تمني إبراهيم المعلم ذات يوم أن يصبح وزيراً للثقافة.. فلما اكتشف أن هذا أضغاث أحلام فإنه أصدر صحيفة الشروق.. حيث يبدو أنه يبعث برسائل إلي الذين لم يجدوا فيه أنه يصلح وزيراً للثقافة. الشروق ليست صحيفة اثارية من الناحية الشكلية.. تتلبس ثياب الرصانة المرتقة.. وتتدثر بأغطية جدية مثقوبة.. تقول إنها لا فاتنة ولا مفتونة ولا تفتن «بفتح التاء» ولا تفتن «بضمها».. لكنها منبر حقيقي لكتابات لا يمكن إلا أن تكون تجسيداً للحماقة.. وتعبيراً عن الحقد.. وتغليباً للتهييج.. وليست أبداً تعبيراً عن الاختلاف السياسي. هكذا كانت دار النشر التي تحمل نفس الاسم.. ويملكها إبراهيم المعلم.. ولم تزل.. بيتا للرؤي السوداوية.. والتوجهات الرجعية.. ومنهج الإخوان.. وتضع كل هذا في انتاج فخيم.. وثياب قشيبة.. وقد كان من المفارقات الفظيعة في تاريخ الثقافة المصرية أن تلك الدار هي التي ألبست الأسموكينج مدونات عشوائية.. وجعلت من الظاهرة المخفية علي الإنترنت واقعاً في الحياة. يرعي إبراهيم المعلم كل هذا بدأب كبير، لعله يعوضه عن أحلام العمر التي ضاعت، بما فيها أنه لم يكن يوماً رئيساً للنادي الأهلي.. حتي، ناهيك عن تقاطعاته مع وزارة التعليم.. ومشكلات طباعة الكتب.. فضلاً عن أمور تخص اجراءات غير سليمة في مصانع كارتون في القاهرة.. ومطابع في القليوبية.. حيث علي السلطات أن تتخذ ما هو واجب من تطبيق تام للمعايير والقوانين.. ولست أدري كيف لا يتمكن محافظ القاهرة من تنفيذ تعليماته علي رئيس حي السلام فيما يخص أملاك الدولة. يستضيف إبراهيم المعلم في الشروق، الجريدة والدار، تعبيراً عن منهج ثابت، عدداً من الكتاب، الذين يعتقدون أن من واجبهم هدم الدولة.. ومن مسئوليتهم الطعن في رئيسها.. ومن فروضهم تشويه كل فعل.. والإساءة إلي كل عمل.. يشجعون علي الفوضي.. ويروجون سيناريوهات غريبة لا تقوم علي تحليل سياسي.. وليس لها استنادات علمية.. ويدفع لهم إبراهيم المعلم أموالاً طائلة مقابل ذلك. ما الذي تضيفه الشروق إذن إلي الساحة من خلال هذا الجهد المنظم الذي تقوم به في اتجاه محدد؟ ببساطة هي تقدم نفسها صوتاً ملتحفاً بالتعقل لمعارضة فوضوية.. والعقل لا يمكن أن يكون قرين الفوضي.. فإما أن ينتصر هذا.. وإما يكتسح ذاك هذا.. ولا أعتقد أصلاً أنه كانت هناك نية لإحداث التوازن بين كليهما.. بل إن الهدف الأصيل هو تقديم شكل وقور للفوضي لا ينفي كونها فوضي.. وقد نجحت بالتأكيد الشروق في هذا. لقد كانت هذه الجريدة هي الوعاء الذي قدم الظاهرة المسماة بالدكتور محمد البرادعي.. وكانت هي الجريدة التي روجت سيناريوهات متعددة لمستقبل البلد من خلال كتاب بأعينهم.. وهي التي فيها كتاب شتموا مسئولين وأحيل أحدهم إلي النيابة.. وهي كذلك الجريدة التي تعبر أكثر من غيرها عن فكر الإخوان بطريقة شبه يومية من خلال مقالات بعينها.. وهي فوق ذلك التي تنعقد فيها مشتمة لكبار رموز الدولة.. والسخرية منهم.. دون أن تعرف ما هي علاقة هذا بالصحافة وبالسياسة وأيضا بالأدب. وبخلاف أنها نافست المصري اليوم في أكبر عدد من الأخبار المضروبة التي ثبت وقت صدورها أو فيما بعد أنها لا قيمة لها.. وبما في ذلك تخيلات ساذجة عن مجريات في الحزب الوطني.. فإن الشروق تميزت دون غيرها بأنواع السبق الصحفي الخاص النابع من مصادر أمريكية.. وهو ما توج بحوار للسيدة السفيرة.. بناء علي طلب من إبراهيم المعلم لكي تتفرج علي الإنجاز المتحقق في المقر. عمن يعبر إبراهيم المعلم؟ هل عن حسنين هيكل؟ هل عن علاء الأسواني؟ هل عن محمد البرادعي؟ هل عن فهمي هويدي؟ هل عن ضياء رشوان؟ هل عن حمدي قنديل؟ أم عن كل هؤلاء معاً وفي وقت واحد.. أم كل هؤلاء يعبرون عنه هو؟ سؤال لا يحتاج إلي اجتهاد في الإجابة عنه. الموقع الالكتروني : www.abkamal.net البريد الالكتروني : [email protected]