كتب فهمي هويدي يوم الثلاثاء الماضي في جريدة الشروق مقالاً بعنوان (لا عيش مشتركاً بغير حلم مشترك). حيث تناول بالتعليق مقالا للدكتورة نيفين مسعد والتي حذرت فيه من الانقسامات التي بدأت تحدث في المجتمع المصري ولاحظتها مجسدة في مدرجات الجامعة بداية من الفرز بين الطلاب والطالبات علي أساس الجنس، ومروراً بالفرز علي أساس طبقي بين طلاب القسم الإنجليزي وطلاب القسم العربي، وصولاً إلي الفرز علي أساس ديني بين المسيحيين والمسلمين. ولقد أرجعت ذلك إلي ظهور الجماعات الإسلامية في الجامعات في السبعينيات. يؤكد فهمي هويدي أن ما كتبته د. نيفين مسعد هو ماذا حدث؟، ولكن يبقي السؤال لماذا حدث ذلك؟!. وهو في سبيل ذلك يستشهد بكتاب د.جلال أمين (ماذا حدث للمصريين؟!).. رغم كونه مجرد كتاب انطباعي مما ينشر في الجرائد يومياً وما يسرد من حكايات المثقفين. ثم يصل فهمي هويدي إلي مراده حيث كتب يقول: إن الذي حدث هو أن ظرفاً تاريخياً إيجابياً.. توافر في لحظة ما فاستدعي الأفكار النيرة والبناءة، ثم في ظرف تاريخي آخر برزت عناصر سلبية. استدعت من ذات الوعاء أفكار التعصب والقطيعة والفتنة. وهذا الظرف يتمثل في البيئة السياسية والثقافية والاجتماعية السائدة، التي تشكل تربة استنبات الأفكار. وهو أسلوب فهمي هويدي المعتاد في محاولة إعفاء الجماعات الإسلامية المتشددة من أي مسئولية مباشرة تجاه المجتمع المصري، وتبرير أفعالها باعتبارها رد فعل للمناخ العام وليس صناعة فعل متشدد ومتطرف. ولم يجتهد في الإجابة عن سؤال رئيسي هو: لماذا تمسكت الجماعات الإسلامية بأفكار التعصب والفتنة، واعتبرتها منهجاً وهدفاً لإقامة دولة دينية مفترضة؟ ولم يذكر لنا فهمي هويدي.. كيف يمكن للجماعات أو الأفكار المتشددة أن تظهر بمعزل عن دعم خارجي واضح الأهداف؟ وهل الدعم الإيراني بشكل مباشر أو عن طريق بعض دول الجوار بشكل غير مباشر هو نتاج البيئة المصرية أم أنه توجهات تلك الدول لتخريب المجتمع المصري؟! أعلم جيداً أن فهمي هويدي لن يقبل هذا الكلام باعتباره واحداً من رواد الدفاع عن حزب الله وحماس، كما أن صداقاته الممتدة مع قيادات الجماعة المحظورة تمنعه من قبول أي فكرة أخري غير تلك التي يحاول أن يقنعنا بها.. خاصة أن هناك الكثير من مريدي فهمي هويدي في هذا الطريق. لا أعلم.. هل تجب محاكمة الأفكار من خلال البيئة التي ظهرت فيها أم أنه تجب محاكمة من أنتج هذه الأفكار بالدرجة الأولي؟ ولا أعلم أيضاً لماذا تروج الجماعة المحظورة وأصدقاؤها ومساندوها عن أن هناك خطابا يسعي إلي إقناع الرأي العام بأن الإسلام أصبح مشكلة في مصر؟ ولماذا لم يطالب فهمي هويدي بمحاكمة الجماعة المحظورة التي خرجت منها كل تلك التيارات المتباينة من الإسلام السياسي، والتي أصبحت هي العامل الرئيسي في تشويه صورة الإسلام الصحيح؟ ولكن علي أي الأحوال، أتفق مع د. نيفين مسعد علي أنه لا يقبل أستاذ جامعي مخلص أن يكون شاهداً علي أجيال تعيش في جزر متباعدة وتضمها أمصار التعصب والفتنة. وعن الحلم المشترك غداً أستكمل..