منذ أن وقعت الواقعة، ومنذ حادث الإسكندرية، وهناك عدد كبير من المظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي تعم مصر كلها من أدناها إلي أقصاها.. وهذه المظاهرات والوقفات ليست في حد ذاتها شيئاً سلبيا، بل علي العكس ، فهي تعبير عن غضب المجتمع المصري ككل، وانتفاضته ضد الإرهاب، وضد كل ما يمس أمنه واستقراره.. وفي هذه الوقفات والمظاهرات تجلت مظاهر الوحدة الوطنية بين عنصري الأمة، إذ تشير التقارير والصور المنشورة عن هذه المظاهرات إلي أن كثيراً من الإخوة المسيحيين قد رفعوا المصاحف، في حين رفع كثير من المسلمين الصلبان، في دلالة علي اتحادهم.. كما توحد الصليب مع الهلال في معظم اللافتات، وعلي صفحات الإنترنت، وعلي المواقع الاجتماعية استبدل كثير من الأفراد صورهم بصور يظهر فيها الهلال متعانقاً مع الصليب ، في مشهد يعيد لنا نفحات ثورة 1919، ويعيدنا إلي " الفطرة السليمة" للشعب المصري. ولكن يبدو أن هناك بعض العناصر والقوي التي تريد أن تركب الموجة، وأن تستفيد من هذه الحركات الإيجابية في تحقيق بعض أهدافها الخاصة، لذلك رأينا أن بعض هذه الوقفات قد خرجت عن مسارها، وعن الأهداف الموضوعة لها، وبدأت في اختلاق مشاكل مع الشرطة، ومع قوات الأمن، وكأن هناك صراعاً بينها.. وهو ما يجعلنا نطرح السؤال التالي: ماذا تريد هذه الوقفات بالضبط؟ هل يريد القائمون علي هذه الوقفات التعبير عن غضبهم وحزنهم مما حدث؟ هل يريد المشاركون في هذه الوقفات الإعلان عن رفضهم للإرهاب ولهذه العمليات الدنيئة؟ إن كان هذا هو المقصود فنحن كلنا علي قلب رجل واحد نشاركهم الحزن، ونشاركهم الرفض.. أما إذا كان الهدف هو "صب مزيد من الزيت" علي جراح هذا الوطن ، ومحاولة اشعال نار الفتنة بين عناصره المختلفة فهذا ما يجب التصدي له بقوة، وهذا ما يجب مواجهته بقوة. ودعونا نقولها بصراحة ، المستفيد الوحيد من خلافاتنا، ومن تناحرنا هو العدو الخارجي.. فالذي خطط ونفذ هذه العملية الخسيسة هو المستفيد الأوحد من خلافاتنا، ومن تشتيت تركيزنا.. فبدلاً من أن تهتم الشرطة بجمع المعلومات عن الجناة ، وتحليل معالم الجريمة، نجدها مدفوعة لحفظ الأمن العام ولحفظ النظام في البلد.. وفي وسط هذا تأتي كلمات قداسة البابا شنودة بعقل وحكمة داعية للهدوء والتهدئة لأن الرجل يدرك أننا نحن أحياناً نحقق للآخرين ونفعل في أنفسنا أكثر مما يحلم به أعداؤنا..