يدور هذه الأيام حديث عن تراجع الرئيس الأمريكي أوباما عن وعوده التي سبق أن وعد بها الشعوب العربية والاسلامية وفي مقدمتها العمل علي تحقيق السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط باقامة دولة للفلسطينيين الي جوار إسرائيل. يلاحظ العامة والخاصة ان محاولة الرئيس الأمريكي أوباما الزام اسرائيل بما يسمح بالتفاوض لانهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينيةالمحتلة في حرب يونيو 1976 باءت بالفشل وتكسرت علي صخرة عناد الحكومة الاسرائيلية وتمسكها باستمرار الاستيطان في الأراضي المحتلة مما يلقي ظلالا من الشك حول امكانية تحقيق أي تقدم عن طريق المفاوضات ، فما تريده اسرائيل فقط هو الذي يحدث ولا شيء غير ذلك!! يلاحظ الجميع الآن وبوضوح تضاؤل قوة الادارة الأمريكية أمام عناد اسرائيل ، وتراجع الأمريكيين عن الضغط علي الحكومة الإسرائيلية، بالرغم من الأضرار الاستراتيجية البالغة المحققة التي تصيب المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط وحول العالم من جراء معاندة اسرائيل ورفضها الانصياع لأحكام القانون الدولي واصرارها علي اعتبار نفسها خارج معادلة الالتزام به، كل هذه المعالم التي باتت واضحة في العلاقة بين اسرائيل وبين الولاياتالمتحدة تحير المراقبين والشعوب العربية والشعب الفلسطيني وكافة الشعوب والحكومات التي تربطها مصالح بمنطقة الشرق الأوسط والتي تعتقد بأهمية تحقيق السلام العادل للفلسطينيين لما لذلك من أثر مباشر في انحسار التوجه الي الارهاب كعامل بديل للضغط في مقابل تضاؤل الضغوط السياسية وتأثير القوي العظمي مثل الولاياتالمتحدة علي دولة صغيرة مثل اسرائيل نشأت بارادة دولية في عام 1948. السؤال المطروح هو ما سر الدعم الأمريكي الأعمي لإسرائيل ، أو بالأحري لماذا تضعف الولاياتالمتحدة أمام اسرائيل؟ جاء في تقرير واشنطن تحليل كتبه محمد المنشاوي محرر التقرير يحاول تفسير تلك الظاهرة الغريبة في عالم السياسة الدولية . يقول التقرير ببساطة أن شعبية إسرائيل تفوق شعبية أي رئيس أمريكي عند الشعب الأمريكي! شعبية إسرائيل لدي الأمريكيين تتعدي نسبة شعبية أي رئيس أمريكي. فعلي سبيل المثال تصل الموافقة الشعبية الأمريكية علي الرئيس باراك أوباما وسياساته طبقا لاستطلاع لوكالة رويترز للأنباء أجرته يوم 7 أكتوبر إلي نسبة 43% في حين يرفض 53% سياساته. في الوقت نفسه تصل نسبة الموافقة علي ما تقوم به إسرائيل 65% طبقا لاستطلاع رأي قامت به مؤسسة زغبي، في حين عبر 21% فقط عن معارضتهم لسياسات إسرائيل. ويري 81% من الشعب الأمريكي في إسرائيل الحليف الذي يمكن الاعتماد عليه في الشرق الأوسط. ذلك رغم ما اقترفته إسرائيل في حق الولاياتالمتحدة، مثل تدمير المدمرة ليبرتي في ستينيات القرن الماضي، مرورا بتسريب أسرار عسكرية وتكنولوجية أمريكية للصين، إضافة للتجسس علي الجيش الأمريكي نفسه، ورفضها التوصل لسلام في الشرق الأوسط بما يضر بالمصالح الأمريكية. فالدعم الأمريكي لإسرائيل راسخ لا يهتز ولا ينقص ، فهناك لوبي قوي مؤثر يسعي لأن يستمر الوضع الحالي من سيطرة إسرائيلية علي مقدرات الشعب الفلسطيني بلا تغيير في ظل دعم أمريكي مطلق. يري دانيال كيرتيزر، السفير السابق لدي مصر 19972001 ولدي إسرائيل 20012005 أن المسئولين الإسرائيليين ينظرون للعالم بطريقة مختلفة، ولن يقوموا بفعل شيء لمجرد أن الرئيس الأمريكي قال هذا أو ذاك. يمثل العامل الديني حجر الأساس الأهم في مصادر الدعم لإسرائيل داخل الولاياتالمتحدة، ويدعم رؤية نتنياهو الدعم الذي تحصل عليه إسرائيل من جماعات الايفانجاليكال التي تريد أن تعجل من سيطرة إسرائيل الكاملة علي كل أرض فلسطين المقدسة، إيمانا منها بأن هذا يسرع من عودة المسيح الثانية. ذكر والتر راسييل مييد الباحث بمجلس العلاقات الخارجية، خلال محاضرته بمنتدي بوسطن أن التأييد الأمريكي البروتستانتي لليهود وإسرائيل وجد قبل أن يطأ اليهود الدولة الأمريكية الناشئة، وقبل أن تتأسس دولة إسرائيل. ويري مييد أن الأمريكيين الأوائل من المتدينين البروتستانت كانوا يؤمنون بأنهم شعب مختار، وان مسيحيتهم هي المسيحية الأفضل والأصح، وان تأسيس الدولة اليهودية في إسرائيل يثبت أنهم شعب مختار أيضا مثل اليهود، وأن الرب يبارك أمريكا، وأنهم الأمريكيون مباركون من الرب، وأن نجاح الإسرائيليين هو نجاح للأمريكيين. كان ذلك ملخص ما جاء بالتقرير ، بقي أن نقول ان الأمر اذن يحتاج الي معجزة أو ما أشبه، فالأمريكان في ظل تلك الأوضاع الثقافية لن يفعلوا شيئا للضغط علي إسرائيل طواعية وعلي العرب والفلسطينيين أن يبحثوا هذا الموضوع بجد، بجد.