اليوم اجازة من الانتخابات، رغم أن الدعاية الانتخابية لمرحلة الإعادة بدأت بالفعل للمرشحين.. اليوم هو يوم الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس وهي الوثائق التي رغم كثرة عددها لم تتضمن أسراراً جديدة غير معروفة، سواء ما يتعلق بإيران أو بإسرائيل أو بالعدوان الإسرائيلي علي غزة، أو حتي آراء دبلوماسين أمريكيين في عدد من القادة والزعماء في العالم. فلا تخوف دول المنطقة من امتلاك إيران قنابل نووية يعد سرًا ولا رفض مصر والسلطة الفلسطينية للعدوان الإسرائيلي علي غزة يعد أيضاً سراً ولا رأي الدبلوماسيين الأمريكيين في ساركوزي أو ميركل أو بيرلسكوني يعد سراً.. كل ذلك لم يكن سراً كشفت عنه وثائق ويكيليكس حتي وأن سبب حرجا للإدارة الأمريكية والبيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية.. والأغلب أن ما أثار انزعاج المسئولين الامريكيين هو تسرب كل هذه الوثائق والرسائل التي تصنف علي أنها سرية وخشيتهم من أن تكون الوثائق التي لم تنشر بعد أفدح وأكثر ضرراً. ومع ذلك فإن الوثائق تضمنت مجموعة من الرسائل الدبلوماسية الأمريكية التي تخص مصر وسياساتها أيضا ساساتها.. صحيح أنها لم تكشف سرا -ً أيضا - ولكنها أكدت مجموعة من الحقائق المهمة التي يتعين أن يهتم بها المراقبون والمحللون. وأول هذه الحقائق أن سياسة مصر لا تتبدل أو تتغير حسب المكان الذي تدار فيه، وأن ما يدور في الغرف المغلقة من أحاديث مصرية رسمية لا يختلف عما يدور في العلن، لأن مصر ليس لديها ما تخفيه ولا تخجل من سياستها ومواقفها، بل أنها تتباهي بأنها تأخذ دائما المواقف الصحيحة، لأنها المواقف التي تحقق المصالح المصرية والمصالح العربية أيضا. وثاني هذه الحقائق أن مواقف مصر في سياساتها الخارجية تخلو من المناورة والغش والخداع وتقوم علي المصارحة.. مصارحة الجميع.. الأصدقاء والخصوم بلا لف أو دوران.. ولعل ذلك هو ما يعطي للمواقف المصرية قوة وتأثيراً.. والأهم يضفي وضوحاً علي سياساتها الخارجية وثالث هذه الحقائق أن مصر وهي تحدد سياساتها الخارجية لاتراعي أن كانت تغضب هذه الدولة أو تلك أو تزعج هذا الرئيس أو ذلك الملك.. لأن ما يعنيها هو أن تخدم هذه السياسة مصالحها ومصالح أشقائها الفلسطينيين والعرب، وتفيد الأمن الوطني المصري والأمن القومي العربي كله. ولعل ذلك هو ما ترجمته إحدي رسائل السفيرة سكوبي إلي وزارة الخارجية المصرية حينما وصفت مصر بأنها بالنسبة لأمريكا عنيدة ومتمردة.. عنيدة لأنها لا تقبل أن يملي عليها أحد مواقف معينة أو سياسات محددة ومتمردة لأنها تعلن بوضوح رفضها لبعض السياسات والمواقف الأمريكية. لكننا لدينا وصف آخر لما سمته السفيرة السكوبي بالعناد والتمرد.. أنها الوطنية الخالصة والحرص علي مصالح الوطن وعلي أمنه القومي. لذلك.. نحن لا يزعجنا أن يصفنا الأمريكيون بالعناد ويتهموننا بالتمرد.. لأن المصلحة المصرية فوق كل شيء.. والأمن الوطني المصري والأمن القومي العربي لدينا يسبق كل شيء.. ونتمني أن تكون واشنطن قد فهمت ذلك.