سعر الدولار يتراجع اليوم 9 بنوك بنهاية التعاملات اليوم    ارتفاع الصادرات الهندسية إلى 2.1 مليار دولار خلال 4 أشهر    داخلية غزة: استشهاد عناصر شرطة ومدنيين جراء قصف للاحتلال وسط مدينة غزة    64 شهيدا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم    شوبير: إعلان الجهاز الفني الجديد للأهلي بعد قليل    محمد يوسف: حققنا المطلوب وحصدنا 18 نقطة منحتنا اللقب    الجنايات تبرئ الفنان هيثم محمد من تهمة حيازة الهيروين في شقة الهرم    انتداب المعمل الجنائي لفحص أسباب حريق شقة بالقليوبية    ضبط متهم بقتل شخص والتقاط صورة «سيلفي» مع جثته في الإسكندرية    بعد تراجع الوزارة عن قرار الإغلاق.. قصور الثقافة تعيد النظر في أوضاع 40 مكتبة وبيت ثقافة    كلمات تهنئة معبرة للحجاج في يوم التروية ويوم عرفة    بالصور- حريق مفاجئ بمدرسة في سوهاج يوقف الامتحانات ويستدعي إخلاء الطلاب    براتب14000 جنيه.. 600 فرصة عمل بمحطة الضبعة النووية    وزير الثقافة يتابع حالة الأديب صنع الله إبراهيم عقب تعافيه    قومية المنيا تعرض الإسكافي ملكا ضمن عروض الموسم المسرحي    رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات بكلية الهندسة- صور    عيد الأضحى 2025.. هل يجوز التضحية في ليالي أيام النحر؟ وما هو أفضل وقت؟    أمين الفتوى يرد: هل يجوز التكبير المطلق من أول أيام ذي الحجة أم أنه للحجاج فقط    رسميًا.. بايرن ميونيخ يُعلن عن أولى صفقاته الصيفية استعدادًا لمونديال الأندية 2025    يوم توظيفي لذوي همم للعمل بإحدى شركات صناعة الأغذية بالإسكندرية    رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات بكلية الهندسة في شبرا.. صور    بحضور سينمائيين من السودان.. عرض فيلم طنين بمركز الثقافة السينمائية    دموع معلول وأكرم واحتفال الدون وهدية القدوة.. لحظات مؤثرة في تتويج الأهلي بالدوري.. فيديو    كاف يوافق على إقامة دورة الرخصة PRO بمصر    عرفات يتأهب لاستقبال الحجاج فى الموقف العظيم.. فيديو    تمكين المرأة اقتصاديًا.. شروط وإجراءات الحصول على قروض مشروعات صغيرة    الإسماعيلى ينتظر استلام القرض لتسديد الغرامات الدولية وفتح القيد    بالصور- وقفة احتجاجية لمحامين البحيرة اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية    الرئيس السيسي يهنئ نظيره الكرواتي بذكرى يوم الدولة    أسوشيتدبرس: ترك إيلون ماسك منصبه يمثل نهاية لمرحلة مضطربة    لندن تضغط على واشنطن لتسريع تنفيذ اتفاق تجارى بشأن السيارات والصلب    كأس العالم للأندية.. إقالة مدرب باتشوكا المكسيكي قبل مواجهة الأهلي وديًا    حملات تفتيشية على محلات اللحوم والأسواق بمركز أخميم فى سوهاج    صور.. رئيس الوزراء يتفقد المقر الجديد لجهاز حماية المستهلك    انتهاء حرب غزة بعد شهرين وخروج سكانها منها، توفيق عكاشة يكشف الخطة    أردوغان: "قسد" تماطل في تنفيذ اتفاق الاندماج مع دمشق وعليها التوقف فورًا    أول تعليق من حماس على قرار إقامة 22 مستوطنة جديدة بالضفة    محافظ المنوفية يشهد استلام 2 طن لحوم كدفعة جديدة من صكوك الإطعام    "قالوله يا كافر".. تفاصيل الهجوم على أحمد سعد قبل إزالة التاتو    إعلام إسرائيلى: نتنياهو وجه بالاستعداد لضرب إيران رغم تحذيرات ترامب    ندب الدكتورة مروى ياسين مساعدًا لوزير الأوقاف لشئون الواعظات    رئيس قطاع المتاحف: معرض "كنوز الفراعنة" سيشكل حدثا ثقافيا استثنائيا في روما    مصنع حفاضات أطفال يسرق كهرباء ب 19 مليون جنيه في أكتوبر -تفاصيل    بنسبة حوادث 0.06%.. قناة السويس تؤكد كفاءتها الملاحية في لقاء مع الاتحاد الدولي للتأمين البحري    الدوخة المفاجئة بعد الاستيقاظ.. ما أسبابها ومتي تكون خطيرة؟    الإحصاء: انخفاض نسبة المدخنين إلى 14.2% خلال 2023 - 2024    انطلاق المؤتمر العلمى السنوى لقصر العينى بحضور وزيرى الصحة والتعليم العالى    استشاري أمراض باطنة يقدم 4 نصائح هامة لمرضى متلازمة القولون العصبي (فيديو)    بإطلالة كاجوال.. مي عمر تتألق في أحدث ظهور لها    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن 4 أشخاص    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    ياسر ريان: بيراميدز ساعد الأهلي على التتويج بالدوري.. ولاعبو الأحمر تحرروا بعد رحيل كولر    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    وكيل وزارة الصحة بالإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بوحدة طوسون    حبس شخص ادعي قيام ضابطى شرطة بمساومته للنصب على أشقائه بالموسكي    91.3 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة الأربعاء    نشرة التوك شو| ظهور متحور جديد لكورونا.. وتطبيع محتمل مع إسرائيل قد ينطلق من دمشق وبيروت    ماريسكا: عانينا أمام بيتيس بسبب احتفالنا المبالغ فيه أمام نوتينجهام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستقبل السودان بعد الاستفتاء

يعد السودان أكبر دولة افريقية من حيث المساحة التي تقدر بأكثر من مليوني ونصف المليون كيلومتر مربع ويقطنها نحو 27 مليون نسمة. وهنالك نحو أربعمائة لغة ولهجة مختلفة موزعة علي 597 عشيرة وجماعات إثنية. وبالإضافة إلي الديانتين السماويتين "الإسلامية والمسيحية" فإن أهلها يعتنقون أيضا ديانات وثنية. والجدير بالذكر أن منطقة جنوب السودان تمثل أكثر من ربع مساحة السودان ويسكنها أكثر من 10 ملايين نسمة وهذه المنطقة تقع علي الحدود الإثيوبية حيث يحدها من الجنوب كينيا وأوغندا وجمهورية الكونغو ومن الغرب جمهورية أفريقيا الوسطي. لقد تم التوصل لسلام شامل ووقف إطلاق نار دائم بعد توقيع اتفاقية نيفاشا (2005م) بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والحكومة السودانية متمثلة في حزب المؤتمر الوطني وبموجب هذه الاتفاقية فإن أهل الجنوب سوف يتوجهون في يناير المقبل إلي صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم ببقاء الجنوب جزءا من السودان أو انفصاله تماما عن الجسد، والسؤال: هل سيتعرض السودان للانقسام أم لا؟
من السهل الإجابة عن هذا السؤال لو تتبعنا تاريخ الصراع بين شمال وجنوب السودان وهو صراع طويل يتضمن أخطاء جسيمة ارتكبها السياسيون عبر السنين ليدفع السودان اليوم ثمن هذه الأخطاء. فمنذ قيام الحركات القومية في الأربعينيات ونشأة الحزبين السياسيين الكبيرين في شمال السودان «حزب الأمة والحزب الوطني الاتحادي» فقد تم تجاهل أصوات الجنوبيين في تحديد مستقبلهم. لقد كان الحزبان يتأرجحان بين القوتين المتصارعتين في السودان: مصر وبريطانيا.
فحزب الأمة الذي كانت تباركه الحركة المهدية كان ينادي بضرورة الانفصال عن مصر. أما الحزب الوطني الاتحادي الذي حاز دعم الجماعة الختمية الصوفية التي أسسها محمد عثمان الميرغني فكان ينادي بالاتحاد والوحدة بين مصر والسودان. من الواضح أن السودانيين العرب في الشمال لم يولوا أي اهتمام للجنوب ولم يكن لديهم النية لاقتسام السلطة مع الجنوبيين الأفارقة. من الملاحظ أن جنوب السودان لم يعاني من الإهمال فحسب بل عاني من ويلات الحروب الأهلية قبل وبعد استقلال السودان في عام 1956م. فالحكومات السودانية ظلت تحارب جيش المتمردين من حركة أنيانيا منذ عام 1955م واستمرت الحرب حتي بعد استقلال السودان في 1956م ولم تتوقف رحاها إلا عام 1972م حين أقدم النميري علي توقيع اتفاقية سلام مع الحركة غير أن الاتفاقية كانت محكوما عليها بالفشل لأن الحكومة لم تكن تملك تصورا لمجتمع ديمقراطي يقوم علي التعددية. فالسياسات التي كانت تهدف إلي فرض الثقافة العربية واللغة العربية والديانة الإسلامية علي الجنوب زادت وطأتها مع زيادة التقارب مع مصر والسعودية.
وبعد اكتشاف البترول في السبعينيات قرر الرئيس النميري أن يسيطر علي البلاد واختار أن يضع نهاية لاتفاقية السلام حيث اتخذ عدة إجراءات استفزازية ضربت الاتفاقية في مقتل، لقد أعلن أن البترول لن يتم تكريره في الجنوب. كما قام بحل الحكومة المنتخبة في الجنوب وقام بتقسيم الجنوب إلي ثلاثة أقاليم. ولكي ينال تأييد الشعب في الشمال فقد قام النميري في 8 سبتمبر 1983م بفرض الشريعة الإسلامية في كل أنحاء السودان. وكان هذا الإعلان المسمي بقوانين سبتمبر بمثابة انتهاكات صارخة لاتفاقية السلام. لعل كل هذه الخطوات أدت إلي اندلاع الحرب في 1983م حيث تمردت وحدات جيش الجنوب وتسلحت القبائل وشكلت مليشيات تابعة لها وانتهزت إثيوبيا الفرصة لدعم قوات التمرد التي تشكلت منها الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق. لقد تحولت الحرب الأهلية إلي جهاد حيث توحدت الجبهات في الشمال وتأججت المشاعر بغرض المحافظة علي وضع الجنوب وثرواته وشعبه تحت السيطرة الشمالية. وقد استمرت الحرب 21 عاما مما كان له بالغ الأثر في انعدام البنية التحتية والدمار والهجرة ومقتل أكثر من مليوني ونصف مواطن جنوبي وتشريد أكثر من 5 مليون آخرين.
وما إن حل عام 1986م حتي حدث انقلاب أنهي حكم النميري في السودان لتحل محله حكومة ائتلافية مكونة من الأحزاب في الشمال وبرئاسة الصادق المهدي، المثير للدهشة أن هذه الحكومة انهارت بعد ثلاث سنوات عندما قامت الحركة الإسلامية التي تزعمها عمر البشير والترابي في 1989م بالاستيلاء علي الحكم ثم قامت الحركة بحجب كل الأحزاب السياسية لتتحول السودان إلي دكتاتورية مما حدا بهذه الأحزاب إلي أن تتحالف مع الحركة الشعبية لتحرير السودان لتشكيل جبهة التحالف الوطني الديمقراطي، ولم تتوصل حكومة البشير إلي اتفاقية سلام مع الحركة الشعبية إلا في عام 2005م التي بموجبها سيتقرر مصير الجنوب في يناير المقبل.
من المؤكد أن التجارب الدامية التي عاشها أهل الجنوب سوف تظل عالقة في أذهانهم ووجدانهم ولن تمحوها السنون ولن تزيلها وعود الحكومة السودانية التي باتت مقتنعة بأن الدلائل تشير إلي أن أصوات الجنوب تتجه بثبات نحو دعم الانفصال.
أستاذ جامعي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.