أقف كثيرا متعجبا من الافتراءات التي تقع علي الحزب الوطني التي يبدو بعضها ذا وجاهة ما إلا أن الكثير منها والأكثر ذيوعا وانتشارا يخرج كثيرا عن الموضوعية بل وأحيانا العقلانية. زادت تلك الافتراءات بعد الانتخابات الأخيرة وبمناسبة مؤتمر الحزب السنوي فإنني وجدت أنها مناسبة لدرء الافتراءات. حكومة الحزب الوطني سعت الانطلاقة الجديدة للحزب في عام 2001 التي حملت عنواناً شهيراً هو "فكر جديد" إلي ترسيخ مفهوم حكومة الحزب بديلا عن حزب الحكومة. الغرض واضح جدا وهو الانتقال إلي الممارسة السياسية الصحيحة بأن يقر الحزب السياسات وأن تتولي الحكومة التنفيذ ويتابع الحزب التنفيذ ومدي نجاح تلك السياسات بالتنسيق مع الحكومة. للأسف الشديد يحمل البعض الحزب أكثر مما يحتمل في هذه النقطة تحديدا وتحول هذا الشعار إلي سيف علي رقبة الحزب. المحزن في الأمر أن أي موظف أو مسئول يتم نقله أو إنهاء خدمته يخرج ليقول إنه علي خلاف مع أمانة السياسات والحزب وأنه رجل وطني عظيم وهذا القول يمنح صاحبه بطولة مجانية ومساحة في صحف تتصيد كل شيء في إطار التشويش علي أي جهد حقيقي من أجل مصر. الحزب الوطني نشأ في السلطة، الحزب يعتمد علي البيروقراطية وموظفي الدولة نفر من أساتذة العلوم السياسية الذين يحتلون الواجهات في الفضائيات وبرامج التوك شو الليلية ولهم مقالات أسبوعية وشبة يومية في بعض الصحف بل وبعضهم أعضاء في حركات معارضة. ستجدهم يتبنون دائما ويرددون تلك المقولة السخيفة عن نشأة الحزب في رحم السلطة حيث يتم نزع ومسح كل التطور الذي لحق بالحزب والجهد التنظيمي والتحول والتغير النوعي والكمي والكيفي في نوعية العضوية وثقافتهم ودرجاتهم العلمية. وبغض النظر عن ان هذا يعبر عن فشل تحليلي عظيم لهؤلاء الأساتذة وعدم مواكبة للتطورات فأغلبية أعضاء الحزب الآن في كل المستويات التنظيمية ليس لهم ارتباط هيكلي بالدولة كما يدعون دائما أو يتغاضون عن هذا غالبا بل ينكرون أن الحزب خرج من رحم السلطة من زمن بعيد وأنه يمر بمرحلة نضوج سياسي حقيقي. حزب رجال الأعمال نفس المحللين السابقين في تناقض واضح بعد أن أكدوا أنه حزب نشأ في رحم السلطة وبعد أن يستعرض واحد منهم عبقريته التحليلية العظيمة ويقول إنه لن يعترف بالحزب الوطني كحزب بعيدا عن الدولة إلا عندما يراه في المعارضة. بعد هذا في نفس الجملة يقول إن الحزب الوطني هو حزب رجال الأعمال ولأنني لا أعرف أن رجال الأعمال موظفون في الدولة فإن الرد سيكون بالرجوع إلي النقطة السابقة والرد عليها واعرفوا نوعية الأعضاء في الحزب الوطني يا سادة قبل أن تحكموا عليه. شباب الحزب الوطني مرتزقة يأخذون مرتبات أو ينضمون للحزب من أجل البحث عن فرصة عمل لتريح نفسك من الجهد في البحث عن مفتاح نجاح الحزب الوطني فإن أسهل شيء هو أن ترميه بأكاذيب وتستغل بعض الحوادث الصغيرة ولكي توظفها في تشويه صورة تنظيم حزبي قوي كالحزب الوطني. وطالما الحزب الوطني فيه رجال أعمال وبيروقراطية عظيمة في وقت واحد فإن هؤلاء يصرفون أموالهم بالضرورة لشراء الشباب.. ولا مانع أبدا من اتهامي أن هذه المقالة مدفوعة. الحزب الوطني ومرشح الرئاسة ما من جلسة تضم معارضين أو مستقلين أو أي حديث سياسي علي أي فضائية إلا ويتم ببلاهة شديدة طرح سؤال.. من مرشح الحزب للرئاسة؟ والإجابة في المادة (32) من النظام الأساسي للحزب ربما اعطي البعض العذر لأنهم لم يشاهدوها تطبق ولكن خلال عدة شهور سترونها. المثير جدا هنا أن الحزب حدد آلية اختيار مرشحه للرئاسة ولكن الجميع يصر دون دليل علي أنه سيخالفها (هذا إذا كان يعرف بوجودها من أصله) فمنذ اقرار لائحة النظام الأساسي للحزب لم يتم مخالفتها في أي وقت حتي الآن. الحزب يقدم فزاعة اسمها جماعة الإخوان غير القانونية أفهم تماما أن تختلف مع الحزب الوطني بأي شكل ولكن التعامل مع الحزب بمنطق عدو عدوي هو صديقي والتضحية بمدنية مصر من أجل حفنة من المتاجرين بالدين هو ما لا أفهمه. افهم واعترض جدا أن الدولة (وليس الحزب) تسمح احيانا ببعض التيارات أو بعض القنوات وبظهور بعض الشيوخ لأنها تقع في الصراع بين حرية الرأي والتعبير كحق للجميع في مجتمع محافظ ومتدين بطبيعته وبين شيوخ يستغلون هذا المناخ في الظهور ثم الانقلاب عليه بفتاوي جديدة ومفاجئة وآراء لا أنزل الله بها من سلطان. أفهم أن يعترض البعض أحيانًا علي التعامل الأمني مع الجماعة وأن يطالب بتعامل سياسي وليس أمنياً كاملاً. ولكن ما لا أفهمه أبدا هو محاولة إعطاء شرعية لجماعة الاخوان غير القانونية نكاية في النظام وهدم اسس الدولة المدنية. المعركة ضد التيارات الدينية هي معركة مصر المقبلة وتذكروا أننا انهينا وقضينا علي الإرهاب في العقد الفائت بتحالف من الكل نستمع وقتها لمن قال "سبب الإرهاب هو الفقر" بل تكاتفنا ونجحنا فهل نفعلها ثانيا؟!