«قرض الصندوق» بعد أن كان القشة التى يستند عليها الاقتصاد المصرى تحول الآن إلى مجرد ورقة هشة ليس لها موقع من الإعراب بعدما انهالت المساعدات العربية على مصر وأعرب المستثمرون عن العودة إلى السوق المصرية ودعم مصر حتى تعود إلى موقعها الطبيعى ومن هنا يبقى السؤال: هل مصر فى حاجة ملحة لقرض الصندوق بعد هذه المنح؟!!! هل مصر استغنت تماما عن 4.7 مليار بعد أن دخل فى خزينتها 21 مليارا؟! مساعدات عربية انهالت على مصر بعد رحيل نظام الإخوان مما يساعد فى رفع الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى، ولا شك أن هذه المساعدات سوف تساعد مصر على تخطى الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تمر بها .. فقد حصلت مصر مؤخرا على 3 مليارات دولار من الإمارات ودخلت لدى المركزى ،فضلا عن ال 21 مليار التى أتت من باقى الدول بجانب إصرار الاتحادالأوروبى على دعم مصر حتى تخرج من محنتها وبالرغم من هذه المنح والمساعدات فإن قرض الصندوق الذى كان فى فترة من الفترات هو قبلة الحياة للخروج من عنق الزجاجة ومنذ أن جاءت الحكومة المحنكة اقتصاديا لتعلن أن قرض الصندوق ليس مهما فى هذه الفترة ومن هنا اختلف خبراء الاقتصاد حول هل قرض الصندوق مازال قبلة الحياة للاقتصاد المصرى أم ليس له دور فعال بعد هذه المساعدات التى فاقت ال 8,4 مليار دولار.
∎الفرصة
وفى هذا الإطار أكد الخبير الاقتصادى الدكتور فخرى الفقى أن المساعدات الخليجية أتت فى وقتها، وهى كافية لسد احتياجات مصر التمويلية لعام واحد فقط.
ويؤكد الفقى أن المساعدات الخليجية هذه المرة تتميز بانخفاض تكلفة التمويل، وهو ما يساعد على تخفيف أعباء الدين أو التمويل على الموازنة العامة للدولة.
وعلى مصر أن تعمل على تدبير احتياجاتها التمويلية بعد هذا العام، وهو ما يضطرها للجوءللتعامل مع صندوق النقد الدولى، ولكنها ستكون فى وضع أفضل للتفاوض مع الصندوق، حيث ستكون فترة العام الأول فرصة لإعادة ترتيب الملف الفنى للحصول على القرض فى ظل ظروف أفضل من ذى قبل.
وأشار إلى أن مسألة قرض صندوق النقد الدولى يجب أن تغلق ولا يعاد فتحها مرة أخرى. فمصر ليست فى حاجة للحصول على قروض الصندوق بقدر ما تحتاج إلى حسن إدارة مواردها الاقتصادية والمالية، وأن دعاوى الحصول على القرض بغرض تحسين صورة الاقتصاد المصرى فى السوق الدولية، أو أنها شهادة على قدرة الاقتصاد المصرى بالجدارة الائتمانية، غير صحيحة.
إن الدعم الذى أعلنت عنه كل من السعودية والكويت والإمارات هو دعم قومى، ومن الممكن أن يكون بديلا عن قرض الصندوق وأن قرض الصندوق هو قرض تجارى كان سيستخدم فى سد العجز فى ميزان المدفوعات.
قال: إن مصر أصبح عندها إمدادات فى البترول والطاقة وهى منح لا ترد وهى بدون فوائد وسوفتوفر سيولة دولارية وتزيد من الاحتياطى فى حدود 9 مليارات دولار لو تم تجنب ال3 مليارات دولار الخاصة بالوقود والبترول.
وأكد أنه على الحكومة أن تبدأ بدخول التعديلات على الموازنة العامة للدولة للعام المالى الجارى، وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالى الحالى 2013-2014 لدراسة مدى تأثير تلك التعديلات على مستهدفات الحكومة خلال الفترة المقبلة، فعلى حكومة الببلاوى أن تعلن عدم حاجتها إلى قرض صندوق النقد الدولى، خاصة مع عدم استطاعتنا تلبية شروط الصندوق.
وأكد أن مصر ليست فى أى حاجة للقرض لأن لدينا موارد بديلة ،من بينها ترشيد قيمة الدعم مما يوفر من 70 إلى 75 مليار جنيه فى الموازنة العامة للدولة، مشيرًا إلى أن المساعدات التى حصلت عليها مصر من السعودية والكويت والإمارات من الممكن استغلالها فى ضخ استثمارات جديدة تغنى عن احتياجنا للقرض الدولى.
∎الشهادة
وأوضحتالدكتورة هالة السعيد - عميد كلية اقتصاد وعلوم سياسية - أن قرض صندوق النقد الدولى لايمثل أهمية إلا إعطاء مصر شهادة ضمان للمستثمرين، وأشارت إلى أن دخول المساعدات العربية تغنى مصر عن القرض فى دعم الاحتياطى النقدى الأجنبى.
وطالبت بحماية المستثمرين على الأرض بترسانة من التشريعات وحوافز للاستثمار ،مؤكدة أن الحل فى الإنتاج، مشيرة الى أن المساعدات التى تلقتها مصر من الدول العربية ستساهم فى تجاوز المرحلة الانتقالية من دون خسائر.
وأوضحت أن الحكومة فى المرحلة المقبلة تستهدف وضع خطة عاجلة لإصلاح الخلل الهيكلى فى اقتصاد البلاد، وتحقيق إنجازات ملموسة وسريعة يشعر بها المواطن، وتساهم فى حل مشاكله العاجلة، حيث إن المرحلة المقبلة ستحتاج إلى إعادة تقييم للموقف الاقتصادى فى البلاد، الأهم هو وضع عدد كبير من الإصلاحات الهيكلية، التشكيل الوزارى الحالى يضم مجموعة من أكفأالاقتصاديين، وستكون هناك خطة عاجلة لحل المشاكل الملحة والسيطرة على الأسعار وتحسين جودة الخدمات، نحتاج إلى تحقيق إنجازات سريعة وإعادة بناء الثقة بين الشعب والحكومة.
أوضحت أن قرض الصندوق مرتبط بتنفيذ روشتة إصلاح اقتصادى من الممكن أن تكون لها انعكاسات اجتماعية، مثل تخفيض الدعم وزيادة الأسعار وزيادة الضرائب وفى نفس الوقت مكروه سياسيا.
أوضحت أن قرض الصندوق يقدم للدولة شرائح وكل مرحلة مرتبطة بتنفيذ حزمة من الإصلاحات وأصعب هذه الإصلاحات هو تغيير برامج خصخصة وآخر خاص بخفض قيمة الجنيه، فالظرف العام فى مصر غير مهيأ للتفاوض، وأن مصر تحتاج لبعض الوقت للتعامل مع العالم الخارجى خاصة أن هناك اختلافا فى وجهات النظر لما حدث فى مصر بعد 30 يونيو.
أشارت إلى أن جزءًا كبيرًا من برنامج الإصلاح تم تنفيذه والخاص بزيادة الأسعار وزيادة ضريبة المبيعات والضرائب الجمركية وتعديل ضريبة الدخل ورفعأسعار الكهرباء والغاز.
أوضحت أن قرض الصندوق فى الغالب يصاحبه إملاءات وأن مصر لا تحتاج لهذه الإملاءات فى هذه المرحلة.
ودعت إلى ضرورة العودة من جديد إلى العمل والإنتاج وإقامة توسعات فى المصانع ومنح قروض للمشروعات الصغيرة ومشروعات للإنتاج الحيوانى والتصنيع الزراعى والبنية الأساسية لكى يشعر الناس بفائدة تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادى.
∎السلبية
من جانبها ترى الخبيرة الاقتصادية الدكتورة عالية المهدى - أنه لا يمكن أن تكون المنح والقروض بديلاً لقرض الصندوق لأن قرض الصندوق سوف يقدم حزمة قروض أخرى فى حدود 15 مليار دولار، ليكون الإجمالى فى حدود 20 مليار دولار بينما حزمة المساعدات العربية فى حدود 12 مليار دولار.
وقالت: إن المساعدات العربية يمكن أن تكون قرضا مصيريا يفيد الاقتصاد حتى يمكن الحصول على قرض الصندوق ولكى نلتقط الأنفاس حتى يمكن تطبيق الإصلاحات التى تم الاتفاقعليها مع الصندوق.
وأضافت : إنه بعد تطبيق هذه الإصلاحات فإنه أصبح لزاما على الصندوق تقديم القرض المتفق عليه لمصر، مضيفة إن حدوث تخفيض ائتمانى جديد ممكن فى حالة استمرار الاضطرابات الداخلية العنيفة، مشيرة إلى أن القروض والمنح المصيرية التى ستحصل عليها مصر لن تفيد الاقتصاد إذا استمرت الخلافات وتأخر تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، وأوضحت أن ال 12 مليار دولار يمكن أن تخلص فى 4 أشهر ويعود الاقتصاد مرة أخرى إلى مرحلة العوز والاحتياج لأن مجال الاقتصاد لا يعتمد على الفهلوة.
وأشارت إلى أن الاقتصاد المصرى يعانى من سيولة كبيرة وبالتالى فنحن فى حاجة ملحة إلى الحصول على القرض.
وأوضحت ضرورة أن تتدخل حكومة الببلاوى فى مفاوضات مع وفد صندوق النقد، بحيث تعمل على التخفيف من الشروط التى يفرضها الصندوق على مصر من خلال الاكتفاء بترشيد الطاقة ودعم البنزين.