الطائفة الإنجيلية: التعاون بين المؤسسات الدينية والمدنية يعكس حضارة مصر    «القومي للمرأة» يهنئ إيناس عبد الدايم لإعادة انتخابها رئيسة للمجمع العربي للموسيقى    الفجر بالإسكندرية 5.45.. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الأربعاء 29 أكتوبر 2025    وكيل «خطة النواب»: الاتفاق المصري الأوروبي يعزز أداء الاقتصاد الوطني    مدبولي: تجهيز شاشات عرض بالمحافظات لمتابعة فعاليات افتتاح المتحف المصري الكبير    محافظ الفيوم يوجه بتسريع ملف التصالح وتحسين مستوى النظافة في طامية    مسؤول فلسطيني: مصر تؤدي دورًا تاريخيًا في دعم القضية ووقف العدوان على غزة    كييف تعلن إسقاط 26 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    شريف يقترب من العودة.. موقفه من السوبر المصري يتحدد بعد مواجهة بتروجت    شوبير يكشف حقيقة العرض الليبي لضم أشرف داري من الأهلي    إطلاق الخطة العربية للوقاية من المخدرات من داخل مركز علاج الإدمان في مصر    المتحف الكبير أصبح حقيقة.. مدير المشروع يكشف تفاصيل رحلة ال15 سنة    بعد تصدرها ب «هات إيديك يا ولا».. معلومات عن الحاجة نبيلة «بلبل الشرقية»    محمد قناوي يكتب: «السادة الأفاضل».. سينما تفضح نفاق المجتمع بابتسامة ساخرة    جهود لبنانية - أمريكية لحصر السلاح بيد الدولة.. وحزب الله يرفض التسليم    ضمن «صحح مفاهيمك».. واعظات «الأوقاف» يقدمن لقاءات توعوية لمكافحة العنف ضد الأطفال بشمال سيناء    شقق شركة مدينة مصر تبدأ بمقدم 140 ألف جنيه وقسط شهري 5 آلاف فقط.. تفاصيل المشاريع وفرص الاستثمار العقاري    لتعزيز الصدارة.. موعد مباراة نابولي ضد ليتشي والقناة الناقلة    موعد مباراة أتالانتا وميلان في الدوري الإيطالي    حسم موقف آدم كايد من مباراة الزمالك والبنك الأهلي    رابطة الأندية: لا تأجيل لمباراتي بيراميدز.. وطولان لم يقدم برنامج إعداد المنتخب الثاني    وزيرة التخطيط: تهيئة بيئة الاستثمار لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص    الداخلية تعلن البدء فى إجراء قرعة الحج بعدد من مديريات الأمن بالمحافظات    صانع محتوى يدّعى تعرضه للسرقة لزيادة المشاهدات.. والأمن يكشف الحقيقة    حملات أمنية مكبرة بكافة قطاعات العاصمة.. صور    بدء إضافة المواليد على بطاقة التموين 2025 عبر استمارة تحديث البيانات الجديدة    الرئيس السيسى يثنى على الخدمات المُقدمة من جانب صندوق تكريم الشهداء    سنوات رسم خريطة جديدة لمصر    المسألة المصرية وعقلية «روزاليوسف» الاقتصادية    افتتاح المتحف المصري الكبير 2025.. مصر تبهر العالم في أضخم حدث ثقافي بالقرن الحادي والعشرين    من قلب الأقصر.. «مدينة الشمس» تستعد لاحتفال أسطوري بافتتاح المتحف المصري الكبير| فيديو    الإفتاء توضح الحكم الشرعي لتقنية الميكرو بليدينج لتجميل الحواجب    جراجات مجانية لأعضاء النادي في انتخابات الأهلي    محافظ أسيوط يستقبل الرحلة الجوية المنتظمة بين القاهرة وأسيوط دعما لمنظومة النقل والتنمية بالصعيد    عشرات شاحنات المساعدات تغادر رفح البري متجهة إلى غزة عبر كرم أبو سالم    مقتل ثلاثة أشخاص في جامايكا أثناء الاستعدادات لوصول إعصار ميليسا    رئيس جامعة سوهاج يعلن تكليف 1113 أخصائي تمريض لدعم المستشفيات الجامعية    الشبكة هدية أم مهر؟.. حكم النقض ينهى سنوات من النزاع بين الخطاب    جامعة القناة السويس تنظم قافلة شاملة بقرية أم عزام بمركز القصاصين    دراسة: زيارة المعارض الفنية تُحسن الصحة النفسية    ب«الشيكولاتة والعسل والتوت».. طريقة عمل ال«بان كيك» أمريكي خطوة بخطوة    غيران ولا عادي.. 5 أبراج الأكثر غيرة على الإطلاق و«الدلو» بيهرب    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ومستشار الرئيس الأمريكي لبحث تطورات الأوضاع في السودان وليبيا    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع رقص ب«ملابس خادشة» في الإسكندرية    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    ضبط (100) ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط 3 أطنان دقيق في حملات مكثفة لمواجهة التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    استعدادات مكثفة لمتابعة جاهزية المراكز الانتخابية قبل انطلاق انتخابات النواب بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 28-10-2025 في محافظة الأقصر    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    وزير الداخلية التركي: لا خسائر بشرية جراء زلزال باليكسير    ميسي يكشف عن موقفه من المشاركة في كأس العالم 2026    نزلات البرد وأصحاب المناعة الضعيفة.. كيف تتعامل مع الفيروسات الموسمية دون مضاعفات؟    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    استقرار اسعار الفاكهه اليوم الثلاثاء 28اكتوبر 2025 فى المنيا    خالد الجندي: في الطلاق رأيان.. اختر ما يريحك وما ضيّق الله على أحد    بالصور.. سفارة باكستان بالقاهرة تحيي ذكرى يوم "كشمير الأسود"    سفير الصين يشيد بجهود مصر في اتفاق غزة ويؤكد التزام بكين الثابت ب"حل الدولتين"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجنوبيون سيصوتون للانفصال بنسبة تتجاوز 99 %.. و«أبيي» عقبة الوحدة
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 23 - 11 - 2010

مشاهد مختلفة لحالة التوتر الذي يعيشه السودان حاليا شماله وجنوبه.. تنذر بعاصفة قد تتجدد معها المواجهات المسلحة التي تقترب.. وتقترب كلما اقتربنا من استفتاء تقرير المصير الذي يصوت من خلاله شعب الجنوب في يناير المقبل لخيار الوحدة.. أو الانفصال.. والمشاهد رصدناها من العاصمتين الخرطوم وجوبا بعدما أصبح هاجس توابع الانفصال وكأنه يدق طبول الحرب بين الشمال والجنوب من جديد، ونجده واضحا في الاحتشاد والزحام بمطاري العاصمتين للنازحين من الجنوبيين الذين يعيشون بالشمال ويسارعون للعودة للديار تاركين اراضي الشمال، وحالة تأهب من القوي والحركات السياسية بالجانبين ببدء برامج تسلح مكثفة وكأن ساعة الصفر اقتربت.. وهو ما رصدناه في حوارات مسجلة مع قادة القوي السياسية المعارضة المختلفة الذين لم ينكروا هذا التسلح، هذا فضلا عن توتر صامت رصدناه في استطلاع للرأي جمع عينة من السودانيين من مختلف المستويات الاجتماعية والاعمار جبنا خلاله شوارع العاصمتين نسأل المارة.. من مع الوحدة؟ ومن مع الانفصال؟.. اخترقنا خلال جولتنا عالم أهل الغابة المعسكرين في قلب العاصمة الخرطوم، فاجأتنا مشاكل أيتام الحروب في الغابات، وتعاطفنا مع قصة الاطفال الأرامل، تعرفنا علي سر غزو الأموات للشوارع والميادين العامة، واكتشفنا قصة ديك النميري الذي حرم علي السودانيين التجول بشارع النيل الأزرق، وجبنا بجبل الأولياء بحثًا عن العجوز التي قهرت تماسيح النيل.. وقبل أن نغادر السودان تسلقنا الشجرة المصرية التي شيدت فوقها المدارس والمساكن والملاعب ولم يفوتنا المرور لشرب الجبنة علي رصيف المشاهير..
في حوار خاص ل«روزاليوسف» تحدث كمال عمر الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي المعارض بزعامة الترابي بشمال السودان بصراحة عن الاوضاع المتأزمة في السودان التي تقود الوضع من جديد إلي عودة الحرب في ظل عدم انكار اتجاه القوي السياسية المعارضة المختلفة لخيار التسلح، في ضوء التوترات الحالية التي تقود الجنوبيين بنسبة 99% إلي التصويت لصالح الانفصال علي حد قوله.. وحمل المسئول بحزب الترابي «روزاليوسف» رسالة إلي المسئولين بالحكومة المصرية يناشدهم مد يد العون للقوي السياسية بالشمال والجنوب السوداني لتصبح شريكا في الحوار السوداني- السوداني الذي ترعاه مصر أملا في الوصول إلي معادلة اقتصادية جديدة تجعل عملية الانفصال التي باتت علي الأبواب تتم بشكل هادئ، وتعطي للشمال نصيبًا من بترول الجنوب يتناسب مع التواصل التاريخي والقيم الإنسانية التي تربط بينهما، بينما تنصل عمر من أي علاقات تربطهم بجماعة الإخوان المسلمين مؤكدًا أنهم يدفعون ضريبة غالية لا ذنب لهم فيها بسبب العلاقة التاريخية التي كانت تربطهم بالإخوان منتقدا استمرارها في رفع الشعارات الدينية الذي لم تعد تتناسب مع متطلبات هذه المرحلة.. وإلي نص الحوار..
كيف يري حزب المؤتمر الشعبي الوضع في السودان حاليا وماذا تطلب المرحلة الراهنة لاحتواء الاوضاع والدور الذي تلعبه القوي السياسية المعارضة في ظل اجواء التوتر التي تسبق الاستفتاء؟
- في البداية نرحب بصحيفتكم العريقة العظيمة «روزاليوسف» ونحن والاخوة المصريون ظللنا شعبًا متواصلاً لفترة طويلة تجمعنا قضايا مصيرية تربطنا مع الاشقاء بشمال الوادي، ولهذا ليس من الغريب أن يكون الدور المصري حاليا يمثل العمود الفقري لهذا الحوار السوداني-السوداني الذي حقيقة لا يأتي إلا من منطلق الحرص والمصلحة المشتركة والعلاقات الاخوية بين البلدين بشمال الوادي والعلاقات بين الشعبين.
نعم السودان يمر حاليا بمرحلة منعطف خطير في تاريخه السياسي ويسير في اتجاه أن الجنوب هو من سيقر مصيره، وفي غالب الاحوال وبنسبة تتجاوز ال99% فإن الاخوة الجنوبيين سيصوتون لصالح الانفصال.
وما سبب اتجاه الغالبية من الجنوبيين لخيار الانفصال؟
- السبب نتيجة لتراكمات تاريخية اشتدت في الفترة الاخيرة في مقدمتها أن الجنوبيين يشعرون بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية ويعتقدون أن قضية الدين السبب الاساسي في هذا التهميش رغم أنني لا اتفق معهم لأن الدين اصلا عمره ما كان عاملا في الخلاف بين الشمال والجنوب حتي النقاش ذاته شمال مسلم يحكم بالشريعة وجنوب مسيحي بالعلمانية.. وتاريخيا المشكلة الخاصة بالجنوب كانت متعلقة بمطالب سياسية منها المشاركة في السلطة، في الثروة، التنمية والحكم الذاتي.
وكلها مطالب الحركات المسلحة في الجنوب، والحركة الشعبية نفسها حتي مرحلة قريبة كانوا يتحدثون حول مشروع الدولة الجديدة ولم يكن هناك حديث عن الانفصال في خطابهم السياسي، ولكن حدث تطور سلبي من قبل المؤتمر الوطني دفع الاخوة الجنوبين إلي التفكير والعزيمة السياسية باتجاه الانفصال.
الاتفاقية والدستور حددا مراحل زمنية يتم فيها الوصول للوفاق، هذه المراحل الزمنية كان لديها متطلبات تبدأ بإصلاح القوانين والاجهزة القضائية والخدمة الوطنية وقيام مفوضية لحقوق غير المسلمين وأخري لحقوق الإنسان، واجهزة تشريعية وكل هذه الاجهزة المفترض أن تعمل في تناغم لتهيئ المناخ الذي يسبق الاستفتاء، وفي غالب الاحوال لو تمت هذه المتطلبات كان قطعا سيكون هناك حكومة ديمقراطية تشرف علي الاستفتاء والمناخ المتعلق بالوحدة لكن ما حدث أن المؤتمر الوطني لم يف بمستحقاته واستأثر بالسلطة ورفض حتي أن يدفع المستحقات المتعلقة بالجنوب من السلطة والثروة وتم تهميش الجنوبيين في الأجهزة الرسمية ومروا بتجربة سيئة في شراكتهم السياسية مع المؤتمر الوطني.
هل الوضع الحالي ينذر بعودة الحروب الأهلية في السودان من جديد؟
- في رأيي الانفصال لن يتم بشكل سلس، هناك قضايا معقدة وبؤر ممكن ان تعيد الشمال والجنوب إلي الحرب مرة أخري ومنطقة أبيي ستكون القنبلة الموقوتة التي ستنفجر، وهي العقبة أمام عودة الوحدة، وفي تقديري الحكومة لعبت دورًا سلبيا وحرضت القبائل علي بعضها البعض ولا أري أي بصيص امل علي الساحة السياسية يمكن أن ينزع فتيل أزمة أبيي، والحكومة أيضًا بلهجتها تجاه الجنوبيين بخطاب التهديد والوعيد بأن الجنوبيين لو صوتوا للانفصال لن ينالوا أي حقوق حتي الدواء والعلاج مما دفع عددًا كبيرًا منهم إلي النزول والعودة جنوبا، اضاع رصيدًا كبيرًا منهم كان من الممكن أن يصوت لصالح الوحدة.
أين دوركم كقوي سياسية في الشارع السوداني؟
- لدينا علاقة وطيدة كحزب المؤتمر الشعبي تربطنا مع الجنوب وهناك حوار بيننا والحركة الشعبية وتربطنا اواصر قوية جدا، ونتشارك معهم في التفكير حول اصول الحريات وحقهم في الاستفتاء وتقرير مصيرهم، وبرنامجنا يقوم علي أن هناك حدودًا طويلة بين الشمال والجنوب يعيش بها أكثر من 13 مليون من القبائل المختلفة الذين يغيرون علي بعضهم البعض، بدأنا معهم برامج مكثفة لنخلق نوعًا من الاستقرار ونمهد الطريق في حالة ما تم الانفصال أن يكون بشكل هادئ ويقوم علي الاحترام المتبادل.
كيف تري القوي السياسية السودانية المعارضة الدور المصري في هذه المرحلة؟
- المأخذ الوحيد عليه أنه ركز بشكل كبير جدًا في علاقاته مع الحكومة والمسئولين وكان يفترض أن يكون الدور المصري ممتدًا لكل القوي السياسية، ولكن تم عزلنا تماما ولم يكن هناك تواصل معهم، ونحن نحترم الاخوة في شمال الوادي ومقدرون جهدهم ولكن نطالبهم بالكف عن ممارسة اسلوب «الدلع» للنظام السوداني بحكومتيه شماله وجنوبه، يحتاج النظام المصري لعمل توازن في المرحلة الحالية بين الحكومة السودانية والقوي السياسية المختلفة، وهناك حراك مصري وتواصل بالجنوب من زيارات متتالية كان آخرها زيارة ناجحة لوزير الخارجية أحمد أبوالغيط والوزير عمر سليمان، وهناك تنمية يخلقها المصريون حاليا في الجنوب وفي فترة وجيزة، لم يفعلها الشمال للجنوب في سنوات ولم يعطهم بقدر ما اعطاه المصريون للجنوبيين في الفترة الوجيزة الماضية، وهو مؤشر لدور عربي ايجابي ولابد للمصريين أن يكملوا ما بدأوه ويرتبوا للقاء جامع يجمع الحكومة السوادنية والمعارضة والحركة الشعبية حتي نستطيع أن نحفظ الاستقرار للبلاد.
أليس لكم علاقة مع أي من القوي السياسية الموجودة في مصر وما طبيعة علاقاتكم بجماعة الإخوان المسلمين حاليا؟
- لا ليس عندنا أي نوع من التواصل لأن من الأشياء التاريخية التي كانت سبب قطيعة طويلة مع المصريين، وربما مع كل المكونات السياسية في مصر، هو الارتباط التاريخي الفكري بجماعة الإخوان وهي حركة كان لدينا ارتباط وثيق بها في الماضي بخلاف الآن، فنحن تنظيم مستقل، كل التقدير لهم ولكن نحن مدرسة منفصلة ومختلفة تمامًا، تتحدث عن قضية الحريات عن السلم والاستقرار السياسي، ولهذا علي استعداد للتواصل مع الحكومة المصرية ونطمئنهم بأنه ليس هناك أي ولاية علينا حاليا من أي نوع، وكان عندنا اشكالية كبيرة مع الإخوان في مصر لفترة طويلة لأن مدرسة حسن الترابي هي مدرسة منفصلة تماما عن مدرسة الإخوان في مصر، ونطمع في أن يكون لنا علاقة بالحزب الحاكم في مصر من أجل خدمة الاستقرار في المنطقة، ونطمح في أن نشارك في مناسبات مصرية حتي نؤكد علي ذلك.
هل هذه القطيعة مع القوي السياسية المصرية ضريبة هذا الارتباط التاريخي بينكم وبين جماعة الإخوان المسلمين؟
- حقيقة نحن ندفع ثمن هذه الفاتورة غاليا الآن، والوفود الرسمية للحوار هنا تجتمع مع كل القوي السياسية وتتجاهل حزب المؤتمر الشعبي بزعامة الترابي، رغم موقعه المؤثر في الشارع السوداني وهو مهم جدًا للحزب الوطني في مصر أن يبدأ بالتواصل معنا فنحن ندفع فاتورة لا ذنب لنا فيها لأننا مدرسة منفصلة مستقلة بفكرها واصولها وقضاياها وحريصون علي التواصل مع الحزب الوطني المصري.
ألم يكن هناك أي مبادرات من جانبكم لفتح باب التواصل؟
- بالفعل أطلقنا بعض بالونات الاختبار في عدة مناسبات، وحاولنا الاتصال أكثر من مرة ولكن وجدنا أن هذه العقدة التاريخية مستمرة ومازلنا نأمل ونرجو أن تكون رسالتنا عبر جريدتكم «روزاليوسف» ذات صدي هذه المرة.
تعول القوي السياسية المعارضة في السودان علي النظام الحالي في أنه كان وراء الحشد لخيار الانفصال وفقًا للمؤشرات الحالية، ولكن ألا تشفق علي النظام الحاكم من التدخلات الأجنبية والضغوط الدولية التي دفعته إلي القبول بفترة انتقالية لم تكن كافية لتحقيق برامج التنمية، بل وصاحبها الإخلال بوعود المجتمع الدولي في برامج الدعم، وتوفير التمويل اللازم؟
- نعم الدور الأجنبي كان له تأثير بالغ في تأزم الوضع في السودان إلي هذه الدرجة، وحقيقة النظام الحالي فعلاً نحن مشفقون علي حالته، ولكن نحن نحمله المسئولية لأنه عزل نفسه عن الاجتماع بالقوي السياسية في السودان وكان يمكنه حشد كل هذه القوي السياسية ولكنه فضل العزلة وعلاقته مع كل القوي السياسية سيئة، وهذه العزلة هي التي مكنت المجتمع الدولي من ممارسة الضغوط عليه بصور مختلفة والآن النظام يحتاج لعمل مراجعات سياسية في حركته السياسية، ونحن كقوي وطنية لدينا الاستعداد الكامل في أن نجلس مع المؤتمر الوطني بأجندة مشتركة متفق عليها وبأطر سياسية في منبر واحد، ونستطيع أن نشكل معه إجماعًا وطنيا كبيرًا لكي نخرج البلاد من هذا المأزق، لنتفرغ بعدها للمشكلة القادمة الأكبر، وهي أزمة دارفور الملف القادم الأخطر الذي سيلي قضية الجنوب، باعتباره ملفًا تتدخل فيه المحكمة الجنائية الدولية، وهناك قضايا ستمزق السودان قطعًا، لن يتبقي في السودان شيء بانفصال الجنوب وبعده دارفور، ثم الشرق كل هذه الأمور تجعل من الضرورة علي النظام عمل مراجعة سياسية حقيقية .
ولكن بصراحة شديدة «سيد كمال».. المبدأ أو السياسة التي تنتهجها القوي السياسية المعارضة في شمال السودان قائمة علي الجزرة وإلا العصا. فمن أجل الحصول علي مكاسب سياسية تلوحون بقدراتكم في التسلح، ومعظم القوي تتسلح حاليا.. فما موقفكم أنتم؟
- المشكلة في السودان هي أن النظام قاد البلاد إلي حافة التأزم والذي يسير في مراحل جزء كبير منها متعلق باستخدام السلاح والحركات المسلحة التي نشأت بالغرب وغيرها كلها جاءت نتيجة لأن الخطاب السياسي للحكومة والتزامها بالاتفاقيات ضعيف، والحكومة كانت علي لسان عدد كبير من المسئولين الرسميين الذين كانوا يتحدثون عمن يريد حقه يذهب لحمل البندقية فنحن جئنا للسلطة بالبندقية ولا نستجيب إلا لمن يحمل البندقية، كانت هذه هي لغة الحكومة في البداية وهي اللغة التي جاءت بحركة العدل والمساواة، وحركة التحرير ودفعت بعدد كبير من حركاتنا بأن تحمل السلاح، ولهذا أصبح المنطق منطق السلاح، وهو منطق متعارف عليه سياسيا في السودان، والحكومة الحالية فاوضت المتمردين في دارفور، ووقعت اتفاق أبوجا ولم تلتزم به، وفاوضت الإخوة في الشرق ولم تعطهم حتي الآن، وفاوضت الحركة الشعبية والآن الحركة تعود لمربع الحرب مرة أخري، لأنه للآن لم يصلوا لحلول بالنسبة للأمور المعلقة، ولذلك السبب في التسلح هو افتقار النظام السياسي في السودان إلي المنهج السياسي الذي يعمه الاستقرار، وهو ما قاد الكل إلي حمل السلاح، والخط الوحيد القادر علي أن يرجعنا من الحافة إلي الحوار والعودة إلي لغة السياسة والقانون والدستور، نحتاج إلي مؤتمر جامع طرحناه معا كقوي سياسية يلم هذه القضايا بعضها مع بعض.
معني كلامك أن المرحلة الحالية هي فترة الهدوء الذي يسبق العاصفة.. وأن الحرب قادمة لا محالة؟ ولكن ألا يوجد أمل في تهدئة الأجواء حرصًا علي توفير مناخ السلام في البلاد؟
- نحن في هذه المرحلة لنا دور متفق عليه بإجماع شركائنا في تحالف قوي الإجماع وضعنا خطة الآن للتعبئة السياسية، سنعمل ندوات لهذه التوعية بمناطق تجمع الجنوبيين بالشمال السوداني، لنبث لغة التطمين وتهدئة الخواطر، ونحاول أن نخلق سلمًا اجتماعيا للإخوة الجنوبيين. ونعطيهم تطمينات بأن القوي السياسية بالشمال مستعدة تمامًا للقيام بحمايتهم من أي توتر مستقبلي قادم، سنشرف بأن نعمل زيارات بالإخوة بالجنوب سنزور رؤساء الأحزاب ونبث نفس أفكارنا للقائمين علي القوي السياسية بالجنوب، وهناك جانب التسجيل والتصويت نطالب بوجود مشاركة وتأثير لنا حتي نتابع عملية الاستفتاء لضمان مصداقيتها ونزاهة الاستفتاء ولضمان أنه في حالة وجود الوحدة أو الانفصال فعلي الأقل نطمئن نحن كمشاركين في هذا القرار بحمايته لأنه إذا لم نقدر نحن كقوي سياسية أن نمارس هذا الدور في حماية عملية الاستفتاء وإذا تم ترك الأمر للطرفين، قطعا نحن متوقعون أن هناك طرفًا لن يعترف بنتيجة الاستفتاء فإذا تم التصويت للانفصال فسيأتي المؤتمر الوطني ويشكك في نزاهة الاستفتاء، وإذا تم تصويت الجنوبيين للوحدة فالحركة الشعبية ستخرج لتعلن أن هناك تزويرًا ولن تعترف به ولذلك هم في حاجة لنا، لإضفاء دور وطني قومي علي هذا المناخ السياسي المتوتر، والآن نحن نعد العدة من خلال علاقاتنا مع الحركة الشعبية بالجنوب، وللأسف هي فقط من تتواصل معنا بينما هناك مقاطعة لنا من جانب المؤتمر الوطني بالشمال، ولذلك المعادلة المفقودة تحتاج لدور مصري لإعادة الثقة بين القوي السياسية والحزب الحاكم.
هل القانون السوداني يسمح بإسقاط الجنسية عن الجنوبيين عقب التصويت لصالح انفصال الجنوب؟
- هذا لا يمثل الا انفعالاً سياسيا فقط لا علاقة له بالدستور ولا بقانون الجنسية السوداني، فقانون الجنسية السوداني حتي اللقطاء يمنحهم الجنسية السودانية فمال بالك بالسودانيين الذين ساهموا في تأسيس الدولة السودانية، والقانون السوداني يقبل الجنسية المزدوجة، ولذلك فالأخوة الجنوبيون محميون بهذا القانون ولن يستطيع أحد أن يسقط هذه الجنسية عن الجنوبيين ولكن للأسف الشديد هناك من يستخدم هذا الأمر للتشويش وتخويف الجنوبيين رغم أن ذلك يخالف الأعراف والمواثيق الدولية والقانون السوداني نفسه الذي لسوء حظهم يتحدث بلغة مطاطة جدًا فيما يتعلق بحماية صاحب الجنسية السودانية.
ولكن الواقع المفروض في حالة الانفصال الجنوبي يذهب بأكثر من 60% من الثروة للجنوب فكيف إذا يظل الشمال يتحمل عبء مواطني الجنوب وهم بالملايين وهو لا يحصل إلا علي النسبة الأقل من الموارد؟
- والله هذا هو قدر الشمال.. والحسابات الاقتصادية لا يمكن أن تكون السبب في القطيعة بيننا وبين إخوتنا الجنوبيين، وإذا حسبناها فهناك أصوات في الجنوب ذاته تتحدث عن البترول بشكل أنهم تاريخيا استفادوا من القطن والصمغ العربي، ولابد من إيجاد معادلة اقتصادية جديدة بين الشمال والجنوب تعطي للشمال نصيبًا من بترول الجنوب يتناسب مع التواصل التاريخي، ونحن كقوي سياسية لو قدر الانفصال للجنوب سنتحد ونسعي لإسقاط النظام الحالي عبر ثورة شعبية، لأن هناك إجماعًا بين القوي علي أن الحل لمشاكلنا في مغادرة هذا النظام.
الجنوبيون يرون أن انعدام مبدأ المواطنة في الشمال نتيجة أن معظم الأحزاب تقوم علي أساس الدين الإسلامي بما لا يوفر لهم الثقة في العدالة، فهل الدين كان له دور أساسي في الوصول إلي حافة الهاوية والرغبة القوية من جانبهم في الانفصال؟
- نعم التطبيق الخاطئ للدين كان فعلا السبب الرئيسي، وتجربة الرسول صلي الله عليه وسلم كانت في المدينة تجربة عميقة ومؤسسة علي أصول واحترام حقوق غير المسلم، ونحن نظن أن الأنسب في المرحلة المقبلة هو التطبيق الشخصي للدين، وهي احد معايير الرسول الخاصة بتجربة المدينة، ومعناها أن يطبق علي الفرد القانون الذي يتواءم مع دينه ومعتقده، وليس التطبيق الاقليمي وهو يسري علي كل المواطنين في الدولة المقيمين في نطاقها، لكن التطبيق الشخصي تجربة متطورة جدا وهي تجبر أجهزة الشمال في السودان أن تخضع لحقوق المسيحيين، فأنت مسيحي تخضع لأحكام وقوانين المسيحيين، ومسلم يطبق عليك القانون الإسلامي، واعتقد أن هذا هو الحل للمساواة بين الناس في المواطنة، والمواطنة الحقة لدينا ليست بالشعارات.
وما رأيك في استخدام الشعارات الدينية في العمل السياسي وكيف تنظرون حاليا لشعار مثل «الإسلام هو الحل»؟
هذه مرحلة من مراحل التعبير عن الذات بعمق، والآن قضايا العصر تفرض علي هذه المجموعات أن تجدد فكرها بدلا من ر فع الشعارات التي في غالب الأحوال تحسب عليها بشكل لا يتلاءم مع قضايا التطور العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.