مؤتمر جماهيري لدعم محمد موسى مرشح الجبهة الوطنية بالمنوفية    مؤشرات تنسيق كلية تجارة 2025 علمي وأدبي في كل المحافظات    «كيبينج» الصينية تنشئ مصنع لزجاج الألواح الشمسية بالسخنة باستثمارات 685 مليون دولار    برئاسة مصر.. انطلاق اجتماعات «الملكية الفكرية» في منطقة التجارة الحرة الإفريقية    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    مدبولي: نؤكد على موقف مصر الثابت بسرعة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة    «يوما ما سيهاجمه الذئب».. نجل بايدن يفتح النار على نتنياهو بسبب غزة وإيران    مصادر تركية: المفاوضات الروسية الأوكرانية تبدأ مساء الأربعاء    إستوبينيان يخضع للكشف الطبي مع ميلان    المصري كريم أحمد يوقع عقدًا احترافيًا مع ليفربول    «الأرصاد» تكشف موعد ذروة الموجة الحارة وحالة الطقس: درجة الحرارة 46 مئوية    تحرير 7 محاضر لأصحاب أنشطة تجارية في حملة تموينية بالعاشر من رمضان    تحمل اسم ليلى علوي.. تفاصيل الدورة ال 41 ل مهرجان الإسكندرية السينمائي    قرارات بتجديد تعيين رئيس جامعة بنها الأهلية و3 نواب    الأسد من المشاهير والحمل قائد المشاريع.. كيف يتعامل مواليد كل برج مع الحياة الجامعية؟    ب2.5 مليون.. افتتاح أعمال رفع كفاءة وحدة الأشعة بمستشفى فاقوس في الشرقية (تفاصيل)    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    صحة غزة: 113 شهيدا و534 إصابة جراء عدوان الاحتلال آخر 24 ساعة    اللون الأخضر يكسو مؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم    محافظ الغربية يتابع أعمال إصلاح كورنيش طنطا: نتحرك بخطوات مدروسة    خامس الصفقات.. أتلتيكو مدريد يتعاقد مع مارك بوبيل    "المطورين العقاريين" تطالب بحوار عاجل بشأن قرار إلغاء تخصيص الأراضي    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة ويشيد بالتقدم المحقق    برلماني: "23 يوليو" نقطة تحول لبناء دولة العدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني    محافظ المنيا يستعرض إنجازات العلاقات الدولية: تنفيذ مشروعات تنموية لدعم الزراعة والمرأة والتعليم    مجزرة مروعة في تل الهوى واستمرار الانسحاب الجزئي للاحتلال من دير البلح    ثورة يوليو البيضاء وثورات العالم الحمراء!    الداخلية السورية: خروج العائلات من السويداء بشكل طارئ أمر مؤقت    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 59 ألفا و219 شهيدا    ماذا يحدث للجسم عند تناول الحمص يوميا؟    أفضل الوسائل الطبيعية، للتخلص من دهون البطن في أسرع وقت    وزيرا الأوقاف والتربية والتعليم يوقعان بروتوكول تعاون لإطلاق حضانات تعليمية بالمساجد    تفاصيل الدورة ال 41 ل مهرجان الإسكندرية السينمائي.. تحمل اسم ليلى علوي    تقرير تونسي يكشف موعد انضمام علي معلول للصفاقسي    الحكومة: لا تحديات تعيق افتتاح المتحف المصرى الكبير والإعلان عن الموعد قريبا    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    يحتل المركز الثاني.. فيلم أحمد وأحمد يحقق 50 مليونا و812 ألف جنيه    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    سيد عبد الحفيظ يعلّق على أزمة وسام أبو علي: "أخذ من هيبة المكان.. واعتذاره لتحسين الصورة"    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    تعليم قنا تنظم ندوة تعريفية عن نظام «البكالوريا الجديدة»    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    محافظ الفيوم يهنئ وزير الدفاع ورئيس الأركان بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    "الأعلى للإعلام" يُوقف مها الصغير ويحيلها للنيابة بتهمة التعدي على الملكية الفكرية    السيسي: مصر دار الأمن والاستقرار ولدينا 10 ملايين شخص من بلاد كثيرة    رئيس هيئة الرقابة الصحية من مطروح: تحقيق جودة الخدمات يعتمد بالأساس على تأهيل الكوادر البشرية (تفاصيل)    محمد عبد الحافظ ناصف مستشارًا للشؤون الفنية والثقافية بالهيئة العامة لقصور الثقافة    مرتضى منصور لحسن شحاتة: للأسف أنا مسافر ومنعزل عن العالم    وزير الخارجية يتوجه إلى النيجر في المحطة الثالثة من جولته بغرب إفريقيا    أسعار البيض اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    الوداد يتحرك لضم يحيى عطية الله من سوتشي الروسي    وفاة 4 أشخاص بطلقات نارية إثر مشاجرة مسلحة بين عائلتين بقنا    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجنوبيون سيصوتون للانفصال بنسبة تتجاوز 99 %.. و«أبيي» عقبة الوحدة
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 23 - 11 - 2010

مشاهد مختلفة لحالة التوتر الذي يعيشه السودان حاليا شماله وجنوبه.. تنذر بعاصفة قد تتجدد معها المواجهات المسلحة التي تقترب.. وتقترب كلما اقتربنا من استفتاء تقرير المصير الذي يصوت من خلاله شعب الجنوب في يناير المقبل لخيار الوحدة.. أو الانفصال.. والمشاهد رصدناها من العاصمتين الخرطوم وجوبا بعدما أصبح هاجس توابع الانفصال وكأنه يدق طبول الحرب بين الشمال والجنوب من جديد، ونجده واضحا في الاحتشاد والزحام بمطاري العاصمتين للنازحين من الجنوبيين الذين يعيشون بالشمال ويسارعون للعودة للديار تاركين اراضي الشمال، وحالة تأهب من القوي والحركات السياسية بالجانبين ببدء برامج تسلح مكثفة وكأن ساعة الصفر اقتربت.. وهو ما رصدناه في حوارات مسجلة مع قادة القوي السياسية المعارضة المختلفة الذين لم ينكروا هذا التسلح، هذا فضلا عن توتر صامت رصدناه في استطلاع للرأي جمع عينة من السودانيين من مختلف المستويات الاجتماعية والاعمار جبنا خلاله شوارع العاصمتين نسأل المارة.. من مع الوحدة؟ ومن مع الانفصال؟.. اخترقنا خلال جولتنا عالم أهل الغابة المعسكرين في قلب العاصمة الخرطوم، فاجأتنا مشاكل أيتام الحروب في الغابات، وتعاطفنا مع قصة الاطفال الأرامل، تعرفنا علي سر غزو الأموات للشوارع والميادين العامة، واكتشفنا قصة ديك النميري الذي حرم علي السودانيين التجول بشارع النيل الأزرق، وجبنا بجبل الأولياء بحثًا عن العجوز التي قهرت تماسيح النيل.. وقبل أن نغادر السودان تسلقنا الشجرة المصرية التي شيدت فوقها المدارس والمساكن والملاعب ولم يفوتنا المرور لشرب الجبنة علي رصيف المشاهير..
في حوار خاص ل«روزاليوسف» تحدث كمال عمر الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي المعارض بزعامة الترابي بشمال السودان بصراحة عن الاوضاع المتأزمة في السودان التي تقود الوضع من جديد إلي عودة الحرب في ظل عدم انكار اتجاه القوي السياسية المعارضة المختلفة لخيار التسلح، في ضوء التوترات الحالية التي تقود الجنوبيين بنسبة 99% إلي التصويت لصالح الانفصال علي حد قوله.. وحمل المسئول بحزب الترابي «روزاليوسف» رسالة إلي المسئولين بالحكومة المصرية يناشدهم مد يد العون للقوي السياسية بالشمال والجنوب السوداني لتصبح شريكا في الحوار السوداني- السوداني الذي ترعاه مصر أملا في الوصول إلي معادلة اقتصادية جديدة تجعل عملية الانفصال التي باتت علي الأبواب تتم بشكل هادئ، وتعطي للشمال نصيبًا من بترول الجنوب يتناسب مع التواصل التاريخي والقيم الإنسانية التي تربط بينهما، بينما تنصل عمر من أي علاقات تربطهم بجماعة الإخوان المسلمين مؤكدًا أنهم يدفعون ضريبة غالية لا ذنب لهم فيها بسبب العلاقة التاريخية التي كانت تربطهم بالإخوان منتقدا استمرارها في رفع الشعارات الدينية الذي لم تعد تتناسب مع متطلبات هذه المرحلة.. وإلي نص الحوار..
كيف يري حزب المؤتمر الشعبي الوضع في السودان حاليا وماذا تطلب المرحلة الراهنة لاحتواء الاوضاع والدور الذي تلعبه القوي السياسية المعارضة في ظل اجواء التوتر التي تسبق الاستفتاء؟
- في البداية نرحب بصحيفتكم العريقة العظيمة «روزاليوسف» ونحن والاخوة المصريون ظللنا شعبًا متواصلاً لفترة طويلة تجمعنا قضايا مصيرية تربطنا مع الاشقاء بشمال الوادي، ولهذا ليس من الغريب أن يكون الدور المصري حاليا يمثل العمود الفقري لهذا الحوار السوداني-السوداني الذي حقيقة لا يأتي إلا من منطلق الحرص والمصلحة المشتركة والعلاقات الاخوية بين البلدين بشمال الوادي والعلاقات بين الشعبين.
نعم السودان يمر حاليا بمرحلة منعطف خطير في تاريخه السياسي ويسير في اتجاه أن الجنوب هو من سيقر مصيره، وفي غالب الاحوال وبنسبة تتجاوز ال99% فإن الاخوة الجنوبيين سيصوتون لصالح الانفصال.
وما سبب اتجاه الغالبية من الجنوبيين لخيار الانفصال؟
- السبب نتيجة لتراكمات تاريخية اشتدت في الفترة الاخيرة في مقدمتها أن الجنوبيين يشعرون بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية ويعتقدون أن قضية الدين السبب الاساسي في هذا التهميش رغم أنني لا اتفق معهم لأن الدين اصلا عمره ما كان عاملا في الخلاف بين الشمال والجنوب حتي النقاش ذاته شمال مسلم يحكم بالشريعة وجنوب مسيحي بالعلمانية.. وتاريخيا المشكلة الخاصة بالجنوب كانت متعلقة بمطالب سياسية منها المشاركة في السلطة، في الثروة، التنمية والحكم الذاتي.
وكلها مطالب الحركات المسلحة في الجنوب، والحركة الشعبية نفسها حتي مرحلة قريبة كانوا يتحدثون حول مشروع الدولة الجديدة ولم يكن هناك حديث عن الانفصال في خطابهم السياسي، ولكن حدث تطور سلبي من قبل المؤتمر الوطني دفع الاخوة الجنوبين إلي التفكير والعزيمة السياسية باتجاه الانفصال.
الاتفاقية والدستور حددا مراحل زمنية يتم فيها الوصول للوفاق، هذه المراحل الزمنية كان لديها متطلبات تبدأ بإصلاح القوانين والاجهزة القضائية والخدمة الوطنية وقيام مفوضية لحقوق غير المسلمين وأخري لحقوق الإنسان، واجهزة تشريعية وكل هذه الاجهزة المفترض أن تعمل في تناغم لتهيئ المناخ الذي يسبق الاستفتاء، وفي غالب الاحوال لو تمت هذه المتطلبات كان قطعا سيكون هناك حكومة ديمقراطية تشرف علي الاستفتاء والمناخ المتعلق بالوحدة لكن ما حدث أن المؤتمر الوطني لم يف بمستحقاته واستأثر بالسلطة ورفض حتي أن يدفع المستحقات المتعلقة بالجنوب من السلطة والثروة وتم تهميش الجنوبيين في الأجهزة الرسمية ومروا بتجربة سيئة في شراكتهم السياسية مع المؤتمر الوطني.
هل الوضع الحالي ينذر بعودة الحروب الأهلية في السودان من جديد؟
- في رأيي الانفصال لن يتم بشكل سلس، هناك قضايا معقدة وبؤر ممكن ان تعيد الشمال والجنوب إلي الحرب مرة أخري ومنطقة أبيي ستكون القنبلة الموقوتة التي ستنفجر، وهي العقبة أمام عودة الوحدة، وفي تقديري الحكومة لعبت دورًا سلبيا وحرضت القبائل علي بعضها البعض ولا أري أي بصيص امل علي الساحة السياسية يمكن أن ينزع فتيل أزمة أبيي، والحكومة أيضًا بلهجتها تجاه الجنوبيين بخطاب التهديد والوعيد بأن الجنوبيين لو صوتوا للانفصال لن ينالوا أي حقوق حتي الدواء والعلاج مما دفع عددًا كبيرًا منهم إلي النزول والعودة جنوبا، اضاع رصيدًا كبيرًا منهم كان من الممكن أن يصوت لصالح الوحدة.
أين دوركم كقوي سياسية في الشارع السوداني؟
- لدينا علاقة وطيدة كحزب المؤتمر الشعبي تربطنا مع الجنوب وهناك حوار بيننا والحركة الشعبية وتربطنا اواصر قوية جدا، ونتشارك معهم في التفكير حول اصول الحريات وحقهم في الاستفتاء وتقرير مصيرهم، وبرنامجنا يقوم علي أن هناك حدودًا طويلة بين الشمال والجنوب يعيش بها أكثر من 13 مليون من القبائل المختلفة الذين يغيرون علي بعضهم البعض، بدأنا معهم برامج مكثفة لنخلق نوعًا من الاستقرار ونمهد الطريق في حالة ما تم الانفصال أن يكون بشكل هادئ ويقوم علي الاحترام المتبادل.
كيف تري القوي السياسية السودانية المعارضة الدور المصري في هذه المرحلة؟
- المأخذ الوحيد عليه أنه ركز بشكل كبير جدًا في علاقاته مع الحكومة والمسئولين وكان يفترض أن يكون الدور المصري ممتدًا لكل القوي السياسية، ولكن تم عزلنا تماما ولم يكن هناك تواصل معهم، ونحن نحترم الاخوة في شمال الوادي ومقدرون جهدهم ولكن نطالبهم بالكف عن ممارسة اسلوب «الدلع» للنظام السوداني بحكومتيه شماله وجنوبه، يحتاج النظام المصري لعمل توازن في المرحلة الحالية بين الحكومة السودانية والقوي السياسية المختلفة، وهناك حراك مصري وتواصل بالجنوب من زيارات متتالية كان آخرها زيارة ناجحة لوزير الخارجية أحمد أبوالغيط والوزير عمر سليمان، وهناك تنمية يخلقها المصريون حاليا في الجنوب وفي فترة وجيزة، لم يفعلها الشمال للجنوب في سنوات ولم يعطهم بقدر ما اعطاه المصريون للجنوبيين في الفترة الوجيزة الماضية، وهو مؤشر لدور عربي ايجابي ولابد للمصريين أن يكملوا ما بدأوه ويرتبوا للقاء جامع يجمع الحكومة السوادنية والمعارضة والحركة الشعبية حتي نستطيع أن نحفظ الاستقرار للبلاد.
أليس لكم علاقة مع أي من القوي السياسية الموجودة في مصر وما طبيعة علاقاتكم بجماعة الإخوان المسلمين حاليا؟
- لا ليس عندنا أي نوع من التواصل لأن من الأشياء التاريخية التي كانت سبب قطيعة طويلة مع المصريين، وربما مع كل المكونات السياسية في مصر، هو الارتباط التاريخي الفكري بجماعة الإخوان وهي حركة كان لدينا ارتباط وثيق بها في الماضي بخلاف الآن، فنحن تنظيم مستقل، كل التقدير لهم ولكن نحن مدرسة منفصلة ومختلفة تمامًا، تتحدث عن قضية الحريات عن السلم والاستقرار السياسي، ولهذا علي استعداد للتواصل مع الحكومة المصرية ونطمئنهم بأنه ليس هناك أي ولاية علينا حاليا من أي نوع، وكان عندنا اشكالية كبيرة مع الإخوان في مصر لفترة طويلة لأن مدرسة حسن الترابي هي مدرسة منفصلة تماما عن مدرسة الإخوان في مصر، ونطمع في أن يكون لنا علاقة بالحزب الحاكم في مصر من أجل خدمة الاستقرار في المنطقة، ونطمح في أن نشارك في مناسبات مصرية حتي نؤكد علي ذلك.
هل هذه القطيعة مع القوي السياسية المصرية ضريبة هذا الارتباط التاريخي بينكم وبين جماعة الإخوان المسلمين؟
- حقيقة نحن ندفع ثمن هذه الفاتورة غاليا الآن، والوفود الرسمية للحوار هنا تجتمع مع كل القوي السياسية وتتجاهل حزب المؤتمر الشعبي بزعامة الترابي، رغم موقعه المؤثر في الشارع السوداني وهو مهم جدًا للحزب الوطني في مصر أن يبدأ بالتواصل معنا فنحن ندفع فاتورة لا ذنب لنا فيها لأننا مدرسة منفصلة مستقلة بفكرها واصولها وقضاياها وحريصون علي التواصل مع الحزب الوطني المصري.
ألم يكن هناك أي مبادرات من جانبكم لفتح باب التواصل؟
- بالفعل أطلقنا بعض بالونات الاختبار في عدة مناسبات، وحاولنا الاتصال أكثر من مرة ولكن وجدنا أن هذه العقدة التاريخية مستمرة ومازلنا نأمل ونرجو أن تكون رسالتنا عبر جريدتكم «روزاليوسف» ذات صدي هذه المرة.
تعول القوي السياسية المعارضة في السودان علي النظام الحالي في أنه كان وراء الحشد لخيار الانفصال وفقًا للمؤشرات الحالية، ولكن ألا تشفق علي النظام الحاكم من التدخلات الأجنبية والضغوط الدولية التي دفعته إلي القبول بفترة انتقالية لم تكن كافية لتحقيق برامج التنمية، بل وصاحبها الإخلال بوعود المجتمع الدولي في برامج الدعم، وتوفير التمويل اللازم؟
- نعم الدور الأجنبي كان له تأثير بالغ في تأزم الوضع في السودان إلي هذه الدرجة، وحقيقة النظام الحالي فعلاً نحن مشفقون علي حالته، ولكن نحن نحمله المسئولية لأنه عزل نفسه عن الاجتماع بالقوي السياسية في السودان وكان يمكنه حشد كل هذه القوي السياسية ولكنه فضل العزلة وعلاقته مع كل القوي السياسية سيئة، وهذه العزلة هي التي مكنت المجتمع الدولي من ممارسة الضغوط عليه بصور مختلفة والآن النظام يحتاج لعمل مراجعات سياسية في حركته السياسية، ونحن كقوي وطنية لدينا الاستعداد الكامل في أن نجلس مع المؤتمر الوطني بأجندة مشتركة متفق عليها وبأطر سياسية في منبر واحد، ونستطيع أن نشكل معه إجماعًا وطنيا كبيرًا لكي نخرج البلاد من هذا المأزق، لنتفرغ بعدها للمشكلة القادمة الأكبر، وهي أزمة دارفور الملف القادم الأخطر الذي سيلي قضية الجنوب، باعتباره ملفًا تتدخل فيه المحكمة الجنائية الدولية، وهناك قضايا ستمزق السودان قطعًا، لن يتبقي في السودان شيء بانفصال الجنوب وبعده دارفور، ثم الشرق كل هذه الأمور تجعل من الضرورة علي النظام عمل مراجعة سياسية حقيقية .
ولكن بصراحة شديدة «سيد كمال».. المبدأ أو السياسة التي تنتهجها القوي السياسية المعارضة في شمال السودان قائمة علي الجزرة وإلا العصا. فمن أجل الحصول علي مكاسب سياسية تلوحون بقدراتكم في التسلح، ومعظم القوي تتسلح حاليا.. فما موقفكم أنتم؟
- المشكلة في السودان هي أن النظام قاد البلاد إلي حافة التأزم والذي يسير في مراحل جزء كبير منها متعلق باستخدام السلاح والحركات المسلحة التي نشأت بالغرب وغيرها كلها جاءت نتيجة لأن الخطاب السياسي للحكومة والتزامها بالاتفاقيات ضعيف، والحكومة كانت علي لسان عدد كبير من المسئولين الرسميين الذين كانوا يتحدثون عمن يريد حقه يذهب لحمل البندقية فنحن جئنا للسلطة بالبندقية ولا نستجيب إلا لمن يحمل البندقية، كانت هذه هي لغة الحكومة في البداية وهي اللغة التي جاءت بحركة العدل والمساواة، وحركة التحرير ودفعت بعدد كبير من حركاتنا بأن تحمل السلاح، ولهذا أصبح المنطق منطق السلاح، وهو منطق متعارف عليه سياسيا في السودان، والحكومة الحالية فاوضت المتمردين في دارفور، ووقعت اتفاق أبوجا ولم تلتزم به، وفاوضت الإخوة في الشرق ولم تعطهم حتي الآن، وفاوضت الحركة الشعبية والآن الحركة تعود لمربع الحرب مرة أخري، لأنه للآن لم يصلوا لحلول بالنسبة للأمور المعلقة، ولذلك السبب في التسلح هو افتقار النظام السياسي في السودان إلي المنهج السياسي الذي يعمه الاستقرار، وهو ما قاد الكل إلي حمل السلاح، والخط الوحيد القادر علي أن يرجعنا من الحافة إلي الحوار والعودة إلي لغة السياسة والقانون والدستور، نحتاج إلي مؤتمر جامع طرحناه معا كقوي سياسية يلم هذه القضايا بعضها مع بعض.
معني كلامك أن المرحلة الحالية هي فترة الهدوء الذي يسبق العاصفة.. وأن الحرب قادمة لا محالة؟ ولكن ألا يوجد أمل في تهدئة الأجواء حرصًا علي توفير مناخ السلام في البلاد؟
- نحن في هذه المرحلة لنا دور متفق عليه بإجماع شركائنا في تحالف قوي الإجماع وضعنا خطة الآن للتعبئة السياسية، سنعمل ندوات لهذه التوعية بمناطق تجمع الجنوبيين بالشمال السوداني، لنبث لغة التطمين وتهدئة الخواطر، ونحاول أن نخلق سلمًا اجتماعيا للإخوة الجنوبيين. ونعطيهم تطمينات بأن القوي السياسية بالشمال مستعدة تمامًا للقيام بحمايتهم من أي توتر مستقبلي قادم، سنشرف بأن نعمل زيارات بالإخوة بالجنوب سنزور رؤساء الأحزاب ونبث نفس أفكارنا للقائمين علي القوي السياسية بالجنوب، وهناك جانب التسجيل والتصويت نطالب بوجود مشاركة وتأثير لنا حتي نتابع عملية الاستفتاء لضمان مصداقيتها ونزاهة الاستفتاء ولضمان أنه في حالة وجود الوحدة أو الانفصال فعلي الأقل نطمئن نحن كمشاركين في هذا القرار بحمايته لأنه إذا لم نقدر نحن كقوي سياسية أن نمارس هذا الدور في حماية عملية الاستفتاء وإذا تم ترك الأمر للطرفين، قطعا نحن متوقعون أن هناك طرفًا لن يعترف بنتيجة الاستفتاء فإذا تم التصويت للانفصال فسيأتي المؤتمر الوطني ويشكك في نزاهة الاستفتاء، وإذا تم تصويت الجنوبيين للوحدة فالحركة الشعبية ستخرج لتعلن أن هناك تزويرًا ولن تعترف به ولذلك هم في حاجة لنا، لإضفاء دور وطني قومي علي هذا المناخ السياسي المتوتر، والآن نحن نعد العدة من خلال علاقاتنا مع الحركة الشعبية بالجنوب، وللأسف هي فقط من تتواصل معنا بينما هناك مقاطعة لنا من جانب المؤتمر الوطني بالشمال، ولذلك المعادلة المفقودة تحتاج لدور مصري لإعادة الثقة بين القوي السياسية والحزب الحاكم.
هل القانون السوداني يسمح بإسقاط الجنسية عن الجنوبيين عقب التصويت لصالح انفصال الجنوب؟
- هذا لا يمثل الا انفعالاً سياسيا فقط لا علاقة له بالدستور ولا بقانون الجنسية السوداني، فقانون الجنسية السوداني حتي اللقطاء يمنحهم الجنسية السودانية فمال بالك بالسودانيين الذين ساهموا في تأسيس الدولة السودانية، والقانون السوداني يقبل الجنسية المزدوجة، ولذلك فالأخوة الجنوبيون محميون بهذا القانون ولن يستطيع أحد أن يسقط هذه الجنسية عن الجنوبيين ولكن للأسف الشديد هناك من يستخدم هذا الأمر للتشويش وتخويف الجنوبيين رغم أن ذلك يخالف الأعراف والمواثيق الدولية والقانون السوداني نفسه الذي لسوء حظهم يتحدث بلغة مطاطة جدًا فيما يتعلق بحماية صاحب الجنسية السودانية.
ولكن الواقع المفروض في حالة الانفصال الجنوبي يذهب بأكثر من 60% من الثروة للجنوب فكيف إذا يظل الشمال يتحمل عبء مواطني الجنوب وهم بالملايين وهو لا يحصل إلا علي النسبة الأقل من الموارد؟
- والله هذا هو قدر الشمال.. والحسابات الاقتصادية لا يمكن أن تكون السبب في القطيعة بيننا وبين إخوتنا الجنوبيين، وإذا حسبناها فهناك أصوات في الجنوب ذاته تتحدث عن البترول بشكل أنهم تاريخيا استفادوا من القطن والصمغ العربي، ولابد من إيجاد معادلة اقتصادية جديدة بين الشمال والجنوب تعطي للشمال نصيبًا من بترول الجنوب يتناسب مع التواصل التاريخي، ونحن كقوي سياسية لو قدر الانفصال للجنوب سنتحد ونسعي لإسقاط النظام الحالي عبر ثورة شعبية، لأن هناك إجماعًا بين القوي علي أن الحل لمشاكلنا في مغادرة هذا النظام.
الجنوبيون يرون أن انعدام مبدأ المواطنة في الشمال نتيجة أن معظم الأحزاب تقوم علي أساس الدين الإسلامي بما لا يوفر لهم الثقة في العدالة، فهل الدين كان له دور أساسي في الوصول إلي حافة الهاوية والرغبة القوية من جانبهم في الانفصال؟
- نعم التطبيق الخاطئ للدين كان فعلا السبب الرئيسي، وتجربة الرسول صلي الله عليه وسلم كانت في المدينة تجربة عميقة ومؤسسة علي أصول واحترام حقوق غير المسلم، ونحن نظن أن الأنسب في المرحلة المقبلة هو التطبيق الشخصي للدين، وهي احد معايير الرسول الخاصة بتجربة المدينة، ومعناها أن يطبق علي الفرد القانون الذي يتواءم مع دينه ومعتقده، وليس التطبيق الاقليمي وهو يسري علي كل المواطنين في الدولة المقيمين في نطاقها، لكن التطبيق الشخصي تجربة متطورة جدا وهي تجبر أجهزة الشمال في السودان أن تخضع لحقوق المسيحيين، فأنت مسيحي تخضع لأحكام وقوانين المسيحيين، ومسلم يطبق عليك القانون الإسلامي، واعتقد أن هذا هو الحل للمساواة بين الناس في المواطنة، والمواطنة الحقة لدينا ليست بالشعارات.
وما رأيك في استخدام الشعارات الدينية في العمل السياسي وكيف تنظرون حاليا لشعار مثل «الإسلام هو الحل»؟
هذه مرحلة من مراحل التعبير عن الذات بعمق، والآن قضايا العصر تفرض علي هذه المجموعات أن تجدد فكرها بدلا من ر فع الشعارات التي في غالب الأحوال تحسب عليها بشكل لا يتلاءم مع قضايا التطور العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.