لم يشهد عصر الاحتراف المصري في الملاعب الأوروبية فترة أسوأ من التي عليها الآن بعد تساقط نجومنا الواحد تلو الآخر وعودة معظمهم للعب بالدوري الممتاز. ومنذ أعوام قليلة كان نجومنا يغردون في الدوريات الأوروبية القوية وبعضهم كان حديث العالم مثل عمرو زكي الذي بهر الانجليز خلال فترة احترافه ب«ويجان» اتلتيك. واصبحت عودة المحترفين ظاهرة تستحق الدراسة ولها أسباب متعددة لكن ابرزها الإغراءات التي تقدمها الأندية المصرية وخاصة القطبين للاعب المحترف من أجل استقطابه. ونقل الأهلي والزمالك نشاطهما المكثف وحربهما علي النجوم للساحات الخارجية فتسابق كل منهما علي جلب أكبر عدد من لاعبينا في الخارج لدرجة أن المواسم الأخيرة شهدت عودة أكثر من 15 لاعبًا محترفًا للدوري المصري انضم معظمهم للقطبين حيث حصل الأهلي علي كل من محمد شوقي وحسام غالي وأحمد حسن وأحمد فتحي وشريف اكرامي وسيد معوض بالاضافة لعماد متعب الذي احترف ببلجيكا أيامًا معدودة.. استقطب الزمالك أحمد سمير ومن قبله عمرو زكي وأيمن عبد العزيز هذا بالاضافة لنجوم آخرين عادوا ولكن لأندية مختلفة أمثال عبد الظاهر السقا وإبراهيم سعيد وعصام الحضري وأحمد أبو مسلم وجمال حمزة وغيرهم. وبخلاف اغراءات القطبين للمحترفين هناك سبب آخر وراء عودة النجوم هو عقلية اللاعب المصري الذي قد لا تستطيع التأقلم مع الجو الاحترافي وسرعان ما يغادرون أوروبا علي أول طائرة للقاهرة والأمثلة كثيرة علي ذلك فهناك عماد متعب الذي هرب من نادي ستاندر ليج البلجيكي وعاد إلي الأهلي مرة أخري رغم أنه كان يقاتل منذ سنوات للحصول علي فرصة الاحتراف. كذلك جمال حمزة الذي لم يتأقلم مع الأجواء الألمانية وترك نادي ماينز وعاد ليلعب في الجونة. وهناك سبب ثالث قد يكون مؤثرًا في تدهور أحوال محترفينا وهو كثرة المشاكل التي يثيرها بعضهم مما دفع بعض الصحف العالمية للهجوم علي اللاعبين المصريين واتهامهم بعدم الاحترافية وهو ماحدث مع نجمنا عمرو زكي الذي وصفه ستيف بروس المدير الفني السابق لويجان اتلتيك بالاستهتار .. وكان زكي في طريقه لان يصبح أحد أبرز نجوم العالم بعدما نجح في التألق مع ويجان حتي أنه استطاع تسجيل 9 أهداف في أول 13 مباراة لفريقه بالبريميرليج لكن سرعان ما انقلبت الأمور وتحول المدح والإشادة بزكي إلي انتقادات تؤكد انتقاده للاحترافية بسبب تغيبه عن تدريبات فريقه دون إذن أو تنسيق مع إدارة النادي وكذلك إبراهيم سعيد الذي ترك نادي شيكارايز سبور التركي بسبب رغبته في ارتداء القميص رقم 4 لكن إدارة النادي لم تستطع أن تلبي طلب هيما نظراً لأن الرقم كان يرتديه أحد لاعبي الفريق ومن هنا جاءت المشكلة التي ترك بسببها هيما النادي. وبذلك أصبحت في السنوات الأخيرة هجرة اللاعبين المصريين عكسية بمعني أنهم يعودون من أوروبا للعب في الدوري الممتاز عكس القانون العالمي السائد في اللعبة بالسعي وراء الاحتراف الأوروبي. ولم يتبق أمامنا الآن سوي الدعاء للثلاثي أحمد المحمدي لاعب سندرلاند الإنجليزي ومحمد زيدان نجم بروسيا دور تموند الألماني وأحمد حسام ميدو مهاجم إياكس أمستردام الهولندي خاصة أنهم يحملون علي عاتقهم مسئولية تحسين صورة اللاعب المصري في أوروبا. ومن هذا المنطلق حرصت «روزاستاد» علي التوجه لبعض خبراء ونقاد كرة القدم المصرية لمعرفة آرائهم حول ظاهرة عودة النجوم من أوروبا ودور الأهلي والزمالك في المساعدة علي انتشار هذه الظاهرة. في البداية أكد جمال عبدالحميد نجم الأهلي والزمالك وكابتن منتخبنا الوطني الأسبق أن القطبين لا يتحملان وحدهما مسئولية عدم استمرار محترفينا في الخارج مشيراً إلي أن هناك ثلاثة أسباب أخري. وتحدث عبدالحميد عن هذه الأسباب قائلاً: اللغة تعتبر عائقًا كبيرًا أمام اللاعب المصري في أوروبا وبعضهم فشل في احترافه بسبب اللغة.. والسبب الثاني هو الغربة حيث إن لاعبينا لم يعتادوا علي ترك أسرهم وأصدقائهم أما السبب الثالث فهو عقلية اللاعب التي لا تستطيع التأقلم مع أجواء أوروبا. أضاف عبدالحميد أن أوروبا تطبق كلها نظام الاحتراف الحقيقي ولكن ما يوجد في مصر ليس احترافًا وإنما يمكن أن نطلق عليه «دلع» ولذلك عندما يخرج اللاعب المصري إلي أوروبا ويصطدم بالنظام الصارم يفشل ويضطر لقبول أي عرض من الأهلي أو الزمالك أو أي ناد آخر من أجل العودة. محمد عامر نجم الأهلي السابق والمدير الفني الحالي لنادي الاتحاد السكندري أكد أن المشكلة في اللاعب المصري نفسه الذي لا يستطيع التعامل مع الاحتراف الأوروبي. أضاف عامر أن اللاعب المصري عاطفي حيث لا يستطيع الابتعاد عن أسرته وأهله والمكان الذي تربي فيه. أشار عامر إلي ضرورة أن يحترف اللاعب المصري في سن صغيرة لا تتخطي ال20 عاماً حتي يستطيع التأقلم في أوروبا خاصة أن معظم اللاعبين المصريين الذين نجحوا في أوروبا سافروا وهم صغار السن مثل أحمد حسام ميدو ومحمد زيدان وكذلك أحمد حسن. أما أشرف قاسم نجم الزمالك السابق فيري ضرورة فتح باب الاحتراف أمام لاعبينا وخاصة الشباب لأن هذا من شأنه تطوير الكرة المصرية ويصب أيضا في مصلحة منتخبنا الوطني.. وأشار إلي أن الأندية المصرية تحمل جزءًا كبيرًا من مسئولية عودة المحترفين من خلال الإغراءات التي تقدمها لهم.