لم يحدث في أي انتخابات برلمانية شهدتها مصر أن تم تحرير مخالفة واحدة ضد أي مرشح لأنه تجاوز السقف المحدد للإنفاق علي الدعاية الانتخابية، رغم أنه كان يتم رصد إنفاق ضخم علي الدعاية الانتخابية من قبل عدد لا بأس به من المرشحين، ويظهر ذلك بوضوح حتي لغير المتخصصين اقتصادياً.. فهل سنشهد في الانتخابات البرلمانية المقبلة محاسبة من سيتجاوز إنفاقه علي الدعاية الانتخابية السقف الذي حددته اللجنة العليا المشرفة علي الانتخابات؟ لقد حددت اللجنة الحد الاقصي للإنفاق علي الدعاية الانتخابية بنحو 200 ألف جنيه لكل مرشح تضاف إليها نحو مائة ألف جنيه أخري في حالة خوض معركة الإعادة الانتخابية.. ولكن ما نشاهده الآن من مقدمات دعائية، رغم أن بداية الحملات الدعائية الانتخابية لم تبدأ بعد، يكشف أن ثمة نية لدي عدد من الراغبين في الترشح لهذه الانتخابات البرلمانية المقبلة لتجاوز هذا الحد الاقصي الذي حددته اللجنة العليا للانتخابات للإنفاق علي الدعاية الانتخابية.. وجولة واحدة في الشوارع التي ارتفعت فيها اللافتات الانتخابية، أو قراءة سريعة للصحف التي تنشر إعلانات لمرشحين محتملين تؤكد ذلك. إن اللجنة العليا للانتخابات عهدت إلي المحافظين والوحدات المحلية التابعة للمحافظات والشرطة واللجنة الإدارية المشكلة برئاسة رئيس المحكمة الابتدائية بضبط المخالفات الخاصة بضوابط الدعاية الانتخابية.. وهذا مفهوم بالطبع لأن اللجنة العليا لن يكون في مقدورها القيام بذلك الدور.. ولكن ستبقي دائما هناك حاجة لمتابعة دائمة لهذه الجهات لكي تقوم بدورها هذا الذي عهدت به إليها اللجنة العليا.. وهذه المتابعة مسئولية اللجنة العليا ولا ننسي أن أعضاءها مثلهم كبقية المواطنين يرون ويسمعون ويقرءون عن مخالفات ضوابط الدعاية الانتخابية. كما أن هناك حيلاً عديدة لا بد أن أعضاء اللجنة العليا يدركونها يلجأ إليها عدد من المرشحين في الانتخابات للإفلات من المحاسبة علي عدم الالتزام بضوابط الدعاية الانتخابية، وفي مقدمتها السقف الأعلي للإنفاق المالي علي هذه الدعاية.. فمثلا هناك من يبرر زيادة الإنفاق علي الدعاية الانتخابية بعدم مسئوليته عنها.. أي أنه لم ينفق إلا القليل علي دعايته الانتخابية، بينما محبوه ومناصروه هم الذين يتبرعون مساندة له في تنظيم الدعاية الانتخابية له. ولذلك بات من مسئولية اللجنة العليا للانتخابات أن توضح بجلاء للمرشحين قبل بداية المعركة الانتخابية هل مبلغ المائتي ألف جنيه الذي يمثل سقف الإنفاق علي الدعاية الانتخابية يشمل أيضا تبرعات الناخبين للمرشحين أم لا؟! فمثل هذه التبرعات تفتح ثغرة واضحة للتحايل علي واحد من أهم ضوابط الدعاية الانتخابية.