لم يتبق سوى أيام قليلة وتجرى جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية وفق خريطة تصويت معقدة مفرقة مابين أصوات إسلامية وأصوات ليبرالية وأصوات تبحث عن الاستقرار وأصوات ثائرة وإن كانت المرحلة الأولى قد جمعت شتى الأصوات فإن المرحلة الثانية يشتد فيها الصراع على الكتلة التصويتية الثالثة ويقصد بها الكتلة التى صوتت للتيارات الثورية فى المرحلة الأولى من الانتخابات والتى تصل إلى ما يزيد على 01 ملايين ناخب، وتشير التوقعات إلى نقص نسبة المشاركة بسبب دعوات المقاطعة التى تبنتها القوى السياسية وشباب الفيس بوك بعد انحصار المنافسة بين الدكتور محمد المرسى والفريق أحمد شفيق. وفى الجولة الأولى للانتخابات وصلت نسبة المشاركة إلى ما يقرب من 32 مليون ناخب حصل الإخوان على ما يقرب من 52٪ من أصوات الناخبين على عكس ما كان يردد الإخوان فى مصر بأنهم يراهنون على 51 مليون ناخب لتكون النتيجة 5 ملايين ناخب فقط هم من أعطوا أصواتهم للإخوان.
الجولة الثانية يشتد فيها الصراع على كعكة الناخبين، خاصة ممن صوتوا للقوى الثورية بعيدا عن الأيديولوجيات فكل مرشح يحاول جاهدا كسب كتل تصويت على حساب المرشح الآخر حيث يراهن الدكتور محمد المرسى على كسب الكتلة التصويتية الخاصة بحمدين صباحى والدكتور عبد المنعم أبوالفتوح والتى قد تصل إلى ما يقرب من 9 ملايين ناخب بينما يعتمد الفريق أحمد شفيق على أنصار المرشح الخاسر عمرو موسى مع بعض الكتل الليبرالية التى تخشى التيارات الإسلامية ولديها استعداد لانتخاب أى مرشح حتى ولو كان من الفلول نكاية فى الإخوان وفى الحكم الدينى.
وقد تقدمت بعض المسيرات فى شوارع مدينة نصر على سبيل المثال لشباب يحملون لافتات كتب عليها كنا من أنصار حمدين صباحى وأبوالفتوح وسنعطى أصواتنا لمحمد مرسى فى الإعادة وهو الأمر الذى نفته حملة حمدين صباحى موضحة أن الحملة لا يمكن لها أن توجه أنصار حمدين لمرشح بعينه وأن ما يحدث هو اتجاهات فردية لا علاقة لها بحمله صباحى. على الجانب الآخر تشير كثير من التوقعات إلى ذهاب أنصار الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح للدكتور محمد المرسى بدعمئمن الشخصيات العامة فى المجتمع التى أعلنت تأييدها لمحمد المرسى نظرا لاستحالة توافقها فى يوم من الأيام مع المرشح أحمد شفيق.
بينما يخوض الفريق أحمد شفيق سباق الرئاسة مع الدكتور محمد مرسى معتمدا على كتلة كبيرة من الأصوات فطبقا للتوقعات فإن الفريق شفيق سيحظى بدعم كارهى الإسلام السياسى بالإضافة إلى أصوات الأقباط مع بقايا الحزب الوطنى المنحل والبسطاء من العامة ممن يبحثون عن الاستقرار والأمن ولقمة العيش وعدد كبير من موظفى الجهاز الإدارى للدولة والعاملين بالسياحة وأسر العسكريين. بالإضافة إلى أصوات المرأة.
ولكن من المؤكد أن الحكم الذى صدر بالمؤبد لكل من العادلى ومبارك وبراءة علاء وجمال ومساعدى العادلى من تهمة قتل المتظاهرين ستؤثر بالسلب على كتلة الفريق أحمد شفيق باعتباره أحد رموز النظام السابق.
عن الكتل التصويتية وصراع المرشحين لكسب أصوات الكتلة الثالثة يقول الدكتور أشرف الشريف محاضر فى العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية.
المؤشرات لجولة الإعادة توضح أن نسبة المشاركة ستكون أقل بكثير من المرحلة الأولى فيوجد قطاع كبير أحبط من الجولة الأولى ولا يوجد لديهم حافز للنزول مرة أخرى فضلا عن أن من لم ينزل الانتخابات وعددهم يقترب ل 72 مليون ناخب لن ينزلوا أيضا فى الإعادة لذلك من غير المتوقع زيادة فى نسبة الحضور.
ويرى الشريف أنه توجد صعوبة لتوقع خريطة الكتلة التصويتية، فالوضع يتغير من يوم لآخر فالكتلة التصويتية للمرشح حمدين صباحى تشكلت قبل الانتخابات بأسبوعين بسبب افتقاد أغلب القوى السياسية للتنظيم فإنه من الصعب حساب الكتل التصويتية أو معرفة اتجاهاتها. وعن توقعاته بشأن الكتلة التصويتية لأبوالفتوح وصباحى والتى تقترب من ال9 ملايين ناخب وتوجهاتها فى الإعادة أكد الشريف أن كلاً من حمدين وأبوالفتوح لا يملكان مفاتيح الكتلة التصويتية الخاصة بهما ولا يملكان توجيهها.
فعلى سبيل المثال كتلة حمدين صباحى والتى أغلبها من المثقفين والفنانين والثوار يرفضون الإخوان ويرفضون إعادة إنتاج النظام السابق فلا هم مع مرسى ولا هم مع شفيق ويصعب إقناعهم أو توجيههم. ويؤكد الشريف أن فى مصر ظاهرة تعرف باسم الناخب المتذبذب أو الناخب المتأرجح وهى ظاهرة عالمية ولكن قد تزيد نسبتها فى مصر والناخب المتذبذب هو الناخب الذى لا يستطيع أن يحدد مرشحه أو يحسمه حتى اللحظات الأخيرة معتمدا فى ذلك على مواقف أو انطباعات شخصية أو حوارات إعلامية.
ويرى الشريف أن فكرة المقاطعة أو إبطال الصوت هى فكرة تقليل الشرعية للرئيس وهى فكرة سياسية وليست قانونية، فلا يوجد فى القانون نسبة معينة تحدد نجاح الرئيس ولكن الهدف منها سياسى.
ويوضح الشريف أنه حتى الآن لا توجد دراسة قامت بتحليل ناخبى كل مرشح لمعرفة مستواهم أو أيديولوجيتهم فالموجود حاليا مجرد انطباعات، فالفريق أحمد شفيق حظى على تأييد من مجموعات شبكات الحزب الوطنى ورجال الأعمال والمنتفعين من النظام السابق. أما الإخوان فلديهم فكر يبنى على الماكينة التنظيمية والحشد، مشيرا إلى أن الأيام الأخيرة ستكون فارقة خاصة بالنسبة للإخوان فعليهم توحيد الصف مع القوى الثورية وكسب ودهم من جديد ولكن رهانهم الأساسى سيكون على نفس كتلتهم من الإسلاميين والسلفيين فاكتساب أصوات جديدة لن يكون فعالا خلال الأيام القليلة لذلك سيهتمون بكتلتهم التصويتية الموجودة
أما الفريق أحمد شفيق فكتلته هى العمد والقبائل والعشائر وشبكات الحزب الوطنى ورجال الأعمال بالإضافة إلى الإعلام والذى يستخدم فزاعة الإخوان والانفلات الأمنى ومدنية الدولة.
الدكتور سامر سليمان أستاذ مساعد العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية يؤكد أن جزءًا كبيرًا من كتلة أبوالفتوح سوف يدعم الدكتور محمد مرسى لأن جزءًا كبيرًا من مؤيديه لا توجد لديهم مشكلة مع التيار الإسلامى.
أما بالنسبة لمؤيدى المرشح حمدين صباحى فكتلته متنوعة ومعظم مؤيديه سوف يقاطعون الانتخابات. وبالنسبة لمؤيدى المرشح الخاسر عمرو موسى فجزء منها سيذهب للتصويت لشفيق وربما يمتنع جزء آخر.
ويوضح سليمان أن أصوات المسيحيين فى الجولة الأولى قسمت مابين عمرو موسى وأحمد شفيق وحمدين صباحى ومن المؤكد أنها جميعا ستصب فى جولة الإعادة لصالح الفريق أحمد شفيق.
ويرى سليمان أن محاكمة مبارك وبراءة قيادات الداخلية واعتصامات ميدان التحرير أضرت ضررا بالغا بالفريق أحمد شفيق لأنه محسوب على النظام السابق والذى لم يسقط بعد فى ظل تنامى هذه الأحداث.
ويشير سليمان إلى أن قبل اعتصام ميدان التحرير كان من المتوقع أن يحصل الفريق شفيق على أصوات شريحة من التى لم تنزل فى الجولة الأولى ولكن لا يزال فى وجدانها الرجل العسكرى الحازم ولكن بعد المحاكمة ستزيد نسبة مقاطعة الانتخابات وربما يخسر شفيق بعضاً من مؤيديه.
الدكتور وحيد عبدالمجيد رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وعضو مجلس الشعب يتوقع أن تذهب أصوات أنصار الدكتور أبوالفتوح للدكتور محمد المرسى ومن الممكن أن يستقطب الدكتور محمد المرسى أصوات حمدين صباحى فمن سيؤيده لن يؤيده حبا فى الإخوان ولكن لإسقاط شفيق.. على جانب آخر فإن الأصوات القبطية ستكون مع شفيق باعتباره مرشحا مدنيا وسيحصل على أصوات المرشح عمرو موسى.