اختلفت كثيرًا - وما زلت- مع د. يوسف بطرس غالي وزير المالية حول سياساته وتوجهاته وقراراته، وعانيت الكثير بسبب هذه الخلافات في الرؤي والأفكار والمواقف.. ومع ذلك فإنني لا أستطيع أن أهضم تعرضه للحملة الأخيرة التي يتعرض لها والتي تستهدف التشهير به لأنه نال علاجًا علي نفقة الدولة لعينيه اللتين كانتا مهددتا بالعمي. د. يوسف بطرس غالي يعمل وزيرًا للمالية في الحكومة المصرية التي تمنح يوميا مئات - وليس عشرات- القرارات للمواطنين للعلاج ومن حقه هو وأي وزير آخر أن يحظي برعاية صحية من الحكومة التي ينتسب إليها.. وهذه ليست بدعة.. فالذين يعملون في شركات أو مؤسسات أو هيئات حكومية يحظون بهذه الرعاية، وجهات عملهم تتكفل بنفقات علاجهم من شتي أنواع الأمراض البسيط منها والصعب.. إن لكل وزير في الحكومة.. وليس وزير المالية فقط- حق الرعاية الطبية عليها، ولا يلغي ذلك أن الوزير قادر ماليا ويستطيع الإنفاق علي علاج نفسه أم غير قادر.. القدرة المالية للعامل في أي جهة لا تلغي واجب هذه الجهة في الإنفاق علي علاج هذا العامل.. وإذا قصرت أي جهة في علاج العامل لديها تتعرض للنقد واللوم والمؤاخذة المجتمعية- فلماذا نستثني د. يوسف بطرس غالي من هذا الحق ولماذا نحرمه منه؟ في المرض لا مجال هنا لتصفية الحسابات، ولا يستغل المرض- مثل الموت- في توجيه ضربات تحت الحزام لأحد.. هذه واحدة من قيم وتقاليد مجتمعنا العريقة التي توارثناها.. ولذلك لا يصح أن يستثمر مرض وزير المالية للنيل منه أو توجيه ضربات له.. ثم إن الأمر معروض الآن أمام النيابة فلنتركها لتعمل وتتصرف وتأخذ قراراتها.. لا يصح أن نتحول نحن معشر الصحفيين إلي قضاة بعد توجيه الاتهامات نصدر الأحكام.. وربما يأتي وقت لنقوم نحن بتنفيذها أيضًا. إن د. يوسف بطرس غالي لم يكن يتنزه في الخارج، بل إنه كان يتلقي علاجًا لمرض خطير بعد أن صار مهددًا بفقد بصره.. وكان الأولي منا أن نقول له حمدًا لله علي سلامتك بدلاً من أن نشن عليه كل هذه الهجمات الضارية. ثم أين الحكومة من كل ما يدور الآن حول علاج أحد وزرائها، ومن قبل علاج زوجة وزير آخر كانت تعاني من مرض خطير؟ لماذا هذا السكوت الغريب والصمت المثير للدهشة.. إن لدي الحكومة متحدثًا رسميا يتحدث باسمها بشكل دوري وربما يومي.. فلماذا لا يخرج علينا ببضعة تصريحات لإجلاء هذا الموقف، بدلاً من تركه هكذا موضوعًا للقيل والقال، أو بالأصح بدلا من ترك أحد وزراء الحكومة المهمين في قفص الاتهام؟ لقد طالب الرئيس مبارك الحكومة مرارًا بالتواصل مع الرأي العام والتواصل دائمًا معه، وليس هناك أهم من التواصل مع الرأي العام في أحد الأمور التي تخص أحد الوزراء فهل نسمع شيئًا قريبًا حول هذا الأمر؟