شعار المرحلة القادمة لدعم د. محمد مرسى مرشح الحزب والجماعة أو بمعنى أدق مرشح التيار الإسلامى كله الذى احتشد أخيرا «على استحياء» بعد أن كانت الصدمة بظهور شبح النظام السابق أمامهم ممثلا فى صورة الفريق شفيق. الجهاد فى سبيل الله «إعلاميا» وفى سبيل الجماعة «حرفيا» لغم قديم تتحسسه الجماعة فى طريقها إلى انتخابات الرئاسة. شواهد كثيرة تكشف النية المبيتة لدى بعض التيارات الإسلامية والتى لن ترضى بأن يحكمها أحد رجال النظام السابق كما قال الدكتور صفوت حجازى: إن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستكون بمثابة جهاد فى سبيل الله. وكما وصفها أيمن شعيب - أمين حزب النور بأسيوط - بأنها مسألة حياة أو موت. والشيخ المحلاوى خطيب مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية، الذى أضاف قائلا: إن من قام باختيار شفيق خائن لله ورسوله، مؤكدا على من فعل ذلك أمامه التوبة فى جولة الإعادة واختيار المرشح الإسلامى. وكأننا عدنا للمشهد الذى شاهدناه فى الأيام الأخيرة من حكم مبارك، والذى كان يقول للشعب إما أنا أو الإخوان، ونحن الآن عدنا لنجد إما شفيق أو الإخوان الذين يقاتلون فى معركتهم الأخيرة.
وبالتالى كانت هناك بعض الأسئلة التى لم نجد أفضل مجيب عنها سوى تاريخ الإخوان أنفسهم حول إذا ما كان فكر الجماعة سيسمح لها بالتنازل بسهولة عن هذه المكتسبات أم سيبيح استخدام القوة والعنف فى الوصول إلى الهدف الأخير حيث «الكرسى الكبير»؟
بداية «أبايعك بعهد الله وميثاقه على أن أكون جنديًا مخلصًا فى جماعة الإخوان المسلمين، وعلى أن أسمع وأطيع فى العسر واليسر والمنشط والمكره إلا فى معصية الله، وعلى أثرة علىّ، وعلى ألا أنازع الأمر أهله، وعلى أن أبذل جهدى ومالى ودمى فى سبيل الله ما استطعت إلى ذلك سبيلا والله على ما أقول وكيل»، هذا هو نص بيعة الإخوان والذى كما ترون يحمل فكرا عسكريا فى الولاء والطاعة أكثر منه انتماء لحزب أو جماعة .
خلال عشرين عاما «8291 - 8491» تحولت الجماعة بشكل تدريجى من حركة دعوية دينية اجتماعية إلى سياسية. ففى سنة 8491قام رئيس وزراء مصر محمود فهمى النقراشى بإصدار قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين، و اعتراضاً على هذا القرار قام الجهاز الخاص بالجماعة بوضع خطة لاغتيال رئيس الحكومة محمود فهمى النقراشى باشا، وكان يشغل وقتها بجانب رئاسته للحكومة منصب وزير الداخلية، وفى يوم 82/21/9491 تنكر الإخوانى عبدالمجيد أحمد حسن فى زى ضابط بوليس، واقترب من رئيس الوزراء ووزير الداخلية أثناء دخوله لمبنى الوزارة مطلقاً عليه ثلاث رصاصات أدت إلى وفاته على الفور، ولم يتوقف الإخوان بعد اغتيال النقراشى ورأوا أن إبراهيم باشا عبدالهادى امتداد للنقراشى ومن ثم قرر الإخوان اغتيال إبراهيم باشا، وبالفعل كمنوا له فى يوم 5 مايو 9491 فى الطريق إلى رئاسة مجلس الوزراء أطلقوا عليه وابلاً من الطلقات أصابت بعض المارة وكذلك على موكبه، ولكنه كان موكب حامد جودة رئيس مجلس النواب الذى لم يصب بأى أذى، وبعد القبض على منفذى العملية بدأت محاكمتهم التى استمرت حتى قيام ثورة يوليو واعتبر بعدها المتهمون أبطالاً وصدر عنهم جميعاً عفو شامل. ثم قتلوا المستشار الخازندار «8491» واللواء سليم زكى «8491»، كذلك أطلقوا النار على جمال عبدالناصر فى ميدان المنشية بالإسكندرية «4591»، كما قتلوا وزير الأوقاف المصرى الدكتور الذهبى «7791» وأنور السادات الذى اغتيل فى سبتمبر1891. كما أنهم اغتالوا رئيس مجلس الشعب المصرى د. رفعت المحجوب «0991» وقتلوا المفكر المصرى فرج فودة «2991» كما شرعوا فى قتل أديب مصر الكبير نجيب محفوظ «3991»..
وحاول آخرون «من تنظيمات انبثقت عن الإخوان» اغتيال حسنى مبارك فى أديس أبابا «أثيوبيا» فى يونيو 5991.
هذا عن تاريخ الإخوان كما جاء فى أدبياتهم. والآن نتحدث مع سياسيين يشرحون لنا بعض ملابسات التاريخ والمستقبل.
∎العنف السياسى
يقول د. رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للدراسات السياسية: لا شك أن الجماعات الإسلامية هناك جزء من بنيتها وتنظيمها وأدبياتها فيه عنف ورغم إعلان توبتها منه إلا أن احتمالات العودة إليه واردة عندما يسحب البساط من تحت أقدامهم، إلا أن الأخطر من ذلك أنهم يسمون العنف بالجهاد «وبالطبع جهاد أعداء الجماعة لا الوطن»، ومصر بشكل عام مقبلة على مرحلة من الاضطراب السياسى سواء كانت النتيجة لصالح مرسى أو شفيق وذلك نظرا لغياب النظام الأمنى الحاكم فى البلاد لذلك فاحتمالات الانفلات واردة وستستمر لمدة لا تقل عن أربع سنوات إلى أن تستقر معالم الجمهورية الجديدة والتى إذا لم تقم على التوافق لا الاستحواذ سنظل جميعا داخل متاهة الفوضى والصراع. وبالنسبة للإخوان فأعتقد أنهم لن يقوموا بأعمال عنف مباشر إنما سيدفعون البلاد إلى مشاكل سياسية واقتصادية تؤدى إلى انفجار غضب جديد وعلى أقل تقدير فى حالة فوز شفيق فستظهر معركة حلف اليمين أمام البرلمان والتى لن تتم وسيعمد الإخوان بعدها إلى تصدير الأزمات بشكل أكبر إلى الحكومة، والإخوان قادرون بالفعل على إرباك البلد إلى درجة العنف ولكنهم غير راغبين بالعنف المباشر لأنه سينقلب عليهم فيكونوا هم أول من خلف القضبان لا أعدائهم، فقد استوعبوا جيدا درس 45 ولن يكرروه وسيظل ملازما لهم رغم غرور القوة الذى يلوحون به بين الحين والآخر وعلى ذلك فهم فى المرحلة القادمة سيمارسون العنف السياسى لا الدموى فستصدر الدعوات لمليونيات ومظاهرات واحتجاجات. إنما إذا تمادوا فى إحداث الارتباك السياسى أو إحداث عنف دموى بالبلاد فأظن أن تحدث تطورات أمنية تؤدى إلى انقلاب عسكرى ووقتها سيدفعون الثمن غاليا. وحول العمليات المسلحة والتى تقوم بها الجماعات الجهادية التى تنتمى إلى تنظيم القاعدة يقول رفعت: الخوف من بعض الجماعات السلفية والتى من المتوقع إلى حد كبير انغماسها فى عمليات عنف وفوضى نتيجة أفقهم السياسى المحدود مثل أفراد جماعات الجهاد والمنتشرة فى سيناء بشكل كبير والتى تضم تنظيمات متطرفة كما تحوى كميات كبيرة من الأسلحة نخشى أن تتحول نحو أبناء الوطن عندما تتضارب المصالح السياسية. وخاصة مع فوز مرشح غير إسلامى. بل الخوف ألا تقف الأمور على هذا الحد حيث سيظل العنف والجهاد فى ملفات وتنظيمات هذه الجماعات ويخرجونه كل مرة يعلنون فيها الجهاد.
∎عنف المرحلة القادمة.. لا محالة
يتحدث الخبير الأمنى اللواء فؤاد علام عن الحالة الأمنية التى ستشهدها مصر عقب جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية والتى لن تختلف نتائجها فى فوز أى من المرشحين فيقول «للأسف الشديد هناك احتدام صراع بين الطرفين، فكلاهما مشحون وكلاهما يبيت النية للآخر فإذا نجح الفريق شفيق فسيتولى الجانب الآخر إشعال حالة الاضطرابات الأمنية والمظاهرات المضادة وكذلك بنجاح محمد مرسى. حتى إن الحملات الانتخابية أصبحت هى الأخرى تنتهج أساليب العنف والفوضى كما فى حريق مقر أحمد شفيق. وبالتالى فالحالة السائدة بعد الانتخابات الرئاسية ستكون بلا شك فوضى وارتباكا عاما وتصدير أزمات، خاصة إذا استخدم الإخوان العنف المعروف لديهم بالجهاد فستدخل مصر فى دوامة لا نهاية لها مع توافر الأسلحة التى تدخل مصر مهربة عبر الحدود وخاصة سيناء وسنعرف وقتها إلى أين ذهبت متغافلين عن الخطر الحقيقى الذى يريد ضرب القوة الأمنية لمصر و تقسيم البلاد.
∎ابتزاز سياسى
يرى الدكتور حسن أبو طالب خبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: إن ما صدر عن بعض الإسلاميين من التهديدات بإشاعة الفوضى والعنف إذا لم تأت نتيجة جولة الإعادة لصالحهم نوع من الابتزاز السياسى القائم على ترهيب الناخبين للتأثير على قناعاتهم لأنهم يدركون جيدا أن الصدام الدموى الحقيقى لن يؤدى بهم إلا لسوء العاقبة لذلك فهم ليسوا قادرين سوى بالتبشير بهذا دون الاجتراء عليه وهذا ما يكشف بوضوح حقيقة مصالحهم الخاصة والتى تذكرنا بمبارك إما أنا أو الفوضى.