يا ليلة العيد أنستينا و جددت الأمل فينا يا ليلة العيد هلالك هل لعينينا فرحنا له وغنينا وقلنا السعد حا يجينا الفرق بين العيد في الستينيات، وعيد الألفية الثالثة.. هو نفسه الفارق بين القرية المصرية زمان والآن.. هو نفسه الفارق بين «البقال» و«الهايبر ماركت»..تليفون العمدة الذي كان املنا ان نمسكه بأيدينا، و"السايبر " الذي يبدأ عمر رواده من خمس سنوات و طالع.. أو بين تليفون العمدة و البلاك بيري.. حنين قد يجد شباب اليوم المقارنة محسومة، فهم بالطبع يقفون مع كل تطور جديد.. ونحن كذلك.. ولاشك في هذا.. ولكن هذا لا يمنعنا من » لحظة حنين « إلي القرية المظلمة، ورف البقال علي الحائط و.. كوز درة مشوي علي " المنقد "، أو كوب شاي علي الفحم القوالح.. إنها ذكريات يجب ألا تغادر الوجدان الجمعي للمصريين. لست قروياً.. ولكن انبهاري بالقرية ليس له حدود. ولدت في المدينة.. وظل الحنين إلي القرية- جذور كل المصريين- يراودني طيلة حياتي.. طعم الأعياد وعرفت طعم الأعياد في أحياء القاهرة الشعبية، التي تتشابه إلي حد بعيد، مع طقوس وعادات القرية المصرية.. ولكن بسمات مختلفة. مرة واحدة قضيت فيها العيد في قريتي- التي أصابتها ترقية حكومية فأصبحت مدينة. وجاء من أهل بلدتي من يهنئني فوجدني ساهماً حزيناً علي فقدان بلدتي صفتها القروية.. وما علينا.. خربشة في عقل طفل ربما تداخلت عوامل نفسية في عدم مغادرة تلك الذكري لعقلي ووجداني، حيث كانت الزيارة توافق سناً مبكرة للغاية وهو سن غالبية الذكريات لما تمثله من خربشة في عقل طفل، كما كان العيد- هكذا أتصور الآن- هو أول عيد تعيه الذاكرة، ويعيه عقل طفل يتلمس الطريق نحو إدراك ما يحدث في عالمنا السعيد. الغرفة المضيئة وتحمل الغرفة المضيئة من ذاكرتي- التي أباهي بها الأمم بلا غرور- كثيراً من التفاصيل والمنمنمات الدقيقة للغاية، التي تبهجني وتؤرقني في آن واحد! تبهج بما صنعته في الوجدان من فرحة تشرح القلب، وتثلج الصدر، وبمتعة الذكري.. وتؤلم.. لأنني وأبناء جيلي- الذي أتصور أننا آخر جيل عاش كثيراً من العادات المصرية الأصيلة المتوارثة قبل أن تنقلب معظمها بداية من النصف الثاني من السبعينيات- بسبعينيات الانفتاح والتليفزيون الملون والفيديو كاسيت، واللبان الأمريكاني! ماذا حدث؟ نحن أبناء هذا الجيل نري كثيراً من التحولات- قد تكون للأفضل والأجمل، ولكننا مازلنا نبحث عن طعم اللبان "الكورة" الملون، والمكرونة بالصلصة من عربية فقيرة أمام باب المدرسة مباشرة خاصة في الأعياد التي تتحدي "البولونيز" والنابوليتان" واللازانيا".. هل لهذا دخل بالعيد! طبعاً.. المكرونة بالصلصة كنا نلتهمها التهاماً، علي نواصي شوارعنا، وأمام الحدائق العامة، وعلي الرغم من انتشار أرقي المطاعم وأشهرها- التي هي فروع وتوكيلات من مطاعم أوروبا وأمريكا، إلا أن معظمنا يبحث عن الطعم الأصلي.. طعم زمان. بل حنين ليس هذا حنيناً إلي الماضي، ولا رغبة مستترة للعودة إلي الوراء، ولكنها ذكري- أو إن شئت- حدوتة لجيل يصغرنا، ليتعرف علي صفحة من عادات وتقاليد مصرية في نهاية الستينيات وبدايات السبعينيات. علي قدومك يا ليلة العيد جمعت الأنس علي الخلان ودار الكأس علي الندمان وغني الطير علي الأغصان يحيي الفجر ليلة العيد