الأطفال أثناء التدريب عن الإطفاء كانت تجربة مثمرة أن أتعرف على العمل الأهلى التطوعى داخل ألمانيا وعلى الرغم من قصر الزيارة واقتصارها على برلين فقط إلا أن زيارتى لمؤسسات تطوعية مختلفة قد أعطتنى فكرة شاملة عن العمل التطوعى بألمانيا والذى يمثل عنصرا مهما من ثقافة الغرب، فالحكومة الألمانية تمول ولا تتدخل فى أوجه صرف التمويل، والمواطن الألمانى هو المراقب للمجتمع المدنى ، هو الذى يعطى أولا، يعطى بناء على تقديره لأهمية العمل وإيمانه به. الحكومة الألمانية تقدم حوافز عديدة للمتطوعين، فالعمل التطوعى حتى نهاية الشهر الماضى كان بديلا للخدمة العسكرية والشاب الذى يقبل على العمل التطوعى تكون لديه فرصة أكبر للحصول على عمل من نظيره الذى لم يلتحق بالعمل التطوعى، فالعمل التطوعى فى ألمانيا مهارة يسعى الشاب لاكتسابها لتحسين مؤهلاته، هذا بخلاف أن من يتبرع يحصل على خصم من الضرائب مع سهولة التبرع من خلال الشبكات الإلكترونية.. المجتمع الألمانى يعيش حالة من القلق بعد إلغاء الخدمة العسكرية نظرا لعدم حاجة الألمان لها نتيجة التكلفة المالية الضخمة التى يتطلبها تجنيد الشاب الألمانى، فضلا عن انضمام ألمانيا فى حلف عسكرى مما يهدد نسبة الإقبال على العمل التطوعى مما جعل العديد من مؤسسات الشباب تسعى لحث الشباب على التطوع من خلال البوسترات ووسائل الإعلام. شملت زيارتنا العديد من المؤسسات التطوعية المختلفة. فى البداية كانت زيارتنا لمركز تطوعى لتدريب الشباب على النواحى الفنية، له العديد من الأنشطة الأهلية، منها الاشتراك مع المدرسين لوضع برامج دراسية ويقدم خدمات ودورات تدريبية ويوجد فى هذه التدريبات جزء من تعلم الأمور الفنية الإلكترونية ولدى المنظمة 575 شخصا يعملون فى مختلف المشروعات منهم خبراء فى مجال التربية والشئون الفنية بخلاف الحضانات التى تخدم 1200 طفل من سن 8 أسابيع وحتى سن الدراسة ويخدمون 3500 تلميذ من الصف الأول وحتى الصف السادس ويصل عدد الشباب إلى 300 شاب ممن يهتمون بالأمور الفنية والأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة وعددهم محدود يصل ل30 طفلا وتصدر عن المركز مجلة ربع سنوية تهتم بالأطفال وأوضح توماس هنسكن رئيس المركز أن المركز أنشئ عام 1991 وهو معترف به لتدريب الشباب على العمل التطوعى وفق قوانين ألمانيا التى تحدد الأعمال التطوعية قائلا: منظمتنا تهتم بعدد كبير من إدارة الشئون الشبابية فهى ترعى 40 حضانة مقسمة لأربع مقاطعات ألمانيا - برلين - سكسونيا - شمال الراين، وترعى الأطفال من مرحلة الحضانة وحتى الصف السادس بخلاف مشروعات عديدة لتأهيل الأطفال نفسيا.. وعن انتهاء الخدمة العسكرية فى ألمانيا بداية من شهر يوليو الحالى يقول هنسكن إن الخدمة الاجتماعية بدأت فى ألمانيا منذ 1961 والشباب الذى لا يؤدى الخدمة العسكرية يقوم بالتطوع وتصل الخدمة العسكرية إلى 6 شهور وقبل ذلك كانت تصل إلى 24 شهرا ويؤدى الألمان الخدمة العسكرية بعد الشهادة الثانوية. وعن تخوف منظمات العمل الأهلى من نقص عدد الشباب الذين يرغبون فى التطوع بعد إلغاء الخدمة العسكرية يضيف أنه يصعب حاليا تحديد الإجابة والخدمة التطوعية تحتاج لدعايا مكثفة وقد بدأنا بالفعل موضحا أن 40% من الألمان يشتركون فى الأعمال التطوعية ومصادر التمويل خليط من أموال الدولة والتبرعات. وعن رؤية المجتمع للعمل التطوعى أضاف أنها تتوقف على نوعية الخدمة التى تقدم ففيما يخص رعاية الأطفال يوجد إقبال كبير عليها أما قضايا الشباب العاطل أو المدمن فلا يوجد تعاطف كبير معها وهناك برامج لتأهيل الشباب موضحا أن ثلث عدد سكان ألمانيا البالغ 80 مليونا يشاركون فى الأعمال التطوعية والثلث الآخر على استعداد للمشاركة. وعن مشاكل التمويل فى ألمانيا أضاف أن التبرعات فى برلين تتجه لموضوعات معينة فتوجه للكوارث الطبيعية وليس للأعمال التطوعية. فيليب شاب من شباب المنظمة يقول إنه قام بحملة إعلانية لتشجيع الشباب على العمل التطوعى من خلال بوسترات وإعلانات فى وسائل الإعلام تحت اسم فتح آفاق جديدة للشباب ونتيجة للدعاية فقد تلقوا طلبات عديدة من الشباب. لوكاس أنهى خدمته الاجتماعية ودرس الاقتصاد ثم عاد مرة أخرى إلى المنظمة وعمل مرة أخرى فيها إيمانا بأهمية العمل التطوعى. الدكتور أنسجار كلين رئيس منظمة (BBE) أكد أن المجتمع المدنى عليه دور لتوجيه الشعوب وهو شريك فى وضع القوانين مشيرا إلى أن عدد الجمعيات العاملة فى ألمانيا يصل إلى 800 ألف جمعية. وقد بدأ إنشاؤها عقب الحرب العالمية لمساندة الحكومة فى تقديم المنح والمساعدات موضحا أن المنظمة تجمع كل الاتحادات ولدينا 28 مليون مشترك فى اتحاد الكرة و20 مليون مشترك فى باقى الأنشطة.. والمركز يكون تحالفا ولوبى للضغط لتلبية المطالب الشعبية والسياسية وتوجد لجنة خاصة فى البرلمان الألمانى تحقق فى مطالبات الاتحاد وتقديم نصائح للحكومة الألمانية ويقول: لدينا 440 خبيرا فى مجالات مختلفة تهتم بتقديم الخدمات الشبابية. وعن مدى استجابة الحكومة الألمانية لضغط منظمات المجتمع المدنى أوضح كلين أن الحكومة كثيرا لا تستجيب وتقلل المبالغ المفروض دفعها ونضطر للجوء للمقاطعات الألمانية لإنجاز أعمالنا ونشترك مع اتحادات أخرى لتلقى المساعدات وسنلجأ إلى الإعلان فى الإعلام لأن الحكومة تدعى أنها تمول المنظمات وهذا لا يحدث بشكل مرضٍ. وأوضح كلين أن من ضمن أنشطة المنظمة الاحتكاك بالمدارس والجامعات وتدريب القائمين من 6 شهور لعامين مشيرا إلى أن الشخص الذى له خبرة فى مجالات التطوع يكون أكثر حظا وتكون لديه فرص أكبر لإيجاد فرص عمل عن مثيله الذى لم يلتحق بالعمل التطوعى. وعن مدى قوة منظمات المجتمع المدنى وتأثيرها على صناع القرار يؤكد كلين أننا قمنا بتقديم نصائح ويؤخذ بها فى كثير من المواقف مما يدل على قوة منظمات المجتمع المدنى. وعن أيهما أكثر حظا فى التمويل الجمعيات الأهلية التطوعية التى تقوم بأعمال خيرية أم الجمعيات الحقوقية فيقول إن الجمعيات الحقوقية فى ألمانيا تتلقى إعانات رمزية ولها استقلالية مادية وتعتمد على التبرعات لأن ألمانيا بلد مستقر فى الديمقراطية. موريتس إيكارد أحد المؤسسين لجمعية (BETTER PLACE) يقول إن الجمعية تأسست منذ أربع سنوات وهى جمعية لجمع التبرعات للربط بين الأشخاص المتبرعين والأشخاص المحتاجين للتبرع ويضيف إيكارد أنه يوجد ثلاثة آلاف منطقة فى العالم تحتاج لمساعدات موضحا أن خطة المنظمة تكون واضحة ومن حق الشخص المتبرع أن يحدد أين تذهب التبرعات على عكس اليونيسيف مؤكدا أن الجمعية تنفذ ثلاثة آلاف مشروع فى مختلف أنحاء العالم ومنها مصر ولدينا 150 ألف متبرع وأضاف إيكارد أنه قد تم توزيع 5 ملايين يورو كتبرعات ويتم توصيلها للمحتاجين دون استقطاع أى أجزاء وهناك مزايا تقدم للمتبرعين حيث يقدم المتبرع مايثبت أنه تبرع لمكتب الضرائب ليسترد جزءا مما دفعه. وأضاف أن مصادر التمويل للجمعية الشركات ورجال الأعمال بالإضافة إلى صحيفة (ترير) وهى أحد مصادر التمويل فالصحيفة يمكنها أن تمول 50 مشروعا وهى تعتبر وسيلة وأسلوبا مهما للربط بينها وبين القارئ وتوزع 100 ألف نسخة يوميا، وهناك أيضا أحد مصادر التمويل وهى وسيلة التبرع بقيمة المشتريات مؤكدا أنه يمكن لأى أحد فى ألمانيا أن يجمع التبرعات والمجتمع يراقب بعضه ويوضح أن معظم المتبرعين على الموقع من الألمان وأغلب التبرعات توجه إلى أفريقيا وقد وصلت قيمه التبرعات العام الماضى إلى 3 ملايين يورو وأوضح أن معرفته للأسر الفقيرة تعتمد على رؤية الأشخاص فيمكن لأى مواطن ألمانى أو غير ألمانى أن يرسل تقريرا عن أسرة فقيرة فى أى مكان لمساعدتها. هيئة مطافئ حى فيدينج كان جميلا أن أرى أطفالا فى عمر الزهور بدلا من أن يلعبوا فى حديقة أراهم يمسكون بخرطوم مياه لإخماد حريق بملابسهم البرتقالية وخطواتهم المرتبة نظموا أنفسهم فى دقائق ووقفوا لتقديم عرض شيق أمامنا ليرونا كيف يستطيعون إخماد الحريق وفتح خراطيم المياه بطريقة منظمة ومحترفة فهيئة مطافئ فيدينج هيئة تطوعية تقوم بتدريب الأطفال من سن 8 إلى 18 عاما كل يوم خميس وهم مسموح لهم بإطفاء الحرائق البسيطة كالتى تحدث فى صناديق القمامة ولكن لايسمح لهم بإطفاء الحرائق الكبيرة نظرا لصغر سنهم. تقول «كيم» فتاة عمرها 10 سنوات إنها وجدت متعة كبيرة فى تعلم إخماد الحرائق وهى تنوى أن تصبح سيدة إطفاء فى المستقبل وأن أهلها لم يعترضوا عندما تحدثت معهم عن رغبتها فى التدريب التطوعى وقيامها بأعمال تطوعية مشيرة إلى أن العمل التطوعى أعطى لها ثقة بالنفس وحبا للآخرين. إذاعة على النت وصحيفة محليه تباع بالمجان محطتنا الأخيرة كانت محطة إعلامية تطوعية فمن الممتع أن يخلص العمل الإعلامى فى تقديم الخدمات وكان اللقاء بالسيد يورج بودزويت مدير محطة إذاعية على النت تبث 4 ساعات على موجات الإذاعة و24 ساعة على النت قال لنا: المحطة لها تاريخ طويل فهى محطة متعددة الثقافات ومنذ عامين توقفت بسبب التمويل المادى ولكن بعض الإعلاميين صمموا أن يستمروا فى العمل لذلك قررنا أن نكمل بث برامجنا على الإنترنت مشيرا إلا أن العاملين فى المجلة يصل عددهم إلى 80 فردا ولا يتلقون أى مرتبات وأوضح أنه لا يوجد أى نوع من الرقابة على الإنترنت وتقوم المحطة ببث أغان مختلفة من بلدان عديدة بجانب بعض الحوارات السياسية المهمة وعن الفئات العمرية للمستمعين أكد يورج أن الغالبية من الشباب ولكن ستختلف الرؤية بعد عشر سنوات ومن محطة إذاعة الإنترنت إلى صحيفة (keits and kenibier) والتى تعنى باللغة العربية صحافة المقهى أى كل مايقال على المقاهى تعبيرا عن الاحتكاك بالمواطن الألمانى وهى صحيفة صغيرة تتناول الشئون الخاصة بالحى التى تتواجد فيه بدأت منذ عام 2004 وتوزع 100 نسخة بالمجان ويصل عدد صفحات الجريدة إلى 12 صفحة وتمول من الإعلانات ولايتلقى من يعمل بها أى مرتب. يورج وايلد المدير التنفيذى لمنظمة الصحافة الشبابية الألمانية الجهة المستضيفة للوفد الشبابى المصرى أكد أن البرتوكول الموقع بين المجلس القومى للشباب فى مصر والحكومة الألمانية ممثلة فى منظمة الصحافة الشبابية ينفذ فى 6 دول هى روسيا وكازاخستان وفنلندا ومصر وإسرائيل وروسياالبيضاء ويرجع تاريخ المنظمة إلى 1966 مضيفا أن الهدف من البرنامج هو الاحتكاك مع الشباب والتعرف على الآخر والحكومة الألمانية تهدف إلى اكتساب خبرات جديدة والبرنامج يمثل نوعا من التبادل الثقافى فالمنظمة تهتم بالصحافة التى تهتم بشئون الشباب وأضاف أن الحكومة الألمانية تمول البرنامج ب 39 ألف يورو فى السنة. وأضاف أن المنظمة تعتمد على الاشتراكات فى عملها فهى تتلقى من الطالب 30 يورو فى العام ومن الصحفى 65 يورو وتعتبر هى النادى الوحيد فى أوروبا ولا يوجد لها منافس ويصل عدد أعضائها إلى 140 مشتركا وأضاف أن الحكومة لا تتدخل فى أى أعمال تطوعية خاصة بالشباب فهى تمول ولا تتدخل.