حين قرأت هذا الخبر الغريب تذكرت فيلم (لصوص لكن ظرفاء).. ماذا يقول الخبر؟ في السويد قام أحد الأساتذة المرموقين بالجامعة بالإبلاغ عن سرقة (اللاب توب) الخاص به.. وتم الإعلان عن السرقة لا لأهمية اللاب توب ولكن لحزن البروفيسور علي ما به من معلومات وأبحاث قيمة لم يجد البروفيسور وقتا لعمل نسخة منها للاحتفاظ بها.. ولم يتم الإعلان عن اسم البروفيسور بناء علي طلبه ولكنهم اكتفوا بالقول إنه الأشهر في تخصصه. بعد انتشار الخبر بأيام قليلة تسلم البروفيسور طرداً بريدياً صغيراً من اللص الذي قام بسرقة اللاب توب.. وكان الطرد يحتوي علي كارت ذاكرة قد سرق مع اللاب توب ولكن اللص الظريف وضع عليه كل معلومات البروفيسور الموجودة علي اللاب توب وكلف نفسه وأرسلها له.. وعلق البروفيسور للصحف المحلية علي هذه الهدية قائلاً: (أنا سعيد جدا، فما حدث لي يجعلني أكثر تفاؤلاً بالإنسانية). وكان اللصان (أحمد مظهر) و(عادل أمام) قد قدما خدمات جليلة للزوجين المتخاصمين مالكا الشقة التي كان اللصان يحفران أرضيتها.. ولم يكونا أقل ظرفا من اللص السويدي وإن كانت سرقتهما لم تنجح، في حين نجحت سرقة اللاب توب.. ولكننا كمشاهدين للفيلم، وكقائين لقصة اللص السويدي أحببنا شخصية الص، لدرجة أن البروفيسور الذي سرق منه اللاب توب، نفسه، معجب باللص الذي أعطاه أملا في الإنسانية. فما هو الدرس والعبرة؟ الدرس هو: كن ظريفا حتي لو كنت تسرق الآخرين، وتسلب ما يملكون.. وحيث إن اللص الظريف يجتذب الإعجاب والتعاطف من المجتمع حتي لو نجحت جريمته.. ولو أدانه القانون أو نفذ بجريمته مع العقاب سوف يلقي من العامة تعاطفاً لا كرهاً.. إذا العبرة هي: تعاطف أنت مع من تسرقه وتجني عليه حتي تجد من يتعاطف معك. إذا سرقت شنطة يد إحدي السيدات وأخذت النقود والموبايل، أعد لها الشنطة، أو الكارنيهات وبطاقة الرقم القومي واشتراك المترو.. أو علي الأقل اترك الشنطة في مكان يجدها فيه صانعو الخير ويعيدونها لصاحبتها المسكينة، وإذا سرقت كاميرا ديجيتال، فلترسل كارت الذاكرة بالصور العائلية لأصحابها، ولو أن الاستدلال علي عنوانهم سيكون صعباً عليك.. أما إذا سرقت موبايل، فلترسل الأسماء وأرقام التليفونات المحفوظة عليه عبر البريد الالكتروني لصاحب الموبايل.. لا هذه ليست نكتة لأنها قابلة للحدوث ولأن اللصوص الآن ليسوا مجرد نشالين، بل محترفين، وليسوا محتاجين بل ممتهنين السرقة فهي عملهم ورأس مالهم. الخلاصة بالنسبة لهؤلاء هي المثل الإنجليزي الشهير..(Live and let live) وكل ما هو مطلوب منهم بكل رتبهم وفئاتهم وطبقاتهم أن يعيشوا كما يريدون بشرط أن يتركوا مساحة صغيرة للآخرين ليعيشوا فيها هم أيضا.. وهي فلسفة عميقة تعود بالنفع لا علي المجني عليه فحسب، بل علي الجاني أيضا.. لأنك إذا سرقته ثم جعلته يحبك ويتعاطف معك فلن يشكوك ولن يبحث عما سرقته منه.. المجني عليه سيفوز بجزء صغير مما سرق منه، ولكن هذا الفتات سيريحه نفسياً لاحظ أن حتي الأستاذ المرموق سعد كثيراً بعودة معلوماته إليه فتسامح وتغاضي عن سرقة اللاب توب.. الجاني سيربح كل شيء: ما سرقه. وراحة البال، وحب الآخرين حتي المجني عليهم، ولن تكلفه هذه العملية سوي مجرد لفتة إنسانية.