وعندما سألني حمار واقف بجواري يدخن سيجارة لماذا تحاول العوم في الماء وأنت عصفور؟ - قلت له: مش كله (حركة وكله بركة) - ضحك الحمار لذكائي وفرد جناحيه وطار. - قلت لنفسي كويس لقد طار الحمار. وهنا قال الفيل وهو يرقص عشر بلدي: أخيراً فهمت يا غبي إن الأمر بسيط، وكل واحد يعمل اللي عايزه - نحن في هجايص الأيام. حيث نحيا دخان الأحلام وهلاويس الكلام، حتي لقد استعار الحمار جناح الحمام، وراح الديك يرسم مثل بيكاسو، ولما سألنا الديك لماذا لا يصيح قال الديك: أنا حر - والأمر سهل، هل يعرف أحد معني لوحات بيكاسو، وما الفرق بين (شخبطة بيكاسو أو سلفادور دالي أو علي الأونطجي)، أهو كله شغل ألوان، وأنا كمان أقدر أرسم أي ألوان وهات يا رسم، والغريب أن الديك أفلح في التعبير وصرخت الدجاجات ياسلام أحلي فن تشكيلي - يحيا ديك البرابر. ورفع الديك جناحيه إعجاباً بنفسه، ولم يصح بل زغرد مثل الحريم - وقفز هو والدجاج في ماء البركة الواسعة. إظلام للحلم إذ أني تقلبت في الفراش وشددت اللحاف بحثاً عن الدفا والماء فيها لونه أصفر ذهبي، والسماء فوقنا لونها فضي - وعندما تنظر للماء تري الطيور تعوم وهي تزقزق - لم يعد هذا غريباً - فقد أعلن الغراب تغيير لونه الأسود، وصبغ لونه إلي لون أبيض. ولما سألته صرخ بصوت كروان - إبداع يا أختي - وفي ظل الإبداع كله يعمل اللي عايزه - ولما قلت له : لأ يا غراب كده أنت فقدت سمارك وشؤمك وصوتك الكريه. قال: لابد أن التغير من الضد للضد - حد عاوز مني حاجة، وركب دراجته البخارية، وشق الهواء فرحاً سعيداً. وجاء صياد ليصطاد الطيور السمكية في قاع البركة بالبندقية، أما صياد الطيور فقد أطلق في الهواء سنارة لصيد الأسماك الطائرة، ولما سألت الصياد الأول والثاني قالا: (إبداع) وتجدد مش كله برضه فن وإبداع، وكله يعمل اللي عايزه. قلت لنفسي في المنام، والله كويس.. هذا زمان الشطارة والقراءة بلا نضارة. والسفينة مكان الطيارة، فلا عيب ولا اندهاش ولا خسارة، فالكباب أصبح يشبه البصارة، والنعجة مثل الحمارة، والتفاحة في قيمة الخيارة، وشاهدت خلال الهلاويس شاعرنا الأمير أو أمير الشعراء أحمد شوقي ينحت تمثالاً من الرخام - سألته: لماذا يا شاعر العرب تفعل ذلك، احتقرني ولم يجب وأشار لرجل ذي لحية مثلتة وعلي رأسه (بيريه) أي قبعة بالأفرنجي - وهو النحات العظيم مختار الذي ابتسم وقال أنا الآن مختار الذي أقرض الأشعار، ولا أعمل في الأحجار - وقبل أن أسأله لماذا ترك عبقريته الفذة، وراح في شغله لا يعرفها - صرخ قائلاً: اسكت يا حمار، ورأيت أنيس منصور لا يكتب بل يسوق طيارة، وعبد الوهاب طبيب أطفال وعبد الحليم حافظ شرطي مرور. ووجدت أم كلثوم قد تركت الغناء وتخرج فيلماً يمثله توفيق الحكيم وطه حسين - بعد أن تركا الكتابة واحا لفن التشخيص. ولقد سألت المخرج الكبير صلاح أبو سيف إيه رأيك، فيما يحدث يا عم صلاح. صاح صلاح: شوف يا (ثمير) .. (الثينما) عايزة دم جديد وإبتكار جديد و(ثومة) في البداية لكن هاتحقق خطوة للأمام والولاد اللي معاها شطار جداً، وفعلاً عاملين شغل كوميدي يجنن، خصوصاً أبو نضارة، بيضحكني جداً ولا عادل إمام. تمنيت أن أقوم من هذا الحلم الذي قلب كل نظام الحياة فلم تعد أنت أنت لا أنت أي حد، وسمعت كلاكس سيارة، فإذا بجاموسة تقود سيارة فارهة وهي تتحدث في هاتف محمول يصرخ وهي تقول (لابد من امتلاك قناة تليفزيونية للتعبير عن مشكلات المواشي وما تعانيه من عذاب وتدمير بعد جنون البقر الشهير - عاوزة فتاة - عاوزة فضاء فضاء - فضاء) ورأيت عدداً من الأسود تحمل لوحة مكتوب عليها «لأكل اللحوم - آن أوان الصوم، وداعاً للافتراس - نحن مجرد منظر أصبحنا نباتيين - يسقط اللحم، ولما حاولت سؤال الأسد عن السبب أجابت زوجته أنت مش هنا ولا أيه مش العالم اتغير وحدث تطور إصحي (يا عررره) وكدت أصحو فعلاً. لاحظت أن كل مبدع باع إبداعه ليبدع في شيء مش بتاعه (حباً في التنطيط والتغيير) وسألت في أعلي صوت وأنا مرعوب - لماذا يا هوه - فإذا برجل أعرفه من زمان طويل، عاش طريداً في بلاد تونس وفرنسا وأرض النيل وهو شاعر شعبي جليل، جريت إليه - وسألته لماذا هذا الخلط والتدجيل باسم الإبداع الذي يهد الجبل، قال الرجل وهو يضحك: ألم تسمع قول المغنواتي وهو يقول: وأنا مالي وأنا مالي وأنا مالي وأنا مالي يا بوي وأنا مالي يبقي أنت مال أهلك - وصحوت وحمدت الله أني ماليش دعوة خالص.