اغتيال الدكتور عبدالله عزام، في الرابع والعشرين من نوفمبر سنة 1989، حدث محاط بالكثير من الغموض والأسرار التي لم تُكتشف بعد، وربما لن تتضح يومًا. كان قتل الأب الروحي لتنظيم «القاعدة»، والأستاذ المباشر لأسامة بن لادن وأيمن الظواهري، والتلميذ النجيب للمفكر التكفيري الإخواني سيد قطب، نقطة تحول بارزة في تاريخ الإرهاب الذي يرفع رايات الدين والجهاد، فقد انفرد بالساحة بعده من يزايدون عليه، وآلت السلطة الفعلية في اتخاذ القرار لمن يحترفون الإساءة إلي الإسلام متوهمين الدفاع عنه. بدأ الدكتور عبدالله عزام حياته إخوانيا نشيطًا، لكن الفلسطيني الذي يعاني وطنه من قهر الاحتلال الصهيوني، آثر أن يشد الرحال ليجاهد ضد الشيوعية في أفغانستان، واستمر تلاميذه علي النهج نفسه، فهم يحاربون في الجبهة الخاطئة، ولا ينظرون بعين الاهتمام الحقيقي إلي الهم الفلسطيني، ويجدون البداية الحقيقية لتحرير الأرض السليبة عبر عمليات إرهابية دموية غير ذات محصول، تتوزع بين أفغانستان وباكستان والهند وأندونيسيا، وصولا إلي السعودية والأردن والعراق واليمن، فضلا عن الصومال الذي يجاهد فيه شباب لا يشغلهم إلا تحريم التليفزيون والموسيقي وكرة القدم! من عباءة الإخوان المسلمين في مصر، خرجت كل حركات التطرف والإرهاب، والعلاقة الوثيقة بين عبدالله عزام والزعيمة الإخوانية زينب الغزالي معروفة للجميع، فقد كان عندها بمثابة الابن، وكانت عنده في مقام الأم والأستاذة والمجاهدة المخلصة، الإخوان المنافقون الكاذبون، لا يتوقف مديحهم لعزام وزمرته، وهيهات أن تجد في أقوال كتابهم كلمة واحدة ضد القاعدة وإرهابها، فلا خلاف بينهم إلا في التوقيت، أما المبدأ الجوهري فمتفق عليه؛ مبدأ اعتماد الإرهاب واللجوء إلي العنف والتصفيات الدموية. يتسع النظام الديمقراطي لجميع الأفكار والتيارات والاجتهادات، شريطة الالتزام بمبادئ الديمقراطية، لكن مشكلة الإخوان تتجسد في رفضهم الصريح للفكرة، وفي كتابات عبدالله عزام وتلاميذه، كما هو الحال عند أستاذهم سيد قطب من قبل، ما يؤكد أن الأخذ بالديمقراطية كفر صريح ومخالفة للإسلام، فكيف يندمج هؤلاء في المجتمع؟ إنهم يرومون هدمه واستبعاد المخالفين واحتكار اليقين المطلق، فما الذي يبقي إلا الكذب والنفاق وإدمان المراوغة؟