أمر النائب العام بحبس محمد محسن عبد القادر شعلان وكيل أول وزارة الثقافة، رئيس قطاع الفنون التشكيلية وكل من علاء منصور محمد حسن واشرف عبد القادر محمد سيد وعادل محمد أبو دنيا أفراد الأمن الداخلي بمتحف محمد محمود خليل، وعلي أحمد ناصر إسماعيل أمين العهدة على ذمة التحقيقات في واقعة سرقة لوحة "زهرة الخشخاش" للفنان العالمي فان جوخ من المتحف. وأمر النائب العام بإخلاء سبيل كل من ريم احمد مديرة المتحف وماريا القبطي بشاي وكيلة المتحف وهويدا حسين عبد الفتاح عضو لجنة فتح المتحف يوم وقوع الحادث بضمان مالي على ذمة التحقيقات. وجاء ذلك بعد أن تفقد النائب العام صباح الأحد مقر المتحف، وتأكده من وجود قصور شديد في إجراءات تأمين وحراسة المتحف ومقتنياته، حيث أمر فريق النيابة العامة بسرعة سؤال جميع المختصين في هذا المتحف من الإداريين والفنيين والقائمين على الحراسة والتأمين. وقد أمر النائب العام بطلب تحريات الشرطة حول الواقعة واتخاذ إجراءات النشر وإخطار الشرطة الدولية وكافة المتاحف ببيانات اللوحة المسروقة وضبطه . وكشفت التحقيقات أن وكيل وزارة الثقافة له مقر دائم بمبنى المتحف ويتواجد فيه بصفة يومية، وسبق صدور قرار وزير الثقافة عام 2006 بتفويضه في سلطات الوزير في الشئون المالية والإدارية للمتاحف، وأنه قد أهمل في القيام بواجبات وظيفته في تلافي أوجه القصور الشديدة في إجراءات التامين باستبدال الكاميرات وأجهزة الإنذار، على الرغم من أن تكلفة استبدالها في حدود الإمكانيات المالية المتاحة مما سهل سرقة اللوحة الفنية النادرة لزهرة الخشخاش البالغ قيمتها الدفترية 55 مليون دولار. وأكد شعلان أمام المستشار هشام الدرندلي المحامي العام لنيابات شمال الجيزة أنه سبق وأبلغ وزير الثقافة منذ عدة أشهر بتعطل أجهزة الإنذار وكاميرات المراقبة، كما قدم للنيابة تقريرًا تم إجراؤه بمعرفة شرطه السياحة منذ ستة أشهر يثبت تعطل الكاميرات وأجهزة الإنذار وتوصية بتغييرها. وقال إنه تم رفع التقرير إلي وزير الثقافة إلا أنه لم يستجيب ولم يقرر ميزانيه لتغيير الكاميرات وأجهزة الإنذار أو مجرد صيانتها. وطلب شعلان الاستماع لأقوال الوزير الذي اتهمه بأنه طلب منه أكثر من مرة فتح المعرض في غير مواعيد العمل الرسمية لأعضاء "اليونسكو"، ما يعد مخالفًا للقانون. وكانت التحقيقات كشفت عن تعطل 43 كاميرا مراقبة داخلية وخارجية من أصل 50 كاميرا للمراقبة، وأيضا عدم متابعته تنفيذ أمر الإسناد المباشر السابق صدوره من وزير الثقافة عام 2009 لشركة "المقاولون العرب" لتطوير وترميم مبني المتحف وعدم قيامه بنقل اللوحات إلى متحف آخر لتمكين الشركة من تنفيذ أعمالها. وأظهرت التحقيقات أيضا أن أفراد الأمن من العاملين بوزارة الثقافة أخلوا بواجبات وظيفتهم بعدم أدائهم لعملهم أثناء فترات الزيارة وعدم حراسة اللوحات حراسة دقيقة وعد إجراء التفتيش على الزائرين دخولا و خروجا من المتحف كما أن أمناء المتحف لم يتخذوا الإجراءات القانونية الدقيقة في محاضر الفتح والغلق وأنها تتم بإجراءات شكلية مستندية فقط وبطريقة عشوائية غير مدربة. كما كشفت التحقيقات عن عدم مرافقة أفراد الأمن للزوار أثناء الزيارة في ظل سوء الأحوال الرقابية وعدم وجود كاميرات مراقبة أو أجهزة إنذار مما يشكل إهمالا جسيما لما تفرضه عليهم واجبات وظيفتهم. كما أن مديرة المتحف ووكيلتها في حال غيابها تختص كل منهما بالرقابة والإشراف على أعمال المتحف من الناحية الإدارية والفنية وتنظيم العمل. أما عضو لجنة فتح المتحف فقد أثبتت في السجل المعد لذلك يوم اكتشاف الواقعة وجود اللوحة المسروقة، على الرغم من أنها لم تقم بمشاهدتها على الطبيعة، وأسندت النيابة العامة للمتهمين الإهمال والقصور والإخلال في أداء واجباتهم الوظيفية مما أضر ضررا جسيما بأموال الجهة التابعين لها. وخلال التحقيقات، رجح الموظفون أن اللوحة التي تعرضت لعملية "سرقة غامضة" عام 1978، وأعيدت بعدها بقليل إلى المتحف بطريقة "أكثر غموضًا" ليست أثرية وإنما مقلدة، بعدما فوجئوا بعودتها "الغامضة" في المعرض وحينما استفسروا عن طريقة إعادتهم لم يحصلوا على إجابة شافية من المسئولين. من جانبه، قال عز الدين نجيب الناقد والفنان التشكيلي إن الطريقة التي سرقت بها لوحة زهرة الخشخاش للفنان الهولندي فنسنت فان جوخ من متحف محمد محمود خليل تمت بحرفية شديدة، مشيرًا إلى أن السارق خطط بإتقان للسرقة وللخروج من البوابة الإلكترونية للمتحف. وأوضح نجيب في لقاء مع برنامج " صباح الخير يا مصر" بالتليفزيون المصري صباح الاثنين أن المتحف يحتوى على لوحات نادرة لكل مؤسسي الفن التشكيلي بأوروبا، مشيرًا إلى أنه على الرغم من تأكيد بعض الخبراء الفرنسيين أن "زهرة الخشخاش" هي أصلية ولم تقلد إلا انه لا يوجد تقارير رسمية تؤكد ذلك. وأشار إلى أن الطريقة التي سرقت بها اللوحة تمت بحرفية شديدة فقد استعان السارق بأريكة ليقف عليها، وقام بقطع اللوحة وإخراجها من إطارها بسلاح أبيض، فضلاً عن أنه خرج من الباب الإلكتروني للمتحف وقت صلاة الظهر أثناء انصراف رجال الأمن لأداء الصلاة. ولفت إلى أن متحف محمد محمود خليل تم ترميمه عام 1990 بحوالي 20 مليون جنيه ويخصص له صندوق التنمية التابع لوزارة الثقافة مليون جنيه سنويًا للصيانة والتجديد، مشيرًا إلى أن كاميرات المراقبة بالمتحف جميعها متهالكة ولا يعمل منها سوى 7 فقط وتحتاج إلى إحلال وتجديد. وأرجع الفنان المصري زيادة سرقة اللوحات الفنية في الأعوام الثلاث الأخيرة إلى وجود إهمال شديد وعدم وجود رقابة على المعروضات بالمتحف، فقد تعرضت لوحتان للفنان التشكيلي المصري حامد ندا للسرقة من دار الأوبرا المصرية بالقاهرة قبل إعادتهما عن طريق مدير أتيلييه جدة بالسعودية وبعدها سرقت 9 لوحات أثرية من قصر محمد علي في شبرا الخيمة شمال القاهرة قبل أن يعثر عليها بعد 10 أيام.