كان وداعا مهيبا.. وداعا يليق بعملاق أو قائد أسطورى وقف الحشد الكبير أمام مسجد الحامدية الشاذلية.. يلقون النظرة الأخيرة على جثمان الفقيد، يودعونه بمشاعر الأسى وصعوبة الفراق التى كانت بمثابة الكابوس..الذى صدم جميع محبيه من الفنانين والموسيقيين فوداعاً عمنا عمار الشريعى. رحل عنا عمار لكنه لن يمت بتراثه الفنى الثرى الكبير، فلأول مرة نرى جنازة يبكى جميع من فيها رجالا كانوا أو نساء، شباب من مختلف الأعمار، حضور بحجم وقيمة هذا الفنان شهدوا اللحظات الأخيرة له فى عالم الغناء فى طريقه إلى عالم الخلود، فقد كان أول الحاضرين المخرج «جمال عبدالحميد» الذى عجز عن الحديث الشديد فى البكاء طوال الوقت.. جلس فى المقدمة يتلقى العزاء فى رفيق دربه وجلس إلى جواره «محمود سعد» الذى كانت تربطه بعمار علاقة وطيدة وصداقة قديمة.. وقد كان لنا هذا اللقاء مع عدد من الحاضرين الذين سجلنا كلماتهم عن الكبير جدا عمار الشريعى.
فمن بين الحضور كان النجم الكبير «صلاح السعدنى» والذى بدت عليه مشاعر الأسى والحزن على الفقيد وبصوت مجروح، حزين تحدث إلينا قائلا: لفت نظرى جدا أن «سيد درويش» يوم وفاته كان الشعب المصرى كله فى الشارع يستقبل الزعيم «سعد زغلول» أثناء عودته من المنفى، وبالتالى لم يشعر أحد برحيل سيد درويش الذى سار وراءه أثناء تشييع جثمانه أربعة فقط ها هى اللحظة تتكرر بمشهد رحيل عمار الشريعى الذى رحل والشعب المصرى بالكامل فى ميادين مصر احتجاجا على إعلان دستور قبيح وكريه ومات فى صمت رحمة الله عليه.
أما النجم محمد هنيدى والذى حضر فى حالة نفسية سيئة، متأخرا متلهفاً لرؤية جثمان الفقيد للمرة الأخيرة، ليفاجأ برحيله، مرددا رحمة الله عليه ليغادر المكان مسرعا.
من جهة أخرى كان لنا لقاء مع الكاتب «بلال فضل» أحد عشاق موسيقارنا الكبير والذى قال: من الصعب أن تجد كلاما تصف به الشعور الذى يسود عشاق عمار فى لحظة رحيله عن عالمنا، فهذا الفنان لقب بفنان الشعب، لهذا فإن خسارة الشعب المصرى فيه كبيرة، فأحيانا نلتقى بأشخاص نسعد للقائهم ولكن بعد رحيلهم تتمنى لو أنك لم تلتق بهم من الأساس لمدى الحسرة التى تشعر بها لحظة فراقهم هكذا أشعر تجاه العملاق «عمار الشريعى» هذا الرجل البسيط، المرح، المتواضع، فمن الصعب أن تجد شخصاً قد يذكر لك صفة سيئة عنه..».
ويلتقط الحديث من الكاتب «بلال فضل» المخرج الكبير محمد فاضل والذى أكد: «عمار بالنسبة لى ليس مجرد فنان وإنما هو إنسان وصديق وهذه الصداقة كنت أشعر أنها لكل أفراد الشعب المصرى من خلال فنه كما أن ثقافته العالية جعلت منه رائدا فى الموسيقى الدرامية، فإذا حللنا أعماله سوف نلاحظ أسلوبه الخاص بعمار والذى لم يكن قبله من هنا نستطيع الشعور بحجم خسارتنا، ولكن ما يعوضنا هو الشعور الدائم أن أعمال الفنان باقية حتى بعد رحيله.
أما الإعلامى «وجدى الحكيم» فقد عبر لنا عن حزنه الشديد برحيل الكبير عمار الشريعى قائلا: عمار رحل جسدا، ولكن سيظل خالدا بفنه وإبداعاته التى ستظل تذكرنا أننا فى زماننا وجيلنا المعاصر كان هناك من بيننا فنان استطاع أن يجسد روح التزاوج بين الموسيقى والغناء الذى نفتقده، لم يذهب عمار عنا إلا بعد أن حقق للأجيال القادمة أعمالا موسيقية وغنائية ستظل شاهدة على زماننا المعاصر الذى نفتقد من خلاله عمار الشريعى..».
من الحضور أيضا كانت النجمة لبلبة التى بدت عليها مشاعر الحزن والأسى على فقدان عزيز وصديق غال حيث قالت كنت على مشارف البدء فى مشروعى مع عمار بإعادة توزيع أغنياتى على مدار مشوارى الفنى إلا أن القدر لعب دوره وإرادة الله أقوى من أى شىء، لهذا لا أملك سوى أن أدعو له بالرحمة.
أما الموسيقار صلاح الشرنوبى فقد عبر مؤكداً، أن مصر بفقدان عمار فقدت رمزا استطاع أن يؤثر بفنه وثقافته فى العالم كله، من جهة أخرى كان الفنان إيمان البحر درويش، أول الحاضرين إلى مسجد الحامدية الشاذلية فى أول صفوف المصلين حزينا على الصديق والأخ والأستاذ وفى غاية الأسف قال: خسارة كبيرة لن تعوض فى فنان أو إنسان ولعل أكبر دليل على كلامى هو هذا الحضور الهائل لمحبى عمار الشريعى.
أخيرا تحدث إلينا الشاعر الكبير جمال بخيت الذى بدأ حديثه بنعى شعب مصر فى الموسيقار الكبير عمار الشريعى ثم قال «قيمة نادرة لم تكف عن إدخالنا بقدراتها وثقافتها، قصة كفاح ومعجزة حقيقية فعلى الرغم من إعاقتها فإنه كان الأقدر على رؤية العالم والحمد لله هناك مجموعة من الأعمال الفنية التى جمعت بينى وبين عمار والتى ستظل راسخة فى ذهنى للأبد ولعل من أهم هذه الأعمال مسحراتى مصر البهية تلك الوثيقة الفنية الوحيدة الشاهدة على ظهور عمار صوتا وصورة والحقيقة أنه كان مترددا ولكن بعد مناقشات طويلة بينى وبينه تم الاتفاق على تنفيذها فقد كان قلقاً من المقارنة بينه وبين عمنا سيد مكاوى صاحب التراث الكبير فى عالم المسحراتى، كل ما أود قوله هو أننى فقدت صديقا غاليا رحمة الله عليه
وانتهت الجنازة التى أقيمت فى القاهرة إلى جنازة حاشدة أخرى فى بلدة سمالوط بالمنيا كان الطريق طويلا ولكن فى النهاية استقر عمار هادئا وبدأ عذابنا نحن.
ومن النجوم الشباب الذين حرصوا على حضور تشييع الجثمان هو المطرب «مصطفى كامل» والذى تحدث إلينا فى إيجاز قائلا: «فقدنا زعيمنا، بالنيابة عنى وعن نقابة المهن الموسيقية «عمار الشريعى» ليس مجرد فنان، إنما هو إنسان حقيقى متواضع، ذو أخلاق، دمه خفيف، فحتى قبل رحيله بساعات كنت معه وقد كانت الابتسامة لاتفارقه على الإطلاق، الله يرحمه».