منال عوض: خطة شاملة للمحافظات للتعامل مع مخاطر الأمطار    قناة السويس تشهد عبور السفينة السياحية العملاقة «AROYA»    فتح اشتراكات السكة الحديد للطلاب على 3 أنواع من القطارات    موعد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025.. زيادات جديدة    سوريا.. لجنة تابعة لحكمت الهجري ترفض خارطة الحل بالسويداء    جيش الاحتلال الإسرائيلي يهدم منازل وكهوفا فلسطينية جنوب الضفة    ترامب وميلانيا يصلان قصر وندسور    تخصيص قطعة أرض بالقاهرة لشركة فلامنكو للصناعة وتجارة الأغذية    لحسم التأهل للمونديال.. تحديد ملعب مباراة المنتخب أمام جيبوتي    يامال يعود لبرشلونة أمام ريال سوسيداد بعد التعافي من الإصابة    الداخلية تكشف حقيقة ادعاء سيدة اقتحام ملثمين منزلها والاعتداء عليها وعلى أسرتها وتقييدهم بالفيوم    تأجيل محاكمة طفل المرور المتهم بالاعتداء على طالب بعصا بيسبول ل1 أكتوبر    نائب وزير الصحة تبحث مع محافظ قنا تنفيذ الخطة العاجلة للسكان والتنمية    وكيل تعليم القاهرة يتفقد استعدادات المدارس للعام الدراسي الجديد 2026/2025    رئيس جامعة بنها يشهد ختام المهرجان الرياضي الثالث لجامعات الدلتا وإقليم القاهرة الكبرى    ڤاليو تنفذ أول عملية مرخصة للشراء الآن والدفع لاحقاً باستخدام رخصة التكنولوجيا المالية عبر منصة نون    محافظ القليوبية: أى تقصير فى إزالة التعديات على الأرض الزراعية سيحال للنيابة    أسباب استبعاد أورس فيشر من قائمة المرشحين لتدريب الأهلي    مفتى الجمهورية: ما يجرى فى غزة جريمة حرب ووصمة عار على جبين العالم    سكرتير مجلس الأمن الروسي يؤكد استعداد بلاده لإرسال أسلحة حديثة ومعدات عسكرية إلى العراق    تأجيل أولى جلسات محاكمة ميدو بتهمة سب وقذف الحكم محمود البنا    ضبط المتهم بذبح زوجته بسبب خلافات بالعبور.. والنيابة تأمر بحبسه    صفقة "إنقاذ" تيك توك تتضح: مستثمرون أمريكيون يسيطرون على 80% من المنصة    126 متقدما لورشة إدارة المسرح والإنتاج بمهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    صفحة وزارة الأوقاف تحيى ذكرى ميلاد رائد التلاوة الشيخ محمود خليل الحصرى    فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى يشهد الظهور الأخير للفنان سليمان عيد    مهرجان الجونة يكشف عن برنامج مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة بالدورة الثامنة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    الريال ضد أولمبيك مارسيليا.. الملكي يحقق 200 فوز في دوري أبطال أوروبا    المنيا.. تنظيم قافلة طبية مجانية في بني مزار لعلاج 280 من المرضى غير القادرين    «سكك حديد مصر» تتعاقد مع «APD» الكندية لإعادة تأهيل 180 جرارًا    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات المهرجان الرياضي الثالث    مدبولي: الحكومة ماضية في نهج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبعه    شاب يلقى مصرعه حرقًا بعد مشادة مع صديقه في الشرقية    وزير الري: الاعتماد على نهر النيل لتوفير الاحتياجات المائية بنسبة 98%    عالم أزهري يكشف لماذا تأخر دفن النبي بعد موته وماذا جرى بين الصحابة وقت ذلك    إنزاجي: ندرس ضم مهاجم جديد للهلال    خلال تصوير برنامجها.. ندى بسيوني توثق لحظة رفع علم فلسطين في هولندا    فيديو - أمين الفتوى: تزييف الصور بالذكاء الاصطناعي ولو بالمزاح حرام شرعًا    ميناء دمياط يستقبل 21 سفينة متنوعة    "عليهم أن يكونوا رجالًا".. هاني رمزي يفتح النار على لاعبي الأهلي عقب تراجع النتائج    بإطلالة جريئة.. هيفاء وهبي تخطف الأنظار في أحدث ظهور.. شاهد    الليلة.. أيمن وتار ضيف برنامج "فضفضت أوي" مع معتز التوني    "البديل الذهبي" فلاهوفيتش يسرق الأضواء وينقذ يوفنتوس    بعد سقوطها من الطابق الرابع.. بنها التعليمي يوضح حالة الطفلة وردًا على والدها    الأكاديمية العربية تختتم فعاليات ريادة الأعمال بفرعها الجديد في مدينة العلمين    قبل بدء الدراسة.. تعليمات هامة من التعليم لاستقبال تلاميذ رياض الأطفال بالمدارس 2025 /2026    «عبداللطيف» يبحث مع وفد مجلس الشيوخ الفرنسي تعزيز التعاون المشترك في مجالي التعليم العام والفني    مصر تطلق قافلة "زاد العزة" ال39 محملة ب1700 طن مساعدات غذائية وإغاثية إلى غزة    وزارة العمل: 3701 فُرصة عمل جديدة في 44 شركة خاصة ب11 محافظة    «ليه لازم يبقى جزء من اللانش بوكس؟».. تعرفي على فوائد البروكلي للأطفال    صحة المرأة والطفل: الفحص قبل الزواج خطوة لبناء أسرة صحية وسليمة (فيديو)    عبر الفيديو بملابس خاصة.. المتهم بقتل تشارلي كيرك أمام المحكمة لأول مرة    بتر يد شاب صدمه قطار في أسوان    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفراولة

في أوائل السبعينيات علي ما أذكر تردد في جنبات صالة المسرح كلمات: «الفراولة.. بتاع الفراولة آه.. آه.. يا فراولة»، كان ذلك في ألمانيا والريس متقال ذو الزي المميز يتمايل دورانيا ويتلاعب بالربابة التاريخية خلف رأسه، ومعه جوقة تمثل أوركسترا فلها روموني صعيدي في بلد لوفيج فان بيتهوفن عملاق الأعمال الموسيقية الخالدة: سيمفوني، كونشرتو، سوناتا.. وغيرها، ليلتها شاهد الألمان الأرغول ذا الثلاثة أمتار طولاً يصدر نغمًا ربما كان من رتبة الباص، بمصاحبة طبلة تنوب عن كذا درامز، وبمشاركة الجوقة المذكورة ممثلة في دستة رجال أشداء يرتدون جلاليب فضفاضة مع عمائم ناصعة البياض ضمن جو شد انتباه الحضور: الكلمات والأصوات والأزياء وتعبيرات الوجوه وحركات نجوم الفرقة، كان البعض يصفق طربا والبعض الآخر يضحك إعجابا، والأخ متقال «يجود» (بالشدة علي الواو) والرفاق دائرون علي الخشبة التي تكاد تهتز تحت ضغط الأجسام والأصوات وربما الكلمات و«الخبطات».
بعدها ولعدة سنوات ظل نغم: الفراولة.. يتردد في أذني كلما تذكرت الأخوة متقال أو شاهدت أرغولا أو حتي سمعت «نايا» وبعدها.. وبمرور الألحان وظهور نماذج الكباتن: أحمد عدوية وكتكوت الأمير وحسن الأسمر وحتي نوعيات الموهوبين: عمدة وبعرور وكاريكا، إلي أن وصلنا إلي الإخوة الكرام: عبدالباسط حمودة وشعبان عبدالرحيم والدكتور «هوبة» (مبدع أغنية: حجرين ع الشيشة).. بمرور ذلك كله نسيت الفراولة ومتقال وأصحابه.. حتي عادت كلمة الفراولة إلي الظهور بالحاح.. حيث ترددت كثيرا حتي في غير موسم نضوجها.. في زمن أبوالليف مثلا.
ذات يوم سألني بائع الخضار هامسا: «ما تعرفش أجيب الفراولة منين»؟ ربما لأنه يعرف أن ابني الكبير صيدلي «هذا ما فهمته بعدها».. لكني ساعتها قلت باستغراب: «ماعندك بياعين الفاكهة علي بعد أمتار»، وضحك الشاب ناظرا تجاهي بما يعني: «إنت مش عارف حاجة».
بعدها أيضا اعتادت الأذن سماع اسم الفاكهة.. بين شباب يافع يبشر بمستقبل زاهر:
«الفراولة.. الفراولة»، لكنها هذه المرة مسبوقة بكلمة قرص.. «قرص فراولة»! هو إذن اسم يطلق علي مخدر يذهب بالعقل ويدمر كالعادة خلايا المخ.. بدأ بسعر خمسة جنيهات لقرص ووصل مع التخفيضات والعروض وأزمة الاقتصاد العالمي إلي ثلاثة (القرص وليس الكيلو) والإقبال يتزايد حسبما يتضح من تجمعات الشباب المذكور علي النواصي وتقاطعات الشوارع الرئيسية وكما يلاحظ المارة في شوارع طيبة ودهان وحامد نصر في كامب شيزار كما في غيرها من شوارع وأحياء بالإسكندرية، وربما في مناطق أخري عديدة، حيث ينشط البيع والتداول ومن ثم التعاطي والتوهان ضمن تسارع يدعو للفخر والإعجاب ويصل رجال الشرطة قبلها يكون مندوبو المبيعات قد تبخروا ضمن ممارسة اختفاء مسبق ذكي وسريع.. ثم العودة للنواصي والزبائن والعرض مستمر علنا نهارا جهارا والدفع شرحه.
ومع الفراولة وبمبدأ الصفقة (whole package) يجري بيع أصناف أخري من المخدرات عجزت عن معرفة الاسم العلمي أو «الشوارعي» لها.. ربما تحمل أسماء دلع أخري لكن الواضح أن بيعها يتم ملفوفة في ورق سوليفان «زيادة في النظافة والنقاء وتطبيق مبادئ الصحة والأمان، مع احترام الزبون وتقدير ذوقه الراقي بالطبع»، تحت سقف من سؤال مكرر: كيف يعرف الباشمهندس بياع الصنف أن الشرطة في الطريق، كي يهرب قبل وصولها.. هل لدينا نوع من الناضورجية أبناء الباطنية وأحفاد جبل ناعسة؟، وهل وصل الأمر لقيام الباعة بممارسة نشاطهم ظهرا وأمام المارة وتحت أنظار السكان.. مرة أخري علنا نهارا وليلا؟! البيع والتعاطي، التداول والتوزيع ومع ترويع الفتيات.
أحيانا يتكرر بالمثل سؤال ساذج يقول: العيال دي مالهاش أهل؟ وهو تساؤل لا محل له من الفهم.. حيث إن هذا الشبل من ذاك الأسد.. كما يقال.. وحيث إن الأمور تاهت وساحت والأوضاع انقلبت «وانهبلت» والمهم المكسب السريع ولا يهم الحلال والحرام، ولا أهمية للأخلاق أو الخجل والحياء أو تعبيرات مثل: الناس، الأهل، التعليم، العقاب، الشرف، العمل.. إلخ، هذا وأصبح من المعتاد أن تسمع غصبًا من موبايل صاخب أو ميكروفون صارخ أغنية تقول: «أنا مسطول وفرحان.. من غير بانجو أنا عدمان».
هكذا تحول عرض الريس متقال إلي عرض من نوع آخر لا علاقة له بفن شعبي أو فاكهة صيفي، ومن ألمانيا السبعينيات إلي أقراص التقاطعات.. عادت الفراولة إلي الظهور كي نتغني مع شباب الضياع «الفراولة.. بتاع الفراولة.. آه آه يا فراولة» وكي نشكو مع الآخرين.. ولا من مجيب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.