«معلش إحنا بنهزر»!.. كلمة قالها كل شاب حاول الهزار والاستخفاف بالسلطات والجهات السيادية والهيئات الحكومية والخاصة.. غير مدرك أن ما يقوم به سيحدث إزعاجا وإرباكا كبيراً للسلطات!.. وذلك من أجل تضييع وقت الفراغ والتسلية متجاهلين الخسائر التى ستعود على البلد من خلال هذه التسلية المزعجة.. وشدة الأعصاب والتوتر الذى يحدثه سواء لقوات الداخلية أو المطافئ أو الإسعاف أو الذعر الذى يحدثه للمواطنين من أجل التهريج.. الذى قد يدفعه إلى السجن. إن إزعاج السلطات يعتبر خطا أحمر خاصة فى ظل الظروف المضطربة التى يعيشها البلد الآن وعدم استقرار الأوضاع الأمنية فيه!.. فهناك من أخذ هذه التسلية «واصطاد بها فى المياه العكرة» وهدد بإحداث فوضى فى البلد حتى يستطيع تشتيت وإرباك السلطات.
∎هزار سخيف
«إيمان» فتاة الاسكندرية البالغة من العمر - 24 سنة -.. هى فتاة متعلمة وحاصلة على معهد حاسب آلى.. ولأن ظروف البلد لم تمنح لها فرصة العمل.. فكان نتيجة هذا أنها قامت بالفعل بالهزار مع مدير فندق «الفورسيزون» بالإسكندرية، ولكن هذا الهزار كان من النوع الثقيل، حيث أودى بها فى النهاية إلى عقوبة السجن.. اتصلت إيمان بمدير الفندق وهددته بأنها تنتمى لجماعة الإخوان المسلمين وستفجر الفندق خلال ساعة إذا لم تحصل على مبلغ من المال وهو 5 ملايين جنيه.. وعلى الفور قام مدير الفندق بتجهيز الفلوس وأخلى الفندق من النزلاء وقامت قوات الأمن والقوات الخاصة بالمتفجرات بتأمين الفندق.. وعندما عاود مدير الفندق الاتصال بها ليعرف مكان التسليم.. أخبرته أنها فعلت كل هذا من أجل التسلية والتهريج!!.. فلهذه الدرجة أصبح الاستخفاف والهزار بالجهات السيادية متاحا لأى شخص، لمجرد أنه يريد تبديد شعوره بالملل وروتين الحياة!.. فهذه الحادثة لم تكن الفريدة مننوعها.
بل هناك أيضا مجموعة من الشباب قرروا أن يستخفوا دمهم مع هيئة الإسعاف!!.. وقاموا بالاتصال بهيئة الإسعاف ليبلغوا عن حادث مروع بين سيارتين وهناك مصابون كثيرون..
وأبلغوها عن موقع الحادث وبمجرد وصول سيارة الإسعاف إلى مكان الحادث لم تجد شيئا !!.. بل وجدت رقم الهاتف غير موجود بالخدمة!.. وعادت سيارة الإسعاف من حيث أتت.. لم تستفد من ذلك إلا ضياع الوقت وإهدار المجهود والخسارة المادية التى ستعود على الدولة.
فهذا لم يختلف أيضا عما حدث لهيئة المطافى، فقد أخبرنى «هشام» بأنه ذات يوم قام هو وصديقه بالهزار مع سيارة المطافى.. للإبلاغ عن وقوع حريق هائل بإحدى الشقق السكنية بمنطقة مصر الجديدة.. وعندما وصلت سيارة المطافى إلى مكان الحريق وجدت منطقة راقية لا يوجد سوى الهدوء والهواء النقى.. وعندما عاودت الاتصال وجدت من يرد عليها قائلا: «هذه الكاميرا الخفية.. إحنا كنا بنهزر معاكم»!.. وأغلقوا التليفون على الفور، بل أيضا قاموا بتغيير الشريحة حتى لايستطيع أحد الوصول إليهم!.. وقد ذكر هشام قائلا: «إنه لم يقم بفعل مثل هذه الألاعيب السخيفة بعد ذلك.. لأن البلد الآن فى حالة طارئة وليست مستقرة أمنيا حتى تتأكد من البلاغات.. كما أننى وقتها لم أكن أدرك ما خطورة ما قمت به أنا وصديقى.. لأن كل ما كان يشغل بالنا وقتها هو أننا نريد اللعب والمزاح فقط.. وإن هذا شىء جديد لم نقم بفعله من قبل.. لذلك جاءت الفكرة وقمنا بتنفيذها.. وكانت هذه المرة الأولى والأخيرة التى قمنا فيها بالهزار مع هيئة حكومية بعدما علمنا مدى خطورتها علينا وعلى البلد.. تركته وبداخلى أسئلة عديدة ما الفائدة التى تعود عليه من فعل هذا سوى الضحك لبضع دقائق وينتهى الأمر بعد ذلك، أما بالنسبة للجانب الآخر وهو السلطات فيعود عليه بالخراب والاستهلاك الفارغ للأجهزة الأمنية!
∎إزعاج للسلطات
مسلسل الاستخفاف بالسلطات مازال مستمرا حتى وقتنا الحالى.. ونراه من خلال التهديدات والبلاغات الكاذبة التى نسمع عنها كل يوم من قبل أنصار المعزول والفوضى الكاذبة التى يعلنون عن إحداثها فى الشارع المصرى لنشر الذعر بين المواطنين وليقوموا بتشتيت الأجهزة الأمنية وبعد قيامهم بعملية التأمين لم يحدث شىء!.. وقد ظهر ذلك فى إحداث الفوضى ونشر الأكاذيب عن قيامهم بتعطيل مترو الأنفاق ووقوفه عن السير.. فكل ما يريدونه هو إحداث الإرهاق الذهنى والعصبى للجهات السيادية.. وقد ظهر ذلك من خلال دعوتهم عبر تويتر خلال صفحة «أخبار رابعة» بأنهم سيقومون باللعب ضد الانقلاب داعين إلى أفكار سلمية إبداعية لإسقاط الانقلاب!.. لكن السؤال الذى يطرح نفسه الآن: هل ظروف البلد تتحمل هذا النوع من الاستخفاف الذى يقوم به الشباب سواء الموجه أو غير الموجه؟!.. وهل ما يقوم به الشباب يعتبر عدم وعى وقلة ثقافة؟!.. وما الأضرار التى تعود على هذه الهيئات من خلال هذه البلاغات الكاذبة؟!.. وما عقوبة من يقوم بفعل هذا؟!
∎بلاغات كاذبة
أجاب علينا الخبير الأمنى ومساعد وزير الداخلية الأسبق - اللواء محمد نور الدين - قائلا: إن هذه البلاغات الكاذبة والمزعجة تعتبر قلة ثقافة وتربية من الشباب.. وعلى الشباب أن يكفوا عن القيام بمثل هذه الألاعيب مع الجهات السيادية.. لأن عقوبتها جنائيا الحبس فيها على الأقل 3 سنوات.. لأنها تعتبر تهديدا للأمن القومى وترويعا للمواطنين.. بالإضافة إلى أنها تعتبر أيضا إزعاجا للسلطات.. وفيها إهدار للمال العام.. لأن إخراج هذه السيارات بقواتها فيها تكلفة كبيرة للدولة.. وبالتالى تكون عقوبتها مشددة.. لذلك على الشاب أن يدرك جيدا أن ما يفعله سيأخذه إلى وراء القضبان.. لأننا سنتتبعه من خلال رقم التليفون الذى سيحدد مكانه على الفور وإذا حاول التخلص من الشريحة سنحدد مكانه عن طريق جهاز «الجى بى سى» فهو جهاز يقوم بتحديد المكان والمنطقة.. وإذا أصبحت هذه ظاهرة، فعلى مجلس الشعب القادم أن يقوم بتجريمها.. لأن هذه تعتبر عملية خطيرة جدا وعلى الكل أن يعلم ذلك.. ومن يريد أن يلعب مع الجهات عليه أن يجرب، لكنه لا يندم بعد ذلك لما سيحدث معه!
∎استراتيجية القلعة
بينما حللت الدكتورة سوسن فايد - علم نفس سياسى وخبيرة بالمركز القومى للبحوث الجنائية - نفسية الشباب الذين يقومون بالاستخفاف بالسلطات قائلة:
إن هذه البلاغات لم تكن موجودة من قبل بهذا الشكل الملحوظ.. فإن البلد يعيش الآن أزمات تهدد باستقرار المجتمع.. لذلك فإن ما يقوم بهذه البلاغات، أتصور أنه لم يفعل هذا من قبل الهزار أو حتى ملء وقت فراغه، إطلاقا.. لان هذا يزيد من عدم استقرار المجتمع ويعمل على نوع من التوتر.. كما أعتقد أن هؤلاء يعتبرون من الفصيل الذين ضد الثورة ولا يريدون الاستقرار للبلد.. ويريدون أن يثبتوا أن البلد فى حالة قلق وعدم استقرار.. فإن هذا لا يقف عند حد البلاغات فقط.. فالذعر الذى أحدثوه عندما قالوا بأنهم سيملأون المترو.. ولم يحققوا غرضهم، بل فعلوا هذا بالشارع المصرى.. وظهر ذلك من خلال الأزمة المرورية المفتعلة.. من يعطل سيارته ليحدث إرباكا فى الطريق.. ليبين فشل الحكومة ويظهر عدم الاستقرار والاضطراب فى المجتمع.. ويعتبر هذا هدفا من أهداف الأجندة.. إنه يفتعل طول الوقت أن هناك أزمة ومشكلة أو هناك نوعاً من الفشل والإخفاق لمؤسسات الدولة.. وبالتالى هذه البلاغات الكاذبة تعتبر جزءا من الاستراتيجية، ألا وهى عمل نوع من القلق والشلل المجتمعى فى الشارع والخدمات.. حيث إنه يظهر للعالم أن هناك قلقا وتوترا وإن الحكومة ضعيفة، فضلا عن أن الثورة لم تحقق إنجازاتها.. ذلك على المؤسسات عدم التحرك إلا بعد تأكدها من صحة البلاغ حتى لا يكون هناك نوع منالاستهلاك لمجهود القوات.. وأيضا عليهم أن يتأنوا فى اتخاذ البلاغ حتى لا يكون هناك هلع لكل بلاغ.. كما يجب أن تكون هناك خطة لمراجعة البلاغ.. أما بالنسبة للشباب فتقول: هناك فريق من الشباب يعانى من قلة الثقافة وعدم الالتزام بالإضافة إلى وجود فريق آخر مأجور ويأخذ مقابل ما يقوم به.. لأنه يقوم بتحقيق الأجندة من قبل القائمين عليها من القيادات التى قامت برسم هذه الاستراتيجية.. فإن التمويل الداخلى والخارجى له دور كبير فى توجيه شريحة كبيرة من الشباب وخصوصا الشباب الذين فى حاجة ملحة إلى المتطلبات الاقتصادية.. فحل مشاكل الشباب له دخل كبير فى توجههم، لمقابل مادى نظرا لمعرفتهم لاحتياجهم الشديد لمتطلبات الحياة.
∎ 99٪ معاكسة نتلقاها
أما الدكتور أحمد الأنصارى - نائب رئيس هيئة الإسعاف - فيقول: نحن نعانى كثيرا من الاتصالات الكاذبة والمكالمات غير الصحيحة التى نتلقاها فى الهيئة.. والثورة ليست لها علاقة بذلك لأننا نعانى من ذلك قبل قيامها بكثير!.. وذلك نظرا لعدم وجود قانون خاص يقوم بتجريم ومعاقبة كل من يحاول الاستهزاء والتلاعب بالهيئات الحكومية.. فكل ما توصلنا إليه فى الحد من هذه المشكلة هو أننا قمنا بالاتفاق مع وزارة الاتصالات بأننا سنرسل لهم تقارير بالأرقام التى تقوم بمكالماتنا أكثر من مرة، لأن هناك أرقاما تتصل بنا فى اليوم الواحد عشر مرات، مما يجعل الخط الساخن الخاص بالهيئة مشغولا طوال الوقت ويعرضنا ذلك لمشاكل وخسائر كثيرة، سواء خسائر مادية أو خسائر إنسانية.. لذلك نقوم بإرسال هذه الأرقام إلى «call center» ويقوم بفلترة هذه المكالمات بأعلى تقنية ومن خلالها تظهر المكالمات الصحيحة من المكالمات غير الصحيحة ثم يبلغنا لتتحرك سيارة الإسعاف إلى موقع الحادث الصحيح.. وكل هذا يتم بشكل سريع جدا حتى لا نتأخر على إنقاذ حياة المريض.. يوضح الدكتورالأنصارى قائلا: لقد قمنا بحصر عدد المكالمات منذ 2008 وحتى الآن 2013. فوجدنا أن هناك تقدما ملحوظا.. ففى 2008 كان عدد المكالمات 120 ألف مكالمة من بينها 99٪ مكالمات غير صحيحة و1٪ مكالمات صحيحة.. وظلت هذه النسبة مستمرة حتى 2009. وفى 2010 بدأت هذه النسبة تنخفض حتى وصل عدد المكالمات فى 9 محافظات إلى 90 ألفا من بينها 97٪ غير صحيح و3٪ صحيح.. واستمرت أيضا هذه النسبة فى الانخفاض حتى وصلنا فى 2013 إلى 65 ألف مكالمة تتلقاها الهيئة فى 31 محافظة من بينها 93٪ مكالمات غير صحيحة و7٪ مكالمات صحيحة.. فإن النسبة التى وصلنا لها الآن تعتبر أفضل بكثير مما كنا عليه من قبل.