في مؤتمر صحفي أو ضمن تصريح وزاري ذكرت السيدة عائشة عبدالهادي أنه لا توجد بطالة في مصر، وأننا لا نعاني من أعداد عاطلين أبدا.. وقد أسعدني للغاية تأكيد وزيرة العمل والهجرة كمان أن كله تمام في مجال التوظف. فرحت جدا لأن وزارة القوي العاملة الممثلة في الأخت عائشة تعرف أكثر منا تأكيدا.. ذلك أن منظر مئات الألوف من شباب المحروسة، جلوسا علي كراسي مقاهي البلد.. مجرد وهم، وأن شكل ملايين العوانس الحالمين أو الحالمات بسقف أسري مجرد خيال، وأن الطوابير المهينة الواقفة أمام شباك قنصلية شقيقة مجرد كذبة، أو ربما كلها دعاية مخططة لتشويه الصورة ليس إلا. صحيح.. الوظائف علي قفا من يشيل.. بس فين النفس! حتي إحنا بنستورد عمالة من كوريا والفلبين.. راجعوا معي أعداد العمال الأجانب في سوق المعمار وخدمة البيوت ثم المحاسبة والمحاماة ومدارس اللغات، ناهيك عن الملاهي الليلية وغيرها.. صحيح. لكن من يقرأ ومن يسمع ومن يستلم الوظيفة.. لا أحد يا إخوان عايز يشتغل.. كله عايز بالم هيلز وبيفرلي هيلز.. وكل أنواع الهيلز.. مع البيسين والجولف علي أرض مصرية.. لكن شغل.. لا.. وألف لا.. يعني إحنا هانعرف أكتر من الست الوزيرة؟! وأنا شخصيا عندي أولادي وأولاد إخواتي وأقاربي و99% منهم بعد التخرج والبكالوريوس فما فوق يعملون.. طوال الليل أمام النت طول النهار في البيت، وبعضهم يتناول مصروفا يوميا لزوم الكافيتريا أو السينما وفقا لواقع الحال.. إذن العيب في أولادنا.. (راجع تصريحات الوزيرة). صحيح أن أحد الأبناء تقدم لوظيفة غير مرموقة.. عايزين أربعة.. تقدم أربعة آلاف (دون مبالغة) علي مدار أسبوع.. والطلب ثمنه عشرة جنيهات يدفعها طالب الوظيفة، بعدها بأيام أخذت الطلبات طريقها إلي دكان ورق روبابيكيا، حيث كان الأربعة معينين فعلا قبل نشر الإعلان في الجريدة. لكن هنا لابد أن العيال مش بتوع شغل ولذلك تم رفضهم مقدما.. أربعة آلاف شاب مهمل.. وأن للموضوع جانبًا آخر.. الأربعة آلاف يمثلون شريحة حاقدة.. تحسد الأربعة الذين حظوا بالوظيفة.. حيث إن الحقد حرام والحسد مكروه وهما من عمل إبليس.. فإن الآلاف تستحق كل كراهية وقسوة، خسارة فيهم الشغل والسكن والتعليم والعلاج كمان.. حيث إن الجزاء من جنس العمل. وبمناسبة العمل.. انتشرت بدعة في الأسواق.. تجد سيادتك علي واجهة المحل من دول.. إعلان يقول: مطلوب موظفين، مطلوب موظف جامعي، مطلوب بائعة حسنة المظهر، مطلوب عمال بمرتب يصل إلي ألف جنيه، وهكذا.. ويدخل الخريج يسأل: إمتي استلم العمل أو امتحن يكون الرد: انت شايف فيه شغل بيع أو شراء في المحل.. ده مجرد دعاية لنا يا أسطي.. ونادرا ما تجد محل ملابس بدون هذا الإعلان. وهكذا يا عزيزي الكونت تجد الأسواق مزدحمة.. بماذا؟ أهي مزدحمة وخلاص، الشوارع ممتلئة بالبشر، والمواصلات مكدسة بالناس، بل وحتي المدارس والجامعات، ودور السينما واللهو.. الخفي، حيث إن ذلك كذلك.. فلا يسعني إلا تقديم وافر الشكر والتقدير للدكتورة عبدالهادي علي دقة بياناتها وصحة معلوماتها في مجال العمالة والتوظف، والتي أثبتت أننا في مستوي السويد ويمكن اليابان كمان بل ونحتاج فعلا لاستيراد مزيد من العمالة من الدول الفقيرة.. عشان عجلة الإنتاج تستمر في الدورات، كما لا يعوقني شيء عن الإعراب عن كامل امتناني للباشمهندسة عائشة لمجهودات الوزارة الرائعة في مجالات العمل والهجرة وتوفير كل شيء.. ألف شكر «وربنا يزيد.. ربنا يبارك» كما يردد أخونا نجيب الريحاني في أحد أفلامه. وعلي كل متشائم أو لنقل علي هواة تشويه الصورة والإدعاء كذبا بوجود بطالة وعنوسة وعشوائيات في مصر عليهم جميعا الاعتراف بأن الكذب حرام.. ويؤدي إلي النار كمان. فالوظائف كما قالت الست الوزيرة متوفرة، وعلي قفا من يتوظف.. وكله في الباي باي.. كله في الكليتش.. وفعلا نحن نبالغ في الطلبات لأن الواقع يؤكد أننا نعاني من كثرة الوظائف.