يحتفل العالم اليوم بالسلام.. إذ أن 21 من سبتمبر كل عام هو اليوم العالمي للسلام.. وكعادتنا في مصر لا نهتم كثيرا بهذه الأيام العالمية بالرغم من أن الاحتفال بهذا اليوم قد بدأ منذ عام 1981.. ولا نهتم بإحياء تلك المعاني الرفيعة المستوي وتعليمها لأبنائنا بالرغم من أن دول العالم بثقافاتها المختلفة وعاداتها المتنوعة تحتفل بالسلام كل علي طريقته.. فلم نسمع أن هناك احتفالات أو تنويهًا عن احتفال لا في وسائل الإعلام ولا علي أي مستوي ثقافي.. يبدو أننا نترجم ما نؤمن به في حياتنا فنختار أن نحتفل بيوم الفقر وباليتيم ولا ننشغل بيوم التسامح ولا بالسلام.. ثم نحزن وقد نغضب إذا وجدنا في أبنائنا هذا الفكر المتطرف أو الميل للعنف.. ويساهم ضيق الأفق في عزوفنا عن الاحتفال بهذه الأيام وبالمعاني السامية التي تعبر عنها.. إذ يعتقد البعض خطأ أن معني السلام ليس له تطبيق في حياتنا كمصريين إلا في إطار السلام مع الأعداء.. وأن السلام الذي هو مضاد الحرب في تفكير هؤلاء معناه الاستسلام والضعف وعدم القدرة علي المواجهة، وهو ما لا يرضاه الشجعان.. وقد يكون هذا مقبولا إذا كان مصدره ثقافة العوام ولكن أن يركن المثقفون إلي هذا الأفق الضيق ويجبنون عن إعلان قيم السلام والتسامح الحقيقيين والتعريف بهما هو ما لا يمكن قبوله.. والسلام في مفهومه السياسي هو بحق المضاد للحرب.. ولنا في تاريخنا الحديث كما لمعظم دول العالم نصيب في إحلال السلام الذي كان إيجابيا بالنسبة لنا علي أرض الواقع.. ويضمن هذا السلام السياسي غالبا نموا اقتصاديا وسكانيا في معظم البلاد التي التزمت به علي مر التاريخ الحديث المتحضر للعالم.. ولا أدل علي هذا من دولة مثل سويسرا التي رفضت خوض الحروب وعمرت اقتصادها.. أما ما لا نتحدث عنه ولا تنظر له الثقافة المنقوصة في مفهوم السلام هو السلام الاجتماعي.. السلام بين طبقات وفئات وعناصر وأفراد البلد الواحد.. ولا نسأل أنفسنا مثلا: ألا يستحق مجتمعنا الاهتمام بالسلام الاجتماعي فيه بين أصحاب الديانات المختلفة.. وأبناء الحضر والريف.. وأبناء الصعيد وسيناء والوجه البحري.. بين الأغنياء والفقراء ومتوسطي الحال.. بين أبناء التعليم العام والخاص والدولي؟ لم لا نواجه أنفسنا بتردي أحوال مجتمعنا بسبب النزاع بل والحرب بين طبقاته وفئاته وعناصره المختلفة ونمو روح رفض الآخر المختلف حتي لو كان علي حق؟ ألا يحتاج سلامنا الاجتماعي المريض لبعض العلاج؟ وماذا عن السلام الشخصي؟ من المعروف أن هناك أشخاصًا مختلفة جنسياتهم وأصولهم ودياناتهم يتفقون علي السلام كشعار شخصي وأسلوب حياة وينبذون العنف بكل أشكاله ويرفضون الحرب ويمتنعون حتي عن الدفاع عن أنفسهم في حالة تعرضهم للعنف من قبل الآخرين وهو اتجاه يسمي (Pacifism) ولا نقوم أبدا بذكره في مجتمعنا خشية أن يتعارض وقيم الشجاعة وخوض المعارك.. ولكن هناك سلاما أكثر أهمية لا تتسع المساحة لذكره اليوم وسأضطر لتأجيل الكتابة عنه للغد..