قامت الدنيا ولم تقعد عندما تعرض متحف محمود خليل بالقاهرة للسطو يوم السبت 21 أغسطس الماضي حيث سرقت منه لوحة زهرة الخشخاش للرسام الهولندي فان جوخ التي يقدر ثمنها بأكثر من 50 مليون دولار. وقد تبين أن كاميرات المراقبة وأجهزة الإنذار لا تعمل وفي حاجة إلي صيانة.كما أن عدد الأفراد المكلفين بالحراسة لا يزيد علي سبعة ولا يملكون الإمكانات التي تؤهلهم لحراسة المتحف العريق. وفي الواقع فإن الإعلام قد قام بتصوير الحادث كما لو كان الأول من نوعه حيث يعتقد البعض أن عطل الكاميرات ونقص الإمكانات لدي طاقم الحراسة سهل عملية السطو علي اللوحة غير أن الحقائق تشير إلي أن متاحف العالم المجهزة بأحدث المعدات تتعرض مقتنياتها للسطو والسرقة. حتي متحف فان جوخ نفسه في هولندا تعرض من قبل للسرقة. لا شك أن متحف محمود خليل لا يعتبر أول موقع يتعرض للسطو في العام الحالي. ففي مايو الماضي تسلل لص إلي متحف الفن الحديث في باريس الذي يعتبر من أكثر متاحف أوروبا تأمينا حيث استولي علي خمس لوحات فنية لبيكاسو وماتيس ومودجلياني. وهذه اللوحات يتراوح ثمنها بين 170 مليونا إلي 430 مليون جنيه استرليني. الغريب أن نظام الإنذار كان معطلا في بعض غرف المتحف منذ 30 مارس الماضي وكان مسئولو الأمن قد طالبوا بشراء قطع الغيار اللازمة لإصلاح العطل إلا أنها لم تصل في حينه. المثير للدهشة أن الرجال الثلاثة الذين يتولون أعمال الحراسة لم يشاهدوا شيئا مريبا خلال الخدمة. وفي المقابل فإن الكاميرات التليفزيونية قد رصدت رجلا مقنعا يتسلل من نافذة مكسورة في حوالي الساعة السابعة إلا خمس دقائق صباحا ثم يقوم بكسر القفل ليصل إلي اللوحات وينزعها بحرفية من الإطار من دون أن تنطلق صفارات الإنذار. الجدير بالذكر أن المتاحف العالمية الأخري لم تسلم من السطو المسلح وغير المسلح في الفترة من 1911م حتي 2010م حيث سرقت لوحات لا تقدر بثمن وحيث تم العثور علي بعضها ومازال الجزء الأكبر مفقودا حتي الآن. لعل السرقة التي تمت في عام 1911م تعتبر من أشهر حوادث السطو حيث سرقت لوحة الموناليزا لدافينشي من متحف اللوفر بباريس لكنها أعيدت بعد ثلاثة أعوام. وفي عام 1986 تمت سرقة 18 لوحة من بينها لوحة لفرمير من أحد متاحف أيرلندا. وفي عام 1988م استولي لصوص علي ثلاث لوحات لفان جوخ من أحد متاحف هولندا غير أن البوليس استطاع العثور عليها. أما سرقة متحف ازابيلا جاردنر في بوسطن بأمريكا في عام 1990م فتعتبر من أكبر حوادث السطو علي الفن الحديث حيث اختفت ثلاثة عشر لوحة يقدر ثمنها بحوالي 400 مليون جنيه استرليني وباءت كل محاولات استعادتها بالفشل. الغريب أن أعمال فان جوخ تعرضت للاعتداء مرة ثانية في عام 1991م حيث استولي شخصان ملثمان علي 20 لوحة من متحف فان جوخ بأمستردام غير أن جهود البحث أسفرت عن العثور عليها بعد مرور اقل من ساعة. أما في عام 1994م فقد تعرضت سبع لوحات لبيكاسو للسرقة من معرض بزيورخ بسويسرا غير أنها أعيدت في عام 2000م الذي شهد عملية السطو علي المتحف القومي باستوكهولم حيث سرق ملثمون لوحة ذاتية لرمبرانت ولوحتين لرينوار غير أن كل هذه اللوحات تمت إعادتها. وفي عام 2002م استطاع لصان اختراق سقف متحف فان جوخ في أمستردام وسرقة لوحتين يقدر ثمنهما ب30 مليون دولار ولم يستطع البوليس العثور عليهما حتي تاريخه. ويعتبر عام 2003م عام السرقات الفنية حيث قام رجلان بسرقة لوحة لدافنشي من قلعة دراملانريج باسكتلندا إلا أنه تم العثور عليها بعد أربعة أعوام. كما تم سرقة عمل فني لسيلليني من متحف تاريخ الفن بفيينا. ولم تتوقف السرقات خلال الأعوام التالية التي شهدت سرقات عديدة كسرقة لوحتين لمانج في عام 2004م من أحد متاحف أوسلو بالنرويج. كما تعرضت أربعة أعمال فنية لماتيس وبيكاسو ومونيه وسلفادور دالي للسرقة من أحد متاحف البرازيل في عام 2006م. وشهد عام 2007م نجاح ثلاثة لصوص في سرقة لوحة لبيكاسو يقدر ثمنها بحوالي 50 مليون دولار وأخري للفنان البرازيلي كانديدو بورتيناري من متحف الفن بساو باولو إلا أن اللوحات تم العثور عليها فيما بعد. أما عام 2008م فقد شهد سرقة مسلحة لأربع لوحات ليجزان وديجاس وفان جوخ ومونيه يقدر ثمنها بأكثر من 163 مليون دولار من متحف خاص بزيورخ سويسرا. ومما سبق يتبين لنا أن الحذر لا يمنع القدر، إذ إن كل المتاحف الأوروبية والأمريكية التي أشرنا إليها مزودة بأحدث الأجهزة الالكترونية ومع ذلك استطاع حفنة من اللصوص سرقة مقتنيات تجسد التراث الإنساني عبر العصور.