من ثلاث سنوات تقدم الفنان التشكيلي محمود منيسي بطرح اول مشروع لبورصة فن تشكيلي في مصر، للخروج من حالة الركود السائدة في سوق الفنون التشكيلية. ولوضع الفنان المصري علي خارطة سوق الفن في العالم ولم يقابل الفنان منيسي في بلده من الجهات المعنية بمشروعه سوي بالتجاهل والتباطؤ ولكنه عاود طرح مشروعه مرة أخري .. لعل وعسي! الفنان محمود منيسي حدثنا عن فكرة مشروع بورصة الفن التشكيلي؟ بالتأكيد هذا المشروع حلم عمري وحلم مصر وامتلك حقوق الملكية الفكرية له وقمت بتسجيله بوزارة الثقافة عندما تقدمت به عام 2007 أثناء تولي الدكتور احمد نوار رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة واخذت كل الموافقات ولكنه لم ينفذ. ترتكز بورصة الفن علي تقييم وتوثيق وتسويق الأعمال الفنية، وهي فكرة فريدة من نوعها عالمياً وإن كانت ليست بالجديدة، فهناك عدد من المحاولات في هذا الصدد علي مستويات متفاوتة في أوروبا وأمريكا من قبل بعض الأفراد والجاليريهات الخاصة منذ ما يزيد علي عشرين عاماً إلا أنها كانت محاولات متواضعة وهي في معظمها أقرب إلي الفكرة التقليدية للجاليري، أو في أحسن الأحوال مادياً مؤسسات المزادات الشهيرة، ويرتكز المشروع علي ثلاثة محاور ثقافية ومحور فني ومحور اقتصادي. ما العائد من بورصة عالمية للفن التشكيلي الحديث والمعاصر واقامته في مصر؟ العائد هو مكاسب مادية طائلة ستعود علي مصر ويجعلها مركزاً لترويج وبيع وشراء الأعمال الفنية ويخلق سوقا علي نسق بورصة الأوراق المالية بالإضافة للصناعات المكملة التي سوف تنشأ من خلال هذه البورصة، فمن شأن المشروع أن يساعد علي إنشاء مصانع للألوان وخامات الفنون التي نفتقر إليها في منطقة الشرق الأوسط ونستوردها من أوروبا والهند والصين.. ولاتساوي التكلفة المادية للمشروع الضخم واحد علي مليون من عوائده، فالمنتج الفني موجود وبوفرة في كل أرجاء العالم ولن يحتاج الأمر إلا لتنظيم هذه السوق. ما المزايا الأخري التي تعود علي متلقي الفن العادي؟ - المشروع له اهداف كثيرة وعظيمة منها حل قضية توثيق الاعمال الفنية كل مايباع يوثق ويتأكد من اثبات أصالته ومن ملكية البائع الذي يطرحه للبيع ويسجل باوراق رسمية . وعلي سبيل المثال لا الحصر فإن أهداف البورصة طبع عشر نسخ من العمل الفني الذي سيباع في مزادات البورصة موقعة من الفنان إذا كان علي قيد الحياة ومختومة من موثق البورصة لأعمال الفنان إذا كان قد رحل الفنان، بحيث تذهب نسخة لصاحب العمل وتحتفظ البورصة بنسخة منه ثم يتم بيع النسخ الثماني بسعر رمزي ليكون في متناول يد الإنسان البسيط، لكي يستمتع بنسخة طبق الأصل من عمل فني أصلي قد يصل سعره مئات الملايين من الدولارات ويستطيع بيعها مستقبلاً إن أراد بأضعاف السعر الذي اشتراها به. هل تري أن الفرصة لا تزال متاحة لتنفيذ مشروعك أم أن دول الخليج قد سحبت البساط من مصر ؟ - في حقيقة الأمر دول الخليج وفي مقدمتها الإمارات العربية خاصة إمارة دبي قد قطعت شوطاً في هذا الاتجاه نحو إيجاد سوق ومناخ متكامل لترويج الفنون المعاصرة، خاصة منذ تم إنشاء فرعين لأهم وأكبر صالات المزادات في العالم وهي سوثبي"و" كريستي" . وأري أن تلك التجارب، أقل بكثير من مشروعي هذا، فبالرغم من عراقة تاريخ المؤسستين في مجال المزادات إلا أن الأمر لا يزيد علي هذا التعريف" مزادات" وهو جانب ضئيل جداً من الجوانب التي يقوم عليها مشروع البورصة المصرية للفن. وماذا تتوقع إذا نجحت في تنفيذ مشروعك بمصر..هل البوصلة سوف تنحرف عن مسارها من دبي الي مصر؟ - الذي في دبي هو قاعات مزادات، وهذا جزء من مشروعي، بمعني أن قاعات المزادات هذه بعينها قد يكون لها نصيب في مشروع بورصة الفن الحديث والمعاصر إذا ما أنشئت، وبالتالي البوصلة سوف لن تنحرف من دبي إلي القاهرة، وإنما سيتم تصنيع مغناطيسها هنا في القاهرة لتجذب إليها كل بوصلات العالم ليأتي ويعرض ويبيع الفنان أعماله علي أرض مصر. هل المشروع تعرض لعوائق وعراقيل بعد أن كان علي وشك الافتتاح ؟ - الحقيقة إن التجربة كانت مؤلمة ولا أرغب حتي في الحديث عنها، فالإيجابية تحتم نسيان ما قد مضي وطرح الأحلام بشكل مختلف وأنا أري أن المناخ الحالي مناسب بعد الأحداث المؤسفة علي الساحة التشكيلية فهناك اتجاه للحفاظ علي ما تبقي من ميراث فني وثقافي والنهوض به بما يفيد الاقتصاد المصري. منذ ثلاث سنوات هاجمك البعض فماذا تقول لهم ، ولماذا لم تهتم وزارة الثقافة بتنفيذ مشروعك الي الآن ؟ هناك مقولة شهيرة للفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر تقول (الإنسان عدو ما يجهل) بمعني أنني لست مطالباً بنشر كل تفاصيل مشروعي علي الملأ وتعريضه للسرقة من قبل البعض، والزملاء الذين هاجموا المشروع كانوا يرغبون في الحصول علي كل تفاصيله، ثم أن الذين هاجموا المشروع من بعض الجاليريهات لا يعلمون أنهم أكثر الذين سيستفيدون منه، بمعني أنه سيكون للجاليريهات حظاً وفيراً من العمل والمكاسب من خلال هذا المشروع. وأري أن وزارة الثقافة بما فيها من مشكلات ضخمة لا تخفي عن الجميع وبإدارتها الحالية قد أصبحت لا تقوي علي استيعاب مثل تلك الأحلام العظيمة ولا حتي الاحلام البسيطة . هل عرضت مشروعك علي رجال أعمال مصريين؟ - في الحقيقة هذا المشروع الذي أحلم به يتسم بضألة التمويل المطلوب لتنفيذه رغم مردوده الثقافي والاقتصادي وبعد التجربة الشخصية مع المؤسسة الرسمية التي ترهلت فصارت لا تستطيع حتي الحفاظ علي لوحة في متاحفها!! وبالنظر للتحولات الكبري في الاقتصاديات العالمية وسيطرة فكرة السوق الحرة، عرضت المشروع بالفعل علي أحد أهم رجال الأعمال في مصر ومازلت في انتظار رده بعدما طلب إرسال بعض التفاصيل له حول كيفية التنفيذ والشكل العام الذي سيقوم عليه المشروع لكن يتوجب أيضاً دعم الدولة ومؤسساتها الرسمية لمثل هذا المشروع الضخم لأن عوائده ستكون مهمة وطائلة. وماذا لو لم توفق في تنفيذ هذا المشروع للمرة الثانية؟ - مصر بها من يبدعون في عرقلة الاحلام ، وخلال سنة قادمة إذا لم أجد استجابة وإذا لم أفلح في تنفيذ هذا المشروع سوف أعود به إلي أوروبا وأستطيع تنفيذه هناك.