علي طريقة قفشات: ما الفرق بين الفيل والنملة، يتساءل العامة في مصر هذه الأيام عن الفرق بين الأكياس البلاستيكية والسحابة السوداء.. وكما يتبادر إلي الذهن في سؤال الفيل والنملة أن الفيل كبير جدا والنملة صغيرة جدا، يتبادر إلي الذهن أيضا أن الأكياس البلاستيكية التي يوضع فيها الطعام تتسبب ببعض الضرر بصحة المواطنين علي عكس السحابة السوداء التي تغطي الأجواء وتضر بصحة المواطنين ضررا شديدا.. ولكن لأن هذا النوع من القفشات لا يعتمد علي الواقع البسيط الملموس، بل علي المباغتة والمفاجأة، تكون الإجابة غير منطقية علي الإطلاق.. فالفرق بين الفيل والنملة أن الفيل قدمه (بتنمّل) أما النملة فقدمها (ما تفيلش).. والفرق الجوهري الثاني هو أن هناك دجاج (فيليه) ولكن لا يوجد دجاج (نمليه).. وفي قضية الفرق بين الأكياس والسحابة، فهم بصدد تشريع قانون يمنع استخدام الأكياس البلاستيكية في نقل أو حفظ الطعام، وليسوا بصدد تنفيذ أي قوانين خاصة بحرق قش الأرز لمنع تراكم السحابة السوداء.. والفرق الجوهري الثاني هو أنهم سيستبدلون الأكياس البلاستيكية بعبوات ورقية أو من القماش وقد بدأوا في التخطيط لتوفيرها كبديل للبلاستيك، ولكنهم في الوقت ذاته لم يلقوا بالا لمشروعات تحويل قش الأرز إلي خشب، ولا حاولوا تنفيذها.. فعلا شيء أشبه بالنكتة منه بالواقع.. هل من المعقول أن نهتم بالأكياس البلاستيكية ونهلع علي صحة المواطنين من تناول تلك الأطعمة التي انتقلت عبر تلك الأكياس ونحن في الوقت نفسه نجعل هؤلاء المواطنين يستنشقون تلوثا مركزا يدخل إلي صدورهم ويؤذي عيونهم ويقطع أنفاسهم؟ هل نتعامل مع النملة بحرص ونحن نترك الفيل يعربد؟ من المؤسف أن حلول مشكلة السحابة السوداء وحرق قش الأرز متواجدة وفي متناول اليد ولكننا نضع العراقيل حتي لا نأخذ بها.. فقد تناقلت الفضائيات ما قدمه أحد الباحثين المصريين بخصوص تحويل هذا القش إلي خشب، والماكينات الخاصة بتنفيذ هذا المشروع متواجدة ويقوم مهندسون مصريون بتصنيعها محليا.. كما أنها ليست كبيرة الحجم بدرجة مبالغ فيها بل إن من السهل نشرها في مناطق زراعة الأرز والاستفادة منها.. والأعجب من كل هذا أن النوعية المنتجة من الأخشاب ستستهلك بالكامل في السوق المحلية لأننا نقوم باستيراد كميات كبيرة منها من الخارج!! ما المشكلة إذا؟ تكمن الإجابة في عدم الموافقة علي منح تصاريح لإقامة مصانع أو حتي بناء هيكل صغير لتوضع فيه ماكينات الكبس علي الأراضي الزراعية.. هل هذا معقول؟ هل يلاحقنا ضيق الأفق في تنفيذ القوانين لهذه الدرجة.. لقد وضعت القوانين لخدمة المجتمع لا لعرقلته.. نعم ممنوع البناء علي الأراضي الزراعية، ولكن هل هذه المصانع التي ستمنع حرق قش الأرز تدخل تحت بند البناء علي الأراضي الزراعية والإضرار بمصلحة المواطنين؟ هذه أيضا نكتة أخري من نوعية عدم التمييز بين الفيل والنملة.. والغريب في مجتمعنا أن عيونه الثاقبة تري النملة وتعمي عن قطعان الأفيال..