وصف الدكتور محمد المخزنجى، النار التى أحرقت اليابانيين فى هيروشيما وناجازاكي، فى محاضرة حول الانفجارين النوويين فى هيروشيما ونجازاكى، وتشرنوبل، بمركز الإبداع بدار الأوبرا، ب«السوداء» قائلا: النار السوداء لا تأتى إلا من الضمائر السوداء، ضمائر اتسمت بحالة من التبلد للدرجة التى أطلقوا معها على العملية اسم «الولد الصغير»، ولم أرصد من بينهم سوى حالة ندم واحدة لضابط يدعى هيسلى، كان يستطلع الجو قبل العملية، عذبه ضميره بشدة، وظل يرسل الورود والألعاب للأطفال الناجين، وسعى إلى أن تتم محاكمته وسجنه، ولكنه اختفى، أو بمعنى أصح تم إخفاؤه داخل أحد مستشفيات الأمراض العقلية، كذلك العلماء القائمون على المشروع، الذين طالبوا المشرف العسكرى بتوزيع منشورات فوق اليابان للتحذير من أضرار القنبلة، ولكن أحدا لم يستمع. وأضاف فى الندوة التى أقيمت فى إطار مهرجان «هيروشيما» للأفلام اليابانية، الذى يستمر فى الفترة بين 21 أكتوبر حتى 23 نوفمبر فى كل من ساقية عبد المنعم الصاوي، ومركز الإبداع الفنى بدار الأوبرا المصرية، ومركز الإسكندرية للإبداع: ما حدث فى «هيروشيما» و«نجازاكى» لم يكن سوى تجريب على لحم البشر، ومجرد رسالة إلى عدو آخر بعيد تماما، كانت غارة نووية بلا هدف، سوى إرعاب العالم من القوة الجديدة، وقد أصبحت البلدة بعدها ساحة للعذاب، إذ توفى 80 ألفا وجرح 320 ألفا، فضلا عن 300 ألف إنسان انتموا عقب التفجير إلى فئة منبوذة فى المجتمع تدعى ال«هيباكوسيا»، حيث فقدوا كل شيء أهلهم وأموالهم، وحظوا بتشوه بالغ، إلا أن البلادة الأمريكية لم تترك هؤلاء ليعانوا فى صمت، إذ أرسلت وأخذتهم من بلادهم لتجرى عليهم الأبحاث فى أمريكا، من بدا منهم أنه سيعيش لم تعالجه، أخرجته وأعادته لبلده كما أخذته، ومن لم يبد أنه سينجو أبقت عليه كى يتم تشريحه عقب الوفاة، ليس هذا وحسب، بل إن وزير الدفاع وقتها وجه رسالة للرئيس الأمريكى ترومان طلب منه فيها إنشاء مراكز بحثية فى اليابان لدراسة أثر القنبلة النووية فى الجسد الإنسانى! ولم يكتفوا بهذا أيضا، إذ قامت القوات الأمريكية بمداهمة بيوت المصورين الذين سجلوا المأساة بآلات تصويرهم، وصادروا الأفلام التى لم يعثر عليها حتى الآن. وأكمل: للأسف، كانت قسوة الأمريكان فى هذه الحرب تتجاوز قسوة الحيوانات، فالحيوان يميز المقربين منه ولا يأكل إلا إذا كان جائعا، ولا يخالف ذلك إلا بخلل فى المخ..!، لذا يجب أن ننحنى لآلام اليابانيين ولعظمتهم التى علت بهم فوق جروحهم. وأكد قائلا: أنا مناهض للطاقة النووية، حتى ما تسمى منها بالسلمية، فهى قابلة للانفلات، ومهما وصلت درجة السيطرة لا يمكن أن تصل إلى درجة الإحكام التام، وفى المقابل هناك طاقة بديلة من الشمس والرياح يجب أن ننتبه لها ونعمل عليها، لأنها فضلا عن نظافتها تقطع الطريق على الأفعال الخبيثة التى من شأنها أن تنشر الرعب والفزع.