انتظرت أسبوعاً كاملاً لكي أتأكد من صحة التصريحات الأخيرة للبطريرك أنطونيوس نجيب (رئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك) ودقتها بخصوص موافقة الكنيسة الكاثوليكية علي زيارة أعضائها إلي القدس.. معتبراً أن تلك المناطق بها (بركة) للمسيحيين. وأود أن أسجل بعض الملاحظات المهمة ذات الدلالة حول تلك التصريحات: - إن الحديث عن زيارة القدس أو منع الزيارة هو أمر لا يرتبط بالشأن الديني المسيحي.. فزيارة القدس غير مرتبطة بممارسة الطقوس الدينية المسيحية وغير ملزمة في سياق إتمام العقيدة المسيحية. ويترتب علي ما سبق، إنه يمكن الاستغناء عن هذه الزيارة من الأصل للحصول علي (البركة) التي يتكلم عنها بطريرك الكنيسة الكاثوليكية لزيارة الأماكن التي زارتها العائلة المقدسة.. وهي بالعشرات علي مستوي محافظات مصر. كما أن الحديث عن زيارة القدس باعتبارها (بركة) للمسيحيين.. هي رسالة تخاطب العاطفة المسيحية والوجدان الشعبي للمسيحيين المصريين.. من أجل زيارة مكان ولادة وحياة السيد المسيح. - إن منع زيارة القدس يرتبط بواقع سياسي للمنطقة التي نعيش فيها.. خاصة في ظل التعنت الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني. ولذلك أختلف تماماً مع ما ذكره القس رفيق جريش (المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الكاثوليكية) من أن موقف الكنيسة الكاثوليكية ثابت، وأن السفر للقدس ولو بتأشيرة إسرائيلية هو دعم للفلسطينيين. فلا يمكن أن يكون موقف الكنيسة ثابتًا بغض النظر عن مراعاة المتغيرات التي تفرض مواقف بعينها في الكثير من الأحيان. وأعتقد أن زيارة القدس بتأشيرة إسرائيلية هي دعم للاقتصاد الإسرائيلي بآلته العسكرية، وليست دعماً للفلسطينيين. - إن زيارة القدس بتأشيرة إسرائيلية يعني ببساطة: دفع قيمة التأشيرة للخارجية الإسرائيلية، ودعم السياحة الإسرائيلية، ودفع قيمة الخدمات الإسرائيلية (وسائل انتقال، وفنادق، ومطاعم..). وهو ما لا يمكن تحميله علي اعتبار أنه دعم للفلسطينيين بأي حال من الأحوال. ولا يمكن اعتبار زيارة القدس نوعًا من اختراق العزل والحصار الذي تقيمه إسرائيل علي مدينة القدس. - أحترم موقف د. إكرام لمعي (رئيس لجنة الإعلام بسنودس النيل الإنجيلي)، وأتفق معه في أنه لا توجد قيود دينية من الكنيسة الإنجيلية علي السفر للقدس، ولكنه مع عدم السفر إلا بتأشيرة فلسطينية.. وهو موقف يراعي الأبعاد السياسية لقضية زيارة القدس. - إن الفاتيكان يسمح حسب معرفتي للكنائس الكاثوليكية المنتشرة علي مستوي العالم بما فيها الكنيسة الكاثوليكية المصرية أن تحدد مواقفها العامة التي لا تتعارض مع الإيمان الكاثوليكي حسب السياق المجتمعي للدولة وهو ما يمكن أن يجعل بطريرك الكنيسة الكاثوليكية يعيد النظر في موقف زيارة القدس. وعلي الرغم من اختلافي مع تصريحات البطريرك أنطونيوس نجيب في هذه القضية، فإنني أتفق معه بشأن ما صرح به من أن ما نعاني منه هو مشاكل طائفية في ظل عدم وجود مرجع لضبط هذه التوترات، وفي ظل دور الإعلام فيها.