ظهر واضحا في ديوان الشاعر كمال العيادي الأول "ليس للربيع علامة"، الذي تمت مناقشته في مكتبة "نفرو"، مزاوجته بين الشعر والسرد، وهو ما رآه الحضور أمراً طبيعياً في الديوان الأول لشاعر يكتب القصة، بالإضافة لقابلية القصيدة النثرية التي قدمها في ديوانه، لاستخدام أسلوب القص. قال الناقد مدحت صفوت إن فكرة التزاوج بين الشعر والسرد تستقيم مع كتابة الشاعر القصة والشعر، كما أن القصيدة الحديثة، خاصة قصيدة النثر، زاوجت بين التقنيتين، والبنية النصية لهذا الديوان تعتمد علي الحركة طبقا لمغامرة شعرية قام بها العيادي، للتخلص من اللغة التوصيلية والوصول إلي اللغة الجمالية. تحدث صفوت عن بعض الملاحظات البنائية في الديوان، ومنها انعدام الصيغ الفعلية، وتصدر الجمل الاسمية، في دلالة علي عدم قدرة الذوات الموجودة داخل النصوص علي الفعل، أو أن الذوات تعاني إشكالية معينة خاصة بالتواجد ففضلت أن تتكئ علي ما يعرف بالتجريد طوال صفحات الديوان، كما أن الربيع المنشود داخل ذواتنا غير موجود بشكل يقيني، ويبحث عنه الشاعر دوما داخل ذاته أو ربما داخل ذوات أخري. ورأي صفوت أن الشاعر أفرط في بعض المفردات "كالبعيد" التي ظهرت أربع مرات في صفحة واحدة، ونوه إلي أن هناك سبيلين لتحقيق الأحلام في الديوان هما النوم والموت. أما الدكتور محمد جاهين بدوي فأشار إلي أن المستوي الأدبي لهذه المجموعة الشعرية، يوحي بنضج تجربة شاعرية، وتوقف عند عنوان الديوان، الذي قصد إشاعة دلالة الربيع علي المستوي المجازي التخيليي، وقال: لعل من أهم الملامح الفنية اللافتة في الديوان ما يلحظة القارئ الفطن من تآزر إبداعي حميم يصل إلي حد التماهي بين تقنية الشعر والسرد، فالكاتب في كثير من المواضع يسردن الشعر أو يشعرن السرد، وهذا يرجع إلي امتداد الملكتين وتزاوجهما في نفس الشاعر، ولكون القصة القصيرة بما تحتمل في طياتها من وعي عميق للتفرد الإنساني أقرب إلي الفنون القولية للشعر الغنائي بذاتيته وفردانيته. وأضاف بدوي: شواهد هذا الملمح في الديوان كثيرة، أبرزها قصيدتا "مرثية القمر الأخير"، و"هذا الثلج غريمي"، وهذا ما يجعل تجربة العيادي الشعرية عصية أبية في ذاتها علي التدليس المدرسي الصارم، وهو الأمر الذي عاناه في مباشرة ووضوح في بعض إفضاءاته الشعرية، بالإضافة إلي تنوع روافده، يستفيد كثيرا من معطيات التراث ويستلهمها في سياقات فنية بمهارة فائقة. وتابع: تصور كمال العيادي أن الشاعر بصفة عامة يمارس نوعا من الموت السري، فالشعر بوح، والبوح وصية، والوصية آخر ما ينتظره القارئ؛ ولذلك فالشاعر يمارس نوعا من الموت السري، الذي يعد أقصي ما يمكن أن يغشاه، وعكس ذلك تماما هو النص السردي، الذي يعد إيحاء بأن الكاتب يسعي إلي البعث والإحياء، فهو يتقمص شكل الخالق في بعث موتي، وهي عملية رجوع إلي الذات، فمع كل نص أشفق علي الشاعر بألا يشعر بأنه نصه الأخير.