من منا لم يعجبه برنامج (توك شو) هنا أو مقال جريء هناك؟!. ومن منا لم يغضب مما أعجبه قبل ذلك بعد أن اكتشف (زيف) ما قرأه أو ما شاهده، أو بعد أن ظهرت حقيقة (نوايا) شبكة المصالح الشخصية التي تحكم بعض تلك الجرائد والقنوات الفضائية في تحديد توجهاتها، وفي الكثير من الأحيان.. تحديد مقالات كتابها وآراء ضيوفها. نعترض علي التجاوزات ونرفض التشهير بالحياة الشخصية وبالسمعة.. ولكننا لا نتخذ موقفاً حقيقياً، بل أحياناً كثيرة.. نتتبع ما يحدث بفضول وتطفل.. خاصة إذا كان الأمر يتعلق بإحدي الشخصيات العامة أو أحد مشاهير المجتمع. لقد نجحت الجرائد والفضائيات السوداء - المتخصصة في تأجيج المناخ الطائفي في المجتمع المصري - في أن تصبح أمراً واقعاً لا يمكن إنكاره أو تجاهله.. ولذلك كان لابد من (وقفة) قانونية وإدارية حاسمة.. بعد أن جاوزوا جميع الخطوط الحمراء. وهو ما سيستغله البعض في الترويج لتبريرات مغرضة ليربط بين تلك القرارات وبين الانتخابات.. وهو ما يندرج تحت الخيال السياسي المريض. للصبر حدود.. ولكن إذا كان هذا الصبر يتعلق بتشويه وعي المجتمع وعقله، فأعتقد أنه من المفيد والطبيعي أن ندعم الإجراءات التي تم اتخاذها بوقف القنوات الفضائية المتجاوزة، وأن نساند بالكتابة للإعلان عما يتم في تلك القنوات من ازدراء للأديان ومن تغييب للعقل وترويج للخرافات والدجل والشعوذة.. للدرجة التي أصبحوا فيها خطراً علي الأمن القومي المصري، وتهديداً للاستقرار الاجتماعي. بالطبع، حدثت حالة (انفلات) طائفي.. أسهمت فيها بدور رئيسي تلك القنوات الفضائية في المرتبة الأولي، والجرائد الخاصة الموجهة في المرتبة الثانية.. وهو ما تم بجهل في بعض الأحيان، وبقصد متعمد في الكثير من الأحيان. لقد بدأت وزارة الإعلام ووزارة الاستثمار خطوة جريئة ومهمة في القضاء علي القنوات الفضائية السوداء من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة ضدها.. خاصة من يبث منها علي النايل سات. والدور الآن علي المجلس الأعلي للصحافة ليتابع الجرائد الخاصة الموجهة (المستقلة سابقاً) أو التي تصدر بتصريح أجنبي لضبط الحالة الإعلامية.. تلك الحالة التي صنعها رموز الإثارة الذين هم علي رأس بعض تلك الجرائد.. للدرجة التي جعلت أحدهم يظهر علي شاشة التليفزيون يهاجم القنوات الفضائية السوداء حسب تعبيري.. رغم أنه واحد من أهم رموز الجرائد السوداء علي الإطلاق. علي أي الأحوال.. لقد نفد صبر الدولة ومن قبلها المجتمع علي تلك التجاوزات، ولم يعد من الممكن الاستمرار كما كنا قبل ذلك.. ويبقي الفيصل في نهاية الأمر هو تنفيذ القانون الذي يحكم نشأة ووجود تلك الجرائد والقنوات بدون أي تراخ أو تهاون. كلمة أخيرة: إن ضبط الأداء الإعلامي لا يمكن تصنيفه بأي حال من الأحوال علي اعتبار أنه نوع من (مصادرة) حرية الرأي والتعبير.. فالحرية الحقيقية هي الحرية المسئولة سياسياً والمنضبطة وطنياً. و(اللي علي راسه بطحة.. أو بطحات) من الجرائد أو القنوات الفضائية السوداء أن يصمت ويتوقف وينسحب في هدوء.. حفاظاً علي ماء الوجه.