هذه لحظة للوحدة وليست للفرقة.. هذه لحظة للتكاتف لا للتباعد.. هذه لحظة للتعاون لا للشقاق.. هذه لحظة للانتباه لا للغفلة.. فالخطر الذي يتهدد وحدتنا ومصيرنا ومستقبلنا كبير.. فها هو الإرهاب بوجهه القبيح يطل علينا من جديد في اللحظات الأولي التي كنا نستقبل فيها عامنا الجديد الذي كنا نأمل أن يكون أفضل لنا ولوطننا عن العام الذي رحل، آثر هذا الإرهاب المجرم أن تكون بداية عامنا الجديد دامية.. عندما اغتال أبناء لنا مسيحيين ومسلمين أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية. هذا الإرهاب البشع لم يفرق بين مسلم أو مسيحي وإن كان استهدف إحدي كنائسنا وذلك قبل أيام قليلة من احتفال أهلنا المسيحيين بعيد الميلاد الجديد.. إنه إرهاب خبيث شديد الدهاء يريد أن يمزق نسيج مجتمعنا، ويبث بذور الفرقة فيه، لينشب الشجار بين أبنائه.. بين مسيحيه ومسلمه.. إنه إرهاب أشد خبثاً من موجات الإرهاب الأخري التي تعرضنا لها في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. لذلك يجب أن نتسلح في مواجهته بأشد قدر من اليقظة وأقصي درجة من الانتباه.. يجب ألا نمنح المدبرين والمخططين والمنظمين لهذا الإرهاب الجديد الذي أطل بوجهه القبيح علينا في أولي لحظات عامنا الجديد الفرصة لتحقيق أهدافهم الخبيثة.. يجب ألا نساعدهم في تمزيق أوصال وطننا وإثارة فتنة طائفية في مجتمعنا وإثارة الفوضي في بلادنا. كلنا حزاني علي الضحايا الذين سقطوا في الانفجار الذي حدث أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية.. وكلنا غاضبون لحدوث هذا الانفجار الإرهابي.. كلنا نطالب بمحاسبة أي مقصر في تأمين منشآتنا الدينية وفي مقدمتها الكنائس.. ولكن يجب ألا يعمينا حزننا عن أهداف الذين خططوا ودبروا ونظموا هذا العمل الإرهابي البشع.. ويجب ألا يجرفنا غضبنا بعيداً لننسي ضرورة التكاتف والوحدة لإحباط أهداف هؤلاء المجرمين سواء الذين خططوا من الخارج هذا العمل الإرهابي، أو الذين نفذوه من الداخل.. ويجب ألا يشغلنا بما نطالب به من محاسبة المقصرين عن دورنا جميعاً.. فالأمن وحده مهما فعل ونشط لن يحمينا من الإرهاب الجديد الذي يهددنا، ولعلنا نتذكر أننا لم نتمكن من هزيمة إرهاب التسعينيات إلا بوحدتنا وتكاتفنا ونبذنا للتطرف ومطاردتنا جميعاً للإرهابيين. إن الخطر الذي يطل علينا مجدداً بوجهه القبيح حتي إن كان استهدف إحدي كنائسنا فإنه يستهدفنا جميعاً كمصريين سواء كنا مسلمين أو مسيحيين، لذلك يتعين أن نواجهه معاً بشكل جماعي كمصريين.. نواجهه متحدين ومتكاتفين ومتعاونين.. نواجهه صفاً واحداً لا نسمح لأحد باختراقه، حتي ننجح بإلحاق الهزيمة به مثلما هزمناه من قبل. الأمر أكبر من الاستغراق في التفاصيل الآن.. تفاصيل الحادث الإرهابي وكيف تم تنفيذه.. وأكبر أيضاً من محاولات أجهزة الأمن وجهات التحقيق كشف ملابساته.. بل أكبر حتي من الانتباه بالمجرمين الذين شاركوا في هذا العمل الإرهابي البشع.. لأننا نرصد مخططاً خطيراً يستهدف الحياة المشتركة علي أرضنا ويريد تدمير وحدتنا وتقويض استقرارنا، وبث الخوف والشقاق في مجتمعنا.. كل ما سبق مهم بل شديد الأهمية.. ولكن ما يفوقه في الأهمية هو إحباط أهداف مخططي ومدبري هذا العمل الإرهابي البشع. الأهم الآن هو صيانة وحدتنا وحماية حياتنا المشتركة معاً تجمعنا مصريتنا وإن اختلفت ديانتنا.. ولذلك حان الوقت لأن نسرع في حل أي مشاكل طائفية عاني منها مجتمعنا من قبل لا تأجيل حلها بسبب انشغالنا في مواجهة الإرهاب الجديد.