعية بتكلفة 2.6 مليار جنيه، وبرنامج لتوصيل الغاز للمنازل بتكلفة 2.3 مليار جنيه. ∎ التوسع! ومن هنا أكد الدكتور أشرف العربى- وزير التخطيط- أن الحكومة تتبع سياسة توسعية فى المرحلة الحالية عن طريق تقديم حزمة تنشيطية وتحفيزية فى مجال الاستثمار للوصول بمعدل التنمية إلى نحو 5,3٪ حيث من المتوقع ألا يتجاوز المعدل 2٪ عن النصف الأول من العام الحالى. وأكد العربى أن الحكومة أثناء الحزمة التحفيزية الأولى قامت بسداد المتأخرات والمستحقات للمقاولين مع متابعة الأداء ونسب التنفيذ فى توقيتات محددة لبداية ونهاية هذه المشروعات وإعلانها للمواطنين بكل شفافية، وقال: إن هناك لجانا لحصر مستحقات المقاولين لعام 2013/2102 تم تشكيلها بقرار من رئيس الوزراء لسرعة حصر مستحقات المقاولين وصغار المقاولين ومقاولى الباطن حيث تستهدف الحكومة سداد نحو مليارى جنيه من هذه المستحقات قبل نهاية ديسمبر 3102، موضحا أن مستحقات المقاولين لعام 2013/2102 بلغت نحو 4 مليارات جنيه لدى الحكومة منها مليار جنيه لدى الهيئات الاقتصادية سدد نحو 3.5 مليار جنيه قبل 30 - 6 - 2013. وقال الوزير إن صرف تلك المستحقات يؤدى إلى توفير السيولة اللازمة لشركات المقاولات والموردين، وهو ما يساعد على ضخ مزيد من الأموال التى تساعد فى تنفيذ الاستثمارات الحكومية والعامة المستهدفة خلال العام الحالى مما يساعد على توفير المزيد من فرص العمل، ويؤدى فى النهاية إلى دفع عجلة الاقتصاد المصرى وتحقيق أهداف خطط وبرامج الحكومة وتخفيف الأعباء عن المواطنين، وقال العربى: إن الحكومة تعطى أولوية لثلاثة برامج ضخمة وسوف يتم ضخ الاستثمارات اللازمة لها، الأول رصف الطرق داخل القرى والمحافظات، الثانى برنامج إنارة القرى والمحافظات، والثالث تحسين البيئة وإدارة منظومة النظافة والمخلفات العضوية والصلبة والبرامج الثلاثة تتم بالتنسيق مع المحليات ووزارة التنمية المحلية. وعن تمويل برامج الخطة أوضح العربى أن الاستثمارات الحكومية المعتمدة فى الموازنة العامة للدولة تقدر بنحو 46 مليار جنيه مصرى منها نحو 53 مليار جنيه تقريبا استثمارات ممولة من الخزانة العامة للدولة ويساهم دعم دول الخليج فى جزء كبير جدا من هذه الاستثمارات. ∎ العبء! وفى هذا الإطار أكد الخبير الاقتصادى الدكتور فاروق عبدالخالق- أن الحزمة التحفيزية الأولى تضمنت فقط برنامجين سيكون لهما أثر مالى على المديين المتوسط والقصير وهما برنامج توصيل الغاز للمنازل- سيخفف العبء عن فاتورة دعم البوتاجاز العام المقبل - فضلا عن برنامج الإسكان الاجتماعى لكن باقى البرامج لن يكون لها أثر مالى ملموس فهى تتراوح بين البرامج الخدمية والمصروفات الحتمية. واستبعد عبدالخالق تنفيذ الحزمة بالكامل فوق الموازنة فمعظم المشروعات المخصصة لها هى مشروعات عامة مستكملة، وتتميز فى طبيعة رصد المخصصات لها، حيث لا يتم استكمالها بشكل كامل فى العام المالى نفسه، ويتم ترحيل الباقى منها إلى العام المالى الذى يليه، بما يعنى أن الرصد المخصص لا يتم بشكل دقيق مائة بالمائة. وأكد ضرورة دراسة الحزمة التحفيزية الثانية التى تعتزم الحكومة ضخها قبل بداية النصف الثانى من العام المالى الحالى 2014/2013 بحيث يتم ضخها على مشروعات تحقق أثرا ماليا ملموسا مثل مشروعات المواد البترولية أو أماكن تخزينها. ∎ التدهور! وأشار الخبير الاقتصادى الدكتور جودة عبدالخالق- أن الحزمة التحفيزية الأولى لن يكون لها أى أثر مالى فمعظمها لسداد مستحقات ومديونيات متأخرة على الحكومة، فضلا عن بعض المصروفات الحتمية، مما يعنى انحسار أثرها المالى فى السيطرة على معدلات الإنفاق المرتفعة التى خلفتها الأزمة المالية حاليا. وأكد أن التفكير فى ضخ الحزمة التحفيزية الثانية فى مشروعات مشاركة مع القطاع الخاص فهى أيضا غير مجدية، بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية المتردية، فضلا عن الأوضاع الاقتصادية الأكثر تدهورا، خاصة بعد التصويت النهائى على مادة بالدستور التى تنص على فرض الضريبة التصاعدية، والتى تزيد الوضع الضريبى سوءا، مما يجعل الأمر كله طاردًا للاستثمار الخاص. واستبعد قدرة الحكومة على تنفيذ خطة التحفيز الاستثمارى خلال العام الحالى 2014/2013 ونظرا لعدم بدء تنفيذه مع بداية العام المالى الفعلى، خاصة أن الخطة تم الإعلان عنها خلال شهر سبتمبر الماضى، بالاضافة إلى أن طرح المناقصات والاستعداد للتنفيذ الفعلى يستغرق بين شهرين و3 شهور، بما يعنى عدم الانتهاء من كامل المشروعات المستهدفة ضمن الخطة وترحيل جزء منها إلى العام المالى المقبل. وأكد أن نجاح الحكومة فى تنفيذ خطة تنشيط الاقتصاد تعتمد على عدة شروط أهمها عدم ارتعاش الأيادى لدى الكثير من المسئولين، وإحكام عملية الإدارة والمتابعة لتنفيذ تلك المشروعات، موضحا أن الأداء التنفيذى الجيد هو العامل الرئيسى لنجاح تلك الخطة.