قد يظهر بأنه عمل يستطيع أى شخص إنجازه أو القيام به... ولكنه على العكس تماما إنه بالضبط السهل الممتنع.. إنهم لا يمتلكون الأمل ويحاولون العمل به... إنهم يصنعونه ويقدمونه للناس على طبق من ذهب... إنهم بكل بساطة وتعقيد... إنهم المتطوعون هم فقط أشخاص ينظرون إلى نصف الكوب المملوء.. ليس هذا فقط بل إنهم يعملون دون توقف على ملء نصفه الفارغ.
عالم الأعمال التطوعية.. للأسف إنه عالم بعيد عن الأضواء ولم أستطع أن أمنع نفسى عن التفكير فيه، إقبال الشخص على ممارسة عمل لن يجنى من ورائه أجراً مادياً مع الحرص على إدخال السرور على إنسان وإفادته أمر لا يضاهى ويزيد من إحساسك بالرضا على نفسك ويساعد الشخص على التخفيف من نظرته التشاؤمية للحياة والإحباط اليومى ويقلل من طاقاته السلبية ويزيد من الطاقة الإيجابية التى إذا سادت فى المجتمع تخلصنامن معظم مشاكلنا.
يزيد من قدرات الناس على التواصل مع الآخرين بمختلف مستوياتهم الاجتماعية والثقافية ويساعدك على تنمية مهاراتك أو اكتساب مهارات جديدة كما يساعد من لم يحدد مجال تخصصه بعد فى اكتشاف قدراته ومواطن النجاح لديه.
يتيح للشخص أن يتعرف على مجتمعه عن قرب ويعرف أين تكمن مشاكله ويضع يده على كيفية حلها.
∎كيف نجعل العمل التطوعى ثقافة مجتمع؟
- أحب فى البداية أشير إلى نموذج حدث فى اليابان منذ عامين.. عند حدوث التسونامى عرفت اليابان أنه لن يعيد إعمار المدن المنكوبة غير العمل التطوعى فقامت بعمل كورسات فى الشركات والجامعات والمدارس عن العمل التطوعى ثم قامت بإعطاء أيام للإجازات لممارسة الأعمال التطوعية بالتبادل حتى لا يتعطل شىء، كما قامت بإطلاق أسماء المتطوعين على شوارع ومحال ومدارس وبيوت قاموا بإعادة إعمارها هكذا استطاعت اليابان أن تقف من جديد.. ومن قال إننا لانشبه اليابان لدينا فى مصر الآن تسونامى فقر وعنف وإضراب وحرائق يستطيع العمل التطوعى التصدى له وبقوة.
وهناك أكثر من طريقة نستطيع بها تدشين العمل التطوعى وجعله ثقافة شعب.
على مستوى العالم هناك شركات كُثر تشترط فى السيرة الذاتية للمتقدمين لها أن يكون طالب العمل قد أدى عملا تطوعيا لمدة 3 سنوات.
لماذا لا تقوم الشركات بتحديد ساعات للعمل التطوعى ولتكن 3 ساعات فى الشهر لكل موظف إذا كان فى هذه الشركة 1000 موظف ستكون المحصلة 3000 ساعة شهريا موجهة للعمل التطوعى فى هذه الشركة فقط هل تتخيل النتيجة إذا طبقتها 10٪ من شركات مصر؟!
يجب أن تقوم جميع المدارس بتخصيص ساعة واحدة أسبوعيًا للطلبة للحديث عن العمل التطوعى وطرقه ومجالاته وفوائده على المجتمع ولتجعل جزءا من إجازة الصيف لممارسة العمل التطوعى للطلبة بمشاركة المعلمين كل منهم على اختلاف اهتماماته ومهاراته.. تخيل أنت تربى جيلا صغيرا يعرف معنى العطاء والعمل ويعرف جيدا احتياجات مجتمعه.
الإعلام.. لماذا لا يكون هناك يوم شهرى يسمى يوم العمل التطوعى تشترك فيه كل القنوات وتعرض نتائج هذا العالم فتعطى الفرصة لكثيرين أن يتطوعوا وكثيرين أن يمولوا؟!.. أراهن أن عدد الإعلانات سيزيد وكميات الإحباط واليأس والتشاؤم والطاقة السلبية ستختفى وسيحل محلها طاقات أمل وإبداع وتفاؤل.
وفى السطور القادمة أشخاص أخذوا من الشهداء قدوة حياتهم.. فلو شعر الشهداء باليأس ما جعلوا حياتهم ثمنا للتغيير.
الاسم هشام خشبة
السن 28 سنة
المهنة: طبيب أسنان.. متطوع منذ 8 سنوات
آخر المشاريع التى اشترك بها حمله (صحتنا) استهدفت طلبة المدارس للتوعية من الأمراض التى تنتقل عن طريق عدم النظافة مثل التيفويد والتهاب الكبد الوبائى مدة الحملة كانت يومين فقط اشترك بها 15 ألف متطوع وصلنا من خلالها إلى 10 آلاف مدرسة وزعنا فيها 100 ألفصابونة على 100 ألف طفل تمت توعيتهم بأهمية النظافة وطرق محافظتهم على أنفسهم من الأمراض... اشتركت فى حملة أخرى للتوعية عن مرض السكر نزلنا خلالها إلى قرى فقيرة ونائية وقمنا فيها بتوعية الناس بأعراض المرض والإسعافات الأولية أثناء الهبوط أو غيبوبة السكر والمأكولات المسموح بها أو طرق الوقاية منها وفحص الأطفال الذين لديهم تاريخ مرضى فى العائلة وتوزيع أجهزة قياس فورى للسكر على غير القادرين
الاسم: محمد مؤمن
السن 30 سنة
الوظيفة: مهندس بترول
متطوع منذ 10 سنوات وهو مسئول نشاط الجامعة فى جمعية صناع الحياة.
يقول: استطعنا الوصول إلى 39 جامعة من أصل 14 جامعة فى مصر منها الخاصة والحكومية واستطعنا أن تكون لنا فرق تطوعية بها يعملون فى جميع المشاريع التطوعية مثل محو الأمية والتوعية ضد الإدمان والمخدرات.
وعن آخر المشاريع التى عملت بها كان مشروع العلم قوة، هدف المشروع محوأمية 17 مليون أمى خلال 10 سنوات مر منها عام استطعنا خلاله بناء 8300 فصل فى 9 محافظات وصلنا من خلاله إلى تعليم 92 ألف أمى نجح منهم 70 ألف أمى والبقية تأتى بإذن الله.
مبادرة ركن ثقافى
يشترك بها عدد من الشباب تتراوح أعمارهم من 20 إلى 30 عاما منهم طلبة ومنهم من يعمل فى وظائف متعددة
متطوعون منذ 3 سنوات يقومون بجمع الكتب القديمة من أنفسهم ومن متطوعين آخرين ويجوبون بها محافظات مصر ومناطق مختلفة يدعون شباب وأطفال المنطقة للانضمام لهم واستعارة الكتب وقراءتها، كما لديهم أنشطة مختلفة مثل الرسم والصلصال للأطفال يرون أنها طريقة لإيصال الثقافة لمن لا يستطيعون واكتشاف مواهب عديدة فى الكتابة والشعر والرسم وتوجيههم للأماكن التى تستطيع الاهتمام بهم ومن كل مكان يزورونه ينضم إليهم متطوعون جدد.
الاسم: نجوى إبراهيم
السن: 62 سنة
المهنة: صيدلانية
متطوعة منذ 8 سنوات
آخر المشاريع التى عملت بها كانت حملة (حماة المستقبل) استهدفت طلاب الإعدادى والثانوى لتوعيتهم ضد أخطار الإدمان والتدخين وتعليمهم كيف يكونون إيجابيين ولديهم قدرة على التغيير وتشجيع هؤلاء الأطفال ليكونوا نواة للتوعية أيضا وبالفعل قام كثير من الأطفال والمراهقين بتنظيم حملات يوم الإجازة الخاص بهم وعمل مجلات حائط وتنظيم ندوات داخل أحيائهم ومدارسهم للتوعية وقاموا بعمل حملات نظافة ودورى كرة قدم للتوعية بأهمية الرياضة والنظافة وعن طريق هذه الحملة استطاع الوصول إلينا 7200 مدمن استطعنا أن نكون همزة الوصل بينهم وبين مصحات العلاج وتم شفاء ما يقرب من 5000 مدمن انضموا إلى قوافل التوعية.
أمانى ودينا وكريمان متطوعات منذ عام
3 فتيات خريجات فنون جميلة وتربية موسيقية يقمن بزيارة المدارس الحكومية المحرومة من ممارسة النشاط الفنى بسبب قلة الإمكانيات ويقمن بتعليم الأطفال الرسمعلى الزجاج والصلصال والعزف على الآلات الفنية المختلفة ويكررون الزيارة لكل مدرسة مرتين شهرياً وشعرن باستجابة بالغة من الأطفال والأهالى إلا أن الروتين أحيانا يقف عائقا بينهن وبين تنفيذ ما يحلمن به ويحاولن أن يزدن من عددهن من خلال نشر الفكرة داخل كلياتهن وعن طريق الفيس بوك.
أحمد وكريم وفؤاد وأمين وسارة ورحاب وجميلة متطوعون منذ عام
هم جميعا طلبة فى كلية الطب قسموا أنفسهم فريقين الفريق الأول من الشباب يقوم بزيارة مدارس الإعدادى والثانوى ويقومون بتوعية ضد الممارسات الجنسية الخاطئة والأمراض الجنسية وكيف تنتقل ومخاطر الإهمال فى علاجها وكيف تنتقل فى هذه المرحلة.
الفريق الآخر من الفتيات وهن يقمن بزيارة الأحياء الفقيرة وتوعية النساء الحوامل بضرورة المتابعة مع طبيب والأعراض الخطرة التى من الممكن أن تحدث لهن والتوعية بأمراض الحمل مثل ضغط الحمل وسكر الحمل وأخطار الولادة فى المنزل.. يحلم كلا الفريقين أن تعم الفكرة كل كليات طب مصر حينها ستتخلص مصر من مشاكل عديدة تحدث عند الإهمال فى هاتين المشكلتين.
مدام أميرة ومدام عفاف
حين تعرفهما للوهلة الأولى تشعر أنهما من تحتاجان إلى المساعدة ولكن حين تسمع جيدا تعرف الحقيقة، فكلتاهما أم لطفل من ذوى الاحتياجات الخاصة عرفت إحداهما الأخرى فى عيادة أحد أطباء التخاطب وربطتهما صداقة قوية، وبعد سنوات من تبادل الخبرات مع أطفالهما وأمهات أخريات وجدتا أن أمهات أخريات يحتجن إلى ما تعرفانه فقامتا بمحاولات الوصول إلى كل أم لديها طفل معاق ووقفنا معهن فى الرحلة من البداية كيف تتصرف.. كيف تتقبل الوضع.. إلى من تذهب.. كيف تتصرف فى المواقف الصعبة.. كيف تجعل ابنها يتكيف مع من حوله.. فهما تقدمان إلى كل أم ما تحتاجه فى بداية رحلتها مع طفل معاق جمعية نور الحضارة منذ عام تقريبا
هم مجموعة منالمرشدين السياحيين الذين تأثروا بأزمات السياحة المتكررة وأصبح لديهم وقت فراغ هائل فقرروا أن يجتمعوا معا ويكونوا جمعية خيرية لها نشاط تنموى، فجمعيهم يمتلكون أكثر من لغة ويتقنونها فقرروا تعليم اللغات النادرة للراغبين بغير مقابل مثل اللغة البرتغالى.. الكورى.. الروسى ولديهم عدد ليس بالقليل من الرواد، حيث يؤكدون أن الشعب المصرى مهما حاوطته أزمات فهو لديه دائما أمل وطموح للأفضل ورغبة فى التقدم.
الجمعية المصرية لحماية البيئة من التلوث
بدأت الجمعية عملها منذ حوالى 10 سنوات فى منطقة منشية ناصر.. حى الزبالين معروف أن حى الزبالين يعمل كل سكانه بتجميع القمامة وفرزها ولوحظ فيها تسرب الأطفال من التعليم فبدأت هذه الجمعية عملها بمحاولات إعادة تصنيع الورق والصفيح وتعلم عمل مشغولات يدوية، بالإضافة إلى عمل فصول محو أمية للفتيات بالجمعية بالإضافة إلى دفع أجر شهرى وشرط الحصول على الأجر هو اجتياز الامتحان الشهرى كما أنهم يجمعون بواقى مصانع السجاد ويصنعون منها سجاداً على الأنوال وبعض من سيدات المنطقة يعملن من منازلهم ويقمن بتوريد المشغولات استطاعت هذه الجمعية أن تحول حى الزبالين من مجرد منطقة لتجميع القمامة إلى مكان لإعادة التدوير والتصنيع، بالإضافة إلى القضاء على التسرب من التعليم.
بعد الحديث مع كل هؤلاء الأبطال.. بل هناك المزيد ربما لم أستطع الوصول لهم.. اتفقوا جميعهم على قاعدة واحدة بعد متابعة كل ما يحدث الآن لديهم أحد الحلول الآتية إما أن يشاهدوا ويكتئبوا أو ينتحروا أو يهاجروا أو يعملوا.. هؤلاء اختاروا العمل وهو أقوى اختيار لا ينبع إلا من أشخاص أقوياء.
هناك حسبة بسيطة قد تكون مثالية ولكنها ممكنة.
عدد سكان العالم العربى 350 مليون نسمة إذا تطوع منهم نسبة 20٪ أى ما يعادل 60 مليون نسمة لمدة أربع ساعات أسبوعياً أى ما يعادل 11 بليون ساعة سنويا سنستطيع بناء 4 ملايين بيت وتعليم 56000000 شخص وزراعة بليون شجرة وبناء 2 مليون مدرسة.
هذه الحسبة قد تكون نواة لمجتمع خالٍ من الأمية والتشرد والتسول والعنف والتحرش والجريمة والإضراب، إنها نواة لمجتمع عرف فيه كل إنسان حقه وحصل عليه وأدى ما عليه من واجب تجاه الوطن فشعر بقيمته وملأ وقت فراغه ووجد شيئا إيجابيا يفعله وأشاع جوا من الطاقة الإيجابية فى محيط معارفه وأصدقائه.. إن كل المجتمعات التى عرفت قيمة العمل التطوعى أصبحت الآن فى مكان أفضل كثيرا وقد حان الدور علينا.
فليتحدث عنه كل إعلامى شريف وينادى به كل إنسان يريد لبلده خيرا ويقوم به كل شخص يريد لنفسه أولا خيرا.... فقط ابدأ بنفسك وستذهلك النتيجة.