أتذكر أن الرسامين التعبيريين المشهورين عالميا «فرانز مارك» و«ماكة» فقدا حياتهما يحاربان في سبيل ألمانيا وهذا لم يمنع النظام النازي تحت قيادة وزير الدعاية «جوبلز» أن يحرق أعمال هؤلاء الفنانين العظماء في الميادين العامة كمثال لفساد الفن الألماني علي يد عناصر يهودية من خارج ألمانيا. أنا شخصيا شديد الغضب حتي يومنا هذا من هذه الفضيحة لأن أجمل رسومات تعبيرية لحيوانات جميلة وخيول ترعي في الغابات والحقول هي من ريشة «فرانز مارك» وقد فقدت هذه الرسومات لأن جهلاء تولوا السلطة في ألمانيا النازية فانهارت الثقافة الألمانية وانهار الأدب والفن الألماني وهذا مثال لما يمكن أن يحدث عندما يتولي السفهاء والجهلاء ومحترفو البلطجة السلطة حتي في ألمانيا فما بالك ماذا حدث في بلاد أخري أقل تقدما مثل روسيا أو ماذا يمكن أن يحدث اليوم في بلاد من العالم الثالث عندما تصل الغوغاء إلي مراكز في الدولة..... واترك النقط للقارئ ليقرأ فيها ما يشاء المهم هنا أن أذكر أن أميل زولا تبني هذه القضية ودافع دفاعا باسلا عن «دراي فوس» المظلوم وترافع أمام المحكمة وكتب مقالته الشهيرة «أنا أتهم» وكان يتهم كبار الجنرالات في الجيش الفرنسي. بطبيعة الحال انقلبت السلطة علي أميل زولا وصدر أمر بالقبض عليه فهرب إلي انجلترا ليهرب من الحكم. كان أميل زولا كاتبا من أشهر كتاب القصة في تاريخ العالم ولكنه جازف بكل ذلك من أجل الحق ومن أجل موقف والحياة مواقف والرجل يعرف من مواقفه وهذا هو الأدب الحقيقي والأدب الملتزم الذي لا يمكن أن يشتري ضمير صاحبه. أنا لا أكتب كل هذا اليوم لأدافع عن دراي فوس أو اميل زولا.. هذا موضوع انتهي أنا أكتب اليوم وأوجه الكلمة إلي ضمير كل من عنده ضمير في إسرائيل أن يفرجوا عن السجناء المظلومين من الفلسطينيين الذين تكتظ بهم سجون إسرائيل.. أطلب منهم ذلك باسم كل المعاناة التي عاناها الشعب اليهودي في أوروبا علي يد حكومات فاشية.. أطلب ذلك باسم الكتب المقدسة اليهودية وأطلب ذلك أيضا باسم اميل زولا الذي خاطر بكل شيء في سبيل الحق. إنها سخرية أن يتحول المظلوم إلي ظالم أما إن يتحول الشعب اليهودي العظيم إلي دولة نظامها الأساسي فاشي فهذه إهانة.. أنا لا أقبلها إكراما لأساتذتي وزملائي وأصدقائي اليهود الذين أعتز بهم ويعتزون بي. إذا كانت حكومة نتانياهو لا تقوي علي توقيع معاهدة سلام مع الدولة الفلسطينية فعلي الأقل يجب أن يفتحوا فورا سجونهم ويرفعوا يد القهر والظلم عن الشعب الفلسطيني وفورا وقبل أن يفوت الأوان إلي الأبد وتعم الكارثة علي الشرق الأوسط بكامله بما في ذلك إسرائيل وهو مالا اتمناه.